أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - عالم الرياضة - جلبير الأشقر - عندما يُرفع الرأس بكرة القدم…














المزيد.....

عندما يُرفع الرأس بكرة القدم…


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7462 - 2022 / 12 / 14 - 10:45
المحور: عالم الرياضة
    



كلما كان الإحباط أكبر عظَمت أهمية التعويض عنه معنوياً: إنها لقاعدة بديهية في سلوك الطبائع الإنسانية أنه كلما ازدادت الهزائم لدى جماعة بشرية في الأمور الأساسية، كبَر لديها شأن الانتصارات التي يتمكن بعض أعضائها من تحقيقها في أمور أقل أهمية. هكذا أصبح انتصار منتخب المغرب على فريق البرتغال في مباريات كرة القدم تعويضاً معنوياً عن الإحباطات المتراكمة في شأن القضية الفلسطينية، وذلك بمجرّد رفع الفريق المنتصر لعلم فلسطين. إنها لبادرة رائعة بلا شك، لكن ما زاد من بريقها بالتأكيد هو أنها أتت على خلفية مسار متواصل من الهزائم في المعركة الفعلية ضد العدو الصهيوني.
وكأن «أسود الأطلس» قد عوّضوا شيئاً ما في وجداننا عن الجرائم التي يرتكبها الجيش الصهيوني هذه الأيام بحق أبطال «عرين الأسود» في نابلس! وعلى هذا المنوال، فإن انتصار منتخب المغرب على منتخب فرنسا مساء الأربعاء، لو حدث، سوف يكون بمثابة تعويض رمزي عن الماضي الاستعماري الذي فرضه البلد الثاني على البلد الأول، إن لم يشكّل تعويضاً رمزياً عن ماضي الهيمنة التي فرضها الاستعمار الأوروبي برمّته على المنطقة الناطقة بالعربية بأسرها، علاوة على أفريقيا جمعاء! فكيف لا تعود إلى أذهاننا قصيدة المتنبي التي اشتهر بيتاها الأولان: «عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ / وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ / وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها / وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ»؟
لا نقول ذلك للتقليل من شأن ما حققه المنتخب المغربي، وهو حقاً إنجاز عظيم في الحقل الرياضي، وفي تاريخ مباريات كرة القدم على وجه الخصوص. لكن حقل كرة القدم برمّته الذي عظَم شأنه في أعيننا في ضوء الإنجاز المغربي، إنما هو من صغائر الأمور إذا ما قيس بمصائبنا العظيمة، التي لا تنفك تتراكم: إحباطات متتالية تصيب الانتفاضات الشعبية بينما يستمر الانحدار في وضع الشعوب المعيشي، وأنظمة تمارس إزاء شعوبها شراسة أكبر مما تشهده الحروب بين أمم متخاصمة، وأنظمة تتبارى في التودّد للحكم الصهيوني، بل لأسوأ حكومة في تاريخ الصهيونية المليء بالمساوئ. والجدير بالذكر أن العرش المغربي هو أحد الأنظمة الداخلة في هذه المباراة الأخيرة، وقد زاد هذا الأمر كثيراً من مغزى رفع المنتخب المغربي للعلم الفلسطيني في قطر.


فالتاريخ يكرر نفسه: أتذكّر وكأنه الأمس ما حصل قبل أربعين عاماً بالتحديد، أي في عام 1982، عندما كنا في بيروت يحاصرها الجيش الصهيوني وقد اشتعلت سماء المدينة برصاص الابتهاج للانتصار الذي حققته الجزائر في مباريات كأس العالم على ألمانيا الغربية، بطلة المباريات الأوروبية في تلك السنة. كان ذلك قبل أيام من تآمر المنتخب الألماني مع منتخب النمسا كي يبقى الفريقان في المباريات على حساب الجزائر، وهي إحدى أبشع الفضائح في تاريخ كرة القدم، بل ربما الأبشع على الإطلاق لو استثنينا الفضائح المالية. أما لحظة انتصار منتخب الجزائر، فقد جاءت وكأنها تعويض معنوي عن وصول الجيش الصهيوني إلى مشارف مدينتنا، وهي المرة الأولى والوحيدة حتى الآن التي وصل فيها ذلك الجيش إلى مشارف عاصمة عربية، ثم اجتاحها.
بيد أن فوز المنتخب المغربي على فريق البرتغال كان له في الحقيقة، هذه المرة، بعدٌ تعدّى الرمزية إلى الفعل السياسي. فقد كان مناسبة أثبتت من خلالها جماهير المنطقة الممتدة من المحيط إلى الخليج أنها تعارض الأنظمة القائمة، وأن هذه الأخيرة لا تمثّلها على الإطلاق.
وقد تكاثرت في وسائل الإعلام العالمي التعليقات التي أشارت إلى أن ما ثبَت من خلال ذلك الحدث الرياضي، كما من خلال سلوك الأنصار الآتين إلى قطر من شتى بلدان المنطقة، إنما هو أن فجوةً عميقة تفصل حكام المنطقة العربية عن شعوبها. فبينما تتوسع دائرة التودّد بين الحكم الصهيوني وأولئك، حكام مصر والأردن والإمارات والبحرين وعُمان والسودان والمغرب، والقائمة لا تني تطول، ما زالت الشعوب العربية تفصح عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني وسخطها إزاء الدولة الصهيونية. في زمن لم يعد يشهد تظاهرات شعبية كبرى كالتي عرفتها المنطقة حول قضية فلسطين في القرن المنصرم، يكسب حقاً هذا الشكل البسيط من التعبير عن دعم القضية الفلسطينية دلالة فعلية ثمينة بالنسبة للمستقبل.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السودان: الطغمة العسكرية تتعلّق بخشبة خلاص
- «هبّات عا مدّ النظر»…
- في التفجيرات والمؤامرات والمناورات
- الفاشية الصهيونية وزملاؤها العرب
- مصر: تغيير المناخ السياسي أولاً!
- إيران ومعضلة إسقاط الأنظمة الاستبدادية
- السودان: الطغمة العسكرية سنة بعد الانقلاب
- من الأشبال إلى الأسود: نحو انتفاضة فلسطينية جديدة
- ما مغزى القرار النفطي السعودي؟
- حلف الناتو: من سيء إلى أسوأ
- قراءة في خطاب فلاديمير بوتين
- السلاح بيد الجاهل يجرح!
- تحية لنساء إيران البواسل!
- انقلاب الموازين بين روسيا وإيران وعواقبه الإقليمية
- الاعتداء على النساء نهج الجبناء
- الاقتداء بمقتدى هو الحلّ!
- “ثقافة الإلغاء” في منطقتنا: ليس رشدي سوى أحدث نماذجها
- مصير غزة والمصير الفلسطيني: عودٌ على بدء
- سياسة واشنطن إزاء الصين: من الدهاء إلى الغباء
- كفى نفاقاً: قيس سعيّد صنيعٌ وليس صانعاً


المزيد.....




- تقرير: الكشف عن تصنيف فرق كأس العالم للأندية 2025
- بمشاركة 5 فرق عربية.. تصنيف مستويات كأس العالم للأندية
- موعد مباراة أرسنال ضد مانشستر يونايتد بالدوري الإنجليزي والق ...
- داليا زهير تكسر الحواجز في رياضة المواي تاي
- من محمد بن سلمان إلى تركي آل الشيخ.. خطة السعودية -المدروسة ...
- ماذا قال أكرم عفيف حول إمكانية استضافة السعودية لكأس العالم ...
- جماهير مانشستر يونايتد تشيد بمزراوي وتسخر من بايرن
- تقنية -FVS- قد تحل محل -VAR-.. لجنة حكام كرة القدم تدرس تقني ...
- ليبرون جيمس يربح عشرات الملايين من كرة السلة ويخسرها خارجها ...
- -B- محل -V-.. أزمة جديدة في روما بسبب اسم لاعب


المزيد.....

- مقدمة كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم / ميكايل كوريا
- العربي بن مبارك أول من حمل لقب الجوهرة السوداء / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - عالم الرياضة - جلبير الأشقر - عندما يُرفع الرأس بكرة القدم…