|
ضرورة وجود قوة ثالثة تعيد التوازن للساحة الفلسطينية
سامي الاخرس
الحوار المتمدن-العدد: 1697 - 2006 / 10 / 8 - 11:08
المحور:
القضية الفلسطينية
تمر القضية الفلسطينية في هذه المرحلة بحالة لم يشهدها المشهد الفلسطيني عبر مراحل الثورة والقضية ، حيث لم تشهد تناحرا علي كافة المستويات ، وثنائية السلطة كما هي الحالة عليه في الوقت الحاضر ، ربما شهدت ثورتنا العديد من الفصول والتقلبات التي إتخذت في بعض الأحيان مظاهر الخلاف السياسي ، وأخري الاقتتال بالسلاح في بعض القوي والأحزاب ، لكنها لم تصل لدرجة العصف بالمنجزات الوطنية ، وما حققته ثورتنا ,ومسيرة نضاليه طويله عمدت بألاف الشهداء وأنهار من الدماء والتضحيات .... وإن كانت قضيتنا الفلسطينية قد وصلت بسلام لمرحلتها الحالية رغم كل المؤامرات التي أحيكت ضدها فهذا يعود بالمقام الأول لنوعية القيادات التي كانت علي رأس الهرم الحزبي والعمل السياسي الفلسطيني ، قيادات تميزت بالحكمة والفكر ،والانتماء الوطني الصادق ، متخذة من الأحزاب والأفكار والأيدولوجيات وسائل تكتيكيه لتحقيق الهدف الأسمي ألا وهو فلسطين الوطن ، فغلبت حكمتهم ووطنيتهم علي عواطفهم وعصبيتهم الحزبية الفئوية ، مما شكل رافدا لإحتواء أي أزمات أو خلافات كانت تشوب مسيرة العمل النضالي . فبمراجعه تاريخية لمسيرة قادتنا بشتي أطيافهم الحزبية وألوانهم الفكرية سنخلص وندرك الغاية التي إنطلق من خلالها العدو الصهيوني في مخططه بتصفية واغتيال هؤلاء القادة ، والتي كان أخر حبات العقد الشهيد ياسر عرفات الذي يعتبر اغتياله ضربه قاسية للقضية الفلسطينية ، وكذلك أخر القادة التاريخيين أمثال جورج حبش ، أحمد ياسين ، فتحي الشقاقي ، أبو علي مصطفي ، عبد العزيز الرنتيسي ، وصلاح خلف ، واسماعيل أبو شنب ، وغسان كنفاني .... والقافلة طويلة ...من خلال تصفية واغتيال هؤلاء القادة الذين كانوا يمثلون فكرا ونهجا , وحكمة أفرغت الساحة الفلسطينية من قادتها وعناوينها التي كانت تتجاوز أي عواطف يمكن لها أن تغرق الوطن في بحور التحزب والفئوية الضيقة . وهذا ما أفسح المجال لأن يصعد صف قيادي جديد من الهواة الذين تشربوا الحزبية ، وهيمنت علي فكرهم الفئوية الضيقة التي حيدت معظمهم إن لم يكن جميعهم عن مصالح الوطن العليا ، وتفرغوا لمصالح الحزب أو الفصيل . وهذا ما أطلق يد العديد من القوي الإقليمية والدولية لأحتواء القرار الفلسطيني والسيطرة عليه ، هذا القرار الذي دافعت عنه الثورة منذ إنطلاقتها لإدراكها أن استقلالية القرار هو السبيل في تحقيق أهدافها المشروعة ،والعمل لصالح الوطن . في ظل الواقع الحالي سيطر علي الساحة الفلسطينية فصيلان هما فتح وحماس ، ثنائية في القيادة والزخم الشعبي والقوة ، هذه الثنائية لعبت دورا فعالا في ما وصلت إليه ساحتنا من حال ، حيت أن المرحلة السابقة من العمل النضالي والسياسي تميزت بتعدد الأطياف والألوان الحزبية التي خلقت حالة من التوازن في العمل والنضال ، بل وفي القرار المصيري من خلال أحزاب وقوي تاريخية كالجبهه الشعبية لتحرير فلسطين ، والجبهه الديمقراطية وبعض القوي الأخري التي علي ما يبدو إنها إندثرت ولم تعد تقوي علي معالجة جراحها الداخلية ،وتعاني من سكرات الموت الأخيرة . اما الساحة الفلسطينية في راهن الوقت فهي تعيش حالة حزبية ثنائية براسين مما خلق نوع من عدم التوازن تمثل في التناحر بينهما سعيا لسياسة الاستفراد التي يتبعها كلا منهما ، وهذا ما يتتطلب ضرورة إيجاد قوة أو فصيل ثالث يمتلك رؤية وبرنامج وطني شمولي ، يتجاوز حالة التحزب والبرنامج الحزبي الضيق ، وخلق مساحة للمشاركة الشعبية والجماهيرية ،والقدرة علي مواجهة متطلبات المرحلة . إذن فضرورة قوة حزبية ثالثة تتجاوز التقليدية في اطروحاتها السياسية والاجتماعية والنضالية ، وفي آليات طرحها للبرنامج الوطني ، تخلق مزيجا من التركيبة الفلسطينية ، وتعيد صياغة الحالة الحزبية في الوطن . ورسم ملامح وطنية تتجاوز الملامح الحزبية التي أفرزتها مرحلة حماس وفتح . أما الدعوات الحالية التي يطلقها القادة والسياسيين والمفكريين لضرورة إعادة إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية ، أو تشكيل حكومة وحدة وطنية ... الخ من مفاتيح الخلاص ، فان ذلك لن يحقق أي شيء علي المدي البعيد بل سيكون بمثابة مسكن الألام المؤقت ، ولن يعالج الألم بشكل طبي نهائي ، حيث ستفرز في بعض المراحل تناحرات اشد قوة بين الحزبين الأكبر ، الذين انتهجا برنامج خاص لدحر كل منهما الأخر والتفرد بالقرار الوطني ، ولن يتحقق أي شعار إصلاح في ظل التركيبة الحالية ، بما أن الفصائل الأخري علي الساحة غير قادرة علي الخروج من حالة الوهن التي تعيش فيها ، وترضي بما يصرف لها من موازنات ، وبعض الفتات ، أي تحولت لأحزاب هامشية لا قدرات لديها ، أما حركة الجهاد الاسلامي فهي سلكت درب الانزواء خلف رؤيتها وأطروحاتها السياسية التي ترفض أي مشاركة مع القوي الوطنية في إعادة هيكلية الجسد الفلسطيني ، وتسير وفق خطها ونهجها ، في ساحة أخري. إذن فمن يعول أو يمني النفس علي أن أي انفراجه ستحدث قريبا في الواقع الفلسطيني ،فأنه يبني قلاع من الوهم ، فلا يوجد أي مؤشرات أو مدلولات تدلل على ذلك ، وهذا ما عبر عنه ظاهريا العديد من القادة الحزبيين وأخرهم اسامه حمدان ممثل حماس بالساحة اللبنانية بلقاء علي فضائية الجزيرة " بأن علي الرئيس أن يعلن عن إنتخابات رئاسية جديدة " حيث صور الأزمة بالرئيس والبرنامج الرئاسي ، وهذه ليس مجرد تصريحات صحفية واعلامية يل هي خطوط عريضة وسياسة تجسد حرب البقاء بين فتح وحماس ، وكذلك ما جاء في كلمة رئيس الوزراء ، والمتحدثين الإعلاميين للحكومة وحماس من تثمين لقرار وزير الداخلية والقوة التنفيذية من أحداث الأحد الأسود ، وهي لم تعرفها الساحة الفلسطينية أن قائد يثمن دور قوة أو أفراد قتلت 14 مواطنا بدم بارد ... وهذه التصريحات تؤكد قطعا أن أي اتفاقيات يتم الحديث والدعوة لها ، ما هي سوي من ضمن سياسة رفع العتب وتبرئة الذمة أمام شعبنا . وجميع هذه المتغيرات تلازمت مع المتغيرات الإقليمية والدولية التي استطاعت من فرض إملاءاتها علي القرار الفلسطيني ،وتحاول إغراق الساحة الفلسطينية في الفرقة والتمزق . المشهد الفلسطيني يمر بأصعب مراحله ، وعليه هناك ضرورة لقوة ثالثة تتمكن من خلق حالة توازن في القرار الفلسطيني ، ولعب دورا في عملية توجيه البوصلة الحزبية ، وتوجيه الدفه الوطنية ، وإعادة الاعتبار للمفاهيم الوطنية ولفظ ثقافات ومفاهيم حزبية فئوية حولت الوطن لأداة تخدم الحزب . سامي الأخرس 7/10/2009
#سامي_الاخرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خالد ابو هلال يعلن بدء الحرب الأهلية
-
الأمة العربية ومصطلح المؤخرة الفكرية
-
عذرا راشيل كوري ... فخرا عبدالرحيم الحمصي ... سامي الأخرس
-
صمت وسقوط وموت
-
غزة تبكي قدرها
-
رحلة بغرفة العناية القلبية المكثفة
-
لينا ورمل البحر
-
ديمقراطيه بطعم الهزيمة والعلقم
-
إضراب الموظفين والحكومة وحماس
-
غزة بدولتين وسلطيتين
-
الفتاة العربية في غرف المحادثة
-
الامم المتحدة تهزم المقاومة في لبنان
-
كثير من الجنس قليل من العمل
-
هوليود ومسلسلات العنف بعراق العرب
-
صامدون كغصن الزيتون
-
أمة لا تتفاهم سوي بلغة المؤتمرات
-
أكسروا قيودي واحملوا ىمالي
-
الصحافة الفلسطينية وعصر التحديات
-
فلنلقي بغزة بالبحر
-
سأغادر
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|