|
النظام الإيراني بين مخاوف الأمس والحاضر؛ والنهاية التي لا مناص عنها
محمد حسين الموسوي
كاتب وشاعر
(Mohammed Hussein Al-mosswi)
الحوار المتمدن-العدد: 7467 - 2022 / 12 / 19 - 22:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
خوف أصيل وعميق ومتزايد لا ينتاب النظام الإيراني ورموزه وقياداته بل يرافقهم ويحسبون كل صاعقة وكل نائبة موجهة إليهم، الأمر الذي زاد من إجرامهم في سلطانهم القائم على الإجرام ولا يمكن له الإستمرار بدونه وقد كانت الـ 43 سنة الماضية بتفاصيلها خير دليل على ذلك. نظام الملالي نظامٌ قام على السطو والباطل والخداع والإفتراء والرذيلة ولا يمكن لهكذا نظام أن يمثل أي نوع من العقائد كما لا يمكنه أن يقيم دولة حقيقية بمؤسسات فعلية قابلة للوجود والنمو، ولولا طموح رأس المال سواء كان رأس المال الوطني الوطني الخاص بالتجار ورجال الأعمال الحقيقيين أب عن جد، وحتى رأس المال السطحي الذي لا أصل ولا فصل كرأس المال المنهوب على يديهم وحجم الموارد والثروات الهائلة لدولة إيران لما استطاعوا على جهالتهم المضي قدما بهذه الدولة مترا واحدا، وعلى الرغم من كل هذه القدرات في القطاع الخاص والموارد العظيمة للدولة أوصلوا إيران دولة وشعبا ومؤسسات إلى مستوىً متقدمٍ من البؤس، وهربت بسببهم كثيرٍ من رؤوس الأموال الوطنية والعقول البشرية إلى خارج البلاد ولا زالت، وهذا هو المتوقع في دولة تحكمها كائنات كهذه (الملالي)، ولو بقي الأمر كليا من ناحية إدارة السوق وشؤون الناس المعاشية اليومية على عاتق كائنات الملالي لتجسد الجحيم بعينه في إيران منذ السنوات الأولى لسطو الملالي على مقاليد الحكم بمساعدة أيادي خفية، ويُستذكر أن بسطاء الناس في حينهم بثمانينيات القرن الماضي كانوا يقولون لا نعلم كيف تسير هذه الدولة، ولا نرى أثرا ولا وجودا للملالي إلا في السلطات العليا والأمن والحرس والجيش والقضاء والسجون ومنصات الفتنة والتغييب، أما في أمور خدمية وما ينفع الناس فلا تجد لهم أثرا ولا يعنيهم الأمر ولا تشعر بإنتماءهم على النحو المطلوب من مواطن صالح مخلص لوطنه وشعبه ويخشى خالقه. من الطبيعي أن يكون الجناة في حالة خوف ورعب وترقب على الدوام خاصة من يسرقون ثورة بدمائها وشهدائها وآمالها وطموحها، ثم يرتكبون المجازر وأبشع الجرائم للحفاظ على ما سرقوه، فكلما ظهر لهم على البعد رأيٌ مخالف أرعبهم ذلك لأنهم يقرون في قرارة أنفسهم بأنهم لصوص وحالة غير شرعية يهددها الحق في كل مكان وزمان..الحق الذي هو في وعلى كل أرض كربلاء وفي كل يوم عاشوراء، والمبكي المضحك في الأمر أنهم يرددون هذا القول الثوري لكن جهلهم وباطلهم قد أعماهم عنه وعن كونه يعنيهم كخصوم للحق في هذا اليوم وعلى تلك أو هذه الأرض، وتترصدهم وتتربص بهم الحقيقة أينما حلوا ورحلوا، وفي يقظتهم وأحلامهم لتذكرهم بأنهم يعيشون لحظتهم وحياتهم كمجرمين يتلبسهم الخوف كجلباب اختاروه لأنفسهم ذلك بأنهم عصوا ربهم وظلموا وسفكوا الدماء وانتهكوا الحرمات وأبطلوا الحق وأحلوا الباطل، واتخذوا من العقيدة الطاهرة السمحاء رداءا لهم رداءا لا يستحقونه لأنه ليس رداءا للمجرمين والجبابرة والظالمين، واتخذوا من آل بيت رسول الله (ص) وسيلة لبلوغ الغايات وحولوا العقيدة إلى مجرد قصص سردية يسردونها على بسطاء الناس للعبث بمشاعرهم على النحو الذي يخدم سلطانهم ساعين إلى إبقاء البسطاء على بساطتهم وجهلهم لكي يمضون بقافلتهم قافلة السوء قدما، وما أن تنكشف ألاعيبهم في جانب معين ذهبوا إلى جانب آخر حتى إذا أفلسوا ذهبوا إلى جانب العنصرية والطائفية والفتنة المجتمعية التي لم يمارسوها في إيران فحسب بل في فلسطين وسوريا والعراق ولبنان واليمن والبحرين وكل دول المنطقة وكل أرض وطأتها أقدامهم وقد أفلحوا في ذلك حتى هدموا تلك البلدان والمجتمعات وواقع الحال في العراق وسوريا ولبنان واليمن خير شاهد إذ بات الإنقسام الاجتماعي غير محصورٍ بين الأديان والمذاهب فحسب بل بات واضحا بين أبناء المذهب الواحد والمنطقة الواحدة وباتت حقوق الحياة لمن يوالي ملالي طهران فقط، وما لغيرهم سوى خيارات محدودة إما الموت البائس أو التشرد أو العيش الذليل، وأما أشقاء النضال الفلسطيني فقد باتوا شقين هويتين كيانين، وشقاق لا يخدم قضية بل يخدم عدوا، وكل ذلك من أجل خلق أزمات تديم من عمر نظام ولاية الفقيه الذي لجأ إلى تعزيز قدراته الأمنية البوليسية والعسكرية، وقدراته الخارجية عندما وجد أنه مكروها داخليا. مخاوف الأمس كانت معركة ولاية الفقيه الحقيقية في إيران مع تيار الوعي الفكري تيار الحقيقة والعلم والمنطق وخاصة التيار الإسلامي الصحيح الذي يؤمن بحقوق جميع المكونات فرادى وجماعات وفئات، وتقوم هذه المعركة على أساس الحقيقة والإدعاء إذ لا يمكن للإدعاء أن يواجه الحقيقة أو يتقبلها ولا يمكن للحقيقة أن تتقبله وتسمح بوجوده، وقد سعى خميني في حينه إلى بلع جانب من الحقيقة تحت عباءة الادعاء لبناء شرعية ما يتمكن من خلالها الإستمرار في السلطة والتعاون على قمع كل من يخالف ذلك، وقد كان خميني يدرك جيدا أن ثلاثة أوساط في إيران لا يمكنه تخطيها أو الثبات دون إحتوائها وهي (الوسط الأكاديمي – الوسط العمالي – الوسط الديني الحقيقي) وأخطرها هي الوسط الديني الحقيقي الذي يعيش بترابط وطني وثيق مع الوسطين الأكاديمي والعمالي وقد لجأ خميني بدافع الخوف إلى التعامل مع منظمة مجاهدي خلق لتكون له عونا على باقي التيارات الوطنية الإيرانية الأخرى من عماليين وماركسيين وأكاديميين فلما فشل أعلنها حربا ضروسا عليهم وعلى كل من يخالفه الرأي وأدى خوفه الذي لم يخفيه إلى إغراق الشوارع والميادين والسجون بالدماء وكذلك فضح نفسه بفتوى الحِرابة تلك التي أصدرها وهي لا تمت للدين بصلة بل كانت مجرد تعليمات بالإبادة الجماعية لخصوم سياسيين يصعب المضي قدما في ظل وجودهم وألبسوا هذه التعليمات طابعا دينيا فصله خميني على يده وأورثه لجنوده من بعده، وقد جاء وقت تلك الفتوى الآن كمنقذ بظنهم وقد ساء. مخاوف اليوم لم تتوقف الثورة الوطنية الإيرانية منذ سرقتها على تيار الادعاء سلطة ولاية الفقيه المتسلطة على إيران والمنطقة بأسرها، ولا زالت هذه الثورة متصلة ومتواصلة وها هي آخر انتفاضاتها قد دخلت شهرها الرابع على التوالي وقد أعادت هذه الإنتفاضة كابوس الخوف المرعب إلى حاضرة الملالي الذين لم ينسوا جرائمهم ويعلمون أن الشعب لم ينساها أيضا، كما يعلمون أن من بين المتظاهرين أبناء شهداء ومعدومين ومفقودين وسجناء سياسيين وفقراء ومُعدمين وكافة أهل المطالب والحقوق المشروعة، وبمعنى أدق يعلم الملالي أن الشعب كله يرى أنه لا شرعية لهم ويرفضهم ويدعم الإنتفاضة ضدهم وقد وصل الرفض دائرتهم الخاصة ودائرة المنتفعين منهم، وها قد وصل الأمر إلى الرفض الدولي لهم بعد صدور قرارين دوليين القرار 69 وقرار طردهم من لجنة المرأة الأممية، فلن تفلح بعد أسلحتهم ولا أساليبهم القمعية الإجرامية ولا حد الحِرابة ولا تيار المهادنة والإسترضاء.. إنها النهاية التي لا مناص عنها ..نهاية على يد ولي الدم الذي جعل الله له سلطانا .. أما وإن طال أمد الثورة فسيخطف الخوف أرواحهم واحدا تلو الآخر ولن تبقى منهم سوى حكومة صبية هوجاء لا رشد فيها ولا صلاح. النهاية الحتمية لنظام ولاية الفقيه باتت قاب قوسين أو أدنى؛ وغدا تحاسب الضحية جلادها وإن طال الأمد قليلا. وإن غدا لناظره قريب د.محمد حسين الموسوي (د.محمد الموسوي) / كاتب عراقي
#محمد_حسين_الموسوي (هاشتاغ)
Mohammed_Hussein_Al-mosswi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملالي طهران خارج لجنة المرأة الأممية
-
ماذا بعد قرار الأمم المتحدة رقم 69 بشأن حقوق الإنسان؛ وطرد ا
...
-
نسوة حرائر من داخل سجن إيفين؛ ونظام الملالي يقوم بحملات خطف
...
-
جرائم نظام الملالي الوحشية بحق النساء
-
حقوق الإنسان في إيران بين الواقع والتهاون الدولي
-
فضائح داخلية ودولية تاريخية من العيار الثقيل
-
المغضوب عليهم يحكمون بغداد بقدرة قادر ؛ والملالي لا ينقصهم س
...
-
يوم الطالب الإيراني يوما للنهضة العالمية
-
الحجاب والمؤامرات المحاكة ضد الثورة الإيرانية
-
أوراد ملحمية - الجزء الثاني
-
النظام الإيراني يعاود نهج الإبادة الجماعية علانية
-
الثورة الإيرانية ومستقبل العنف ضد المرأة بالشرق الأوسط 2-2
-
الثورة الإيرانية ومستقبل العنف ضد المرأة بالشرق الأوسط
-
الإنتفاضة الإيرانية تتمة لمسيرة النساء على طريق النهضة
-
وماذا بعد قصف الحرس ل إقليم كردستان العراق
-
أوراد ملحمية
-
العرب أخر من يدرك ؛ وأخر من يواجه
-
صواريخ الملالي مرة أخرى فوق كردستان العراق
-
لماذا يصر الغرب على بقاء الملالي ومشروعهم في المنطقة
-
إيران وسفينة ولي الفقيه ؛ والثورة الإيرانية
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|