كمال اللبواني
الحوار المتمدن-العدد: 1697 - 2006 / 10 / 8 - 11:09
المحور:
حقوق الانسان
اعتبرت النيابة العامة على لسان ممثلتها القاضية نعمت رحمون في 19 /9 /2006 امام محكمة الجنايات الاولى بدمشق و التي يمثل امامها الدكتور كمال اللبواني بتهمة دس الدسائس لدى دولة اجنبية لدفعها الى مباشرة العدوان على سورية و التي تؤدي به الى الاشغال الشاقة المؤبدة او الى الاعدام بحال حدث العدوان المقالين
التاليين و المقابلة التي اجراها على قناة الحرة من ركائز الادعاء و لهذا نسعى لنشرها ليكون القارئ هو الحكم
لقاء الدكتور كمال اللبواني على قناة الحرة في برنامج الحرة تقدم مع حسين جرادي. تاريخ: 4-11-2005
موضوع الحلقة: ماذا تريد المعارضة السورية.
ماذا تفعل في واشنطن.
تحية إلى شعبنا في الداخل أنا خرجت من سوريا قبل شهرين بدعوة من منظمة العفو الدولي لإقامة معرض في لندن ولكن تطور الأحداث في سوريا جعلني أمدد إقامتي في أوربا لأقوم بجولة طويلة عبر بريطانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وبروكسل ومن ثم إلى واشنطن لدراسة الأوضاع في سورية ولنقاش الإدارات الموجودة هنا من أجل تطورات الأوضاع في سوريا لقد خرجت من دمشق وأنا من قلب المعارضة السورية علاقاتي جيدة مع كل أطراف المعارضة وأنا أحمل هموم هذه المعارضة وأحاول أن أكون صوتهم في الخارج أنا حالياً في واشنطن وقبلها في بروكسل أحاول أن أسوق إعلان دمشق وأحاول أن أحصل على أكبر تأييد ممكن لإعلان دمشق لأنه يمثل نقطة تحول أساسية في المعارضة السورية.
أفهم من ذلك أن إعلان دمشق كان يتم الترتيب له من سابق وليس الآن لأنه أعلن قبل أسبوع تقريباً فقط.
إعلان دمشق نتيجة عمل عمره سنوات.
دعني أفهم هل هذا التحرك الذي تقوم به هو تحرك فردي من قبلك أم أنك تنسق مع المعارضة هل المعارضة الداخلية على إطلاع بهذه الحركة التي تقوم بها في الخارج.
نعم أنا قبل أن أخرج ناقشة موضوع سفري وناقشة موضوع ماذا نحمل من أفكار مع كثير من رموز المعارضة السورية ومن الخارج اتصلت بكل أطراف المعارضة الموجودة في الخارج وأعتقد أنني أحاول أن أكون صوتهم وأنا أحمل بيدي وثيقة أعلنوها في دمشق وأنا ألتزم بها.
أنت ملتزم بالوثيقة التي أعلنوها ولكن كثير من المعارضة الداخلية في دمشق تقول إنها لا تعول على أي تدخل خارجي في مساعيها للتغير داخل سوريا وترفض أي نوع من التدخل الخارجي , ألا يصب تحركك في إطار التدخل الخارجي وفي إطار استجلاب الدعم الخارجي للمعارضة الداخلية وبالتالي قد يسير ذلك انقسامات داخل المعارضة.
أبداً غير صحيح نحن لا نطلب من الخارج أن يتدخل الخارج تدخل بسبب أحاث أخرى ليس بسبب طلبنا, نحن نحاول أن نجنب بلدنا من ما يمكن أن يحدث من سيناريوهات سيئة نحن نطلب من الخارج أن يرفع يده عن سوريا لكن هذا الطلب لا يكفي.
ماذا تقصد بأن يرفع الخارج يده عن سورية.
نحن نتمنى أن لا يتدخل أحد في الشأن الداخلي السوري ولكن الواقع فرض أن تكون هناك تدخلات, الخارج دعم هذا النظام أربعين عامً وهذا لا يبرئ الخارج من دوره ومسؤوليته وما نطلبه من الخارج ليس التدخل إنما أن يتحمل مسؤوليته اتجاه حقوق الإنسان السوري نحن نطلب من الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤوليتها اتجاه هذا الشعب ولا تعاقب الضحايا ومن غير المنطقي أن تعاقب الضحية.
هذا التحرك الذي تقومون به يتزامن مع صدور تقرير ملس وقرار مجلس الأمن ومع ما تسميه سوريا حملة مبرمجة ضد النظام السوري وتقول أنه ضد الشعب السوري ألا ترى تقاطع مع هذا التزامن ألا يؤخر عليكم داخل سوريا أن تحرركم اتجاه الخارج ربما يؤدي إلى دعم الضغوط الدولية ضد بلادكم.
نحن عندما يكون تحركنا هادف وبهدف صريح ومعلن وواضح فلا يستطيع أحد أن يتهمنا بشيء الزمن هام كثيراً وأنا حاولت أن أكون في الزمن والمكان المناسب وقبل قرار الأمم المتحدة كنت في نيويورك وقابلت السفيرة سكوبي وناقشت بالضبط ماذا نريد وقد ذهبت إلى الأمم المتحدة وناقشت مع وزيرة الخارجية وكانت وجهة نظرنا مسموعة في الإدارة الأمريكية هذا في خدمة شعبنا لن نتآمر ولن نعمل شيء في السر نحن نريد أن لا يعاقب الشعب السوري نحن نريد أن نجنب الشعب السوري المخاطر وأي عمل عنف وأي عمل عسكري هذه السلطة فشلت فشلاً زريعاً في الداخل والخارج وبالتالي لا يجب أن تقودنا إلى التهلكة.
أنت اجتمعت مع عدد من المسئولين الأمريكيين خلال وجودك في واشنطن ونيويورك ماذا تقول لهم حينما تلتقي بهم وماذا تطلبون كمعارضة داخلية سورية من الولايات المتحدة وماذا تريد الولايات المتحدة منكم.
الذي أقوله بالضبط عندما كنت سجين في سجن عرى في زنزانة انفرادية سمعت الرئيس جورج بوش يتكلم عن ديمقراطية في الشرق الأوسط وكن سعيد جداً عندما أرى أن السياسة قد تغيرت من دعم الأنظمة العسكرية إلى دعم الديمقراطية وأنا هنا لأحاول أن أترجم هذا الإعلان وهذه السياسة الجديدة إلى واقع وأفعال نحن أيضاً نريد ديمقراطية في الشرق الأوسط ونريد شرق أوسط فيه سلام لا يصدر الإرهاب ونحن نعاني من الظلم والعنف والتعصب وما أقوله للإدارة الأمريكية أن الديمقراطية هي الشكل الوحيد للرد على الإرهاب وأن أفضل سلاح لمحاربة الإرهاب هو احترام حقوق الإنسان والتغيير الديمقراطي, الديكتاتورية هي التي تخلق الأرضية للعنف والتعصب والجهل التي تنعكس في النهاية على شكل إرهاب في الخارج يجب أن تتغير السياسات ويجب أن يكون هناك قرار سياسي واضح بتغيير الأنظمة الدكتاتورية إلى أنظمة ديمقراطية وما نطلبه منكم هو التعاون من أجل بناء الديمقراطية في الداخل وأقول لهم بالحرف وبشكل صريح وواضح أن الديمقراطية لا يمكن أن يبنيها الجيش, الجيش العسكري الخارجي يهدم النظام ويهدم البلد ولا كنه لا يستطيع بناء ديمقراطية الديمقراطية لا تبنى إلا بحركة داخلية..........
مقاطعاً............ هل تطلبون من الأمريكيين أو من الخارج تحديداً أن يتعاون معكم في إسقاط نظام البعث بالكامل بمعنى تريدون تغير النظام أو التغير في النظام.
دعني أكمل لو سمحت الديمقراطية لا يمكن أن تبنى إلا بمشاركة الشعب في الحياة السياسية ما نطلبه من الإدارة الأمريكية هو تمكين هذا الشعب من أن يشارك في صنع القرار السياسي وأن يشارك في الحياة السياسة نطلب من الإدارة الأمريكية ومن الآخرين ومن شعبنا أولاً أن يساهم لكن هامش الحريات ضيق جداً وبالتالي الشعب مشلول وممنوع من العمل السياسي ما نطلبه مجموعة ضغوط سياسية ودبلوماسية لإجبار النظام على احترام حقوق الإنسان والحقوق المدنية واحترام الحريات والسماح بتشكيل أحزاب والسماح بإجراء انتخابات حرة والسماح بحرية الصحافة وإطلاق صراح المساجين...............
مقاطعاً...................... هل تقصد التغير ضمن النظام.
ليس من ضمن النظام نحن نرى أن هذا النظام لن يغير ولا يريد أن يغير ولا يستطيع أن يغير نحن نريد هذا النظام أن يتراجع هذا النظام شمولي احتل كل شيء نريد أن يتراجع ويترك هامش من الحريات وأن ينسحب من الحياة السياسية ليترك مجال للمجتمع المدني أن يشارك في الحياة السياسية هذا النظام لن نقنعه ومن الخطأ أن نقنعه ولن يقتنع ما نريده هو الضغط من الداخل والخارج من أجل دعم المعارضة الداخلية السلمية العلنية هذا هو الطريق الصحيح للتغير.
سنتحدث بالمزيد عن ذلك ولكن في المقابل ماذا تريد منكم الوليات المتحدة هل تطلب منكم أن تستمر الاعتصامات والتظاهرات وضغط داخلي وما وجهت نظر الإدارة الأمريكية في ذلك.
لم تطلب الإدارة الأمريكية أي شيء وهي تستمع وتقول ماذا تريدون, الإدارة الأمريكية لا تتعامل معنا بهذه الطريقة افعلوا كذا ونحن نرفض أصلاً أن نتلقى أوامر من أي طرف ونحن نناقش قضية الديمقراطية والتحول الديمقراطي ويقولون لنا ماذا تريدون ما نوع الدعم الذي تريدونه وما نوع الضغوطات التي يمكن أن نمارسها على النظام, نقول نحن هذا النظام عاصي على الضغوط لأنه نظام شمولي يستطيع أن يجير هذه الضغوط إلى الشارع السوري وبالتالي أي ضغط عسكري مرفوض وأي عمل عنف, ومن يبدأ بعمل عنف سيخسر تعاطف الشعب السوري.
هل المعارضة السورية مجمعة على رفض التدخل العسكري الخارجي لإسقاط هذا النظام.
المعارضة في الداخل نعم ولكن يوجد جزء من المعارضة في الخارج ما زال يفكر بأن الطريقة الوحيدة للوصول إلى السلطة هو على الدبابة الأمريكية.
هل لك أي اتصالات أو التقيت بالسيد فريد الغادري في واشنطن.
طبعاً اتصلت به.
هل التقيتم.
نعم.
هل هناك خلافات في وجهات النظر.
لا ما أعلنه فريد الغادري أمامي أنه مع إعلان دمشق وأيد إعلان دمشق وهو إعلان صريح وواضح ويرفض أي تدخل عسكري.
من تقصدون بالجهات التي ترى أنه لا يمكن التغيير إلا بدبابة أمريكية.
أحياناً بعض الناس يعلنون شيء ويفعلون سيء أخر.
إذاً المعارضة في الخارج ترى أن المعارضة في الداخل استطاعت أن تستقطب بعض المعارضة الخارجية في اتجاه خطابها السياسي اتجاه إعلان دمشق.
أكيد أنا سأعلن أنه هناك تحالف بيننا وبين المجلس الوطني في واشنطن ونبحث موضوع تحالف مع قوى أخرى في الخارج على أرضية إعلان دمشق وليس على أرضية أخرى.
من خلال لقاءاتك إلى أين تسير الأمور في دمشق حالياً بعد هذه الضغوط على النظام السوري في ظل تقرير ملس وقرار مجلس الأمن فكيف تنظرون إلى هذه المرحلة.
يجب أن يفهم المسئولون في سوريا أن السلطة يجب أن تتغير لا أحد في أوروبا ولا في واشنطن ولا في أي مكان يتكلم عن بقاء هذه السلطة الجميع يتكلم عن كيفية تغيير هذه السلطة وهناك طرق سيئة وطرق حسنة والطبيعي أن تتغير السلطة.
لتغيير السلطة تساؤلات كثيرة, ما المعني من تغيير السلطة هل هو نزع حزب البعث من الحكم في سوريا أم إدماج وإشراك حزب البعث, وفي حال حدث إسقاط هذا النظام هل ستشكل في دمشق حياة إجتزاز البعث كما حدث في العراق أم أنكم تنظرون إلى مسئولية التغيير بمنظار أخر.
البعث يشمل قطاع كبير من شبابنا وأهلنا وإخواننا ومعظم موظفي الدولة وهذا الكلام طوباويي وغير منطقي ونحن ما نريده أن تشارك كل قوى الشعب السوري في العملية السياسية باسم البعث أو بغير اسم نحن لمن نستأصل أحد وضد أي فكرة للانتقام أو التشفي ونحن نريد للمجتمع السوري أن يقرر مصيره بنفسه عبر صندوق الانتخاب وعبر حياة سياسية حرة البعث يحتكر السلطة ويحتكر على الآخرين, ولكن ليث البعث الذي يحتكر الذي يحتكر هو الحكم العسكري الأمني البعث هم موظفون مجبورون.
هل تميزون بين المؤسسات الأمنية لهذا الحزب والحزب نفسه.
ولا حتى المؤسسات الأمنية لأن كثير من ضباط الأمن مخلصين لوطنهم ولم يرتكبوا أي فساد ولا أي شيء هؤلاء سيبقون ودمجهم في المجتمع أمر بسيط وحتى قمة السلطة التي مارست الفساد أيضاً لا نفكر في أي عملية انتقام.
ولكن حكم البعث في سوريا هو من أربعين عاماً وأكثر فهل ترون أن المجتمع السوري اليوم قادر ومهيأ للتغيير بعد هذا الزمن الطويل من حكم الحزب الواحد والمنصوص عليه في الدستور.
اليوم فكرة الحزب الواحد انهارت في المجتمع والكلام عن الديمقراطية والتعددية والحريات تسمعه في المدرسة الابتدائية اليم ثقافة المجتمع وأفكاره تغيرت جذريا والعالم تغير, يوم جاء حزب البعث كان العالم كله شمولي المحيط شمولي والمعارضة شمولية والسلطة شمولية اليوم كله تغير لكن حزب البعث كونه تكلس وفقد القدرة وكونه نظام شمولي ويعبد الفرد فقد القدرة على أي تغيير ولهذا السبب سنساعده لأن يتغير ولكن كيف يتغير يجب أن نبادر نحن لكسر هذا الجمود من طريق تشكيل تحالف وطني حقيقي يشمل كل مكونات المجتمع السوري ويكون بديل عن هذا النمط الشمولي والديكتاتوري.
صدر قبل أيام إعلان دمشق وهو الإعلان الذي وصف بأنه الأقوى الذي يصدر عن المعارضة الداخلية في دمشق من جهة شمولية الأطروحات التي أطلقها ولحمة شمولية الأطراف التي انضمت إليه ولكن هناك مأخذ كثيرة على هذا الإعلان إنه لم يشمل كل الأطراف المعارضة إنه ذو نفس طائفي في بعض الجوانب هذا ما كتب وما أعترض عليه البعض ما هي قصة إعلان دمشق.
إعلان دمشق بدأ في بيان 99 عام ألفين كان المطلوب عقد وطني جديد وبدأت جهود طويلة جداً ومكثفة عبر مقالات وحوارات وعبر بعض اللقاءات ولكن ظروف إنضاج هذا الإعلان في ظل القمع حالت دون الاتصال بكل القوى وبكل الفعاليات وبالتالي ظهر هذا الإعلان ولكنه ليس كاملاً, هذا الإعلان بداية فيه بعض الملاحظات نعم لكل جهة طرف تحفظ وهذا طبيعي في أي إعلان عام ولكن هذا الإعلان أحدث إجماع حقيقي وهذا الإعلان يمثل لب المعارضة ولب المجتمع السوري والكلام عن أنه طائفي غير صحيح.
ربما الحديث عن طائفية هذا البيان أو النفس الطائفي في هذا البيان إن يتعلق تحديداً بدخول وبتأييده السريع من قبل الإخوان المسلمين في الخارج وبمنحى ما كان يقال أنهم أعدو هذا البيان وأخرجوا الأمور بطريقة أنههم التحقوا بهذا البيان خصوصاً أنه نص أن الإسلام هو دين الأكثرية ولأنه المكون الأبرز بحياة الشعب السوري, ربما لهذا السبب كانت الانتقادات.
من الخطأ استئصال الإسلاميين لأنهم يجب أن يشاركوا في الحيات السياسية ولكن شكل مشاركتهم , نحن دخلنا في مفاوضات طويلة جداً معهم والحقيقة لم يكتبوا نحن الذين كتبنا إعلان دمشق من عمل على إعلان دمشق التجمع الوطني الديمقراطي في سوريا وأصدقائه وأطرافه وحاور كل القوى وبشكل أساسي الإسلاميين , المجتمع السوري مجتمع متدين بشكل عام .
ربما هنا التساؤلات أن يكون المجتمع متدين وزو أغلبية مسلمة لا يعني بالتحديد أن يجر إلى أن يكون طرفاً سياسياً مع الإخوان أو غيرهم.
هذا ما تكلمنا عنه لتبقى الدعوة الإسلامية دعوة ثقافية ولتشترك الأحزاب الإسلامية بالحياة السياسية كأحزاب مدنية ببرامج وأنا ما أصوت عليه ليس القرآن الكريم وليس عقيدته ما أصوت عليه هو برنامج سياسي محدد وهذا ما توصلنا إليه بالتوافق على أن تشترك الأحزاب السياسية بالحياة السياسية عندما يحدث ديمقراطية على أن تشترك أحزاب سياسية مدنية تسمح بالانتساب لكل فئات المجتمع السوري يعني ليس الطائفية نحن نريد دولة علمانية ولكن فهم كلمة علمانية مختلف عليه وبالتالي تجنبنا ذكر العلمانية ولكن جوهر الديمقراطية الذي تحدثنا عنه هو جوهر علماني خوفا من أ، تكون العلمانية تفهم بالعلماني المتحيزة التي تعني التنكر للدين وتنحينا ذكرها.
الإعلام لم ينص على ذكر العلمانية في مقابل أنه أشار أن الإسلام هو مكون أساسي وهو ربما يكون واقعاً لكنه ربما يثير بعض المخاوف لدى الأقليات وربما يثير بعض الهواجس لأطراف غير منتمية للإسلام.
لكنه قال بشكل واضح وصريح أن المجتمع السوري مجتمع تعددي وأن الجميع متساوون في الحقوق وبالتالي ليس إذا كنا أكثرية ليس لنا حق أكثر من الأقلية نحن أكثرية لنا حق الأكثرية والأقلية لهم نفس الحق وإن تكون عنصر واحد لك نفس الحق لكن هوية الدولة ولغة الدولة , هذا كلام بسيط جداً ولا يؤثر ولا ينتقص حق الأقليات الأخرى وكان مشروعنا أنه لا يمكن نطرد الإسلاميين من العمل السياسي , طرد الإسلاميين من العمل السياسي يعني تشجيع التطرف نحن نريد من الإسلاميين أن يشتركوا في حياة سليمة ديمقراطية عصرية وأن يقبلوا بالانتخاب هذا ما نريده ونريد أن نشجعهم ولسنا أعداء الإسلام.
التجمع الوطني الديمقراطي قوى كثيرة مستقلة وشخصيات داخل سوريا وأغلب هؤلاء ربما هم زو خلفيات علمانية وناشطين في المجتمع المدني ولم ينتمون إلى أحزاب إيديولوجيو والإخوان المسلمين هم محظور ون في الداخل وينشطون في الخارج وبطبيعة الحال هناك خلافات بين هؤلاء وهؤلاء ما هي الصيغة الوسط التي اتفقتم عليها هل هناك شيء تحت الطاولة في هذا الإعلان.
لا يوجد شيء تحت الطاولة والعمل السري مرفوض بالمطلق وما نطلبه من الجماعات الإسلامية أن ينبذوا العنف والعمل السري وأن يشاركوا في الحياة السياسية ويقبلوا بعلمانية الدولة ويقبلوا بتعدد الآراء وأن لا تكون هناك مرجعيات دينية وفقهية ومشيخية وما إلى ذلك هذا المطلوب من المعارضة ولكن هناك فرق كبير بين الإخوان المسلمون والجماعات المقاتلة التي حملة السلاح هذا الفرق لم يحدده أحد السلطة تصرفت مع كل متدين على أنه مقاتل وعلى أنه حمل العنف وهذا غير صحيح وغير مشجع وغير مفيد المفيد أن نقول أن الذي يتبنى العنف والذي يتبنى الحقد الطائفي مرفوض على الإطلاق.
هل رصدتم أي تغيير في خطاب الإخوان المسلمين سابقاً واليوم, هم أطلقوا وثيقة قبل سنتين أو ثلاث على هذه الوثيقة أعتمتم في حواركم مع الإخوان المسلمين.
في ربيع دمشق وقبل أن نعتقل أصدروا ميثاق شرف كان رائعاً وجيداً وكان خطوة إيجابية اليوم أصدروا برنامج سياسي وجماعة البينوني بشكل خاص أصدروا برنامج سياسي جيد ومقبول ومشجع ونحن نشجعهم على هذا التحول ونطلب أن يكونوا قدوة للآخرين لأن الإخوان المسلمين ليسو جماعة واحدة هناك تيارات دينية كثيرة نحن نريد لهذا التيار المتنور المدني أن ينتشر ويستوعب جميع القوى الإسلامية.
ترددون دائماً أ، المطلوب هو الواقعية في كثير من الأمور في خطابكم السياسي وفي هذا المسعى للتغيير داخل سوريا, إذا كان جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة أساسية ورئيسية في مسألة التغيير التي تنشدونها وهذه الجماعة غير موجودة تنظيمياً في الداخل إنما هي موجودة وتنشط في الخارج يعني كيف تفكرون بالإجراءات العملية لهذا التغيير كيف تريدون تحقيق كل هذا التغيير الذي طرحتموه في إعلان دمشق علماً أن البعض يقولون أن هذا الإعلان أهميته ربما في أنه إعلان إعلامي وليس إعلان يمكن أن ينفذ على الأرض.
غير صحيح على الإطلاق هذا الإعلان بداية وسوف تتبعه إجراءات تنفيذية وتحالفات حقيقية نحن كنا نطمح لل‘قامة مؤتمر وطني على أرض سوريا يشمل كل القوى ولتتكلم كل القوى بشكل صحيح وواضح لكن منع السلطة ورفضها جبرنا بأن نلجأ إلى أسلوب أخر للمتفاوضات بشكل سري وشخصي ولكن هذا الإعلان إنما هو مجرد بداية سبنا بعده عمل تنظيمي حقيقي لكل القوى وسنبني تحالفات وبأنا بإقامة هذه التحالفات السياسية لتشكل ما يسما بمجلس وطني شامل لكل مكونات المجتمع السوري على قدم المساواة يجب أن يطمئن الطوائف كلهم إلى أن حقوقهم مضمونة وإلى أن إشراك الإسلاميين لا يعني الانتقاص أو تهديم إي مكون من مكونات المجتمع السوري لا القومية ولا الدينية على الإطلاق.
البعض يتحدث عن تهديد القومية الكردية التي ربما يقال أنه لم يتعرف بها داخل سوريا وإعلان دمشق تحدث عن الأكراد أن لهم حقوقاً مثل مسألة الجنسية والهوية وبعض الحقوق المدنية وأنه لم يشير إلى تكريس حقهم كقومية كردية داخل سوريا وأن هناك أطراف من الأكراد فاعلة جداً لم تشارك في إعلان دمشق.
هناك أطراف لم تشارك وقد يكون لم تستشار لكن مكونين أساسيين هما التحالف والتجمع.
لم تستشار أم أنها استشيرت ورفضت.
ممكن أنا لم أكن في الداخل عندما استشيرت الأحزاب ولكن ما أفهمه أنها وقعت كمكون أساسي من المكونات نحن مع حل القضية الكردية حلاً عادلاً ونحن مع أي شيء يريده الأكراد ضمن الإطار الوطني الواحد وضمن إطار النظام الديمقراطي وليس لنا أي مصلحة في اضطهاد أي إنسان ولا في حرمانه لحقوقه المدنية ولا الثقافية ولا حتى منعه من الطموح إلى أي شيء يريده لكن يجب أن تنتهي هذه الأمور بشكل تفاوضي وبشكل سلمي الديمقراطية سوف تحل المسألة, هم يريدون بديلا أن يضمنون كل الأمور نحن لسنا مفوضين من الشعب وبالتالي عندما تنتخب سلطة تمثيلية حقيقية ستضع دستوراً أخر سيكونون موجودون وسيشاركون وسيكون لهم الحق بأن يقولون ما يريدون وأن يتأكدوا تماماً أننا لسنا نريد اضطهاد أي مواطن سوري على الإطلاق.
في هذه المسألة تحديداً وإضافتاً إلى مسألة الإخوان المسلمون والأكراد كان هناك تساؤلات بين مزدوجين ما وصفه المنتقدون بأنه تغييب لشخصيات من الطائفة العلوية عن توقيع هذا الإعلان هناك انتقادات كثيرة أن شخصيات علوية قد أقصيت عن المشاركة وأن بعض الرموز المعارضة الداخلية في سوريا يخبزون أن تشارك شخصيات علوية في المعارضة الداخلية ما تعليقكم.
أنا سجنت في غرفة واحدة مع عارف دليلة وحبيب عيسى وأعتقد بأن هؤلاء الناس محترمين جداً في الطائفة العلوية وهم في لب ربيع دمشق وفي لب هذا الإعلان.
الأستاذ عارف دليلة المحامي حبيب عيسى هما من أبرز سجناء ربيع دمشق حالياً لما لم نرى أسميهما على إعلان دمشق إلى جانب رياض سيف.
لأن زيارتهما مستحيلة ولكن رياض سيف كأن من الممكن زيارته ولكن أنا على اتصال بزوجاتهم وهم موافقين تمتماً على كل مكونات إعلان دمشق وكثيراً جداً من الخوان العلويين معنا هذا غير صحيح ولم تستأصل ويجب أن يفهم أبناء الطائفة العلوية أن هذا وطنهم وهم أخوة لنا ونحن سوف نشاركهم ونرفض أي عمل فيه تمييز طائفي أو انتقام, الطائفة العلوية طائفة محترمة وستبقى وهي بريئة من هذا النظام.
هذه الملاحظات الثلاث التي قيلت حول إعلان دمشق وهو ما يتعلق بالإخوان المسلمون والأكراد والعلوية أنتم تنفون أي شيء مقصود في هذا الاتجاه يمكن القول أن الأمور مفتوحة على نقاش داخلي لهذه القضايا وهل يمكن أن تناقشوا هذه القضايا في الداخل.
أي ملاحظة أو أي إشارة أو أي خطأ ممكن إصلاحه مباشرتاً والقضية مفتوحة على النقاش وعلى التطوير والتغيير لكن هذا الكلام يسيره النظام وعملائه للتشويش على إعلان دمشق لكي لا يحدث إجماع لأن هذا النظام الديكتاتوري يريد دائما تدمير المعارضة وتفتيتها ودائماً يسألونا أين هي المعارضة السورية لو كان هناك معارضة سورية لما كان النظام ديكتاتورياً النظام الديكتاتوري سيحاول بكل الوسائل تفتيت المعارضة وتهميشها وقمعها وسجنها وإلى أخره لهذا السبب لا تتوقع وجود معارضة قوية في ظل نظام ديكتاتوري.
أين هي المعارضة السورية ربما يكون مشروعاً لناحية الحديث عن مدى تماسك هذه المعارضة وعن مدى خطابها الموحد وسنتحدث عن هذه النقاط تحديداً ولكن دعني أسألك عن إعلان دمشق وركز الإعلان بشكل أساسي أنه لا يمكن لأحد نبز الأخر أو رفض الأخر ومن ناحية ثانية وفي أسطر بعيدة نوعاً ما يشير إلى بعض المعارضين في الخارج وإلى رفض أي تتدخل خارجي هل هناك تناقض في هذه المسألة بين رفض نبز الأخر وبين قطع الطريق على أي تحرك لشخصيات خارجية.
لأكون صريح معك هناك من يهمس في إذن الإدارة الأمريكية والأوربية بأنه لا أمل بتغيير سلمي من الداخل ويجب أن تتدخلون وتفعلون سيناريو مشابه لما جرى للعراق هذه القوى وهذه الفئات التي تختبئ وراء إعلانات وتفعل العكس وهي التي نشير إليها وهي حقيقة ولكن لسنا في وارد ذكر أسماء.
ولكن هذه الأسماء ليس فريد الغادري كما أوضحت قبل قليل.
أنا لا أسمي أسماء نحن بحاجة لكل جهد معارض وفريد الغادري أعلن موافقته بشكل صريح وأنه أيد إعلان دمشق وبالتالي هذا أنهى النقاش حول هذا الموضوع ولكن هناك من يهمس بإذن الإدارة الأمريكية بأنه يجب أن تتدخلوا وأن هناك سلطات يجب استئصالها بأي طريقة ويجب أن نتحمل الثمن في ما معناه أن المعارضة الداخلية سوف تفشل ولا بديل عن التدخل الأجنبي وهؤلاء يعرفوا أنهم لا يستطيعون تحصيل شيء في صندوق الانتخاب فهم يشيعون سيناريو التدخل الأجنبي وهذه ليست إرادتهم هناك قوى حقيقية في المجتمع الأمريكي مثل شركات الأسلحة وغيرهم تريد الحرب وبالتالي هي التي ترفع هذه الرموز وهي التي تشهرها وهي ليست شيء.
هذا الكلام التي تسمعه الإدارة الأمريكية هل وجدت له صداً داخل الإدارة خلال وجودك.
أنا أقاتل منذ عشر أيام ضد هذا التيار.
هل هذا التيار قوي داخل الإدارة الأمريكية.
في الخارجية لا ولكن في أوساط أخرى قويس.
هل هذا يخيف.
يخيف خداً وسنفعل كل ما نستطيع مع أصدقائنا في الإدارة الأمريكية المتفهمين للوضع السوري لتحييد هذا الخيار.
في مسألة المعارضة الداخلية أعود إلى تصريح بارز قبل أيام يعود للمعارض رياض الترك الذي دعا فيه الرئيس بشار الأسد للاستقالة وكذلك عدد من المسئولون وطرح مشروعاً نوع ما لمرحلة انتقالية داخل سوريا بذلك رياض الترك تجاوز إعلان دمشق إلى طرح أكثر جرأة ربما.
نحن ما نريده من السلطة أن تفتح الحياة السياسية وأن تسمح بعقد مؤتمر وطني أما أن يقول سيادة الرئيس أنه غير مسئول عن سلوك بعض ضباطه هذا الكلام لا يقبله أحد أن تكون.
هل قال هذا الكلام.
تقريباً إلى حد ما إنه غير مسئول عن سلوك ضباطه لا يمكن أن تكون مسئول وأن يكونوا الضباط متمردون ‘ن السلطة السورية مسئولة بشكل أو بأخر ويجب أن تعتذر وتعترف أنها قصرت وأنها عملت شيء وأنا لن أخوض في تفاصيل قرار ملس لأن النظام السوري مدان قبل ذلك بكثير بانتهاكه لحقوق الإنسان بسجن المعارضين والفساد والاستبداد وبتدمير الثقافة والوعي والاقتصاد وبكل شيء هذا النظام بالنسبة لنا مدان وتقرير ملس لا يقدم ولا يؤخر وما نريده أن يتغير هذا النظام إلى نظام ديمقراطي.
إنني سألتك تحديداً عن طرح رياض الترك بهذا المجال وهذه المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة إلى رئيس مجلس الشعب وطرح عدد من النقاط يبدو هذه المسألة أثارة داخل سوريا بعض التباينات داخل المعارضة والأستاذ حسن عبد العظيم رئيس التجمع الوطني الديمقراطي أبدا بعض التحفظ ومعارض لمسألة استقالة الرئيس حتى لا تصب حالياً في إطار الضغوط التي تتعرض لها دمشق ولا تبدو كأنها نتيجة ضغوط خارجية وليست نتيجة ضغوط داخلية والمرحلة التي تدعو إليها المعارضة الداخلية في سوريا ما هي هذه المرحلة.
نحن نفضل أن تنتقل بسوريا انتقال سلمي وهادئ ويتعاون الجميع من أجلها هذا ما أقوله بالتحديد يجب أن نطمأن الشعب السوري إلى أن الانتقاد يجب أن يكون سلمي هادئ كما حدث في روسيا وفي أوربا الشرقية وبدون عنف وما نسعى إليه هو الأتي إنما أن تمد هذه السلطة يدها إلى المعارضة وتشاركها في السلطة وبالتالي تشكيل حكومة انتقالية من المعارضة والسلطة لتقود البلاد بمرحلة انتقالية وبشكل هادئ وبإشراف الرئيس وبوجوده أو إذا رفضت الحكومة فيجب أن نطالبه بالاستقالة كلاً وجماعتاً لأنها إذا لم تستقيل ولم تسلم بحكومة مشتركة بين المعارضة والسلطة ستعني سيناريوهات أخرى.
هل المعارضة جاهزة لسيناريو يتعلق باقتسام سلطة مشتركة وهل يمكن لرياض الترك المعارض البارز أ، يكون إلى جانب أقطاب في حزب البعث في حكومة انتقالية.
هؤلاء أبناء وطننا ويمكن أن نتفاهم معهم ولكن ليس على أرضية الشمولي وإنما على أرضية المشاركة من الجميع وأنا لا أتكلم نيابة عن رياض الترك لكن كل مكونات المجتمع السوري يجب أن تضحي ويجب أن تقبل بالأخر ونحن نقبل بمشاركة بعثين لن يشاركوا في مجازر أو في فساد.
هل لهذا السبب تحديداً أشار إعلان دمشق إلى رفض الاستئصال.
نعم رفض الاستئصال إذا لم توافق السلطة على هذا الحل الذي نحاول تسويقه اليوم أن تشترك المعارضة في تشكيل حكومة تحتوي على عدد كبير من البعثين وأن تستل-م وزارة الخارجية ووزارة الداخلية والقضاء ويبقى الجيش في قيادة الرئيس ويبقى الجيش في مكانه لكن هذه الحكومة تستطيع التعامل مع المجتمع الدولي ومع الوضع الداخلي بطريقة سلمية والجيش يحافظ على الأمن وتنتقل سوريا انتقال تدريجي هادئ خلال سنتين إلى المرحلة الديمقراطية هذا السيناريو إذا لم توافق عليه السلطة وركبت رأسها هذا سيضع البلاد بمخاطر شديدة جداً أولها هو الحصار الاقتصادي الذي سينتهي إلى كارثة اجتماعية وبعدها كارثة أمنية ومن ثم ستدخل سوريا في دوامة الفوضى وقد يعني هذا تدخل أجنبي على الطريقة العراقية يعني سنرى دمشق فلوجة أخرى هذا السيناريو ما يريدونه السلطة اليوم فعلينا أن نطالبهم فعلينا أن نطالبهم بتقديم الاستقالة.
ألا تبدو أطروحاتكم في هذه المسألة مثالية نوعاً ما تطالبون السلطة بهذه الخطوات في الوقت الذي نرى أنها لم تقدم مثلاً على إطلاق سجناء سياسيين أتحدث عن سجناء ربيع دمشق لأن هناك سجناء سياسيين تم إطلاقهم وعددتهم 180 وأغلبهم من الأكراد والإخوان المسلمون.
يعنى حبيب عيسى وعارف دليلة ورياض سيف ومأمون الحمصي ووليد البني وفواز تلو وعلي العبد الله ومحمد رعدون وعبد العزيز الخير موجودون في زنزانات انفرادية معظمهم ولم يعطوا حقهم ونحن نعرف أن هذه السلطة لا تريد التنازل عن أي شيء ولكن أمامها خيارين.
هناك حديث ربما قد يتم إطلاق بعض هذه الأسماء التي ذكرتم ما المغزى برأيكم من إطلاق البعض وترك البعض الأخر ولماذا أطلقت أنت من السجن وبقي الآخرون.
أنا أنهيت حكمي ثلاث سنوات وقضيتهم في السجن الانفرادي وأضيف لي يومين زيادة وأنا لم يطلق سراحي أحد أنا خرجت من السجن لأن حكمي قد انتهى.
البعض يقول إن انتهاء مدة السجن لا تكفي لإطلاق السجين في سوريا.
عندما يكون هناك إرادة دولية وضغوط دولية فإنها تكفي والذي أقوله أن الإجراءات الترقيعية لم تعد مناسبة والنظام السوري يجب أن يكف عن استجداء صفقه في الخارج لأنه لا توجد أي نوع من أنواع الصفقات لم نسمع هذا الملام في أوربا ولا أمريكا والكل يرفض بالمطلق مفهوم الصفقة والسيناريو هات الأسوأ هي التي يمكن أن تحدث والحصار الاقتصادي وحتى سيناريو ميليزوبيتش لم يستبعد من خلال سوريا وحتى يجنبوا أنفسهم وأبنائهم وأبناء شعبهم الدماء يجب أن يقبلون تشارك المعارضة في السلطة هذا هو الطريق الصحيح ومن الطبيعي أن تتغير السلطة غريب كيف يفكر هؤلاء الجماعة أن أبقى في الحكم إلى الأبد هذا التفكير لم يعد موجود على الإطلاق السلطة تتغير كل أ{بع سنوات ومن المفروض أن يفهم المسئول أنه سيعود إلى صفوف الشعب بعد أربع سنوات كلام سيبقى إلى الأبد وقائد تاريخي يجب أن ينسحب من دماغ هؤلاء الناس عندهم مشكلة في تفكيرهم وليست المشكلة في شيء أخر اليوم يجرون سوريا إلى التهلكة عندما يطالبهم رياض الترك بالاستقالة فهو لأنه يعرف أنهم يجرون سوريا إلى التهلكة ونحن نقول لهم أصحو يا جماعة ونحن سنقبل بكم وسنشارككم وسنبحث عن مخرج أمن لكم ولنا ونحن نرفض انتقاص السيادة إذا حدثت محاكمات سنفعلها داخل سوريا وسيكون لنا حق السجن والعقوبة ضمن القانون السوري وحق العفو أيضاُ فإذا سلموا السلطة بشكل تدريجي وسلمي سيكون لنا معهم تعامل مختلف تماماً أما إذا دفعوا بسوريا نحو الفوضى فأنا لا أستطيع أن أضمن ردت فعل الشعب كيف ستكون.
أنتم في المعارضة الداخلية السورية لماذا تريدون من المواطن السوري أن يصدقكم وأنتم تراشقتم كثيراً بالبيانات ربما لخلافات شخصية وغير جوهرية في المعنى السياسي الحديث اليوم في سوريا إن المعارضة الداخلية منقسمة ومشتته وتعج بالكثير من الخلافات السياسية فلماذا تطلبون من المواطن أن يثق بكم تحديداً وأن يرفض الثقة بالنظام القائم.
المعارضة السورية الحقيقية هي أغلبية الشعب السوري نحن نتحدث عن رموز وليث عن قوى سياسية القوى السياسية دمرت وسحقت ودخلت السجون وأبيدت الذي نتحدث عنه رموز وطنية استطاعت أن تصمد بإمكاناتها الخاصة بجسدها وبدمائها وبتضحياتها هذه الرموز هي التي اليوم تحاول أن تمثل المجتمع السوري وما نريده أن نفتح الحيات السياسية لتأتي قوى جديدة ترمينا خارجاً نحن لا نريد الاستمرار نحن نعرف أننا نحمل أمراض مجتمعنا وأمراض تخلفه نحن مرحلة انتقالية نريد أن ننقل سوريا إلى حياة أخرى وليأتي أجيال جديدة بأفكار جديدة بطرق جديدة هذه هي ستكون المعارضة الحقيقية.
كيف يمكن لمن يحمل ما وصفته بأمراض مجتمعه وأتحدث هنا تحديداً عن الخلافات الشخصية أن يؤسس لمرحلة انتقالية من حكم استمر أكثر من أربعين عاماً.
نحن تحدينا الفساد وتحدينا الاستبداد ودفعنا ثمن هائل في السجون نحن نكتب ونفكر ولنا مصداقيتنا وصحيح أن هناك بعض الخلافات التي أفتعلها الأمن.
هل تتهمون الأمن بافتعال تلك الخلافات الشخصية.
نعم بكل تأكيد في كل دقيقة عملاء الأمن هم وراء أي مشكلة تحدث داخل المعارضة شغلهم الشاغل إشغال المعارضة في صراعاتها الداخلية لكن رموز المعارضة الأساسية متفقون ومتحالفون في اليمين وفي اليسار.
هل الاتصالات مع الإخوان المسلمون في هذه المرحلة ستسهم في تجميع هذه المعارضة وإطفاء هذه الخلافات الشخصية ربما هذا التجمع في الداخل والخارج سيضع بعض الشخصيات المعارضة التي كانت على خلافات شخصية سيعضها تحديداً في إطار موحد أم أن الأمور ستعود إلى الانقسام مرة أخرى.
يجب أن نفهم أن علينا اليوم مهمة أساسية توحيد جهود الجمهور والمعارضة في الأماكن التي زرتها سألوني تحديداً عن الإسلاميين وعن الإخوان المسلمون يجب على الإخوان المسلمون أن يصدرون بيانناً واضحاً يريح المجتمع الدولي ويريح المجتمع الداخلي أنهم ينبذون العنف وأنهم يقبلون بدولة علمانية وهذه الكلمة يجب أن نسمعها منهم.
هل تريدون من الإخوان المسلمون أو أحد من المسئولين في الإخوان أن يقف ويقول نريد العلمانية في سوريا.
نقبل في العلمانية في سوريا لأن العلمانية تريح الطوائف الأخرى وتريح المجتمع الدولي وأنه لم تكون هناك دولة دينية طائفية في سوريا ونحن نرفض هذا.
هل هناك نقاشات مع الإخوان المسلمون في هذه المسألة.
نقاشات مطولة وعسيرة.
عسيرة ربما لأن هذا مبدأ يراه الإسلاميون أنه مناقض للتعاليم الإسلامية.
إلى حد ما ليس كل الإسلاميون هناك تيار إسلامي يقبل به ويجب أن نشجعه.
هل تعولون على اجتهادات داخلية لدى الإخوان المسلمون.
نحن كلنا مسلمون ولنا حق قراءة الإسلام بالطريقة التي نراها, العقل الذي يقرأ الدين يختلف هو يقرأه بعقل قديم وأنا أقرأه بعقل حديث وهذا حقي.
هل ترون أن تحركات الإخوان المسلمون في هذا المجال هي في إطار التحرك التنظيمي العالمي لهم لأن هناك بعض الاجتهادات في مصر أيضاً حول هذه المسألة.
أكيد سوف يكون هناك تأثيرات مشتركة الإصلاح الديني في سوريا وإصلاح النمط السياسي الإسلامي في سوريا سينعكس على بقية الدول.
في النهاية دكتور كمال أنت اليوم في واشنطن وتتحدث بكلام انتقادي كبير لنظام البعث في سوريا قبل ثلاث سنوات ربما لم تكن تستطيع أن تقول نفس الكلام داخل دمشق أنت ستعود إلى دمشق هل أنت خائف من أمر ما أم أن التغيير داخل النظام ربما يبدأ وإتاحة المجال لقول ما تريدون.
أنا سأعود يوم الثلاثاء مساءاً إلى مطار دمشق الدولي ولا أخاف من أي شيء وأنا لم أرتكب أي خطأ أنا أمارس حقي السياسي وأنا أحاول أن أحمي شعبي أنا متكل على الله ومؤمن به.
هل أنتم متفائلون في هذه المرحلة في ما يتعلق بالمعارضة الداخلية أم أننا ستشهد انقسامات جديدة.
أنا متفائل بكل مكونات الشعب السوري وحتى في عناصر من النظام يتعاونون معنا من أجل تغيير سلمي ديمقراطي هادئ ومتزن هذا ما نطلبه ومن لا يريد يجب أن يطرد من هذا البلد.
بمن ستتصل عند وصولك إلى دمشق من زملائك في المعارضة.
لن أتصل بأحد سأذهب إلى بيتي وهم سيزورونني.
هل ستضع زملائك في المعارضة بأجواء لقاءاتك.
بالتأكيد أنا شفاف بالمطلق ولا أفعل شيء أخجل به وأرفض كل تعاون غير شفاف أو من تحت الطاولة.
خطة الطريق نحو الديمقراطية في سورية
كمال اللبواني
من الخطأ الحديث عن فرض الديمقراطية من الخارج ، فالديمقراطية لا يمكن أن تبنى إلا من الداخل , وبمشاركة فاعلة من قوى المجتمع المدني ، ومن دون درجة كبيرة من الحريات ، ومن دون تبلور الرأي العام ضمن برامج حزبية سياسية واضحة وعملية , ومن دون انتخابات حرة , لا يمكن تصور وجود سلطة ديمقراطية تحكم باسم الشعب , وفق قانون يرتضيه لنفسه, وتحت رقابة سلطة قضائية مستقلة ومحترمة من قبله ..
قد تستطيع القوة الخارجية أن تضغط على أنظمة الفساد والاستبداد ، ويمكنها أن تسقطها بالضغط الدبلوماسي أو الاقتصادي أو حتى العسكري , لكن ذلك غير كاف لإنتاج الديمقراطية ، فمن دون فعل شعبي حقيقي في الداخل لن يقوم أي نظام تمثيلي ديمقراطي .
ومن الخطأ أيضاً تصديق كذبة أن النظام الاستبدادي الحالي يحفظ الاستقرار في المنطقة ، لأن ما يسمى بالاستقرار ليس سوى حالة جمود وتعفن واضطهاد , سرعان ما ستتفجر عنفاً وفوضى وحروب .. فالنظام الحالي الذي جاء بدعم غربي صريح في ظروف الحرب الباردة ، والذي أطلقت يده الضاربة لقمع شعبه وسرقة بلاده ، حتى طار في النهاية يدفعها بقوة نحو الفوضى والحرب الأهلية , بسبب تراكم الأزمات وتعقدها في كل مستوى وكل صعيد , وصولاً إلى شيوع ثقافة الفساد والتعصب الديني والانغلاق الفكري والتزمت ، ونهاية برعاية العصابات التي صارت يده الضاربة في كل نقطة لا تطالها عصا القمع الرسمية .
فالنظام حريص كل الحرص على عدم وجود بديل آخر عنه سوى الحركات الأصولية والعنيفة ، من دون أن تصبح قوية وقادرة على الإطاحة به ، لكي يستمر بتلقي الدعم الغربي كحل وحيد لا يمكن استبداله إلا بالفوضى أو التطرف والإرهاب الديني . وهو بذلك يلعب لعبة خطرة سرعان ما ستنقلب عليه وينهار ، ويسلم البلاد فعلا للفوضى والتطرف , بالنظر لجهده المستمر من اجل تقويض أي مشروع وطني حقيقي يمثل مصالح الأغلبية ، ويفتح لها طريق الحياة والمستقبل ، مما سيدفع حتما للتمرد والذي سيكون عنيفا وعشوائيا بسبب غياب الوعي والمؤسسات السياسية القادرة على احتواء الإرادة الشعبية وفق وسائل سياسية سلمية ، وبذلك يضع الاستقرار الحالي على قنبلة موقوتة ، لا يمكن إيقافها إلا بإطلاق مسيرة الحريات ، أي أنه هو الذي يهدد الاستقرار والسلم بشكل جدي على المدى البعيد , وليست الحرية المنشودة هي التي تهدد هذا الاستقرار المزعوم .. فهو يسعى جاهداً لنشر الجهل والتخلف والفقر وتدمير مؤسسات المجتمع المدني ، و افتعال الصراع الأهلي والطائفي ، ليحكم قبضته على الجماعات المتنازعة والمجتمع المحطم ، ولكي ( في حال تهديده ) يدخل البلاد بالفوضى التي تمنع معاقبته ومحاسبته ، وتسمح له بإقامة دولة طائفية عصبوية خاصة به في حال سقوطه .
فالحرية التي نطالب بها لن تنشر الفوضى ، ولن تؤدي للحرب الأهلية ، بل ستسمح بنشوء منظمات مجتمع مدني قادرة على استيعاب متطلبات التغيير وتمثيل إرادة الناس في وطن ودولة تقوم على الحق والقانون وتحترم حقوق جميع مواطنيها .
والقفز إلى استنتاج سريع يقول أن أي حريات سوف تفتح الطريق للمتعصبين للوصول للسلطة , كلام مبالغ فيه ويراد به دعم النظام بل هو كلام النظام الذي يتهم الحكومات الغربية بالحنق , لأنها تريد إزاحته لصالح من هو أكثر عداء لها منه . فما نطلبه الآن هو قدر من حرية العمل السياسي , بهدف تحضير المجتمع لدخول بوابة السياسة والممارسة السياسية السلمية والعمل الديمقراطي ، والخوف من نجاح الإسلاميين لا يبرر التغاضي عن الديمقراطية ، طالما أنهم سيلتزمون بها ، ويمكن التعامل مع هذا الاحتمال باعتماد التدرج في السماح بالحريات ، ووضع نظم حزبية وانتخابية تعيق وصول الأحزاب الدينية المتزمتة وهذا ممكن , ومبرر لتناقض ذلك مع منطق الديمقراطية ذاته .
لكن يجب أن يكون واضحا أن البديل عن الديمقراطية هو حتما الحرب الأهلية والأصولية وليس العكس . الأصولية التي تجد القمع والفقر والبؤس تربة خصبة لها ، لن تنمو وتزدهر في مناخ الانفتاح والحرية ، فهي تتبادل الدعم والفائدة مع نظام القمع والفساد والخوف الذي نتوهم أنه يحفظ الاستقرار . والخاسر الأول من حالة الاستقرار هذه هو المجتمع المدني المسالم الراغب في وطن عصري وحياة سياسية عصرية وانفتاح وتعاون مع الجميع وبعدها السلم والأمن العالميين .
هذه الأصولية التي تظهر قوية اليوم بمواجهة السلطة المتعسفة القائمة على شراء الولاء مقابل المنافع وفرض الصمت بالخوف والإرهاب . لا تستطيع أن تحكم في حال انتشرت الحرية لأنه خلال فترة بسيطة سوف يتجه الناس نحو الخيارات الأخرى الأكثر عقلانية وفائدة , وهي اليوم إذ يبدو أحيانا أنها تدعم الأصولية فهي تفعل ذلك فقط لأنها تكره السلطة وترفضها رفضاَ مطلقاً ، وليس هناك خيارات أخرى متاحة أمامها ، تعبر بها عن رفضها لنظام التسلط والقمع والفساد الحالي .
ويجب أن نفرق بين الأغلبية المتدينة وبين من يدعم منها الحركات السياسية الإسلامية ، فالحركات تدعي أن كل مؤمن هو منتسب لها , وهذا غير صحيح طالما أنه ممنوع من التعبير عن رأيه السياسي , لأن أغلبية المؤمنين سوف يدعمون حركات سياسية أخرى بشرط ألا تستفز مشاعرهم الدينية وتتحدى إيمانياتهم ، وهنا خطورة استخدام الأيديولوجيات الملحدة والشيوعية والمعادية للدين ، فهي تدفع بغالبية القوى الاجتماعية لحضن السلفية والأصولية بربطها بين الحداثة والتنكر للدين . . وهنا أهمية خلق حركات سياسية ليبرالية ديمقراطية علمانية تكن الاحترام والتقدير للدين وتعترف بدوره القيمي والأخلاقي لكنها لا تعطي لرجال الدين حق الإشراف على السلطة السياسية والتشريعية . وتمنع فرصة نشوء تحزب سياسي ديني وطائفية سياسية وتسحب البساط من تحت التطرف والتعصب ، وتزيل الاحتقان المؤدي للعنف , وهذا الفارق مهم جدا وحساس وحاسم في صياغة البرامج السياسية . لذلك تحاول السلطة إنشاء منظمات علمانية شديدة العداء للدين أو على أسس طائفية معادية لطائفة الأغلبية بهدف تشويه المسار الليبرالي الديمقراطي العلماني .
وحتى لو افترضنا جدلا أن الحركات الأصولية قد تمكنت من الاستئثار بالسلطة , فهذا سوف يفقدها بسرعة شعبيتها , ويضعها مباشرة في مواجهة أغلبية الشعب , نتيجة عجزها عن تلبية متطلباته بالحرية والانفتاح والحياة العصرية .. فهي كحركات سياسية تتبنى الدين, نشأت كرد فعل على حالة الحرب التي تشنها السلطة الغاشمة على المجتمع , وسوف تفقد معظم مبرراتها في حال زوال هذه السلطة .
ومن حيث التركيبة السكانية الأهلية , وتوزع الطوائف والقوميات في سوريا , نرى أنه أقل من 60 % من الشعب السوري عربي مسلم سني ( حيث تنتشر الأصولية حصرا ) لأن الأصولية الشيعية متنافسة حتما معها ، وحتى لو افترضنا وحدة الحركات الأصولية وهذا أيضا مستحيل ، فإن 20% من هؤلاء ليسوا مؤمنين على الإطلاق ، وأكثر من نصف الباقين يرفضون الإسلام السياسي المتعصب جملة وتفصيلا . ليبقى الحديث عن 20% من المجتمع , أغلبهم يمكن استيعابه في حركات سياسية عصرية, وفي منظمات ثقافية دينية تفصل بين الدين والقيم والأخلاق وبين البرامج السياسية الانتخابية . وفي الواقع فإن أقل من 10% من المجتمع يمكنها دعم حركات أصولية متشددة , وأقل من 5% قد تؤيد العنف والديكتاتورية الدينية والتطرف والإرهاب .. وبذلك لا يمكن من حيث المبدأ قبول احتمال سقوط سورية في قبضة الإرهاب الأصولي , في حال تحولها السلمي نحو الديمقراطية برعاية دولية ومساندة عالمية ، ناهيك عن تأثير القوى التي سوف تسعى لإزالة السلطة والخطوات التي سوف تتبعها ..والضمانات التي سوف تفرضها القوى الدولية التي ستتبنى الإشراف على عملية التغيير ، وهي عوامل هامة وحساسة وحاسمة .ولن تستطيع الأصولية الإرهابية التحكم بسورية إلا من خلال نظام ديكتاتوري إرهابي مشابه للحالي ، وبسببه وكنتيجة له .
ومن الخطأ الدمج بين قوة الدين وقوة الإسلاميين السياسية ، فليس كل متدين هو أوتوماتيكياً من أنصار الحركات الإسلامية وسياساتها . ومن الخطأ الحكم على المعارضة من خلال التنظيمات القائمة الحالية ، فالشعب ما يزال صامتا ومتفرجا ولم يسمح له بالتعبير عن رأيه ، ولا يمكن تقدير مدى مصداقية وشعبية أي خط حاليا كما أن الظروف تتغير بسرعة , والمعارضة الحقيقية ليست هذه الظاهرة اليوم , والتي هي ليست أكثر من حالات صغيرة ومعزولة وضعيفة تكافح من أجل البقاء.. ومخترقة من قبل السلطات , التي تحاول عرقلتها وإشغالاها في صراعات داخلية وتنازع على الوجاهة والزعامة .
المعارضة الحقيقية هي ال 98% من المجتمع السوري الذي ينتظر لحظة الاندفاع للشارع , ومن يلامس هذا الشعب ومن يستعد فعلا لاستقباله هو الذي سيأخذ كأس السبق , ويفوز برضا من سيساعدهم على الخلاص , وهذا الأمر متروك للتاريخ ولم يحسم بعد .
حتى حزب البعث والقوى داخل السلطة , فهي في الواقع تنتمي للمعارضة أكثر منه للسلطة , وهي قد أجبرت على الإذعان والرضوخ , وهي بمعظمها لا تمانع التغيير , بشرط ألا تفقد الكثير من مصالحها , فكلها قد ضاقت ذرعا بالخوف والغطرسة والإرهاب .. وحزب البعث ليس أكثر من مجموعة طالبي الانتساب للسلطة , ولا علاقة لهم بأي مبادئ ولا شعارات ولا إيمانيات ، هم فقط يريدون الانتفاع أو اتقاء الشر . والكثير من موظفي الدولة سوف يسارعون للعمل تحت أي سلطة جديدة , بمن فيهم أغلبية ضباط الأمن والجيش الذين تعودوا الطاعة والتنفيذ .. فالمشكلة في عدد محدود جدا من الأفراد الذين يشكلون قمة الهرم والذين يحتكرون السلطة والثروة ، ومع ذلك فهم في حالة صراع وتنازع داخلي وعدم ثقة خطير , وبمجرد الضغط الحقيقي والجدي والشخصي عليهم سوف يتفجر تحالفهم وتنقسم السلطة وتنهار .
كل ما نحتاج إليه هو استمرار لعبة الرموز المعارضة في الداخل ، واستمرار الضغط من الخارج , وبشكل خاص استغلال انتهاكات حقوق الإنسان والاغتيالات التي تورط فيها النظام , ومن ثم السعي لاتخاذ القرار الدولي المناسب لجر رموز السلطة للمحاكم الدولية والمحلية .. ومن ثم المساعدة على تشكيل سلطة انتقالية مؤقتة بقرار دولي يضع آلية ملزمة لإجراء انتخابات حرة . ويمكن تشكيل سلطة مؤقتة تقود أجهزة ومؤسسات الدولة ، في حال عدم قبول السلطة الحالية بقرارات الأسرة الدولية ، أو في حال إزاحتها بحراك شعبي أو بتدخل خارجي , لتتكون سلطة بديلة من بعض رموز المعارضة وبشكل خاص ربيع مشق , والوجوه الإصلاحية في حزب البعث , وسوف تحظى مثل تلك السلطة بقبول ورضا شعبي كبير . وبتأييد أغلب المؤسسات الأمنية والعسكرية وغالبية الدول العربية والمجاورة وقبلها الغربية الديمقراطية .
وفي حال فشل المجتمع الدولي في اتخاذ إجراءات حاسمة , لا يبق أمام الشعب السوري سوى الاستمرار في المحاولة من الداخل , بدعم ومؤازرة الأصدقاء من الخارج ، لمتابعة تنشيط رموز المعارضة وتحريض الشعب على المشاركة ، وهو ليس بعيدا كثيرا عن تحقيق قفزة نوعية في مستوى ونوعية العمل السياسي المعارض ، تجعل من المستحيل على السلطات القائمة إعادة الشعب لدائرة الخوف والسلبية ، مما سيحرض نهاية سريعة للنظام على الطريقة الأوكرانية . فما نطلبه في حال الإبقاء على السلطة ، هو انتزاع حق العمل السياسي السلمي الديمقراطي العلماني , وبعد ذلك سوف نجذب أغلبية قطاعات المجتمع ونضمن تحول البلاد نحو الديمقراطية وليس نحو التطرف .
وإذا فشل هذا الاحتمال , سوف يستمر النظام في قيادة التدهور الشامل ، وعاجلا وليس آجلا سوف يفقد توازنه ويجر البلاد نحو الفوضى ، وربما الحرب الأهلية ، التي قد تنتهي بدويلات عنيفة تحكمها عصابات التطرف والإرهاب . . لذلك يصبح وقتها التغيير بالقوة واقعا لا مهرب منه ، وقتها علينا دفع الثمن والقبول بمقدار محدود من العمليات العسكرية الموجهة نحو رموز النظام ومفاصله وليس الدولة والوطن , و القبول بمرحلة محدودة من الفوضى للانتقال نحو الديمقراطية ، بكل ما تحمله من مخاطر ، لكن ذلك يبقى أفضل من انتظار التفجر التلقائي للنظام الاجتماعي السياسي برمته .
إن انتصار التحول الديمقراطي السلمي في سوريا , يمكن أن يحدث بسهولة ويسر وبشكل سلمي , بواسطة إرادة دولية وتعاون دولي , كالذي حصل في لبنان , و سوف يكون له عميق الأثر على استقرار الديمقراطية وتطورها في لبنان , ثم سوف يساعد على تعزيز فرص الاستقرار في العراق , و إذا تم تشكيل تحالف بين الديمقراطيات في سوريا ولبنان والأردن والعراق , وبمساعدة دولية ، سوف تسير كل المنطقة نحو المزيد من الانفتاح والتحولات الديمقراطية ، وسوف يتعزز السلام , و يصبح بالإمكان الحديث عن تغيير الأرضية التي تنتج الإرهاب ، عبر إجراء تغير ثقافي و إصلاح ديني حقيقي , يحقق المصالحة بين الإسلام وقيم العصر , والتي تأخرت كثيرا ، بسبب الصراعات والحروب والاستبداد والتخلف .
إن انتصار الديمقراطية الوشيك في سورية سوف يعزل المنظمات والدول المتعصبة والعنيفة , ويضعف نفوذ الفكر المتزمت , ويسهل طريق تحولها هي الأخرى .
إن انتصار الديمقراطية في سورية قريب وسهل , ومرهون بإرادة دولية حقيقية وتفهم وتعاون داخلي معها ، والسلطة الحالية قدمت كل ما يلزم لإثبات إفلاسها , واثبات أنها عقبة حقيقية في وجه السلام والتقدم والحرية .
وقد حان الوقت لرحيلها بعد أن جثمت على صدر هذا الشعب طيلة أكثر من أربعين عاما كانت كفيلة بجر سوريا كثيرا نحو الخلف ، لتصبح في مؤخرة الدول بعد أن كانت تهم بالانضمام للدول المتقدمة في نهاية الخمسينات .
ولن تكون سورية في المنظور القريب إلا دولة ديمقراطية ليبرالية علمانية , تلعب دورها في نصرة الحرية والسلام والأمن وحقوق الإنسان في المنطقة والعالم ، إذا تم تعاون حقيقي بين المجتمع الدولي , وبين قوى حقيقية محترمة في الداخل , وقادرة على تمثيل رغباته وتلبية طموحاته .
الديكتاتورية والإرهاب
د. محمد كمال اللبواني
لن نتحدث هنا عما تمارسه السلطة الديكتاتورية من قمع وإرهاب منظم بحق مواطنيها , من أجل حصرهم ضمن دائرة الخوف , حيث تفرض عليهم حالة من الإذعان والخنوع والاستسلام التام لمشيئة السلطة المتعسفة . ولا نقصد هنا إرهاب السلطة ووحشيتها التي تمارس بانتظام , من أجل ضمان البقاء بدون أية شرعية مستمدة من إرادة الشعب الحرة ، بل ما أقصده هو تلك الظروف التي تنشئها الديكتاتورية , والتي تهيئ الأرضية للجهل والفقر والتخلف والتعصب ومن ثم التطرف والعنف والإرهاب ، الإرهاب الذي لا تمارسه مؤسسات الدولة القمعية والعصابات التي تحكمها أو المرتبطة بها ، بل المنظمات المعارضة التي تنشأ في أوساط مريضة ومحبطة وتهدف لترجيع العنف, ليس فقط ضد السلطة المستبدة الفاسدة المتوحشة , بل أيضا ضد كل من تعاون معها وسكت عنها في الداخل أو في الخارج ..
الضحايا الذين يستهدفهم العنف بعيدين كثيراً عن العامل المباشر الذي قهر الجماعات التي تمارسه والتي لا قبل لها في مواجهة غطرسته , فتذهب تلك الجماعات نحو العامل البعيد وغير المباشر , والذي تراه أنه هو السبب الخفي وراء قوة السلطة ، وأنه هو الهدف الأسهل الذي يمكنها الوصول إليه , أي تستهدف المدنيين في الداخل أو المدنيين في الخارج ليس بهدف قتل المدنيين بحد ذاته ، لكن لاستعماله كوسيلة ضغط فعالة .. حيث يؤدي الصدى الإعلامي والنفسي الهائل لعمليات الإرهاب هذه إلى ترجيع وهمي لمقدار الضرر والحقد والشعور بالظلم والامتهان , الذي تعاني منه المجتمعات المنعزلة والمغلقة والمحرومة , والتي يتنطح قسم صغير محدد السمات و الشخصية ( وله طبيعة خاصة ) من أبنائها للتطوع للدفاع عنها ( طبعا من وجهة نظرهم ) لأن الكثيرين غيرهم يرى أنهم مجرد هواة قتل وانتقام ولا يحملون أية قضية , فهم يظنون أنهم بعملهم هذا ينتقمون لشعوبهم , وأنهم حتى لو فقدوا أرواحهم او أزهقوا أرواحا بريئة أخرى ( وما أكثر من يفقد روحه لأسباب تافهة في دول التعسف ) فهم يفقدونها لأسباب هامة ، يضاف إلى ذلك وعود الدين بحياة أخرى سعيدة غير تلك السيئة التي نحياها ، لكل من يجاهد في سبيل أهله وإلهه ووطنه وفي سبيل رفع الظلم والاضطهاد ..
لذلك لا يمكننا أن نتوقع حصول ظاهرة الإرهاب من دون نوع معين من القبول (O K ) يصرح عنها أو يهمس بها المجتمع المضطهد المدفوع نحو البؤس والانغلاق .( ولا أقصد هنا كل المجتمع بل تلك التجمعات التي يعتقد الإرهابي أنه ينتمي إليها ويستمد بعده الاجتماعي منها , ويوجه نشاطه من أجلها / مخيم /حي / أسرة / تنظيم ) ومن دون إلغاء هذا الموافقة الضمنية ومن دون فتح تلك المجتمعات ، ومن دون تغيير تلك الظروف البائسة التي فرضت عليها بسبب السياسات .. لا أعتقد أننا سنشهد نهاية قريبة ونصر حاسم على ظاهرة الإرهاب . فالحقيقة التي ظهرت ساطعة أن الشعوب والتشكيلات تسلك طرقاً مختلفة ومعقدة للردود الفعل إذا فشلت في إيجاد مكان وساحة لها من أجل العيش الكريم .
فبعد أن انتهت مرحلة الاحتلال المباشر أو ما سمي بالاستعمار ( الكولونيالية ) , وبعد اندلاع الحرب الباردة ، تسابقت الدول الشرقية والغربية لتنصيب الحكومات العسكرية , التي رعت وطورت أنظمة الفساد والاستبداد والقمع , وأودت بأوطانها نحو الحضيض .. ولم تكن هذه الدول تأبه بالنتائج الرهيبة الداخلية لسلوك تلك الحكومات , طالما أنها تتعاون معها وتؤمن مصالحها الخارجية .. وحيث يسود التعسف وتغيب سلطة القانون ويمارس الحكم ليس بالتفويض والنظم التي يرتضيها المجتمع بل بالقوة والغطرسة والعنف المحض , وحيث فشلت عمليات الإصلاح أو التمرد المستمر والمتلاحق , غالبا بسبب الدعم والمساندة التي تلقتها الأنظمة العسكرية اللا شرعية من الغرب تحديداً بعد زوال الدول الاشتراكية ، أو على الأقل تجاهل ممارساتها الوحشية . تطورت أيديولوجية جديدة تعتمد العقل الدوغمائي المغلق ، وتتبنى مبدأ العمل النخبوي البديل عن المجتمع وبالنيابة عنه وباسمه , وباسم أقدس شيء عنده ( الدين ) لا هدف لها سوى ترجيع العنف والقهر والتسلط والإجرام .. لكن هذا الترجيع وبهذه الطريقة لا يمكن أن يكون سوى إمعانا في الإجرام ذاته ، وتعبيرا عن الانحطاط القيمي والخلقي ، وتعميما للظلم والبطش .. و عائقا أمام فرص الخروج من هذا المأزق .
فالإرهابيون ليسوا منحرفي الشخصية ولا يعانون من تشوه نفسي كبقية المجرمين .. بل هم أشخاص يتحكمون بأنفسهم تحكماً واعيا ويعرفون تماماً ماذا يريدون ، والخلل ليس في البنية النفسية بل في الأيديولوجية , أي في حصيلة تفاعل الثقافة والفلسفة مع الظروف والحاجات ، والتي ينتج عنها نمط أو برنامج فعل سياسي يهدف لتغيير السياسة , لكن بوسائل عنيفة تبررها الغاية ، أي بوسائل مناقضة للقيم والمثل التي تتبناها الثقافات والأديان . وبالتالي يصبح الإرهاب تعبيرا سياسيا بامتياز , يقوم به الضعيف في مواجهة غطرسة القوي ، فحيث لا يمكن التصدي للظلم والتعسف بالطرق العادية والأخلاقية والسلمية ، أو حتى بالحرب النظامية ، يتم اعتماد الطرق الإرهابية كطريق سهل لإيذاء الخصم وترجيع العنف ، فيحرض ذلك على المزيد من العنف والظلم المتبادل ، حيث يؤدي رد الفعل العشوائي العنيف على الإرهاب للمزيد من الإرهاب ( خاصة إذا طال المدنيين ) فيعطي للجماعات الإرهابية المبررات الضرورية لتفعيل نشاطها ، ولجعل مجتمعاتها أكثر تعاطفا معها ..
الإرهاب طبعا سلوك لا أخلاقي وإجرامي ، أيضا هو ترجيع للعنف وتعبير عن الكراهية ورغبة في الانتقام , ولا يمكننا أن نطلب من الضعيف الجاهل أن يتسامى فوق عذابه , دون أن نطلب من القوي المتغطرس أن يحد من ظلمه ، الإرهاب بالتالي هو نتيجة للسياسات التي ولدت الظروف البائسة والشروط الرديئة المعاشة ، ولا تلعب فيه الثقافة الموروثة وبشكل خاص الدين إلا دور وعاء , ليس من الصعب استبداله بوعاء ثوري يساري أو قومي إذا لزم الأمر ، ومن الخطأ التوجه باللوم للثقافة والهوية الموروثة وحدها كمسؤولة عن ظاهرة العنف ، فهناك الكثير من الثقافات والفلسفات التي يمكنها تبرير تلك الأيديولوجية . وكل ثقافة أو كل دين هو حمال أوجه ويحتوي كل الإمكانيات المتنوعة للاستخدام ، بل من الأفضل أن نبحث عن السبب الحقيقي ، وعوامل تولد الطاقة في داخل شخصية الإرهابي ، والتي تدفعه لممارسة كل ذلك القدر من التزمت والانضباط والتضحية والعنف بوعي كامل وإرادة لا تلين .. وهذا يدفع لدراسة الشروط التي يعيشها وتتكون شخصيته ودوافعه ضمنها ، وهذا ما يفتح الباب على أهمية دور التعسف والاستبداد والإهانة والفقر والجهل والكبت , الذي يقف كمولد حقيقي لظاهرة الإرهاب , الذي يصبح نتيجة مباشرة للسياسات وليس للدين . فالدين ليس أكثر من وعاء وغطاء يستخدمه المتطرفون لتبرير رغبتهم بممارسة العنف , لكنه ليس الدافع الأساس لها . لكون تلك الرغبة ناتجة عن ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية ، قبل أن تكون ثقافية ، أو تنعكس بالثقافة .
الديكتاتورية لا تمارس فقط قمع حرية الرأي والتعبير ، بما ينتج عنه من تحطيم للوعي والعقل النقدي و تعطيل للحوار الذي يسمح بقبول الأخر والتوافق معه بالرغم من الاختلاف .... الديكتاتورية تحطم أيضاً كل أشكال التعبير الثقافي والفني ، وتفرض نمطاً مسيسا من الثقافة الهزيلة , التي تسطح الحياة والإنتاج الفني والأدبي , وتحرم المجتمع من أرقى أشكال التفاعل والتبادل والتعبير والارتقاء .
وتشجع ثقافة الخنوع والذل ، وتهيئ لنوع من الانتظام الفاشي وراء زعامات فاشية ، وتؤسس لنمط اجتماع عصبوي إقطاعي عسكري ، يلعب فيه المنتسب دور الجندي المطيع , والمنفذ دون تفكير , للأوامر والتعليمات والتوجيهات التي يصدرها القادة والأئمة والفقهاء ... وتخلق بالتالي ثقافة الخنوع والتعصب والانتظام الفاشي التي تستخدمها الجماعات الإرهابية لتشكيل منظماتها على أساسها .
الديكتاتورية تمارس القمع الوحشي والتعذيب المنتظم ، وتنشر حالة من الرعب والخوف وعدم الثقة ، وتؤدي لتشويه نفسي خطير يحول الإنسان إلى شخص حاقد ومجرم وراغب في الانتقام .. ويكفي هنا أن نذكر اثنين من أهم منظري الأصولية الإسلامية في الشرق الأوسط .. هما سيد قطب في مصر و سعيد حوى في سوريا , وكلاهما طورا أفكارهما في سياق التصدي للديكتاتورية المجرمة ، فقبل الديكتاتورية كانت الجماعات الإسلامية تشارك في الحياة البرلمانية وتعتمد الطرق الديمقراطية السلمية .. نعم لقد نشأت فكرة العنف الإسلامي ، فكرة التكفير الديني وحرب العصابات , من سجون الأنظمة الإرهابية الديكتاتورية المستبدة والفاسدة ، وكانت بمثابة رد فعل على جرائم التعذيب الوحشي والإعدام الجماعي التي مورست في تلك السجون ، وما كان لمثل هذه الظاهرة وهذه الأيديولوجية أن تتعمم وتنتشر وأن تجد ذلك الصدى , لولا الظروف الرديئة التي دفعت إليها المجتمعات ، المحرومة من أبسط حقوقها ومن كل ما يعطي للحياة معنى وقيمة ، وأهمها الحرية والكرامة ... المجتمعات التي تحولت لمجرد قطعان من البهائم ترعى في مزرعة السلطان ، السلطان الإله الذي له كل الحق بالتصرف بها كما يشاء سلماً وحرباً واستباحة وقتلاً ... ولم يكن لظاهرة الإرهاب العالمي أن تنتشر في كل مكان لولا النفاق والكذب والمعايير المزدوجة التي تستخدمها الدول والسياسات الغربية والعالمية تجاه قضايا محسوسة وبديهية تخص صميم مشاعر المجتمعات التي ترزح تحت نير الاستعباد المدعوم خارجيا . لذلك ليس من المستغرب أن يتقمص أحد ما في الخارج هذا الموقف ويتبناه , حتى لو كان قد ولد وترعرع في الخارج ، لكنه ما يزال يحتفظ بانتمائه العقيدي ، طالما أنه مقتنع فعلا بهذا النفاق والكذب ويعيشه في كل تفاصيل السياسات المتجردة من القيم .
والديكتاتورية بتبنيها لنظام تعليم أيديولوجي هدفه تخريج منتفعين , لا يجدون عملاً لهم سوى خدمة مؤسسات السلطة المستبدة والارتزاق من منافعها , تحرم المجتمع من طاقات أبنائه ، ومن المعاهد الحقيقية التي تخرج أصحاب الخبرات الضرورية للإنتاج ، كما أنها تجبر كل العقول والخبرات على الرحيل والهجرة .
الديكتاتورية بامتلاكها السلطة المطلقة ، تطور نظام الفساد واحتكار الثروة وتسخيرها لخدمة المستبد وزبانيته .. وسرعان ما يتم استخدام القمع لتجميع الثروة و الامتيازات ، مما يسبب تشوهاً كبيراً في بنية الاقتصاد الذي يحاول الهرب من سطوة القمع نحو الخارج أو نحو نشاطات صغيرة بعيدة عن سطوة الحكومة ومرتزقيها ، وبسبب الاحتكار سرعان ما ينشأ اقتصاد الظل والسوق السوداء والتهريب ، ثم يتعمم الفساد والرشوة على الجميع , طالما أن قاعدة الحكم وفلسفته تقوم على تقديم الطاعة مقابل المنافع .
وتتدهور حالة القضاء بتأثير تدخل السلطة وشيوع الفساد ، وتندلع ضمن المجتمع حرب أهلية حقيقية وتنازع وحشي أساسه القوة والسطوة , وليس الحق والقانون ، وسرعان ما يتعمم الفقر الذي يسرع حالة الفساد , و يسرع حالة الفوضى والتخلف ، وكل ذلك ينتج ثقافة مشوهة ، وظروف معيشة لا إنسانية ، وانحطاطاً في المقومات المادية والقيمية للحياة الاجتماعية والفردية على السواء . تجد تعبيرها في المجون والانحراف والتحلل ، أو بالشكل المعاكس وغير النقيض ( أي بالتعصب والتزمت والانغلاق ) في مواجهة واقع غير مقبول وغير عقلاني , وفي مواجهة حداثة مشوهة وفقيرة ومجرمة .
هنا يأتي دور الكبت الاجتماعي والبنية التقليدية المتزمتة للمجتمع ( والتي هي نتيجة أخرى لفشل التحديث) أو نتيجة التحديث المدمر والعشوائي الخالي من كل ضمان ضد الوحشية ، خاصة في التجمعات السكانية العشوائية الجديدة التي تفتقد لكل مقومات الوجود الاجتماعي الحضاري , والتي تتحول لمعسكرات لاجئين في أوطانهم , ومستبعدين من الحضارة , تضم في أكواخها مختلف أنواع المحرومين والمكبوتين والمحتاجين .... من هنا وبسبب غياب الدول التام واستقالتها من كل مسؤولياتها ، سوف تشكل الأصولية الضامن الوحيد ضد اندلاع العنف والإجرام ، بواسطة تبنيها لمنظومة قيم موروثة وجاهزة ومحترمة وغير قابلة للنقاش والتعديل , قاسية ومتصلبة للدرجة التي تجعلها قادرة على حراسة انتظام الجماعة الشكلي الخارجي القسري والنمطي الماضوي , حيث يراد بها التغطية على حقيقة الصراع الداخلي العنيف والمطلوب كبته على الدوام ، حيث لا يمكن تصور إمكانية نجاح مثل ذلك الكبت في غياب الديمقراطية , والقدرة على التأثير على الدولة والسلطة وإجبارها على تحمل مسؤولياتها , بل لا بد في هذه الحال من اعتماد نظام قيمي متزمت غير مطروح للنقاش ومتفق عليه بداهة ومرفوع لدرجة التقديس ، محروس فقط بسلطة المقدس والانتماء العصبوي والتجمع الفاشي حول زعيم أو إمام ، حيث النظام السياسي يحتكر استخدام العنف لنفسه لخدمة أمنه هو وخدمة بقائه هو ، وهذا كله ينتهي بهذه التجمعات لتبني نظام عقلي و أيديولوجي متزمت ، فالأصولية تعوض عن غياب المضمون الحقيقي للوحدة الاجتماعية القائمة على الحرية والإرادة الحرة وحق الاختلاف والتسامح والحب والرغبة في المستقبل ، وتعكس حالة غياب وفقدان الحضارة وتحطم المجتمع المدني , ودمار المجتمع الأهلي التقليدي الريفي والمدني على السواء ، واقتصار مهام الدولة على وظيفة حراسة أمن واحتكار السلطة الفاسدة المؤبدة .
لذلك تلعب المنظومة الدينية الموروثة بعد تشديدها ، دورا كبيرا في تغطية حاجة المجتمع للنظام , في ظل غياب الدولة الديمقراطية وسيادة القانون والقضاء النزيه والفعال , الذي يمكن الاحتكام إليه , فيستبدل كل ذلك بالنموذج القديم للتنظيم الاجتماعي , الذي يقوم على الخضوع للقيم والتقاليد والشريعة , التي يجسدها الإمام بشخصه هذه المرة وبطريقة فاشية .
ولما كان الدين منظومة متكاملة ومغلقة وشمولية ، ويتعمد منظومة قمعية جنسية , كانت ضرورية في المرحلة السابقة , كان من الطبيعي توقع العودة لوضعية دونية للمرأة , والعودة لتوليد الكبت الاجتماعي والجنسي أيضاً .. وأركز بشكل خاص على اضطهاد المرأة , وعلى الكبت الجنسي في مجتمع فتي وفقير ، وفي ظروف يستحيل فيها ممارسة الجنس بشكل منتظم لمجموع الشبان الذي يصلون سن البلوغ الجنسي بشكل مبكر نسبيا , والذين يحتاجون للكثير من الموارد لكي يتمكنوا من ( الزواج الشرعي ) , والواقعين تحت ضغط كل أشكال الإثارة الجنسية بسبب انتشار الإعلان ووسائل الاتصال .. فهذا القدر من الكبت قد يكون كافيا لتدمير التوازن النفسي وتعطيل طاقات الشباب .
( في القديم كان الدين يلعب الدور الأهم في تنظيم المجتمعات ، في حين كانت الدولة مجرد سلطة خارجية بعيدة ، وارتباط الدين بالكبت الجنسي كان ضروريا , في زمن كان فيه ضبط الغريزة الجنسية هو أهم عامل في تنظيم المجتمعات ، نظرا لغياب الدولة القانونية الحديثة بقدراتها الهائلة ، وفي ظروف حياة بدائية وقاسية ، فكل الحضارات القديمة قامت على استخدام الدافع الجنسي ، وازدهرت بمقدار قدرتها على ضبطه ، وهذا ما ترسخ في الديانات ، التي هي بحكم كونها ديانات تشكل منظومة عقلية قيمية مغلقة . تتطور بالقفزات وليس بالتدرج السلس ، وكل فتح وقفزة تتطلب ثورة من داخلها لإنجاز تطور نوعي فيها ، فهي تفتقد آليات التطور الذاتي المتدرج والتلقائي ، لكونها تعتمد المقدس ، ولكون المقدس شيء غير قابل للنقد والتشكيك ، فهو شيء افتراضي جماعي موروث تعاهدت الجماعة على تقديسه . وليس من السهل أبدا تغيير المقدس من دون حشد تأييد أغلبية الجماعة ومن دون حاجة حقيقية لفتح باب التغيير . )
وباستخدام درجة كبيرة من القهر السياسي و الكبت الاجتماعي والاقتصادي وبشكل خاص الجنسي , يمكن تحويل الطاقة المتجمعة في الليبيدو نحو التزمت الفكري والتعصب , ومن ثم توظيفها في إنتاج العنف السياسي ، فيأتي السلوك الإرهابي ليعبر عن درجة الاحتقان الداخلي ، الذي يعاني منه الشاب المحبط والمحروم والعاجز عن الحياة والتعبير ، والذي تصبح حياته عبارة عن جحيم يجب الخلاص منه نحو النعيم الأخروي ، حيث تتوفر له كل وسائل المتعة ..
لذلك لا بد أيضاً من إجراء إصلاح ديني ، لكن هذا الإصلاح لا يمكن توقعه في ظروف الانغلاق والكبت والحاجة للوحدة الفاشية المتزمتة .. بل هو مرهون بشروط حياة أكثر مرونة وسهولة ، ومرهون بدولة قادرة على القيام بمسؤولياتها تجاه تنظيم الحياة الاجتماعية وتأمين السكن والعمل والضمان الصحي اللازم والأمن والسلم الاجتماعي .. وكل ذلك تعجز عنه سلطة الاستبداد والفساد والفقر والإفقار والنهب الوحشي والتخريب المتعمد لكل مناحي الاقتصاد ولكل مقومات الإنسان وقدراته .. فهي لا تكتفي بتحطيم الاقتصاد بل البيئة والبشر والثقافة والتعليم والوعي والعقل .. وهي كما توصف بأنها أسلحة التدمير الشامل الحقيقية , والتي تشكل العامل الرئيس في تهيئة الأرض لنمو ظاهرة الإرهاب .
إن أهم سلاح يمكن استعماله في الحرب على الإرهاب هو سلاح الديمقراطية والحرية والانفتاح ، وإن احترام حقوق الإنسان كمنظومة قيم عالمية جديدة هو المفتاح الحقيقي لحل مشاكلنا جميعاً ، وبوابة للدخول في السلم الاجتماعي الوطني والعالمي ، دون إهمال ما يجب علينا القيام به من إصلاحات بنيوية في الموروث الثقافي والديني لجعله أكثر انسجاماً مع العصر وقيم الحرية والسلم والأمن العالمي ، لكن مثل تلك الإصلاحات تتطلب مناخاً أقل احتقانا وفرصا حقيقية للتفاؤل بحياة كريمة .
ولما كانت أنظمة الفساد والاستبداد ترفض تماما أي فكرة إصلاح وعاجزة عملياً عن إجرائه ولا تستطيع أن تنتج إلا ذاتها . لذلك صار من الضروري اتخاذ إجراءات تنفيذية حاسمة من قبل المجتمع الدولي , تلزم هذه السلطات على إجراء انتخابات تعددية حرة , وبمعايير وإشراف دولي , كما يجب جلب مسؤوليها أمام المحاكم الجنائية الدولية عن انتهاكاتهم لحقوق الإنسان .. فمنظومة الأمم المتحدة التي قامت على مبادئ احترام حقوق الإنسان , وحق تقرير المصير , ومحاربة كل أشكال العبودية ، والتي تتنطح اليوم للعب دور في السلام العالمي ومحاربة الإرهاب ، يؤهلها دستورها لاتخاذ قرارات تفرض احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان , بالنظر لأن الديكتاتورية هي آخر شكل من أشكال العبودية وتنتهك حق تقرير المصير وحقوق الإنسان بشكل سافر , وتعلب دورا محورياً في تهديد السلم العالمي و تنامي ظاهرة الإرهاب .
ومن جهتنا كمعارضين للديكتاتورية والإرهاب على السواء ، علينا أن نسعى نحو إصلاح جذري في الطرق والبنى والأدوات والأفكار التي تقوم عليها ومن أجلها التنظيمات المعارضة . باتجاه تطوير جدي وجذري في كل مناحي الحياة السياسية الاقتصادية والفكرية الثقافية والاجتماعية ، وهذا يتطلب درجة من الحرية والحماية ومقدار من الدعم خاصة في البداية ، لأننا نعمل على استنبات نسق مختلف وحديث في وسط قديم ومتخلف وبالي . وفي مواجهة سلطة شمولية تمتلك كل أدواة السيطرة المطلقة على المجتمع . وفي وسط اجتماعي يعاني من ضعف وأمراض خطيرة ..... وحتى لا تقع البلاد تحت سيطرة الاتجاهات المتزمتة لا بد من خطة عمل واضحة ومتدرجة , وتعاون وإشراف دولي في كل مرحلة من مراحل التحول .
وبتوفر الإرادة في السير نحو إصلاح حقيقي وجذري , وبوجود قدمين اثنتين واحدة في الداخل وواحدة في الخارج ، يمكن لمسيرة الديمقراطية والسلم أن تسير بسرعة نحو الهدف الواحد المنشود ، وهو السلام والأمن والحرية والرفاه للجميع .
#كمال_اللبواني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟