أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد علي عبد الجليل - المرشدية دين الحرية















المزيد.....

المرشدية دين الحرية


محمد علي عبد الجليل

الحوار المتمدن-العدد: 7454 - 2022 / 12 / 6 - 00:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المرشدية: دينُ الحرية
Le murchidisme : une religion de liberté

عندما يصبحُ الدينُ مؤسسةً أرضيَّة،
تُفرَضُ القيودُ وتصادَرُ الحرّيَّة
على حسابِ الإنسانيَّة،
التي من أجلِها جاءَ الدين…
عندما تُصادَرُ الحرّيَّة،
يسقطُ الإنسان…
وعندما يسقطُ الإنسان،
تسقطُ الأديان،
ويسقطُ كلُّ شيء…

عند ذلكَ، ترتفعُ أصواتُ المصلِحين مطالِبةً بحريةِ الإنسانِ وتحريرِه من التبعية، مطالِبةً بالعودة إلى المفهوم الصحيح للدين، محارِبةً كلَّ شكلٍ من أشكالِ مَأسَسةِ الدين.
من بينِ تلكَ الأصواتِ يجيءُ من البعيدِ القريب صوتُ سلمان المُرشِد.
لقد جاءت الحركةُ المرشديةُ لتعيدَ للإنسانِ حريتَه، أي: إنسانيتَه وأصالتَه.
فمن هو سلمان المرشد وما هي حركتُه؟

المرشدية:
هي منهج إصلاحي أخلاقي ديني إسلامي – [الدينُ عندَ اللهِ الإسلام؛ وفي كلِّ دينٍ نورٌ من اللهِ وإسلامٌ لله؛ نحنُ نؤلِّهُ للهَِ ونحبُّ من نريد] - عالمي يُعنَى بسلامةِ السريرة وطهارتها لا بقوانين الإدارة، تَأسَّسَ في 12 تموز 1923م، وأُعْـلِـنَ بتاريخ 25 آب 1951م؛
فيكونُ الخامسُ والعشرون من آب من كل عام عيدَ المرشديين الوحيد والمسمى بِـ (عيدِ الفرح بالله).
تدعو الحركةُ المرشدية إلى التزام الأخلاق للفوز برحمة الله الواحد ورضوانه وإلى تحقيقِ الأصالة الإنسانية بُغيةَ الارتقاء إلى الكمال.
فليستْ مهمةُ هذهِ الحركةِ إصلاحُ العالَم، بل مهمتُها، ككلِّ دين، تخليصُ الإنسان من هذا العالَم.
وما وردَ في تعاليم المرشدية [ليسَ علينا مهمةُ إنقاذِ العالم] يتلاقى مع الآية القرآنية: [ليسَ عليكَ هداهم] والآية: [فذكِّرْ، إنما أنتَ مذكِّر. لسْتَ عليهم بمسيطر] ومع قول المسيح: [مملكتي ليس من هذا العالم] وقوله: [اعملوا عملي واتبعوني إلى الملكوت].
وأكثر ما يميِّزُ المرشديةَ هو إلغاؤها للسلطة الدينية، إذ لا يوجد كهنوت ولا مشايخ ولا تبشير ولا دعوة إلى الدين، إنما يُعطى الدينُ بناءً على طلب المريد.
فهي إذاً ليست نظاماً اجتماعياً ولا حزباً سياسياً ولا برنامجاً اقتصادياً.
كما ترتكز الحركة المرشدية عَمَلياً على الحرية الدينية الكاملة بشكلٍ عام [لا إكراهَ في الدين] وعلى حرية المرأة بشكلٍ خاص [الفتاةُ المرشدية تتزوج ممن تحب]…
لا يوجد في تعاليمِ المُـرشِدية أدنى معنى للإكراه أو القسرية، فالخيرُ إذا لم يصدرْ من تلقاءِ النفس فلا فضلَ لفاعلِه.
فالمرشدية إذنْ ثورةٌ على صعيد النفس لتحقيق أصالتها الإنسانية بالابتعاد عن الطُرُق الملتوية المؤدية إلى تحقيقِ رغبة النفس في الوصول إلى أي مكسبٍ مهما كان عظيماً. فالمهمُّ إذاً هو العملُ، لكنْ ليسَ أيَّ عمل، بل العملُ الصادر عن ضمير طاهر ونية صادقة. فطهارةُ الضميرِ وصدقُ النية هما الأساسُ لدى المرشدية – كما لدى كلِّ دين طبعاً -، فلا حاجةَ، عندئذٍ، إلى مؤسسة دينية أو سلطة كهنوتية لمراقبة الضمير.
طهارةُ السريرة مقدَّمَـةٌ على الشريعة. فالشريعة مؤقَّتة تختلفُ باختلاف الزمان والمكان. والشريعة نصيحة لا أكثر، ولا يوجد إدارة ولا مدير للنصائح.
كما تدعو الحركة المرشدية إلى المساواة بين الرجل والمرأة، فللمرأةِ المرشدية الحقُّ في التعليم الديني والدنيوي ولها الحقُّ في اختيار عملها وشريكها دون أي إكراه.
فقد جاءت الدعوةُ المرشدية لخلاص الروح، وكانتْ نقلةً نوعيةً من المعنى المادي إلى المعنى الروحي. لقد نقلَتْ المُـرشِديَّةُ آيةَ [وفي السماءِ رزقُكم وما توعدون] من على واجهاتِ المطاعم إلى السماء (التي في داخلِ نفوسِنا)، ونقلَتْ السماءَ (البعيدةَ عنا جداً بحسب مفهوم الأديان الحالية المسماةِ بالسماوية) إلى نفوسنا. فالمقصود بالرزق في الآية هو الرزقُ الروحي في السماء، وهو الخلود في ملكوت الله. فالدينُ لم يهتم بإصلاح الأرض واستصلاحِها بقدر ما اهتمَّ بإصلاح النفس والسريرة وصلاحِها.
يحرِّمُ المرشديون الميْتةَ والدمَ ولحمَ الخنزير، ويعتنون بالطهارة الداخلية النفسية والسيرة الصالحة والأخلاق الحميدة والفضيلة والقيم النبيلة وصحة النظرة إلى الله. ونظرتُهم إلى الخالقِ حُرَّةً فلا يقيدونه بالأصفاد.
كما أنَّ الحركةَ المُرشديةَ ليستْ مغلقةً أمامَ أحد ولا حكراً على فئةٍ دونَ أخرى، ولا يعيشُ أبناؤها ضمن غيتوهات [Ghettos] ولا يضرِبونَ حولَ مذهبهم أسواراً من الأسرار أو أنفاقاً ومتاهات، بل هي حركة عالمية مفتوحةٌ على كلِّ من يطلبُ بصدقٍ وإخلاص، دونَ اللجوء إلى أساليبِ الدعايةِ والتبشير وتسليعِ الحقيقة ولا إلى القسر أو الإكراه.
لا يدينُ المرشديونَ أحداً ولا يكفِّرونَ أحداً، فالديَّانُ هو اللهُ. كما لا يحقُّ لأحدٍ أنْ يكونَ وصياً على أحد. وجميعُ الأديان والمذاهب هي طرُقٌ مختلفة لغاية واحدة.
في كلِّ دينٍ حقيقةٌ ونورٌ وإسلام، وليسَ هناكَ من دينٍ يحيطُ بالله. ولهذا يجبُ احترامُ جميعِ الأديان، وعدمُ التهكُّمِ بأيِّ مُعتَقَدٍ مهما بدا غيرَ مقبول. فهم لا يقْبلونَ من أحدٍ أنْ يسيءَ إلى عقيدتهم. إذْ أنهم أكثرُ الناسِ اعتزازاً بدينهم وبمبادئهم. فقد زرعَ فيهم إمامُهم الحريةَ والتحرُّرَ من التبعية والإيمانَ والصدقَ والمحبةَ والعزَّةَ والكرامة…

سلمان المرشد:
وُلِدَ سلمانُ المرشد عام 1907م من أسرة فقيرة من الفلاحين في قرية (جوبة برغال) في جبال اللاذقية، وأُعدِمَ شنقاً في عام 1946.
نادى بالحرية والمساواة ورفض التبعية وحارب الإقطاع ودافع عن المستضعفين من الفلاحين.
قام بحركة إصلاحية وعمره لم يتجاوز 18 سنة، وعمل على توحيد عشيرته (بني غسان) التي كانت تعيش بين ظهراني العَلَويين وكانت تتواجد في اللاذقية وفي منطقة القنيطرة (زعورة والغجر،…) وجبل الحلو (شين، عوج، مريمين،…). وكانت تُدْعى بـ(الغيبية) لأنهم ينزِّهونَ اللهَ عن الأفلاك والمظاهر الكونية ويؤمنون بأنه غيب.
وحَّدَ سلمانُ عشيرتَه في 12/7/1923، وحاربَ الفرنسيين، فسُجِنَ ثلاثةَ أشهر تعرَّضَ خلالَها للسجن والتعذيب. وعندما خرجَ من السجن دعا إلى المساواة والعدالة بين الطوائف والأحزاب، فقامت السلطاتُ الفرنسيةُ بنفيه من اللاذقية إلى الرقة مشياً على الأقدام لمدة ثلاث سنوات من 1925 وحتى 1928. ثمَّ أُعيدَ من المنفى ليوضع تحتَ الإقامة الجبرية لمدة ست سنوات، لكونه عارضَ بشدةٍ البعثاتِ التبشيريةَ بين المسلمين، والتي تخفي وراءها مطامعَ سياسيةً ومصالحَ شخصية.
ساهمَ في إنجاح الكتلة الوطنية نظراً لما يتمتَّعُ به من شعبية كبيرة بين صفوف الفلاحين، ثمَّ عارضَ هذه الكتلة عندما رأى أنها ابتعدتْ عن مصلحة الوطن.
ونجح سلمانُ في الانتخابات البرلمانية التي جرت في عام 1943 كعضو في البرلمان.
وفي عام 1945 طلبت منه الحكومةُ الوطنية أنْ يعملَ على إقناع السوريين المتطوعين في الجيش الفرنسي بالالتحاق في الجيش الوطني بعدَ أنْ فشلَ زعماءُ عشائرهم، ونجحَ سلمانُ في المهمة الموكلة إليه، رغمَ أنه لم يكن هناكَ من عشيرته من تطوَّعَ في الجيش الفرنسي أصلاً.

ونظراً لخطورة هذه الحركة التحررية والتي ترفضُ أيَّ شكلٍ من أشكالِ التبعية، إقطاعيةً كانتْ أم استعمارية، والتي اتَّسعَ انتشارُها بينَ صفوف الفلاحين والفقراء والمستضعفين، عملَ بعضُ زعماء الكتلة الوطنية من الإقطاعيين المتضررين من حركة سلمان بموافقة شكري القوتلي ومباركة فرنسية على إعدام سلمان بتهمة الخيانة والتآمر مع فرنسا. وعندما فشلوا في إثبات هذه التهمة وجَّهوا إليه تهمةَ مقاومةِ الدرك الذين خرجوا لاعتقاله. وصدرَ حكمُ الإعدامِ شنقاً يومَ الخميس في اللاذقية، ونُفِّذَ الحكمُ بعدَ ثلاثة أيام في دمشق يوم الاثنين سنة 1946.

خلاصةُ القول:
المرشدية هي الدينُ الذي أعادَ ربطَ الإنسانِ بالدين من خلال تحريرِه من الدين.

(كُتِبَت في دمشق بتاريخ 28 آب/أُغسطُس 2004.)

28/8/2004



#محمد_علي_عبد_الجليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هجر جميل والراح المستعان
- أعاقر الراح
- ثقافة القطيع
- ظاهرة دافيد رجل الكهف
- من أين جاء نظام الكون؟
- شآم حبك في قلبي وفي الهدب
- أثر الدين (2)
- حاكم عربي يفتخر
- أثر الدين
- كلمة بخصوص نشأة الله
- لا أَخطاءَ في القُرآن: كلمة بخصوص كِتاب «أخطاء القرآن الكريم ...
- تشكُّل العربية وحركات الإعراب
- فرضية التضاد في تقاليب الفعل الثلاثي
- في حب الوطن
- من هو النبي محمد؟
- قصيدة النباتية: كل حي شريك لنا في الحياة
- من وحي الحَجْر الصحّيّ
- سورة الوطن
- حُكَّامُ العالَمِ
- شاربُ الطِلا جَذِل


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد علي عبد الجليل - المرشدية دين الحرية