داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 7479 - 2023 / 1 / 1 - 21:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كلُّ هذا يجري تحت سمع وأنظار رجال اللاهوت، فكان غيضهم يشتّد، وكانوا يخافون على مصالهم وعلى مراكزهم، ومن تأليب الناس عليهم. فخططوا للقضاء عليها، والتخلّص منها، لأنّها أصبحت مصدر خطر يُهدّد وجودهم، ويقظ مضاجعهم، ولكون الدين يتقاطع ومقتضيات العلم، الدين يقوم على الغيبيات والماورائيات، ويحمل في جعبته الأسئلة الجاهزة لكل جواب، وأما العلم فيقوم على العقل والتجربة.
عندما انتبت الكنيسة لخطورة الأمر، وفداحة القضية، قررت قرارًا لا رجعة فيه، انهاه القضية من أساسها، والتخلص من هذه المرأة التي تتحداهم، فانتدبت من يقوم بالأمر ويقطع دابر المسألة، فعينت ثلاثة أشخاص لحسمها حيث "قام هؤلاء الأشخاص الذين أرسلتهم الكنيسة لقتل هيباتيا بتتبعها أثناء عودتها من إحدى الندوات العلمية إلى منزلها، ثم تمكنوا منها وقاموا بسحلها ونزعوا ملابسها، فأصبحت عارية تمامًا من أجل مهمة سلخ جلدها، حتى انتهت مهمة مقتلها وسلخ ما تبقى من جلدها باستخدام الأصداف، ولم تنته المهمة حتى هذا الحد المفزع بل قاموا بحرق جثتها. وقد أصبحت هيباتيا رمزًا للعلم الذي يقف ضد الجهل، وتركت بصمة قوية على الرغم من موتها". فقتل هذه الفيلسوفة العالمة هو نتيجة للتعصب الديني الأعمى. واما هي فحملت رمزية شهيدة الفلسفة ورمز الفكر الحرّ.
وهذا ما يذكرنا بالعالم الكبير في القرن السادس عشر جوردان برونو، كما يذكرنا ايضًا بالمتصوف الحلاج حيث لاقيا المصير ذاته. وهذه سُنّة الطغاة اعداء العقل والعلم والمعرفة، وخصوم الانسانية.
الباحثة (منّة الله عمرو)، في كتيب صغير لها في حجمه، كبير في مادته، بعنوان "هيباتيا الاسكندرية" سلطت فيه الضوء على جوانب مهمة من حياة هذه المرأة العظيمة، واعطتنا صورة مشرقة متكاملة، وبلا رتوش، حول المرأة بصورة عامة، وعن دورها الجبار في صنع الجمال والعلم والمعرفة، لا كما وصفها رجال اللاهوت بأنها لا تصلح إلّا للمطبخ وتربية الأطفال.
من أقوالها هيباتيا:
1: يجب تعليم الخرافات كخرافات، والأساطير كأساطير، والمعجزات كأشعارٍ خلّاقة، لأن تعليم الأطفال الخرافات على أنها حقائق هو أسوأ شيءٍ، لأن عقولهم ستصدّقها وتؤمن بها، وفقط من خلال سنينٍ من المعاناة والمآسي ربما سيتمكنون من تجاوزها.
2:في الواقع؛ يحارب الإنسان من أجل الخرافة بنفس السرعة التي سيحارب بها لأجل الحقيقة بل وبشكلٍ أكبر، فالأوهام لا يمكن فهمها من أجل رفضها، أما الحقيقة هي وجهة نظر ويمكن فهمها، بالتالي فهي قابلة للتغيير.
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟