ربما لم يسمع أحد بـ "رامز طهبوب" من قبل ، اما انا فلم اعرف منه سوى اسمه المثبت على قائمة من "الاسرى والمفقودين" العرب كنا قد شكلنا لجنة للدفاع عنهم والاستقصاء عن اوضاعهم بعد العدوان الامريكي / البريطاني على العراق.
لكن رامز لم يعد مفقودا" ولا اسيرا" ، وانتقل اسمه اعتبارا" من يوم الخميس 22 أيار 2003 الى قائمة الخالدين من المدافعين عن قضايا الامة العربية والقضايا الأممية العادلة. في ذلك اليوم، ازاح والده ترابا بعمق نصف متر في احدى المقابر في حي الجامعه ببغداد ليظهر جسد طاهر بوجه ملوح بشمس العراق، تلك التي شهدت وما زالت على 6000 عام من الحضارة التى لن تغيب وفي الجيب كانت هوية لقد روى رامز بدمه ارض الرافدين.
كنحلة باسقة جذورها في الارض ورأسها في السماء، انزرع رامز طهبوب ذو الثلاثة والعشرين ربيعا" حاملا" بندقية العنيدة ، وتصدى الاعصار في الكروز والا باتشي والبي 52 وسائر الاسلحة "المتفوقة" ، واختار "رامز العربي" الحامل بعالم حر تسوده العدالة ، ان تكون وصيته الاخيرة نارا" على العدوان والاغتصاب وتجار النفط والناس.
وبحس الفنان المرهف (كان رامز فنانا" ايضا") ، استطاع ان يعرف مكمن الخلل ، ورأى يوميا" ، بل عاش يوميا" وهو الذي يسكن في بغداد ويدرس علوم الحاسوب في جامعتها المعاناة التي يتسبب بها اصحاب "حضارة الفاست فود" وسماسرة خط كركوك حيفا النفطي. وكان ان تناول اقلامه في يوما ما ، بعد ان رأى شفقا" احمر ساعة الفجر يغلق الافق ، ورسم صورة عملاقة لـ "جيفارا" على احد جدران منزله في الكرادة.
ولم يفارق جيفارا ابدا" بعد ذلك ، انطبع بتفاصيله الحمراء بين عينيه ، وعندما جاء "الظلم" ، كانت عبارة جيفارا ترن في اذنيه (حيثما كان الظلم ، فذاك هو موطني) ، فاختار رامز ان يكون وفيا" للتاريخ ، وفيا" لقضيته: اختار ان يبقي الى جانب المظلومين ، يشاركهم معاناتهم ، ومقاومتهم ، وموتهم.
لقد احسن رامز الاختيار، وانضم الى رفاقة الخالدين الكثر ، والى بطله الاسطوري الذي اجزم انه يبتسم الآن بهدوء على حائط في احدى شقق بغداد الطلابية لقد فاز رامز طهبوب المقاوم ، وتركنا نحن في خسران مبين. رامز حي ، ونحن الميتون الا من قاوم.
استشهد رامز طهبوب ، الطالب في السنة الثالثة في كلية الحاسوب بجامعة بغداد ، في معركة نفق الشرطة في بغداد دفاعا" عن شرف الامة العربية وكرامة الانسانية ضد العدوان الهجمي الامريكي / البريطاني على العراق ، وكان عمره 23 عاما".
المجد للشهيد.