|
إيه فيه أمل! عن الطفل شنودة
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 7476 - 2022 / 12 / 28 - 11:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
[email protected] عامٌ جديدٌ يطرقُ الأبواب، ندعو الله أن يكون حاشدًا بالسلام والمحبة والرحمة والتراحم بيننا. وأدعو الله أن تكون هديةُ العام الجديد من مصرَ والأزهر الشريف للمصريين، المسلمين والمسيحيين، هو حلّ مشكلة "الطفل شنودة فاروق" لكي يعود لأمّه التي يقتلُها الحَزَن كلَّ يوم، وأبيه الذي لا يعرفُ الراحة منذ تركه طفلُه منذ شهور، ليودَع دارًا للأيتام، وما هو بيتيم. الأمومةُ والأبوة ليستا إلا بالرعاية والاحتواء والانتماء والحب، لا بالولادة والهجر. الطفل الصغير ذو الأعوام الأربعة، لا يدري شيئًا مما يجري حوله، ولا يدري لماذا انتُزع من حضن أمّه وأبيه. هذا الطفل لن يُزيد الإسلامَ شيئًا بانتمائه إليه، ولن يزيد المسيحية شيئًا بانتمائه إليه. هو فقط حائرٌ وحزين يريد العودة إلى دفء البيت الذي لم ير غيره منذ وُلِدَ وتُرك وحيدًا منذ يومه الأول في الحياة. أشجارُ الميلادُ تملأ جوانب مصر والعالم تعدُنا بالأمل والرحمة وعامٍ سيكون أرحم من سابقه بإذن الله الرحمن الرحيم. والآن، دعوني ألقي عليكم أجمل ما دخل مسامعنا من شدو بصوت الجميلة "فيروز" تحكي عن "شجرة الميلاد". "بدّي خبركم قصة صغيرة/ صغيرة القصة/ وإنتوا صغار/ نحكي وبتصير الليلة قصيرة/ بكرا انشا الله تصيروا كبار/ ليلة عيد/ فرح جديد/ والأطفال انوعدوا/ بالطفل السعيد/ غِنيّات/ لعب وزينات/ وتتزين الشجرة/ للميلاد السعيد./ وكان فيه ولاد/ نسيت الأعياد/ نسيت تزورهم/ بليلة الميلاد/ بيتهم بعيد/ والقرش بعيد/ وما عندهم تا يزينوا/ شجرة الميلاد/ صاروا يصلّوا/ ويركعوا يصلّوا/ يمكن صلاتهم بكّت الدِّني/ وكان فيه برّا/ عندهم شجرة/ شجرة عمرها/ شي مِية سِني/ وفيه رفّ عصافير/ ملوّن حلو كتير/ وبدّو يبيت/ وما بقا بكّير/ غطّ بها الشجرة/ صارت صفرا وحمرا/ وطلّوا الاولاد/ واتزينت الشجرة./ وفرحوا كتير/ بالزينة اللي بتطير/ صاروا يغنوا/ ويغنوا العصافير/ ونزل العيد/ عَيِّد معهم العيد/ ومن عا بكرا سلِّموا/ وطاروا العصافير./ خبرناكم قصة صغيرة/ صغيرة القصة/ وإنتو صغار/ حكينا وصارت الليلة قصيرة/ وبكرا انشا الله/ تصيروا كبار." زقزقت فيروز بصوتها العذب تلك الكلمات لكي تقول إن السماءَ أبدًا لا تنسى الأطفال، ولا تنسى الفقراء. وهنا أطفالٌ وفقراء. نسيهم العيدُ. فتّشوا في جيوبهم، فلم يجدوا قروشًا ليزينوا شجرة الميلاد. فلم يفرحوا مثلما فرح أطفالُ الأثرياء. صلّوا للسماء، حتى أبكت صلاتُهم الدنيا. فأنصتتِ السماءُ لدعائهم. وبدلاً من أن تمنحهم قروشًا يشترون بها شجرة بلاستيكية خضراء، مزينة بالشرائط الملونة، والزهور والنجوم، قررت أن تمنحهم ما هو أرقى. أمرتِ السماءُ الطبيعةَ أن تمنحهم شجرةً حقيقية، عند باب كوخهم. ثم زينتها لهم بلوحةٍ حيّة من الألوان المتحركة الطائرة. عصافيرُ ملونةٌ حدث أن تأخرت عن موعد رجوها إلى بيتها، ففكرت أن تبيتَ الليلةَ في شجرة الأولاد. فمنحت شجرتهم زينةً وألوانًا، لا تشبه زينةَ شجرات الأولاد الآخرين التي صنعها الإنسان. تلك شجرةُ الله، تلوّنت من باليت ألوانه الغنية. وهل أكثرُ فتنةً وسحرًا من ريشة الله المدهشة! حكت لنا "فيروز" تلك القصة الصغيرة، الثرية، لتخبرنا أن اللهَ لا ينسانا. أما أنا، فأحكي لكم هذه القصة القصيرة، لأخبركم أن السماء تحبّنا، نحن المعاصرين هذه اللحظة من الزمن. لأن الله منحنا فرح أن نعاصر أيقونةَ جمالٍ فريدة، لا يمنحها الزمانُ لكل عصر، اسمها "فيروز”. في مثل هذه الأيام الخريفية المخاتلة، قررتِ السماءُ أن تمرّ بريشتها الحنون على كوكبنا المحزون بالحروب والطائفية والأحقاد والعنف، ليجرّب السلامَ والفرح، فمنحتنا "فيروز” في أواخر شهر نوفمبر. لكي تهمسَ لنا: "الأرضُ لنا/ وأنتَ أخي/ لماذا إذن/ تخاصمني؟/ فهذي يدي/ وهذي يدك/ هذي يدي/ فهاتِ يدك." أنجب كوكبنا الطيبُ الطفلةَ نهاد حداد، التي ستكبر يومًا بعد يوم لتغيِّر، مع الرحابنة، وجهَ القصيدة، ووجهَ الموسيقى، ووجهَ الغناء، ووجهَ الطفولة، ووجهَ الجمال، ووجه الرحمة والأمل. في ألبومها الجميل "إيه فيه أمل"، كانت فيروز من الرُّقي، والعلوّ على الخلافات والصغارات وساحات المحاكم، بحيث رحّبت بتغيير كلمات إحدى أغنياتها القديمة "باكتب اسمك يا حبيبي على الحور العتيق"، مع توزيع موسيقي جديد، لتحمل الكلماتُ الجديدة بطاقة عرفان ومحبة للأخوين الراحلين عاصي ومنصور. "ترجع ذكرى يا حبيبي/ عن عاصي ومنصور/ ع أرض إلياس العتيقة/ كل شيء حوله جسور/ بكرا بتشتي الدني/ والطرقات مزيحة/ ويبقى اسمهم قدّ الساحة/ ما عم ينمحَى." هكذا ينتصرُ الجمالُ على القبح، وتنتصرُ الرحمةُ على القسوة، وأهدي هذي الأغنيات الحاشدة بالأمل والرحمة للطفل شنودة الذي أثقُ أن القلوب سوف ترقُّ لحاله، كما رقّت السماءُ لحال أولئك الأطفال الفقراء، فيحتفل بالعام الجديد مع أمّه وأبيه، ويزيّن شجرة الميلاد معهما. آمين. ***
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حينما الموسيقى … صوتُ السماء!
-
دولةُ الأوبرا تحتضنُ مليكتَها
-
اتهامات مفيد فوزي ... وهداياه
-
ذوو الهِمَم … أبناءُ الحياة
-
ياسين بيشوي … والأخلاقُ في اليابان
-
أخبرني الخيميائيُّ: عن طيف التوحُّد Autism
-
سرُّ إشراق السير مجدي يعقوب: PPHH
-
عيد ميلاد الرئيس … محرابٌ ومذبح
-
التنمُّرُ ... قاتلُ المستقبل
-
تجمَّلْ بالأخلاق
-
طنطا … تصدحُ شِعرًا … وتشدو مددًا
-
مصرُ الراهنةُ ... في عيون الأشقاء
-
ماذا صرتَ اليومَ يا جوناثان؟
-
اِتحضَّر للأخضر … نحو عالَمٍ نظيف COP27
-
علبةُ كشري ودرسٌ : الأسطى مختار
-
افتتاح مهرجان الموسيقى العربية… إبهارٌ في إبهار!
-
أخبرني الخيميائي: الزئبق... القاتلُ الصامت
-
جيشُنا المصري… مصنعُ رجال
-
اليوم العالمي للفتاة … زهرة الحياة
-
شهداءُ مصرَ -المصريون- ... لأجل الوطن!
المزيد.....
-
رسميًا “دار الإفتاء في المغرب تكشف عن موعد أول غرة رمضان في
...
-
ساكو: الوجود المسيحي في العراق مهدد بسبب -الطائفية والمحاصصة
...
-
هآرتس: إيهود باراك مؤسس الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب
-
الاحتلال يسلم عددا من الاسرى المحررين قرارات بالابعاد عن الم
...
-
هآرتس: الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب أسسها إيهود باراك
-
السويد ترحل رجل دين ايراني دون تقديم توضيحات
-
10 أشخاص من الطائفة العلوية ضحايا مجزرة ارهابية وسط سوريا
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا
...
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|