بتواطئ مع أميركا أوقف مدعي المحكمة الجنائية التحقيق في جرائم الحرب الإسرائيية

سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 7477 - 2022 / 12 / 29 - 11:50
المحور: القضية الفلسطينية
    

ادانت مارجورييه كوهن، الحقوقية الاميركية المشهورة، حكومة بلادها، علاوة على كونها " المعين الرئيس على احتلال إسرائيل للآراضي الفلسطينية- إذ تقدم لإسرئيل سنويا مساعدات عسكرية بقيمة 3.8 مليار دولار- تمارس في الوقت الراهن الضغوط على (كريم)خان (مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية) كي لا ينقل القدم في تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بجرائم إسرائيل".
مارجورييه كوهن أستاذة بمدرسة القانون ثوماس جيفرسون ، رئيسة سابقة لنقابة المحامين الوطنية ومستشارة لجنة الدفاع عن أسانج والحركة من أجل السلام، وعضو مكتب الجمعية الدولية للمحامين الديمقراطيين؛ من اسمها يتبين انها يهودية الديانة معادية للصهيونية. أحدث كتبها "المسيّرات والقتل الهادف : قضايا حقوقية وأخلاقية وجغرسياسية".
تنهي كوهين مقالها الكاشف بحث الأميركيين " كل من يعارض جرائم إسرائيل عليه ان يسجل معارضته القوية لجريمة الولايات المتحد تمكن إسرائيل من اضطهاد شعب فلسطين – يسجلها لدى أعضاء الكونغرس في ولايته ولدى البيت الأبيض".
"فطالما لا تتلقى حكومة الولايات المتحدة الردع المؤثرفإنها ستواصل تسهيل احتلال إسرائيل غير الشرعي وانتهاك حقوق الفلسطينيين. وبمقدور الناس الانضمام الى حركة مقاطعة إسرائيل ومعاقبتها وسحب الاستثمارات من اقتصدها (بي دي إس) كي نضع حدا للدعم الدولي لاضطهاد إسرائيل لشعب فلسطين والضغط على إسرائيل من أجل الانصياع للقانون الدولي".
ورد ذلك في مقالة نشرت في 16 ديسمبر على موقع كونسورتيوم نيوز ، حيث كتبت كوهن :
انقضى قرابة السنتين منذ ان شرعت المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم الحرب التي تقترفها إسرائيل بالضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة؛ لكن يتوجب على المحكمة ان تتخذ خطوات محددة كي يتقدم التحقيق. ثلاث منظمات فلسطينية لحقوق الإنسان عبرت عن الامتعاض جراء بطء التحقيق الذي تقوم به المحكمة وعدم الوضوح بصدد كيف ومتى سوف يتقدم التحقيق، فأصدرت يوم 6 ديسمبر الجاري بيانا مشتركا موجها الى حمعية الدول الأطراف بنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ( وهي الهيئة الإدارية للمحكمة) جاء فيه :
"لم نر اي خطوة ملموسة بالتحقيق ، لم يتصرف المدعي العام لكسر الحلقة الكريهة للحصانة . فالاوضاع تتدهور على الأرض عاما بعد آخر ، وشهرا بعد شهرا ، ويوما بعد يوم. إننا نشعر بأننا نترك وحيدين في نضالنا ؛ والضحايا الفلسطينيون يفقدون الأمل" .
تضيف كوهين: وردت الأنباء الأولية عن المحكمة الجنائية الدولية يوم 3 آذار 2021 ، حين أعلنت فاتوا بن سودا ، رئيسة الادعاء العام بالمحكمة فتح تحقيق رسمي في جرائم الحرب التي تقترفها إسرائيل بالضفة ، ومنها القدس الشرقية وقطاع غزة ، وذلك أثناء حملة إسرائيل العسكرية عام 2014، والتي قتلت 2251 فلسطينيا.
بعد خمس سنوات من التحريات الأولية وجدت بن سودة أساسا معقولا للتصديق بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اقترفت جرائم حرب من القتل العمد والتسبب العمد في إصابات خطرة واستعمال غير متكافئ للقوة ونقل إسرائيليين داخل المناطق المحتلة. و وجدت بن سودا كذلك ان هناك قاعدة معقولة للتحقيق في جرائم حرب اقترفها فلسطينيون ، منها هجمات مقصودة ضد مدنيين ، واستخدام مدنيين دروعا بشرية وممارسة التعذيب والقتل العمد.
منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية الثلاث التي أصدرت البيان المشترك للفت الانتباه بعدم التقدم في تحقيق المحكمة الجناية الدولية ، هي المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ( مجموعة تحافظ على حقوق الإنسان وتروج لحكم القانون وفق المعايير الدولية) ومركز الميزان لحقوق الإنسان ( جماعة تحافظ على حقوق الإنسان ، وبالأخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية داخل مناطق فلسطين المحتلة) والحق ( توثق انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق الفلسطينية المحتلة).
جاء في البيان المشترك،"في العام 2021، اعتبر فتح التحقيق من قبل المدعي العام قفزة ضخمة للأمام، بعد سنوات من الإحباط راودنا الأمل انها البداية لفترة جديدة من محاسبة إسرائيل على جرائمها الكبيرة في الأراضي المحتلة"؛ أضف البيان: "وفي هذا العام فقط، فإن أكثر من مائتي فلسطيني بينهم أطفال قد قتلهم نظام الاستيطان الكولنيالي بالضفة والقطاع". كما لاحظت المنظمات الحقوقية ان "شيرين أبو عاقلة المراسلة الصحفية المحبوبة قد قتلت بدم بارد على يد قناص إسرائيلي في وضح النهار، وأن ستة من المنظمات المدنية الفلسطينية المعتبرة، بمن فيها الحق ، قد تم إغلاقها ، إذ اتهمت زورا أنها ’منظمات إرهابية‘ ".

على الرغم من هذه الأحداث ، جاء في بيان المنظمات الحقوقية، "لم يصدر عن مكتب المدعي العام ولو بيان واحد يتعلق بفلسطين". قارن البيان عدم تصرف المدعي العام بصدد الوضع بفلسطين بالحالة في اكرانيا ، التي بصددها ينشط المدعي العام بحماس شديد.
ومضى البيان الى القول: " من الواجب أيضا ان يبذل نفس المستوى من الاهتمام والنشاط وتقديم المعطيات في أوضاع اخرى، مثل فلسطين، لتجنب الانتقائية والتسييس" في عمل المدعي العام. واضاف البيان ، "الضحايا لا يجب ان يتنافسوا للوصول الى العدالة، وازدواجية المعايير ينبغي ان لا يكون لها مكان في حرم العدالة".
أضافت كوهن: " يوم 21 نوفمبر اعتبر بيزاليل سموتريتش ، زعيم الحزب الصهيوني المتطرف ، منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية خطرا وجوديا لإسرائيل؛ قال يجب على حكومة إسرائيل القادمة ان تتخذ إجراءات قانونية وامنية ضدها بما في ذلك’مصادرة اموالها‘ ".

كتاب مفتوح الى كريم خان

بعد يومين وجهت رسالة مفتوحة الى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، حملت تواقيع 198 منظمة مدنية فلسطينية ودولية –ضمت نقابة المحامين الفلسطينيين، مركز الحقوق الدستورية ، امنيستي انترناشيونال، هيومان رايتس ووتش، والجمعية الدولية للمحامين الديمقراطيين- استنكرت تفويت الفرص لإصدار بيانات في العام الفائت" تمنع تجاوزات إسرائيل. أورد بيان المنظمات عمليات قتل فلسطينيين من جانب إسرائيل" بدون استفزاز واضح" وكذلك الغارات على الأقصى والهجمات على المصلين والحرم الشريف في القدس الشرقية المحتلة.
لاحظت المنظمات المدنية الموقعة على البيان ان ثلاث من المنظمات الست الموصومة" منظمات إرهابية" ما زالت تقدم الى مكتب مدعي عام المحكمة معلومات حول " جرائم خطيرة مزعومة اقترفها مواطنون إسرائيليون تقع ضمن الاختصاص الحقوقي للمحكمة".
واورد البيان أيضا، "ميثاق الأبارتهايد ، الصادر عن الأمم المتحدة ، يقر ضمن قائمة ’التصرفات اللاإنسانية للأبارتهايد‘ ممارسة ’الاضطهاد ضد منظمات وأفراد بحرمانهم من حقوق وحريات أساس لأنهم يعارضون الأبارتهايد‘".
كما ورد في بيان المنظمات المدنية والدولية الموجه الى المدعي العام للمحكمة :" على الرغم من أن استهداف إسرائيل لهذه المنظمات قد يعيق عمل المحكمة الجنائية الدولية ، فلم نر رد فعل عام من قبل مكتبكم". حثت المنظمات المدنية والدولية مكتب المدعي العام على:
*ان يدين علانية إسرائيل ويدعوها للتوقف عن الأفعال الإرهابية؛
*التأكيد علنا بأن يدقق مكتب المدعي العام في الجرائم الإسرائيلية التي اقترفت أثناء عدوان آب 2022 غير المبرر؛
*التنديد علنا بمخططات إسرائيل الإرهابية والتراجع عنها؛
* الاستئناف في الحال لتحقيقات المحكمة الجنائية الدولية في الأوضاع داخل فلسطين، بما فيها الجرائم ضد الإنسانية الناجمة عن الأبارتهايد واضطهاد الشعب الفلسطيني؛
*إصدار بيانات تردع إسرائيل عن اقتراف جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

ونشرت ديانا بوتو ، المدعية العامة والمستشارة سابقا للفريق الفلسطيني المفاوض باسم منظمة التحرير الفلسطينية، كتابا مفتوحا يوم الثلاثاء(20ديسمبر) بصحيفة نيويرك تايمز، جاء فيه " ان نتنياهو، رئيس الوزراء المكلف، يقوم بتجميع’أشد حكومات إسرائيل يمينية في تاريخ إسرائيل‘، ومن المحتمل أن تأخذ حكومة نتنياهو باقتراح سموتريتش بأضطهاد منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية حتى بقسوة أشد مما فعلته الحكومة المنتهية ، حيث اعتبرتها منظمات ’إرهابية‘وأغلقت مكاتبها".

ضغوط واشنطون
علاوة على ما تقدم فإن المعين الرئيس على احتلال إسرائيل للآراضي الفلسطينية، هي حكومة الولايات المتحدة – التي تقدم لإسرئيل سنويا مساعدات عسكرية بقيمة 3.8 مليار دولار- تقوم ببساطة في الوقت الراهن بممارسة الضغط على خان حتي لا يحرك القدم في تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بجرائم إسرائيل.
فعندما زار جو بايدن القدس في شهر تموز الماضي توصل الى اتفاق مع رئيس الوزراء حينئذ، يائير لبيد، اكدا فيه انهما سوف "يواصلان العمل معا للتصدي لجميع الجهود المبذولة ... بدون وجه حق لتقصد إسرائيل في أي منبر بما في ذلك الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية".
ومع أن الولايات المتحدة ترفض الانضمام للمحكمة الجنائية فقد حاولت باضطراد تقويضها ، معبرة عن" مخاوف جادة من محاولات المحكمة الجنائية الدولة تطبيق أحكامها القضائية على الكوادر الإسرائيلية".
غير أن أعضاء مجلس شيوخ الأميركي المائة وافقوا بالاجماع يوم 15 آذار الماضي على القرار إس آر546( رغم أن من الصعب أن يتفقوا على أي شيء) يطلب من المحكمة الجنائية الدولية أو اي محكمة دولية مناسبة اتخاذ أي خطوات ملائمة للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية التي تقترفها القوات المسلحة الروسية ".
بالنسبة للفلسطينيين وحلفائهم فإن نفاق الولايات المتحدة مكشوف ؛ تنتقي الولايات المتحدة بلدانا معينة لانتقادها (مثل روسيا والصين) بسبب انتهاك حقوق الإنسان ، لكنها تتعمد تجاهل الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي للأراضي الفلسطينية ولجنتها الخاصة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والشعب الفلسطيني.

#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات