|
مسيرة الرباط الشعبية ضد الغلاء الفاحش ، وضد دولة البوليس الجبرية ، والقمعية ، والقهرية ، والغابوية ، والخارجة عن القانون
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7453 - 2022 / 12 / 5 - 14:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مسيرة الرباط الشعبية ضد الغلاء الفاحش ، وضد دولة البوليس الجبرية ، والقمعية ، والقهرية ، والغابوية ، والخارجة عن القانون . نزولا عند نداء " الجبهة الاجتماعية المغربية " التي تتكون من الأحزاب التي رخصت لها وزارة الداخلية بالاشتغال السياسي ، ومن النقابات السلطانية ، للمشاركة في مسيرة تحت عنوان " مسيرة ضد الغلاء وضد القمع والقهر " ، عرفت مدينة الرباط بالأمس مسيرة حاشدة ، تُماثل نزول الرعايا في مدينة القنيطرة وفي مدن الخرى ، إحتفالا وفرحة بفوز المنتخب المغربي على منتخب بلجيكا ، ومنتخب كندا ، وتأهله للدور القادم .. السؤال . كم عدد المسيرات عرفتها مدينة الرباط ومدينة الدارالبيضاء ، بسبب مواضع محددة ، لكن رغم كثافة المشاركة التي كانت في مثل مسيرة الامس ، او اعظم واقوى ، لم تحقق المطالب التي خرجت من اجلها تنظم المسيرات ، وفشلت في تحقيق حتى الجزء اليسير من تلك المطالب التي بقيت حبرا على ورق .. بل الأخطر من ذلك ، انه كلما تم تنظيم مسيرة تدعو الى جملة مطالب ، فبمجرد انتهاء المسيرة ، وتفرق وتشتت المشاركين فيها ، والتحاقهم ببيوتهم ومنازلهم ، عوض الانفراج في تلبية المطالب ، تستفحل الوضعية الى ما هو اقبح واشد ، عندما يجتهد النظام البوليسي في تعقيد الموضوع الذي من اجله خرجت المسيرة تجوب الشوارع الرئيسية في مدن الرباط والدارالبيضاء . ولعل أبسط مثال عن هذا الفشل المتراكم بعد تشتت المسيرات ، التذكير بمسيرتين كانتا اكثر قوة من مسيرة الامس ، يطالبن بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ، والمعتقلين التعسفيين ، ومعتقلي الرأي وحرية التعبير ، من كتاب وصحافيين ومدونين ، تَمّ الحكم عليهم بتهم غريبة مُنزلة من قبل عصابة البوليس السياسي ، بمحاضر مطبوخة تهدف الانتقام من مواقف ومطالب هؤلاء الضحايا ، المنادين بالديمقراطية ، وبالعدالة ، والمساواة ، فتلبسهم لباس مجرمي الحق العام لتشويه سمعتهم ، وهو التشويه الذي فطنت له منظمات حقوق الانسان الدولية ، وتفطنت له كبريات الصحف الأجنبية ، وفضحته ونددت به في وقته المناسب .. فبعد مسيرتين متتاليتين واحدة بالدارالبيضاء ، وواحدة بالرباط المطالبتان بإطلاق سراح المعتقلين والمسجونين ، نتساءل . هل فعلا تم اطلاق سراح المظلومين الذين لا يزالون في سجون السلطان يواجهون مصيرا مجهولا ، ام ان الذي حصل هو المزيد من المحاضر البوليسية المطبوخة ، والمزيد من رمي الضحايا من كل الأصناف الحقوقية والسياسية في السجون ، التي تأن من ضم حيطانها المتسخة ، لهؤلاء الذين ملكوا التحدي بقول كلمة حق في ظل سلطان جائر .. كذلك نتذكر المسيرتين اللتين نظمتا بالرباط والدارالبيضاء ، من اجل مدونة الأحوال الشخصية ، لجعلها تمزج بين القانون ، وبين الأعراف والتقاليد ، ودين الدولة ، فكان الذي حصل بعد هاتين المسيرتين في ميدان مدونة الأحوال الشخصية اشد وافظع ، والكل يتذكر التعديلات التي تم إدخالها على المدونة ، والتي تسيء وتضر بالمجتمع المغربي كمجتمع مسلم ، محافظ ، وتقليدي .. وكأنّ تلك التعديلات كانت مملاتاً من قبل عاصمة الدولة الصهيونية تل أبيب .. اذن . هل مسيرة الأمس ستكون نسخة لما سبقها من المسيرات السابقة ، إذ بمجرد تفرق المشاركين في المسيرة ، والتحاقهم ببيوتهم ، ومنازلهم ، واشغالهم ، سترتفع الأسعار المرشحة للارتفاع أكثرا ، وستتضاعف هجمات البوليس السياسي على المعارضين السلميين ، وستستمر دولة القمع والقهر بوثيرة اكثر مما هو ملاحظ اليوم . والسؤال . منْ هي الجهة المستفادة من المسيرة ؟ هل أحزاب " الجبهة الاجتماعية المغربية " ، ام انّ المستفيد الأول والأخير هو النظام المخزني السلطاني البوليسي ؟ والسؤال . اذا كانت المسيرات السابقة مؤطرة بمختلف قوات القمع العمومية ، لماذا كانت مسيرة الأمس تجوب الشوارع في غيبة البوليس ، الذي كان يتولى ضبط النظام العام ، حتى لا تحدث تمت منزلقات تنتهي بما لا يحمد عقباه .. ان مسيرة الأمس التي حملت عنوان " مسيرة الرباط ضد الغلاء والقمع والقهر " ، خدمت الدولة البوليسية ، ولم تخدم في شيء ، ليس الداعين اليها ، بل لم تخدم في شيء الجماهير المقهورة التي لبت الدعوة ، وجاءت للمشاركة في المسيرة من كل ربوع المغربي ، خاصة المغرب المنسي . فهل كانت مسيرة الأمس عفوية إتّخِذ قرارها دون الرجوع الى الدولة ، ام كانت هناك صفقة بين الدولة وبين الداعين الى المسيرة ، من اجل التنفيس ، والإلهاء ، واجترار الوقت حتى يفعل الغلاء فعلته اللعينة ، في جيوش الناس المساكين والمفقرين .. أي كم من حاجة قضيناها بتركها .. ان أي استنتاج عقلاني لمسيرة الامس ، أنها كانت مسيرة تنفيس ، لتجنب او لتعطيل هزات تنتظر المجتمع المغربي ، وكانت مسيرة للإلهاء واللعب بالوقت لبعثرة أوراق اللعبة ، لقطع الطريق على الجماعات العقائدية التي تستفيد من هكذا أوضاع كارثية .. فكيف يردد المشاركون في المسيرة شعار " أخنوش " ارحل ، و السلطان محمد السادس من خلال مستشاري ديوانه هو من اختار وعيّن أخنوش ، لتنزيل برنامج السلطان الذي اكتوى منه الرعايا والمشاركين في المسيرة .. فعوض الاختباء والتواطؤ وراء أخنوش ، الآلة لتنزيل برنامج السلطان ، لماذا لم يدع المنظمون للمسيرة ، الى اسقاط برنامج السلطان المسؤول عن الوضع الكارثي الذي يوجد فيه المغرب ؟ ولو كانت المسيرة حقا من اجل الاحتجاج ضد الغلاء الفاحش ، وضد دولة البوليس دولة القهر والقمع ، ولم تكن مجرد مسرحية فلكلورية للامتصاص ، وللتنفيس كغيرها من المسيرات السابقة التي تم نسيانها .. ، فهل الدعوة الى المسيرة التي تمت بشوارع الرباط حققت الهدف منها ، وسيحصل بالفعل مراجعة الغلاء الفاحش ، وسيُحدُّ من تغول البوليس السياسي الفاشي، ام انها استنفدت أغراض منظميها فقط ، باحتفاظ وصايتهم على المجتمع ، لتسجيل دورهم في الساحة حتى لا تنفلت من بين أيديهم ، وتصبح المواجهة مباشرة بين الرعايا التي لن تعود رعية حين ترتقي الى مصاف الشعب ، وبين السلطان محمد السادس ، ومستشاريه ، وبولسه السياسي ، وجهازه السلطوي الطقوسي القروسطوي سليل الباشا التهامي لگلاوي ، جلاد مراكش والجنوب المغربي .. فما يمكن استنتاجه ، انّ الدعوة الى المسيرة ، كانت في اصلها تخدم السلطان ، وتخدم الدولة السلطانية ، كدولة رعوية بطريركية للمجتمع الذي تلعب فيه أحزاب " الجبهة الاجتماعية المغربية " السلطانية دور الوسيط المغلف للمطالب ، لديمومة ولاستمرار نفس الأوضاع ، وديمومة واستمرار نفس السياسات .. ولو كانت حقاً مسيرة الأمس ضد الفساد والغلاء ، وضد تغول ، وقمع ، وقهر بوليس السلطان السياسي ، لكان من المفروض انْ يتم وضع برنامج وجدول اعمال ، يحدد المحطات والمراحل التي يجب قطعها اذا استمر الغلاء الفاحش وسيستمر ، واستمر تغول البوليس وسيستمر ، لان منظمي المسيرة في حد ذاتها هم جزء من الدولة لا ضدها .. والسؤال . ماذا بعد المسيرة التي شاركت فيها الجماهير البريئة من الالاعيب ، والبريئة من المقالب .. ماذا اذا استمرت دار لقمان على حالها ، بل ماذا اذا استفحل الوضع المستفحل اكثر من اللازم ؟ ما هي الخطوة الثانية التي تفرض الحراك على أساسها ؟ ، ام ان المسيرة تكون قد استنفدت زخمها بمجرد تنظيمها ، ولا يهم بعد ذلك النتائج التي ستترتب او لا تترتب عناها .. كان لزاما على المنظمين للمسيرة ، ان يكونوا قد وضعوا برنامجا تصاعديا للنضال ، في حالة استعصى الحل ، وتمسك السلطان صاحب المشاريع المنزلة ببرنامجه ، الذي ينفده أخنوش ووزراءه ، الذين هم وزراء السلطان يشتغلون كموظفين سامين برتبة وزير بإدارة السلطان . فالمعركة تبدأ بالمسيرة أولاً ، وعند مواصلة النظام المسير في سياسته التفقيرية ، يجب الانتقال الى المرحلة الثانية ، التي تكون دعوة ثانية الى مسير ثانية اشد واقوى ، وعند استمرار الأُذن الصماء للمطالب الاجتماعية ، يجب الانتقال الى المرحلة الثالثة من المعركة ، وهي الدعوة الى اضراب عام وطني ، ثم مع الوقت واستمرار الأوضاع دون حل ، يتم الانتقال الى الاضراب العام الوطني التصاعدي ، وبعده وعند تمسك النظام بسياسته التفقيرية ، توجه الدعوة الى الشعب للنزول الى الساحات العمومية في كل المغرب ، والاعتصام ليوم كامل . وعند استمرار الوضع دون الحد من الغلاء الفاحش ، ودون الحد من تغول البوليس السياسي ، توجه الدعوة الى الشعب الذي سينفض غبار الرعية عن اكتافه ، للنزول الى الشارع ، والإعتصام به دون الرجوع الى المنازل ، ووضع كهذا سيتطور الى عصيان مدني ، لن ينتهي الاّ بالدولة الديمقراطية ، او بالرجوع الى الأسعار قبل مجيء عبدالاله بنكيران الى حكومة السلطان .. والجيش لن يستطع اطلاق رصاصة واحدة ، على شعب يطالب بالدولة الديمقراطية للعيش في كرامة وعزة ومواطنة .. فهل المشرفون على " الجبهة الاجتماعية المغربية " ، التي تتكون من أحزاب السلطان ، ومن نقابات السلطان ، قادرة على طرح هذا البرنامج العملي ، الذي وحده يضع حداً للغلاء الفاحش ، ويضع حدا لتغول البوليس السياسي ، والجهاز السلطوي القروسطوي الطقوسي ، وتلك المدخل الرئيسي لأي تغيير او اصلاح مجتمعي ، وإصلاح دولتي . أي ربط المسؤولية بالمحاسبة والمحاكمة . ان مسيرة الامس كانت لامتصاص الغضب وللتنفيس ، ولتعطيل أي انفجار شعبي منتظر ، خاصة اذا نزل الصحراويون في الأقاليم الجنوبية ، ورفعوا شعارات الجمهورية الصحراوية .. ان مسيرة الامس هي نفسها مسيرات الامس التي تم نسيانها دون تحقيق مطالبها .. فالرعايا في الدولة الروعية نظموا المسيرة بموافقة الراعي البطريركي ، المسؤول وحده دون غيره ، عن أمن وصحة وسلام رعاياه .. فهل يستطع الرعايا الممتازون Les supers Sujets ، الخروج عن طاعة الراعي الأول ، البطريرك الأول ، السلطان حاكم الدولة السلطانية المخزنية .. مستحيل .. " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، وأولي الامر منكم " .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تغيير المجتمع
-
هل الدولة السلطانية المخزنية العلوية البوليسية قابلة للإصلاح
...
-
مستقبل العلاقات المغربية الاسبانية
-
البوليس السياسي
-
( الجريمة ) السياسية
-
أنا جمهوري . أنا ملكي – أنا ملكي . أنا جمهوري
-
معارضة ومعارضة
-
أول معارضة ظهرت كانت اسلامية قبل ظهور ماركس ، ولينين ، وماو
...
-
ثمانية عشرة سنة مرت على تسميم ياسر عرفات
-
14 نونبر 1975 -- 14 نونبر 2022 .. ذكرى إتفاقية مدريد المشؤوم
...
-
الصراع ( السني ) ( الشيعي ) على نظام الخلافة الاسلامية .
-
الثقافة قضية والقضية هي التغيير
-
النظام السياسي المغربي نظام سلطاني مخزني وبوليسي بامتياز
-
عودة اليمين الى الحكم في الولايات المتحدة الامريكية ، وفي اس
...
-
إدارة الفايسبوك
-
إعلان طنجة لطرد الجمهورية الصحراوية من الاتحاد الافريقي . رق
...
-
دور ووضع الجيش من دور ووضع الشعب .
-
نحو بديل سياسي إسلامي لتسيير الشأن العام – دولة الشورى . الش
...
-
المؤتمر السادس عشر لجبهة البوليساريو . 13 و 14 و 15 و 16 ينا
...
-
تحليل قرار مجلس الأمن رقم 2654 الصادر يوم الخميس 2022/10/27
...
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|