|
كلا من حماس وحكومة اسرائيل يشكل عقبة امام حل القضية الفلسطينية
عصام شكري
الحوار المتمدن-العدد: 1700 - 2006 / 10 / 11 - 09:55
المحور:
القضية الفلسطينية
أعلن الناطق باسم حكومة حماس ان القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية الفلسطينية ستقوم بفتح النار على اية تظاهرة اخرى تقوم بها قوات الشرطة للمطالبة بدفع الرواتب المتاخرة. وفي رد على هذا التصريح وصفت فتح القرار بانه خطير ويهدف الى تهديد الامن الداخلي الفلسطيني.
سبب هذا الوضع بين فتح وحماس يعود الى تداعيات صعود حماس الى السلطة وبدء مواجهتها مع دول محور امريكا والغرب واسرائيل وبالتالي ادخال القضية الفلسطينية والجماهير في دوامة جديدة من الصراع. ان كلا من حماس وحكومة اسرائيل تقفان اليوم بمثابة عقبة جدية لحل القضية الفلسطينية بتشكيل الدولة الفلسطينية المتساوية الحقوق مع دولة اسرائيل.
تمثل حماس حركة الاسلام السياسي واحد اهم قواه في الشرق الاوسط لانها قوة فلسطينية. فالقضية الفلسطينية تشكل قلب الصراع بين قطبي الاسلام السياسي والغرب ممثلا بامريكا واسرائيل. ان صعود حماس الى السلطة هو الذي يشكل حدثا جديدا في المنطقة وفلسطين وبالتالي فان عرقلتها لحل القضية الفلسطينية تشكل هي الاخرى حدثا جديداً.
لقد ادى ذلك الحدث- أي صعود الاسلام السياسي الى السلطة في فلسطين ومواجهة قطبي الارهاب في فلسطين واسرائيل وجها لوجه الى تصاعد الصراع بين قوى التفاوض القومية ممثلة بحركة فتح ومحمود عباس من جهة وبين السلطة الاسلامية من جهة اخرى. هذا الصراع ادى الى احداث استقطاب داخل المجتمع وبالتالي مواجهات مسلحة تهدد بانهيار الوضع الامني. وبطبيعة الحال سينعكس هذا الوضع على زيادة المعاناة وحرمان الجماهير نتيجة زيادة الحصار الاسرائيلي على منطقتي السلطة الفلسطينية في الضفة والقطاع.
لقد عجزت حكومة حماس عن تأمين توزيع رواتب الادارات الحكومية والموظفين والعمال وقوات الشرطة لشهور عديدة وتفاقم الوضع المعيشي لعموم جماهير فلسطين بسبب غلق اسرائيل للمعابر ومنع العمال الفلسطينين من العمل داخل اسرائيل واعالة اسرهم مما ادى الى تفاقم البطالة والفقر بشكل غير مسبوق. لقد ادى ذلك الى تدهور الوضع المعيشي للجماهير وتصاعد نقمتها ضد القوى الحاكمة وخاصة حكومة حماس باعتبارها المسؤولة المباشرة عما آلت اليه الاوضاع نتيجة رفضها لكل القرارات التي تم الاتفاق عليها ورفض الاعتراف باسرائيل وحل الدولتين وباختصار تحول تحولها الى عقبة امام اقامة الدولة الفلسطينية عن طريق التفاوض.
حكومات امريكا و الغرب واسرائيل ترفض التعامل مع حماس على اساس انها معادية وارهابية وكجزء من ستراتيجية امريكا العالمية المسماة ”الحرب على الارهاب“. ومن جهة اخرى فان حماس بمثابة حركة اسلام سياسي وسلطة سياسية في نفس الوقت ترفض الاعتراف لا فقط بدولة اسرائيل ولكن بالاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية في السابق مع اسرائيل. انها تعرض فقط ما تسميه هدنة على اسرائيل وهذا ما ترفضه الاخيرة تماماً.
هذان الموقفان الصراعيان بين قطبي ارهاب دولة امريكا ومعها الغرب واسرائيل من جهة وقطب ارهاب الاسلام السياسي من جهة اخرى وضمن سياسة النظام العالمي الجديد لامريكا، قد وضع كامل القضية الفلسطينية من جديد في مأزق وارجعها الى الوراء وحول الجماهير من جديد الى رهائن بايدي كلا القوتين الرجعيتين. ان حركة الاسلام السياسي في كل المنطقة تستثمر صعود حماس الى السلطة وتحولها الى عقبة جديدة بوجه الحل من اجل تصعيد مواقفها المعادية لمحور امريكا—اسرائيل وبالتالي محاولة انقاذ حماس من الورطة السياسية وتحويل الرأي العام الفلسطيني مرة اخرى نحو الاصطفاف خلف حماس. هذا ما حصل عندما حاول حزب الله ان يواجه الجيش الاسرائيلي مرة اخرى في مغامرة عسكرية جاءت على غير توقعات قادته (انظر تصريحات حسن نصر الله حول تغيير اسرائيل لقواعد اللعبة مع ميليشيات حزبه في جنوب لبنان حسب تعبيره). ان النتيجة التي الت اليها حرب اسرائيل الهمجية على جماهير لبنان هي تراجع قضية فلسطين نتيجة تصلب حماس وابرازها لدليل اخر على ان العدو الابدي ”للعرب وللمسلمين“ هو اسرائيل وكذلك تخفيف ضغط فتح الداخلي عليها من خلال مطالبة محمود عباس بتنظيم استفتاء في الشارع الفلسطيني. الجماهير الفلسطينية لم تعد تحتمل اكثر من هذا. عانت هذه الجماهير التي كسبت قضيتها تعاطف عالمي من جميع محبي الحرية والمساواة، حتى داخل اسرائيل، من الاظطهاد والتشرد والحروب وحملات التهجير وتهديم البيوت وسكنها ولاجيال في المخيمات كلاجئين محرومين من السعادة والاستقرار كاي بشر وبظروف غاية في القسوة. ان جماهير فلسطين اليوم اصبحت تأمل في ان تعيش في دولة متساوية الحقوق لتضمن لها حقوقاُ بحد ادنى من الامن والاستقرار والمساواة والطمانينة مع الدول المجاورة وبناء مجتمع مدني طبيعي لا يخضع لاحتلال الجيش الاسرائيلي وقمعه وبطشه.
ان قوى الاسلام السياسي التي تنامت بقوة في العشرين سنة الماضية نتيجة لغياب اليسار وانهيار سلطة القوميين العرب ودعم الغرب للاسلام السياسي لمواجهة الحركات الشيوعية واليسارية والتحررية المساواتية والنسوية والعمالية، بالاضافة الى سياسة الولايات المتحدة القائمة على دعم دولة اسرائيل المعرقلة لايجاد أي حل سياسي ولجوئها الى البطش والقوة العسكرية ادى الى صعود احد ممثلي حركة الاسلام السياسي الى السلطة في فلسطين وهي حركة حماس. ان هذا الصعود الى السلطة قد منح حماس منصة دولية لم تكن بامكانها الارتقاء لها من قبل. وبالتالي حولها من معارضة للحل الى فارضة للمشكلة واصبحت جزءا من المشكلة لا من الحل، مدخلة جماهير المنطقة في مأزق جديد.
ان الجميع اليوم يرى اليوم ان سبيل الحل لمسألة فلسطين يكمن في انشاء دولة فلسطينية متساوية الحقوق أي حل الدولتين. وتطمح غالبية الجماهير والقوى السياسية في العالم ومنها جماهير فلسطين الى هذا الحل ايضا. كما ان فتح تدعو الى التفاوض مع اسرائيل على هذا الاساس. وهنا يأتي السؤال الاساسي والذي تسأله الجماهير الفلسطينية: من يعارض العملية اليوم اذن؟؟ كيف بامكاننا تشكيل دولة وكل من حكومة حماس وحكومة اولمرت في اسرائيل تعارضان الحل والتفاوض وتشكيل تلك الدولة؟ ماهو الطريق للحل ؟؟. صحيح ان اسرائيل هي معرقل تأريخي لحل المسألة الفلسطينية، ولكن حماس الاسلامية قد تحولت منذ استلامها السلطة الى معرقل جديد وجدي اخر حيث ادى ذلك الى نشوء قطبية جديدة واعاد كامل المسألة الى نقطة الصفر. ان الجواب على السؤال يكمن في ضرورة اخراج قطبي الارهاب من مسارات حل القضية الفلسطينية ودفعهما جانباً؛ والتصدي الجماهيري لكلا القوتين الرجعيتين المعاديتين لطموحات وامال الناس في حياة افضل والعيش بامان وطمأنينة. ان الحل يعتمد على الجماهير لا على قوى حماس او امريكا. يجب على الجماهير ان تطرح معسكرها الثالث العلماني المتمدن المناهض لكلا قطبي الارهاب: عسكريتارية دولة اسرائيل وحلفيها الامريكي—الغربي وارهابية الاسلام السياسي واقطابه ودوله في المنطقة. ان قوة الجماهير قادرة على معارض وازاحة كل من حكومتي هنية واولمرت اليمينيتين من اجل التمكن من طرح الحل السياسي للقضية الفلسطينية وانشاء الدولة المتساوية لفلسطين. بحل القضية الفلسطينية، سيتم وجيه اقوى ضربة الى صراع قطبي الارهاب العالمي الحالي وسيجرد الاسلام السياسي ( وكذلك الفاشية الاسرائيلية)من اهم مرتكز ايديولوجي لهما وبالتالي اضعاف حركتهما الرجعيتين وتهميشهما سياسيا وبالتالي اجتماعيا. ان ذلك سيخلق مجالا لاحلال البديل العلماني والمتمدن في الشرق الاوسط وتسهيل نضال الملايين من جماهيره المحرومة في سبيل الاشتراكية وقضية الحرية والمساواة.
* كتبت قبيل اندلاع الاشتباكات المسلحة الاخيرة بين حركتي حماس وفتح .
#عصام_شكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول النداء الموجه -الى القوى والأحزاب الماركسية في الوطن الع
...
-
قوتان تحقران الحياة
-
تسليم الامن للعراقيين- اعتراف الغرب بسلطة ميليشيات الاسلام ا
...
-
انتصارات آلهية.... هزائم إنسانية !
-
حرب اسرائيل ضد جماهير لبنان تقوي الاسلام السياسي والرجعية في
...
-
ساندوا العمال المضربين في معمل سمنت طاسلوجة في السليمانية -
...
-
دفاعاً عن حق حرية التعبير والعلمانية حول التظاهرات المناهضة
...
-
لمَ يدافع خليل زاد عن حكومة -وحدة وطنية-؟
-
فرنسا - اعتراض المحرومين العنيف و-الحثالة- البرجوازية
-
استراتيجية الهروب - Exit Strategy
-
فتوى الشيخ زلماي
-
الغرب والاسلام السياسي بمواجهة الجماهير
-
مريم نمازي تفوز بجائزة اروين الاولى - علمانية العام
-
المجتمع المدني والعلمانية جبهة اساسية للصراع الطبقي في المجت
...
-
انهم يخططون لرواندا جديدة في العراق حول دستور الدولة الفيدرا
...
-
اليســار الغربي: تفجيرات لنـــدن وخرافة معاداة الامبريالية
-
الى: الهيئة التحضيرية للجنة العراقية من اجل دستور ديمقراطي ح
...
-
مشروع أمريكا في العراق من مجتمع المواطنة الى مجتمع المذاهب و
...
-
الاناء بما فيه ينضحُ - حول تطاول الاسلاميين على حرية التعبير
...
-
الجمعية الوطنية - جمعية الخصخصة ونهب العمال وزرع المذهبية وح
...
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|