|
إعدامات واعتراضات ..!
نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر
(Najah Mohammed Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 7466 - 2022 / 12 / 18 - 11:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مارس آذار من هذا العام ، نفذت المملكة العربية السعودية إعدامًا جماعيًا لـ 81 شخصًا ، لم يكن هناك سجل واضح لتورطهم في أعمال إرهابية أو أعمال تنتهك الأمن السعودي.
بالطبع قبل ذلك ، شغلت قصة مقتل الصحفي المغدور جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا الرأي العام العالمي كله وسلطت الضوء على غياب حقوق الإنسان في هذا السعودية لفترة طويلة. بدعم من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ، تمكن محمد بن سلمان من الهروب من خطر الملاحقة القضائية ، وأصبح أكثر تصميماً على تنفيذ الإعدام الجماعي لـ 81 شخصاً في يوم واحد ..إنه أكبر إعدام جماعي في المملكة منذ سنوات على الرغم من وعودها بالحد من استخدام عقوبة الإعدام . و نظرا إلى الانتهاكات المتفشية والممنهجة في النظام الجزائي السعودي، لم يحصل أيّ من الضحايا ونصفهم شيعة، على محاكمة عادلة. قالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية حينها ، في تضليل واضح ومكشوف ، إن "من أعدموا 73 سعوديا وسبعة يمنيين وسورياً واحداً متهمين بالانتماء إلى عدة مجموعات إرهابية منها داعش والمتمردين الحوثيين في اليمن". لم يتم التحقق من هذه التفاصيل المزعومة ، ولم يتم توضيح التهم والجرائم الخاصة لكل من هؤلاء الأشخاص الذين تم إعدامهم، لكن نشطاء سعوديون أكدوا أن 41 منهم ينتمون إلى الطائفة المسلمة الشيعية، التي عانت طويلاً من التمييز والعنف الممنهجَين من قبل الحكومة . ويقضي العديد من الشيعة في السعودية أحكاما مطولة، أو ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم، أو أُعدِموا بالفعل بتهمة التظاهر إثر محاكمات جائرة بشكل واضح.
الأموال التي تغدقها السعودية لاسكات منظمات حقوق الانسان لم تمنع مايكل بَيج، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش من التعليق على بشاعة المجزرة الجماعية ، وقال حينها إن. : "إقدام السعودية على إعدام 81 شخصاً جماعيًا .. ليس إلّا عرضاً وحشياً لحكمها الاستبدادي ونظامها القضائي الذي يضع عدالة محاكماتهم وأحكامهم موضع شك كبير. وما يزيد من رَوع القسوة في معاملتهم هو أن العديد من عائلاتهم اكتشفت وفاة أحبّتها تماماً كما اكتشفناها نحن، بعد الواقعة ومن خلال وسائل الإعلام".
وبحسب تقرير رسمي ، أعدمت السلطات السعودية 47 شخصاً بينهم صبيان في يناير/كانون الثاني 2016. وفي أبريل/نيسان 2019، أعدمت 37 ، 33 منهم على الأقل من الشيعة في أعقاب محاكمات جائرة لمختلف الاتهامات المزعومة، منها المرتبطة بالاحتجاج .
الآن وبعد نحو 9 أشهر مرت على مجزرة الإعدام الجماعي في السعودية وفي ظل ظروف الاضطرابات في ايران ، كانت غالبية الأخبار في وسائل الإعلام الدولية تتناثر وتهدأ ، وتحركها وسائل الإعلام السعودية وهي تحرض على القتل والارهاب في ايران ، وتحاول التشكيك في الوقت نفسه بحقيقة المحاكم العدلية الإيرانية وشرعيتها في التعامل بعدل مع مرتكبي أعمال القتل والاعتداء على أرواح الشعب الإيراني وممتلكاتهم. أصبح النظام السعودي ووسائل الإعلام التابعة له والتي يمولها ، داعماً قوياً لأعمال الشغب. في الوضع الراهن ، بالتركيز على عملية التحقيق القضائي في اتهامات وجرائم المذنبين في أعمال الشغب ، فإن السعودية وإعلامها يعملون على عدة محاور رئيسية للتضليل وقلب الحقائق وتحريفها : أولاً ، يزعمون أن المحاكمات الإيرانية للمشاغبين ، تجري خلف الأبواب المغلقة ! ثانياً ، يروجون بشكل واسع الى أن المستندات الخاصة بإثبات التهم الموجهة للمجرمين وكذلك الإجراءات القانونية للتعامل مع جرائمهم غير مكتملة! ثالثا: يزعمون أيضاً أن المتهمين حوكموا ولم يسمح لأي منهم بتوكيل محام! رابعاً ، يبثون أخباراً كاذبة أن الأساس القانوني للتعامل مع ملفات المجرمين ليس كاملاً من حيث مطابقة مفهوم الجريمة بمثالها كما في تعريف مسألة الحرابة.
والمفارقة المريرة لهذا الدعم السعودي ، والذي يعد ، بالطبع ، مثالًا واضحًا لكشف الإخفاقات العديدة والهزائم المرة التي لحقت بالرياض على الساحة الدولية في معاركها المفتوحة ضد إيران ، هو أن نظامًا عشائريًا للغاية يحكم باسم أسرة واحدة ، أصبح مدافعًا عن حقوق الإنسان في إيران.
كيف تصدق أن نظامًا يقطع صحفيًا لم يكن حتى معارضًا إلى أشلاء بمنشار في وضح النهار ثم يُعدم 81 شخصًا شخصاً بتهم كاذبة في يوم واحد .بعبارة أخرى ، لا يحق لنظام يزج بآلاف المعتقلين السياسيين والأيديولوجيين المعارضين لبن سلمان ولو بايماءة في غياهب السجون ويحكم عليهم بالقتل بالسيف تعزيراً ، أن يقدم نفسه على أنه من أنصار الشعب الإيراني ومعارض لإعدام الأبرياء !
إن المدافع عن المشاغبين والمجرمين والمعارض اليوم لإعدام القتلة والمجرمين ، هو الذي هدد بإحداث معارك في الداخل الإيراني ، وأنه سيزعزع الأمن في إيران.
بالنسبة إلى بن سلمان ، بقدر ما كانت أرواح الإيرانيين الذين استشهدوا وقتلوا في الاضطرابات الأخيرة لا قيمة لها ، فإن أرواح الذين أُعدموا هي أيضًا لا قيمة لها. وهو يتوهم أنه نجح بواسطة هذه الاضطرابات أن يجعل ايران دولة ضعيفة ، وينبغي زيادة ضعفها بأي شكل وبأي وسيلة وحيلة ، وبهذا المنطق يتضح أن الأفلام التي وثقت جرائم المشاغبين. خيبت ظنه ، وأفشلت مشروع إعلامه الموجه ضد ايران.
يمكن تلخيص عداء المملكة العربية السعودية للجمهورية الاسلامية لمدة 43 عامًا وفحص عداوة بن سلمان الخاصة لمدة 7 سنوات مع الجمهورية الإسلامية والأمة الإيرانية في كلمة واحدة فقط ، وهي "وهم العداء". بالطبع ، هذا الوهم في الأساس ليس له تأكيد في الميدان وهو فقط نتيجة التلقين العقائدي والتلقين من قبل الغربيين ، ومؤخراً من قبل الصهاينة الذين ينظرون إلى الجيب السعودي ، والى خطط ولي العهد للجلوس على العرش ، و تقديم نموذج إسلامي مشوه في مقابل الإسلام المحمدي يجد تبريراً للخطوة القادمة وهي التطبيع الرسمي المعلن بين "خادم الحرمين" الجديد ، والكيان الصهيوني.
في هذا السياق نقل موقع “آي24 نيوز” العبري نقلاً عن مسؤولين دبلوماسيين سعوديّين تأكيدهم أن المملكة تتطلع إلى تطبيع العلاقات مع الاحتلال، لكن سيستغرق ذلك وقتًا. وقالت المصادر السعوديّة: إنَّ “العلاقات بين الرياض وتل أبيب تتجه نحو التطبيع، لكن الأمر سيستغرق وقتا أطول ويجب إلَّا نضع العربة قبل الحصان”، بحسب ما قاله وزير الدولة السعوديّ للشؤون الخارجية عادل الجبير في لقاء عقده في الأسابيع الأخيرة مع يهود من الولايات المتحدة، كما كشفت عنه وثيقة رسمية حصل عليها موقع “آي24 نيوز”. وبحسب الوثيقة قال الجبير "إسرائيل ودول الخليج الأخرى بدأت في التطبيع بشكل تدريجي منذ سنوات. ويجب أن تنضج العملية". وتكشف الوثيقة أنه في لقاء منفصل، قال الجبير لمسؤولين يهود أمريكيين زاروا السعودية مؤخرًا إن "نجاح التطبيع في المستقبل يعتمد أيضًا على نجاح العناصر المعتدلة في المملكة". وبحسب الجبير ، "لا تزال هناك معارضة كبيرة للتطبيع داخل السعودية، الأمر الذي سيستغرق وقتًا للتغلب عليه". بالإضافة إلى ذلك، يتوقع السعوديون أن تدعم الولايات المتحدة والغرب النظام الملكي الذي يروج للإصلاحات الداخلية التي تعزز الاعتدال في المجتمع السعودي. وفي السياق صرح مسؤول في اللجنة اليهودية الأمريكية لدبلوماسي إسرائيلي عقب الاجتماع أن "التطبيع السعودي مع إسرائيل سيحدث"، مضيفًا "إنها مسألة توقيت فقط".
يمكن كشف أيضًا أنه في الاجتماع الأخير مع وفد أمريكي في الرياض، نظمه معهد واشنطن الذي أسسته اللجنة اليهودية الأمريكية، سُئل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عما سيجعل المملكة العربية السعودية تنضم إلى "اتفاقات إبراهيم" وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. طرح بن سلمان ثلاثة مطالب رئيسية ، أشارت جميعها إلى واشنطن: "تأكيد التحالف الأمريكي السعودي، والالتزام بمتابعة إمدادات الأسلحة كما لو كانت السعودية دولة شبيهة بحلف شمال الأطلسي، واتفاقية ستسمح للسعوديين باستغلالها. احتياطياتهم الهائلة من اليورانيوم من أجل برنامج نووي مدني مقيد". وبحسب المصدر الذي حضر الاجتماع، لم يتم التطرق إلى القضية الفلسطينية في الحديث، لأن القضية تحولت بعد اتفاقات ابراهام التي تدعمها الرياض الى ما أصبح يُعرف في وسائل الاعلام ومراكز الابحاث الأمريكية "المسألة الاسرائيلية" .
• نجاح محمد علي هو صحفي استقصائي مستقل من العراق يكتب عن قضايا السياسة والمجتمع وحقوق الإنسان والأمن والأقليات. ظهرت أعماله في BBC العربي والفارسي ، و RT Arabic ، وقناة العربية ، وقناة الجزيرة ، و رأي اليوم ، و القدس العربي ، و انترناشيونال بوليسي دايجست ، من بين العديد من المنافذ الإعلامية الأخرى. خبير في الشؤون الايرانية والإقليمية لمتابعته على تويتر @najahmalii
#نجاح_محمد_علي (هاشتاغ)
Najah_Mohammed_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق في قلب -الحزام والطريق-.. أفعال لا أقوال
-
أميركا التي لعبت مع إيران..!
-
من شنغهاي إلى البريكس
-
إيران تنقل محادثات فيينا إلى قطر
-
رسائل أمريكا الخاطئة
-
في العراق : الدخول ليس كالخروج..
-
لكن مقتدى لن يرحل..
-
الحرب العبثية والسلام المطلوب ..
-
ما زال بايدن يحفر الحفرة ..
-
قرار مقتدى الصدر ..!
-
استقالات جماعية..
-
الحكومة التي نريد ..
-
الأجندة الخارجية !
-
إنسداد أم اتفاق ؟!
-
الانتداب البريطاني باق ..
-
نقد للحوار المتمدن ..
-
المتورطون في اغتيال سليماني ومخاوفهم الأبدية.
-
اليمن : هدنة زائفة ..!
-
قانون الأمن الغذائي لسرقة المال العام..!
-
الناتو.. يدقّ آخر مسمار في نعش السلام العالمي. ..!
المزيد.....
-
وزارة العدل الأمريكية تتهم إيران بالتورط في خطة اغتيال مأجور
...
-
-لحظة إصابتها وسقوطها-..الحوثيون يعرضون مشاهد لإسقاطهم مسيّر
...
-
نيبينزيا: مؤسسات الرعاية الصحية الروسية تتعرض بانتظام لهجمات
...
-
ضجة في إسرائيل عقب أحداث أمستردام
-
إيران: امتداد المواجهة مع إسرائيل دولي
-
فوز ترامب يخيم على قمة بودابست
-
كيف سيتعامل ترامب مع إيران وبرنامجها النووي؟
-
وزارة العدل الأمريكية تتهم إيرانيا بالتخطيط لاغتيال دونالد ت
...
-
إشكال دبلوماسي قديم جديد بين فرنسا واسرائيل ..ما الرسائل؟
-
ما جدوى مقترح -تقدم- بإنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين بالسو
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|