|
إما متواضعاً أو متديناً!
جواد شریفی
الحوار المتمدن-العدد: 7466 - 2022 / 12 / 18 - 15:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
على الرغم من أنني أؤمن بأن لدینا وقت وطاقة محدودين ويجب أن ننفقوه على قضايا أساسية وهامة ، والقضايا الدينية من بين القضايا الزائفة التي يجب تجاهلها ، ولكن بما أن هذه القضايا الدينية الزائفة لا تبقى فقط في الميدان علم اللاهوت وينتشرون في السياسة ، والثقافة وما إلى ذلك ويتعارضون مع قيم مثل الحرية لذلك يجب فحصهم بشكل نقدي.
مثلما نقسّم بعض الأشياء إلی "اصيل / غير أصیل" يمكن أيضًا تقسیم "التدين والالحاد" إلى "أصيل / غير أصيل".
تدين أصيل: عادة أعرّف "الأصالة" في مجال الفكر والثقافة بعنصر الوعي؛ لكن بما أنني أعتبر الوعي والتدين طبيعتان غير متوافقين؛ يجب أن أعطي تعريفًا آخر لأصالة فی مجال التدين. في رأيي، المتدین الاصیل هو الذي يقف إلى جانب الدين حتى لو تعارضت مع مصالحه أو میوله الغریزیة.
تدين غير أصيل: على عكس الفئة السابقة ، فإن المتدين غير الأصيل هو الذي يقف إلى جانب رغباته ومصالحه عند التعارض بینهم و بین الدین. إما بتقدیم تفسير جديد للدين بالاجتهاد وإما بفصل طريقه عن دينه السابق بالإرتداد. وبحسب الافتراض ، فإن التدين لا يقترن بالوعي. إذن من يريد أن يظل متدينًا وفي نفس الوقت يقف بجانب رغباته من خلال الاجتهاد أو الردة ، فدافعُه الوحيد هو میوله ورغباته. المجتهد الذی يغير فتواه خوفا من ابتعاد الناس عن الدين والروحانية ، أو من یختار دينا جديدا بسبب الصراع بين دينه السابق وميوله الغريزية، فكلاهما غیرأصیل.
إلحاد غير أصيل: لا تختلف هذه الفئة كثيرًا عن الفئة السابقة. إذا كان المتدين غير الأصيل يتماشى مع الدين طالما أن الدين يتماشى مع مصالحه، فإن ملحد غیرالاصیل صار ملحدا فقط لأن الدين يتعارض مع بعض رغباته أو أنه نشأ في بيئة أو اسرة لم تجبره على التدين منذ البداية. مهما كان ، فإن إلحاده لا يحتوي على عنصر الوعي. وبسبب نقص عنصر الوعي بالتحديد ، فقد یتمّ تضمينه في صفوف المتدينين.
إلحاد أصیل: كل ما كتبته كان بهدف الوصول إلى هذه النقطة. قلت سابقًا أن معيار أصالة الإلحاد هو عنصر الوعي والإدراك. وعي أساسي بمحدودیة قوى الإدراكية للإنسان؛ وعي بأننا نرجسيون لدرجة ندعي معرفة إرادة الله دون أن يكون لدينا معرفة كاملة بأنفسنا ورغباتنا، ندعي أننا نعرف بالضبط مایحدث بعد الموت. نحن نرجسيون لدرجة نعتبر أنفسنا مركز الكون ونتّهم الله والعالم بالقسوة والظلم لمجرد أنهم لا يتفقون مع إرادتنا. من یصل إلی هذا الوعي لا يمكن أن يبقى متدينًا.
الحالة الأكثر تشابهًا مع الطفولة هي التدين. طفل ذوعقل منخفض والشخص المتدين لهما سمة مشتركة وهي أن كل الامور يجب أن یتلائم معهما وكل ما لا يرضيهما یعتبرانه کأمر سيء ؛ لذا فإن التدين مرحلة من طفولة العقل يجب تجاوزها.}
من أهم نتائج هذا الوعي التواضع المعرفي. إذا اعتبرنا التواضع مجرد مجاملات يومية أو أقوال نفاق شيوخ الدين، فقد خلطنا بين المسك والروث. أصدق التواضع الایمان بأننی بشر مثلکم لایوحی إلیّ؛ ولا أستطيع أن أفهم أشياء كثيرة. اذا یخبرکم أحد أن: هناک إلهٌ كذا وكذا ؛ إرادتُه كذا وكذا ؛ هناك جنة وجحيم كذا وكذا ؛ وكم عدد ملائکة العرش وما هي واجباتهم؛ وماذا يحب الله وماذا يكره؛ ثم اعتبر نفسه وافکاره السبيل الوحيد للخلاص والنجاح هو مختلّ عقليا بالتفاؤل ودجال مخادع بالتشاؤم.
ملاحظات ختامية: من لم يكن له تواضع معرفی فهو مستعد للوقوع في فخ الدين. و غيرالمتدينين الذين لا أساس لدينهم في الفكر والمعرفة لا يختلفون كثيرًا عن المتدينين. الشخص الذي يقول إنه غيرمتدين ولكنه يؤمن بقوی سحریة فی الکون؛ أو الشخص الذي يبتعد عن الإسلام ليصبح مسيحياً أو زرادشتياً أو بوذي أو أُوشوي ؛ أو من تخلى عن دينه السابق ليصبح مسلما أو شيعيا، أو شخص يتبع طائفة سینتولوجیا، لا يختلف أي منهم بشكل كبير عن بعضهم البعض. لقد تخلوا عن المعتقدات الخرافية والأوهام المتغطرسة لنظام ديني معين ليجدوا الشيء نفسه في شكل آخر في دين آخر و دافعهم الوحيد ربما المشاكل النفسية أو الرغبات الشخصية. أنا لست ضد حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الأديان. أعتقد أنه ينبغي الاعتراف بحقوق جميع النزعات الدینیة وضمانها من خلال دستور البلدان. نعطیهم حریة التعبیر حتى يكشفوا هم أنفسهم عن غبائهم للآخرين. التدين بناء غير مستقر وعلى وشك الانهيار، وأحد أعمدة هذا قصر الزائف هو كبرياء الإنسان وغروره.
#جواد_شریفی (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسلام الحياة؛ نحو خطاب جديد في العالم الإسلامي
المزيد.....
-
النمسا: طلاب يهود يمنعون رئيس البرلمان من تكريم ضحايا الهولو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق: هاجمنا بالطيران المسير هدفا عس
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن عن استهدافها هدفا عسكريا ف
...
-
للمرة الخامسة منذ صباح الجمعة تعلن المقاومة الإسلامية في الع
...
-
استقبل NOW تردد قناة طيور الجنة أطفال 2024 بجودة فائقة على ا
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف هدف حيوي جنوب فلسط
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق: هاجمنا بالطيران المسير هدفا عس
...
-
“ماما جابت بيبي” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة 2024 على ا
...
-
الحلو صار يحبي .. استقبل تردد قناة طيور الجنة 2024 الجديد عل
...
-
خلى طفلك يستمتع باجمل الاغانى والاناشيد.. التردد الجديد لقنا
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|