|
في العراق کل ينتظر مهديه!
مصطفى چوارتايي
الحوار المتمدن-العدد: 1700 - 2006 / 10 / 11 - 07:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يبدو من وقائع الاحداث التي نشاهدها يوميا، ان الوضع العراقي يزداد سوءا باستمرار، حيث الفساد الاداري والتناحر الطائفي واللاانسجام القومي، ظاهر للعيان و لم يعد باستطاعة احد ان يخفيها أو يغطي عليها. لم يبق العراق کدولة موحدة واحدة ولو حتى في الشکل، دولة ليست لديها علم، و لانشيد وطني متفق عليها، لا جيش موحد، ولا منهج دراسي، لا مناطق ادارية متشابهة، لا مؤسسات مدنية، کل ماهنالک جماعات دينية تحت اسامي مختلفة و احزاب مختلفة في اطروحاتها، و فصائل متحاربة لا تهمها ماذا سيحل بالوطن أو مستقبل شعبه، و کل واحدة من هذه الجماعات والاحزاب، ترى الخلاص حسب معتقداتها و رؤيتها و حسب مصالحها الضيقة بحيث لا تحسب حسابا للرأي الاخر ولا تسمع الآراء المعارضة.
الجانب الشيعي هو الاکثرية الغالبة في الحکومة و في البرلمان، مع ذلک هو عبارة عن جماعات مذهبية مختلفة الاتجاهات لکل منها انتماء حوزوي مختلف و مقلد خاص بها، احزاب متصارعة على الهيمنة بطرق غير ديمقراطية على مدن و مناطق الجنوب و يتنافسون على تهريب النفط، والدولة الايرانية تتدخل و تنخر في الجسم العراقي حتى النخاع و تساندها في هذا المسعى بعض الاتجاهات الشيعية امثال حزب الفضيلة او حزب الدعوة و جيش المهدي الخ، لا تملک هذه الجماعات رؤية واقعية و لا مشروع حضاري للخروج من هذه الازمة القاتلة، کل مافي جعبتها لکي تمنحه للشعب لايزيد عن طقوس الضرب واللطم التي تتکرر سنويا والوعد بظهور الامام المهدي الذي يحل کل المشاکل والازمات المستعصية!!!،
الا ان المهدي يختلف عند کل هذه الطوائف، فالمهدي عند الشيعة هو ابن مختفي للامام الحسن العسکري ابن العلي الهادي الذي کان عمره سبعون يوما عندما اختفى للمرة الاولى ثم غاب کما يقال الغيبة الثانية وهي الغيبة الکبرى بوصف الشيعة، ينتظرونه بعد 1163 سنة ان يعود و يحل جميع مشاکلهم و ينصرهم على اعداء اهل البيت و يطهر الارض من النواصب حسب تعبيرهم، ليست هذا فحسب بل يملأ الدنيا عدلا بعد أن ملأت ظلما و جورا. هذا المهدي المختفي، له ادعياء کثيرون، و کثيرون يدعون رؤيته بين الفينة واخرى و يتحدثون باسمه و يصدقهم بعض من المغلوب على أمرهم.
والمهدي عند الطرف السني يختلف اختلافا جذريا، فهم لايهمهم ان کان النظام اسلاميا او علمانيا، کل مايهمهم بقاء حزب البعث و عودة صدام، او احتواء السلطة في ايديهم في کل الاحوال، بغيره يحرقون الاخضر واليابس لايهمهم سواء حدوث الحرب الاهلية او استمرار الاقتتال الى مالا نهاية،
الطرف الکوردي هو الطرف الاقوى في المعادلة، رغم تظاهره احيانا بمظهر الضعيف، او لايريد ان يکون طرفا في التناحر الطائفي بين السنة والشيعة مع انهم ينتمون الى الطائفة السنية، مع ذلک هم انفسهم لايسلمون من هجمات الطرفين الشيعي والسني، الا ان هم يفضلون السياسة والتکتيک الاستراتيجي على عمليات محدودة او الانتقام العفوي. لا يمهم لا المهدي المنتظر و لا المهدي المؤخر، هم ينتظرون فقط مهدي الاستقلال، يبنون و يسابقون الزمن من اجل البناء، بناء طرق و سدود، مطارات، اسواق و استثمارات اجنبية، بناء علاقات دولية، بناء جيش و الشرطة والمؤسسات المدنية، العمل و الحفر والانتاج في القطاع النفطي، فالکوردي لا يحلم الا بالاستقلال، لا يعترف بعلم غير علم کوردستان، لايشعر بانتما غير الانتماء لکوردستان، لايسمع راي العالم حوله بل يريد ان يستمع العالم لرايه و ان يوصله الى کل مکان من امريکا الى الصين، حتى انهم يحاولون ان يقنعوا الجار الترکي المتصلب بهذا الاستقلال و يبدوا انهم افلحوا نسبيا في تغيير راي بعض الاوساط الترکية بهذا الاتجاه. هم الطرف الوحيد الذي يعلم ماذا يريد، والهدف واضح امامه. اما لاطراف الصغيرة الاخرى کالترکمان والاشوريون والکلدان والسريان والطوائف الدينية کالصابئة و غيرهم، کل من له مهدي صغير الذي لا ياتي ابدا، فالترکمان مثلا رغم صغر حجمهم متفرقون و مجزئون الى احزاب کثيرة وهم ليسوا بحاجة اليها اصلا، بعضهم انسجم مع الواقع الذي يعيشه سواء بين الکورد في کوردستان او في الوسط العربي، والبعض الاخر اصبح يحلم حلم الکبار حيث لا يطالب بالحقوق الثقافية والمواطنة بل يتحدث عن الارض الترکمانية والمناطق الترکمانية، هذه الشريحة لاتتحدث بلسانها بل بلسان الحکومة الترکية، مهديهم هم هو الجيش الترکي الذي يطالبونه بالتدخل مرارا و تکرارا، ولکن هذا الجيش لايستجيب لهم، يبدو ان مهديهم لم يمر عليه 1163سنة بعد کمهدي الشيعة!!! أما الاشوريون والکلدان فلـم يبقى لديهم في ظل ظروف سقوط وفناء دولهم التأريخية الا ان ياخذهم الحنين الى الماضي البعيد و ان يستذکروا تاريخ آشوربانيبال و غيره، ولکنهم في کل الاحوال محظوظين لان اکثرهم يسکنون منطقة کوردستان و يعيشون هناک في امان و انخرطوا في الادارة الکوردية حيث حصلوا على حقوق لاباس بها. في الاخير الطائفة المقهورة والمظلومة هي الصابئة المندائية التي ليست لديها حول ولا قوة، تستغيث ليلا ونهارا، و لاياتيهم مهدي، بل حتى بلغ بهم الياس ان ينسوا المهدي ويطلبوا اللجوء من الکوردي الى مناطقهم للخلاص من اعتداءات من کانوا حتى الامس القريب اهلا لهم و من بني جلدتهم، يتعرضون للقتل والخطف دون وجه حق، وهم في الحقيقة اناس مسالمون لا يطلبون شيئا الا حياتا حرة کريمة.
هذا هو حال العراق، والمهدي ينتظر والروح في جسد الشعب يحتضر القتل والتفجير باقيان والخطف والذبح يستمر نتفق ان لا نتفق نتناحر وننتحر ايادي البعض مکسورة واضلاع لا تنجبر نار الحرب مشتعلة يوما بعد يوم تستعر مطر السلام غائب ليطفيء نار الفتنة بعکسه حالوب الجمر ينهمر والعمر مع الايام يقتصر من يفک لنا اللغز و يخبرنا في ظل هكذا احوال في النهاية من ينتصر
#مصطفى_چوارتايي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحذيرات الطالباني
-
صدق البابا واسأتم فهمه
-
خفايا کارثة 11سبتمبر
-
احتفلوا بالهزيمة تجدوا النصر
-
قرر الامين العام
-
من يحمل وزر الحرب الاهلية
-
تعالوا نهدمها سوية
-
بالروح بالقات نفديک يا صالح
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
-
“فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور
...
-
المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|