|
هل المياه فعلا مشكلة عالمية ؟ وهل من الممكن حلها ؟
أحمد فاروق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 7465 - 2022 / 12 / 17 - 13:11
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
يتحدث العالم عن مشكلة المياه منذ الثمانينات ، وتصاعد ذلك الإهتمام مع الجفاف الذي ضرب مناطق متعددة من العالم ، وكانت افريقيا في مقدمة هذه المناطق ، وكانت اثيوبيا ضمن المناطق التي اصيبت بالجفاف في تلك الفترة ، بينما كان وجود السد العالي حامياً لمصر من هذه الفترة الصعبة .. وهناك أزمة عالمية في مصادر المياه العذبة ، وتاخذ تلك الأزمة حد الكارثة في مناطق مثل الشرق الاوسط و افريقيا و كثير من مناطق اسيا ، وهي أزمة ترجع الى قرن كامل الى الوراء ، وقد اخذت حدتها تزيد مع زياده السكان للأمم المختلفة ، وزيادة حاجتها للمياه ، ثم زاد عليها النمو الزراعي والحضري والصناعي الذي يحتاج الى مقادير كبيرة من المياه ..
وقد قدر علماء معهد المصادر المائية البريطاني منذ الثمانينات أن جميع دول العالم ستجد نفسها مع عام ٢٠٠٠ وما بعده في ظل ازمة مياة خطيرة ، وأنه حتى الدول الغنية بمصادر المياه قد لا تستطيع تجنب هذه الأزمة ..
وتغطي المياه ( العذبة والمالحة ) حوالي ٧١% من سطح الكرة الأرضية إلا أن نسبه المياه العذبة منها لا تزيد عن ٦% موزعة كالآتي : أ - الجبال الجليدية في المناطق القطبية ٢٧ % . ب - المياه الجوفية ٧٢ % . ج - المجاري المائية والأنهار والبحيرات العذبة ١ % .
تستهلك الزراعة نحو ٧٠ % من الموارد المائية في العالم كله ، بينما تستهلك الصناعة نحو ٢٠ % من موارد المياه عالمياً ، وتستهلك خمس شركات كبري في مجال الصناعات الغذائية ( نستله - دانون - يونيليفر - اهاوزن بوش - كوكاكولا ) مجتمعة كمية من المياه تكفي للاستخدام المنزلي اليومي لكل سكان العالم ..
ويستهلك انتاج الطاقة كميات كبيرة من المياه ، كما يستهلك انتاج الكهرباء كميات كبيره أيضاً من الماء ( سواء باستخدام الغاز الطبيعي او استخدام الطاقة النووية ) ..
ويستهلك انتاج البنزين أو الديزل كميات وفيرة من المياه ، وكذلك الوقود الحيوي ، لكل ذلك تنبهت الشركات الرأسمالية الكبرى على مستوى العالم لخطورة المياه الشديدة ، ولأهمية تحديد قيمة اقتصادية للماء ، وقد شكل كثير منها مجموعات بحثية تصدر دراسات كثيرة في هذا الشان ، تأخذ مصالح الطبقات الرأسمالية في الغرب في المقام الاول ..
وهناك ٢٦٣ نهرا في مختلف انحاء العالم تشترك فيها دولتين او اكثر ، تغطي أحواض هذه الانهار ما يقرب من ٤٧ % من مساحه اليابسة ، وتضم نحو ٤٠ % من سكانها ، وترك هذه الأنهار لمبدأ الملكية الخاصة لدولة معينة ، او لمبدأ البقاء للأقوى هو وصفه لدمار العالم وليس لرخاءه ..
ومع ذلك ، وبالرغم كل الحديث عن حروب المياه فقد كان الامر ينتهي سلمياً في نهاية المطاف ، ففي حالة الهند وباكستان مثلا فقد التزمت الدولتان بالاتفاق الموقع بينهما في الستينات من القرن الماضي باقتسام مياه نهر الاندوس ، برغم علاقات المتوترة دائما بينهما ، والتى وصلت إلى حالة الحرب فى السبعينات وإلى صراع نووي في التسعينات !!
بينما تقدم الصين الحالة المعاكسة لذلك ، ويعود تمسك الصين بإقليم التبت في جزء غير قليل منه الى أن معظم الانهار الآسيوية تنبع من هضبة التبت ، وتوفير مياه للنشاط الصناعي الهائل في الصين ضروري اذا ارادت الصين الاستمرار في رحله صعودها الى قمة الاقتصاد العالمي ، وخاصة توفير المياه للأقاليم الشمالية التي تعاني من ندرة شديدة في الماء ، لذا تقيم الصين السدود في مختلف انحاءها بما فيها المناطق الجبليه الوعرة ..
لكن تكشف التجارب عن امكانيات للتعاون بين دول احواض الأنهار بدلا من الصراع بينها ، ومثال ذلك دول حوض نهر الراين في اوروبا ، ودول البحيرات العظمى في افريقيا ، ونهر الدانوب ، ونهر ميكونج ونهر الاندوس و نهر الزامبيزي ، وقدمت جنوب افريقيا مثالاً جيداً من خلال الاعتراف بالقوانين والالتزامات الدولية في دستورها ، والاعتراف بحق جيرانها في مياه الأنهار التي تنبع منها ..
وتحول مشروع حوض نهر الميكونج بين فيتنام وكمبوديا ولاوس وتايلاند الى نموذج لكيفيه تعاون دول حوض نهر ما في استغلال موارد ذلك النهر ، على الرغم من الخلافات بين الدول الأربع وتعاقب نظم سياسية متعارضة ومتشاحنة ، وفي واحدة من اكثر مناطق العالم من عدم الاستقرار في مراحل طويلة من تاريخها ، وتظهر حاليا سلسلة مشروعات جماعية بين دول النهر تشمل سدودا ومحطات توليد كهرباء وطرق وكباري ، وتحول النهر من أداة نزاع الى عامل تنمية ..
وفى افريقيا هناك كثير من النماذج الناجحة للدول المستفيدة من احواض الانهار ، مثل : - منظمة إدارة وتنمية منطقه حوض نهر كعجيرا ( تكونت في اغسطس 1977 ) وتضم تنزانيا واوغندا ورواندا وبوروندي .
- التجمع الاقتصادي لدول البحيرات العظمى ( تكون في سبتمبر 1986 ) من ثلاث دول هي رواندا وبورندي وزائير .
- حوض نهر النيجر ( تكون في نوفمبر 1964 ) بين النيجر والكاميرون وكوديفوار وبوركينا فاسو ومالي ونيجيريا وتشاد وبنين وغينيا . - منظمة استغلال حوض نهر السنغال( تكونت عام 1972 )وتضم السنغال ومالي والنيجر وموريتانيا وغينيا .
- منظمة نهر جامبيا (عام 1978 ) وتضم غينيا والسنغال وجامبيا وغينيا بيساو . - اتحاد نهر المانو ( تشكل عام 1980 ) ويضم سيراليون وليبيريا وغينيا ..
لذا دعت مصر لتجمع يضم دول حوض النيل فى الثمانينات ، وقد نشأ هذا التجمع تحت اسم الاندوجو ( وتعنى الأخوة باللغة السواحلية ) وقد رفضت أثيوبيا وكينيا الإنضمام إليه ، ثم بعد سنوات انضموا إليه بصفة مراقب !!
إن التعاون بين دول أحواض الأنهار ممكن إذا خلصت النوايا ، وهو فى نفس الوقت أداة لصراعات مدمرة ، قد يجد أصحابها بعد طريق طويل من الأشواك أنه كان بالامكان - وبسهولة - التعاون لخير جميع دول حوضه ، وتحول النهر إلى أداة للحياة وليس أداة للفناء .. .. ولكن - وكالعادة - تأتى الحكمة دائماً بعد فوات أوانها !!
#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شماتة !!
-
مصر وإيران .. وفن تكوين أوراق الضغط !!
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 10 ) هل هناك مدرسة اقتصادية م
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 9 ) ما الهدف من هذه المساهمات
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 8 ) هل سترضى أمريكا ؟!
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 7 ) هل تقدم مصر فى ظل تدخل ال
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 6 ) هل تقدم مصر فى ظل الرأسما
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية (5) التقدم الاقتصادى فى زمننا .
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية (4) الجرى وراء السراب .. قصة ال
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 3 ) .. القصة من أولها .
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( 2 ) هل كانت السنوات السابقة ج
...
-
أضواء على المشكلة الاقتصادية ( ١ ) هل هناك فعلا مشكلة ا
...
-
قطر .. والإسلام !!
-
العرب والديموقراطية
-
هل يمكن النسيان ؟
-
لقاء مع الإخوان
-
اردوغان .. والحادث الارهابى أمس .
-
تقاليد الحكم
-
هل الخوف هو السبب ؟!
-
قنوات الإخوان وأصدقاءهم .. لماذا لندن ؟
المزيد.....
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
-
إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق
...
-
مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو
...
-
وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
-
شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
-
فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|