|
هل لإسرائيل علاقة بسد أثيوبيا ؟
أحمد فاروق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 7468 - 2022 / 12 / 20 - 10:50
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
تعاني اسرائيل من أزمة مياه وجودية ، وقد حاولت حلها جزئياً بعدة اجراءات ، من أهمها استنزاف موارد المياه العربية في غزة والضفة ، واستغلال مياه نهر الاردن ونهر الليطاني وغيرهما من موارد المياه العربية ..
وقد كان تحويل مياه نهر الاردن سبباً في أزمة شهيرة خلال عقد الستينات من القرن الماضي ، وكانت سبباً في عقد اول قمة عربية في مصر في يناير عام ١٩٦٤ ، تلتها قمة عربية اخرى بعدها بشهور فى الاسكندريه فى سبتمبر ١٩٦٤ لمتابعة ما اتفق عليه في القمة الاولى ، كما أن المناوشات السورية الإسرائيلية خلال يوليو اغسطس عام ١٩٦٦ والمعارك الجوية المتكررة بين الطيران السوري والاسرائيلي فوق مواقع تحويل نهر الاردن كانت من الاسباب المباشره لحرب ١٩٦٧ ، أى أنه بصورة أو بأخرى فإن المياه كانت - الى جانب أسباب أخرى مهمة بالطبع - أحد أسباب حرب ١٩٦٧ ..
كما أن عمليات سحب اسرائيل المياه من نهر الاردن عن طريق بحيره طبرية لم تترك للاردن اي نوع من الاستفادة منه ، بينما كان من أهم اسباب غزو إسرائيل للبنان عام ١٩٨٢ الوصول الى مياه نهر الليطاني اللبناني ، كما سيطرت اسرائيل بصورة كاملة على مياه نهر الحاصباني والوزاني في لبنان ..
وقد كان للمشروعات الزراعية العملاقة ، بالإضافة الى النمو الصناعي في اسرائيل السبب في زيادة حاجتها من المياه وتناميها ..
وللأهمية الشديدة للزراعة في اسرائيل فإن وزارة الزراعة يتولاها دائما عسكريون ، وليس مدنيين أو فنيين وخبراء في مجالات الزراعه والري !!
إن واحداً من اهم أهداف إسرائيل للسلام مع مصر - طبقاً للصحافه الإسرائيلية - كان محاولة الحصول على جزء من ايراد النيل السنوي ، قدره البعض بواحد في المئة من ايراد النهر ( الذي يبلغ ٨٤ مليار متر مكعب ) اى ٨٠٠ مليون متر مكعب ، وقد وصل آخرون بالرقم إلى ١٠ % ، وهو من وجهه نظرهم الحل النهائي لمشكله اسرائيل ومستقبلها ..
ويعد السبب الرئيسي لرفض إسرائيل الانسحاب من الجولان السوري ، وفشل كافة جولات المفاوضات بينهما ، والتي استغرقت عقد التسعينات كله من القرن العشرين ، ومفاوضات ٢٠٠٨ - ٢٠٠٩ برعاية الاتراك الى تشبث اسرائيل بالسيطرة على مياه بحيرة طبرية وجبل الشيخ الذي تنبع منه المياه ، وكذلك نهر اليرموك وهو أحد روافد نهر الاردن الذي تسيطر عليه اسرائيل ..
وكانت اثيوبيا و غانا وجنوب افريقيا أول الدول الإفريقية التي اعترفت باسرائيل ، وقد اعترفت أثيوبيا بإسرائيل فعلياً عام ١٩٥٤ ، وافتتحت إسرائيل سفارتها فى أديس أبابا فى بداية الستينات ، وكانت سنوات ١٩٥٧ حتى ١٩٧٢ هى سنوات التسلل والتغلغل الاسرائيلي في اثيوبيا ، تلتها مرحلة قطع العلاقات من ١٩٦٧ الى ١٩٨٩، وقد كانت أثيوبيا آخر الدول الإفريقية التى قطعت علاقاتها بإسرائيل طبقا لقرارات منظمة الوحدة الإفريقية - وإن ظلت العلاقات السرية بينهما قائمة - ثم عادت العلاقات الرسمية بين اثيوبيا واسرائيل عام ١٩٨٩ ..
ومنذ الستينات ترى اسرائيل في النيل المصدر الذي سيحل لها مشكلتها المائية بصورة نهائية ، وقد ظهرت عدة مقالات في اسرائيل في منتصف السبعينات تدعو الى مشروع شراء مياه النيل وتحويلها الى النقب ، والتقط الرئيس السادات الحاجة الإسرائيلية للمياه وطرح فكرة إيصال المياه الى اسرائيل في حالة قيام سلام شامل بين العرب واسرائيل ، ولم يكرر السادات عرضه مرة أخرى نتيجة للمعارضة الداخلية الهائلة في مصر لذلك ، والتي تزعمها انذاك وزير الري المصري المهندس عبد العظيم ابو العطا وغيره كثيرون ..
وبعد عوده العلاقات ، بدأ تنامي التعاون الإسرائيلى الأثيوبي فيما يخص مياه النيل مع بداية التسعينات ، وتعددت في تلك الفتره زيارات المسؤولين الاسرائيليين من الجهازين الامنى والعسكري بالإضافة إلى الاقتصادي الى اثيوبيا ، وكان المأمول قيام تحالف استراتيجي بين الدولتين ، وكانت مطالب اثيوبيا من هذا التحالف الاتي :
أ - استخدام اسرائيل طريقاً الى قلب الولايات المتحدة وأوروبا بعد سنوات من الحكم الشيوعي فى اثيوبيا ( منجستو هيلامريام ) وقيام الولايات المتحده - بمساعدة اسرائيل كما اعتقدت أثيوبيا - بإعادة تاهيل النظام والدولة الإثيوبية في مجتمع الدول ومدها بمساعدات اقتصادية عاجلة ..
ب - التعاون العسكري بين اسرائيل واثيوبيا ، فبعد النجاحات التي حققها ثوار أرتيريا - قبل انفصالها عن اثيوبيا - ثم ثوار تجراي ، كان وجود الدولة الإثيوبية نفسه محل تساؤل ، وبعد فض روابط اثيوبيا مع الروس وأوروبا الشرقية مع انهيار الكتلة الشرقية عام ١٩٨٩ ، وجد صانع القرار الاثيوبي ان السلاح الاسرائيلي - الذي كان مستعداً وواقفاً على الابواب - يمكن ان يعوض السلاح الروسي ..
ج - إن عدداً كبيراً من ضباط الجيش الاثيوبي تلقى تدريبه في اسرائيل ، ومع مرور السنين شغل هؤلاء مراكز هامة في الجيش والدولة الاثيوبية ، كمان عددا من الخبراء العسكريين الاسرائيليين تم ايفادهم مراراً لتدريب الجيش الاثيوبي وتزويده بتشكيله متنوعة من الأسلحة ، كما تلقى عدد كبير من موظفي الوزارات الإثيوبية وأعضاء الجهاز الاداري للدولة من الكادرات الوسطى والعليا تدريبهم فى اسرائيل ، وفيما يخص المجال الزراعي مثلا فإن الخبراء الاسرائيليين موجودين في اثيوبيا منذ نهاية الثمانينات للقيام بمشروعات زراعية ، وتدريب الاسرائيليين على وسائل الزراعة الحديثة ( تكنولوجيا الرى - استصلاح الاراضي - دراسات التربة.. الى اخره ) ..
وفى بداية التسعينات تقدمت إسرائيل بدراسات تفصيلية حول التربة الإثيوبية ومشروعات لبناء ثلاث سدود كجزء من مشروع أكبر ..
وليس الأمر قاصرا فقط على أثيوبيا ، فطبقاً لمصادر اسرائيلية ، وبينها كتاب ضابط الموساد موشيه فرجى الذي اصدره مركز ديان لأبحاث الشرق الاوسط وافريقيا التابع لجامعة تل ابيب تحت عنوان " اسرائيل والحركه الشعبية لتحرير السودان " يتضمن الدور الاسرائيلي مع دول حوض النيل ليس فقط الجانب العسكري او السياسي بل الاقتصادي والمائي ، فقد قدمت اسرائيل - طبقاً للمؤلف - منذ عام ٢٠٠٩ لكل من الكونغو الديمقراطية ورواندا دراسات تفصيلية لبناء ثلاث سدود ، وفى اوغندا تقوم اسرائيل بتنفيذ مشروعات ري في ١٠ مقاطعات بالقرب من الحدود الاوغندية المشتركة مع السودان وكينيا ، ويجرى استخدام المياه المتدفقة من بحيرة فيكتوريا لإقامة هذه المشروعات ..
وتستخدم اسرائيل في ذلك استراتيجية الصدام بالإنابة حيث تقوم دوله ما - اثيوبيا في هذه الحاله وتركيا في حالة سوريا و العراق و مياه الفرات - باتباع استراتيجيات تتفق مع ما تطالب به اسرائيل ، متذرعة - أى تلك الدولة - بمصالحها القومية وخططها التنموية ، وتساعدها اسرائيل في مجهودها ذلك المساعدات الفنية والعسكرية التي تقدمها لها ، ثم - وربما هذا هو الأهم - تقنعها بأنها هى الباب الملكي لرضا الغرب وامريكا على أنظمتها الحاكمة !!
وبرغم كل ذلك فإن إسرائيل - فى رأيي - ليست هى العامل الحاسم أو حتى العامل الأهم فى قصة السد الأثيوبي ، ولكن تلك قصة أخرى ..
#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ابتعاد مصر عن أثيوبيا هو سبب مشكلتنا معهم ؟
-
هل يمكن بيع مياه الأنهار ؟
-
هل المياه فعلا مشكلة عالمية ؟ وهل من الممكن حلها ؟
-
شماتة !!
-
مصر وإيران .. وفن تكوين أوراق الضغط !!
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 10 ) هل هناك مدرسة اقتصادية م
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 9 ) ما الهدف من هذه المساهمات
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 8 ) هل سترضى أمريكا ؟!
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 7 ) هل تقدم مصر فى ظل تدخل ال
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 6 ) هل تقدم مصر فى ظل الرأسما
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية (5) التقدم الاقتصادى فى زمننا .
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية (4) الجرى وراء السراب .. قصة ال
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 3 ) .. القصة من أولها .
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 2 ) هل كانت السنوات السابقة ج
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( ١ ) هل هناك فعلا مشكلة ا
...
-
قطر .. والإسلام !!
-
العرب والديموقراطية
-
هل يمكن النسيان ؟
-
لقاء مع الإخوان
-
اردوغان .. والحادث الارهابى أمس .
المزيد.....
-
ترودو يعلن تعليق الرسوم الجمركية الأمريكية على كندا لمدة 30
...
-
مصر.. وفاة أحد أشهر مذيعي الإذاعة المصرية
-
صحيفة -معاريف- تكشف عن سببين يدفعان نتنياهو لإقالة رئيس -الش
...
-
ترامب يتجنب الإجابة عن سؤال حول ضم إسرائيل للضفة الغربية
-
نجل ترامب مشتبه به في الصيد غير المشروع في شمال إيطاليا
-
قراءة في صحافة السعودية لزيارة الشرع للمملكة ولقائه الأمير م
...
-
الشرع عشية زيارته لتركيا: قسد- مستعدة لحصر السلاح بيد الدولة
...
-
بعد محادثة مع ترامب.. رئيس الوزراء الكندي يعلن تعليق التعريف
...
-
البيت الأبيض: ترامب يعتزم أن يتحدث مع شي جين بينغ خلال الـ 2
...
-
الخارجية الروسية تحدد شروط ومحتوى المفاوضات المحتملة بشأن أو
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|