|
شكرا لكم يا أبطال، أفرحتمونا وملكتم قلوبنا.
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 7464 - 2022 / 12 / 16 - 01:16
المحور:
عالم الرياضة
أمام الإنجاز التاريخي الذي حققه المنتخب الوطني لكرة القدم بوصوله إلى المربع الذهبي ولعبه نصف النهاية أمام بطل العالم بعد فوزه على منتخبات قوية كانت مرشحة للفوز بكأس العالم، لا يملك المرء إلا أن يشكركم من أعماق قلبه ويهنئكم على عظيم إنجازاتكم. لقد جعلتم بإبداعاتكم الكروية، الدخول إلى الملعب بوابة حقيقية للدخول إلى التاريخ وإلى قلوب المغاربة وعموم الشعوب الإفريقية والعربية. فأنتم بإنجازاتكم المبهرة أعدتم الاعتبار لهذه الشعوب التي عانت من التهميش والتحقير رغم ما لديها من طاقات بشرية وإمكانات مادية هائلة. فعلا زرعتم الثقة في شعبنا وفي نفوسنا، وأثبتم للعالم أننا هنا نحيى بعراقة تاريخنا وغنى هويتنا ونبل قيمنا وقوة أواصرنا المجتمعية. لقد جعلتم العالم ينبهر بإنجازكم التاريخي ويعترف بأنكم قادرون على تحويل الحلم حقيقة، والمستحيل ممكنا، والمتخيل ملموسا. بل جعلتهم العالم يتكلم "تمغربيت" بلغتها وقيمها ورموزها. شددتم أنظار العالم بإنجازاتكم وأبهرتموه بارتمائكم في أحضان أمهاتكم عقب كل مقابلة تعبيرا لهن عن التعظيم والتقدير لما بذلنه من أجلكم من تضحيات. فوراء كل بطل أم عظيمة تدعمه. إنها صور رائعة لكم وأنتم تعانقون أمهاتكم وتراقصونهن فرحا وافتخارا. صور جابت كل العالم وتناقلتها وسائل الإعلام العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي. إنها القيم الأخلاقية السامية التي حملتها تلك الصور إلى بقية شعوب الأرض تعبر عن خصوصية المجتمع المغربي وتماسك أسَرِه وروابطه العائلية التي لم يفرّط فيها المغاربة أينما عاشوا وهاجروا. لقد صححتم نظر الآخر إلينا كدولة ومجتمع وشعب وتاريخ وقيم. فعلا مَحوْتم الصورة النمطية التي يلصقها بنا الآخر (الغرب) بكوننا "قاصرين" عن حسن اختيار مصيرنا، وأننا مجتمعات لا تنجب إلا التطرف والإجرام؛ وأعدتم لها وهجها الحضاري وعمقها الإنساني وسموها القيمي. كنتم فرادى تلعبون في أندية أوربية لا تعلم عنكم الشعوب شيئا. لكن بحملكم القميص الوطني والتحاقكم بالمنتخب المغربي صنعتم المجد لكم ولوطنكم الذي جعلتم علمه ونشيده يملآن الشاشات عبر العالم. إنجازاتكم البطولية وأخلاقكم السامية أثبتت للمواطنين ولعموم الشعوب والدول أن المغرب وطن يحبل بالأبطال كما يحبل بالكفاءات والخبرات في كل المجالات. لقد قدمتم النموذج المشرق والمشرّف للأطفال والشباب والأسر حتى يحتذوا بكم في الاجتهاد والمثابرة، وفي الصبر وتجاوز الصعوبات والعراقيل، وفي الوطنية والتمسك بالهوية المغربية، وفي جعل العمل والجد سبيلا للتفوق والنجاح. فشكرا لكم لأنكم محوتم من الأذهان تفاهة التافهين التي سوّق لها الإعلام الوضيع المتاجر بالأعراض والقيم سعيا نحو الربح حتى وإن كان على حساب والأخلاق والقانون. لم تكونوا لاعبي كرة القدم فقط وأنتم تخوضون غمار المقابلات ضد المنتخبات المنافسة، بل كنتم أساتذة في الوطنية الصادقة والتضحية من أجل الوطن والشعب بأن فجّرتم الروح الوطنية في كل فئات الشعب المغربي وجعلتم المواطنين يعتزون بوطنيتهم ويرتدون رموزها ويتغنون بالنشيد الوطني. وكنتم كذلك خير سفراء للمغرب نحو العالم، جعلتم الشعوب تهتم به وتبحث عن خصوصياته وتتطلع لزيارته، وأكيد ستساند مصالحه العليا. فقد أنجزتم ما استحال على الدول والحكومات فعله، بأن وحّدتم وجدان الشعوب العربية، وصرتم منتخبها بامتياز. فأنتم لم تمثلوا المغرب وحده، بل تنافست على تمثيليتكم لها الشعوب العربية والإسلامية والإفريقية. ويكفيكم فخرا أنكم تمثلون كل هذه الشعوب على اختلاف أعراقها ومعتقداتها، وتحظون بحبها وتأييدها. إن ما حققتم من إنجازات كروية لن تنتهي بانتهاء المنافسات والفوز بكأس العالم، بل سيكون لها تأثير مباشر على المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها. فمعيار الكفاءة في تشكيل وإدارة الفريق الوطني، وكذا اعتماد المصداقية وصفاء السريرة في بناء العلاقات بين مكونات المنتخب المغربي، سيكون لهما أثر على طريقة تعيين المسؤولين وإدارة الشأن العام عاجلا أو آجلا. ذلك أن لاعبي الفريق الوطني نجحوا في تحرير المواطنين من ثقافة اليأس والفشل، وجعلوا أحلامهم تكبر وتطلعاتهم تسمو، وانتظاراتهم تتعاظم. لقد أثبتوا للعالم أننا لسنا أقل كفاءة ودراية لخوض المنافسة وركوب التحدي. فحين غيّرت الدبلوماسية المغربية نهجها مع الدول الغربية، تعالت الأصوات محذرة من عواقب التحدي والندية. وحين اعترفت أمريكا بمغربية الصحراء أبدت تلك الأصوات سخريتها من الرهان على القرار الأمريكي. إن تلك الأصوات استبدت بها مشاعر اليأس والهزيمة فأفقدتها الثقة في النفس وفي مؤهلات الشعب والوطن والدولة. واليوم بات واضحا أن التحدي الذي يخوضه المنتخب الوطني في مجال كرة القدم هو جزء من التحدي العام الذي تخوضه الدولة لاسترجاع الاعتبار للوطن. لهذا سيكون له تأثير قوي على نفسية المواطنين وجعلها على استعداد لركوب التحدي والوقوف على نفس عتبة الندية مع بقية الدول. هنيئا للمغرب بأبطاله الذين احتضنهم الشعب وافتخر بإنجازاتهم وجعلهم نموذجا للتحدي وللندية.
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوطنية شعور وعطاء وليست حقدا وتشهيرا بالوطن.
-
فرحة أمّة وقارّة بانتصار المنتخب الوطني.
-
العرس المغربي العابر للحدود.
-
مراجعة منظومة الإرث ضرورة مجتمعية(2/2)
-
مراجعة منظومة الإرث ضرورة مجتمعية(1/2).
-
الإسلام يأمر بإلحاق الابن بأبيه البيولوجي يا وزير العدل(2/2)
...
-
الإسلام يأمر بإلحاق الابن بأبيه البيولوجي يا وزير العدل(1/2)
...
-
خطاب التعبئة من أجل الوحدة الترابية والتنمية الشاملة.
-
الجزائر ما بعد القمة العربية.
-
لما تستغل الجماعة الفاحشة لمآرب سياسوية.
-
جماعة العدل والإحسان تداري عن الفضائح الأخلاقية لقياداتها.
-
رهان الجزائر الخاسر على مناهضي مغربية الصحراء.
-
محمد زيان لم يكن يوما مناضلا ولا معارضا سياسيا (2/3).
-
محمد زيان لم يكن مناضلا ولا معارضا ولكن محاميا للشيطان (1/3)
...
-
أوجه الدبلوماسية المغربية في إفريقيا .
-
هل ستلتزم الحكومة بخارطة الطريق التي وضعها الملك؟
-
غاية تعديل مدونة الأسرة مواءمتها مع الدستور والمواثيق الدولي
...
-
من المسؤول عن أحداث مهرجان البوليفار؟
-
غاية تعديل مدونة الأسرة مواءمتها مع الدستور والمواثيق الدولي
...
-
لا عذر لرجال الأمن بعد مذكرة السيد الحموشي.
المزيد.....
-
الهداف التاريخي لليفربول: لقد تركت الريدز لسبب واحد ولا ينبغ
...
-
تشكيلة ليفربول الأساسية لمواجهة ليستر سيتي
-
5 إصابات تساوي 5 بطولات.. حكاية ريال مدريد في 15 شهرا
-
موعد مباراة الإمارات ضد عمان في -خليجي 26- والقنوات الناقلة
...
-
موعد مباراة السعودية ضد العراق في -خليجي 26- والقنوات الناقل
...
-
نيوكاسل يضرب أستون فيلا بثلاثية ويتقدم للمركز الخامس بالدوري
...
-
موعد مباراة الكويت ضد قطر في -خليجي 26- والقنوات الناقلة
-
وفاة المتزلجة الأولمبية السويسرية صوفي هيديغر إثر انهيار ثلج
...
-
سباق ماراثون شنغهاي: ثورة في تكنولوجيا الجيل الخامس المتقدم
...
-
تشيلسي يتكبد خسارة مفاجئة على أرضه أمام فولهام
المزيد.....
-
مقدمة كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم
/ ميكايل كوريا
-
العربي بن مبارك أول من حمل لقب الجوهرة السوداء
/ إدريس ولد القابلة
المزيد.....
|