أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - ارا خاجادور - نهج المقاومة الوطنية ومورفين المصالحة الوهمية















المزيد.....



نهج المقاومة الوطنية ومورفين المصالحة الوهمية


ارا خاجادور

الحوار المتمدن-العدد: 1697 - 2006 / 10 / 8 - 11:15
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


ان كل الذين تعاونوا مع الاحتلال صغروا بقدر ما كبرت جيوبهم وذنوبهم وجرائمهم، ولم يعد أحد منهم يستحق أن يكون في موقع الحديث حتى سلبا او قدحا، ولكن الى جانب هذا لا يستطيع المرء ان يبعد نهائيا الذكريات السابقة مع من كان منهم في صفوف الشعب في يوم من الايام، وان كان هذا اليوم قد تحول اليوم الى عامل اضافي يعمق الذنب والمسؤولية على الذين شطت عقولهم وزلت أقدامهم وخارت قيمهم برعونة وشراهة وخفة وزن واتزان، ناهيك عن الارقام السائبة أصلا، واحيانا يضطر المرء لذكر احدهم لموقف نافر جدا صدر منه، موقف نافر حتى بمعايير زمرته حين يتقافز اكثر مما يطلب الاعداء منه، او لردح يمارسه في ظلمة قد تتطلب منا ايقاد عود ثقاب.

ومع كل المرارة التي يعاني منها كل الذين جبلوا على الاخلاص للشعب، وما يتعرضون له على يد القوى الطائفية العميلة والرعناء التي باتت في سباق مع قوات الاحتلال في ممارسة العدوان والجريمة، نقول: لم يغلق الباب أمام التراجع عن البغي والاعتذار النزيه والمخلص من الشعب، وهذا الاستدراك مهم ويطرح بصفة خاصة امام من انطلت عليه اللعبة، وهو ايضا تعبير اضافي يهدف الى اشعار الذين عادوا بعد اكتشاف الخديعة بنوع من الاحتضان.

خلال ما يزيد عن ثلاثة اعوام من الاحتلال الكريه والقاتل والاجرامي بكل المعايير لبلادنا الكريمة والمظلومة والمستباحة أثار انتباهي رئيس حكومة البازار السياسي المأجور في العراق الذي تبيع فيه "حكومته"العرض والارض وحتى أبسط مقومات الكرامة الانسانية، تلك الحكومة الورقية التي لا تملك أمرها، ولكنها قادرة في الوقت ذاته فقط على ترك الزبالة تتراكم في بغداد العظيمة الى جانب الزبالة السياسية، وقد غل الاحتلال يدها الا عن السرقة وقتل العراقيين الابرياء، هذا طبعا اذا تغاضينا عن كونها مجرد ملحق للاحتلال، لقد اثار رئيس الحكومة انتباهي اليه ثلاث مرات.

في المرة الاولى عندما علق على الانتخابات المهزلة التي قادته بوصفها ذريعة "ديمقراطية"الى منصبه الحالى الذي يناسب كل من يعاني من لوثة او نقص، أثار انتباهي حين قال مزمجرا في وجه الذين طعنون بالانتخابات، قال: هذه الانتخابات تعكس تركيبة المجتمع العراقي فمدينة الثورة"الصدر" وحدها تعادل المثلث السني كله. هنا نسأل هل بهذه العقلية يمكن بناء نظام ديمقراطي وعادل وغير طائفي ويقود الى طرد الاحتلال؟.

وهل يمكن تحقيق انتخابات ديمقراطية في بلد محتل ويعيش حالات قتل معلن لا نظير لها في عالم اليوم؟. وهل يمكن الاعتراف بنتائج انتخابات يشرف عليها لصوص مثل مديرها العام عادل اللامي الذي هرب مؤخرا بستة ملاين دولار من خبز الشعب حسب المصادر الحكومية والامريكية؟. يذكر ان المهرب كان عمامة نائب رئيس "البرلمان" خالد العطية. وهل يمكن تحقيق احصاء انتخابي نزيه في بلد يذكر فيه بيان لوزارة التجارة أن الوزير عبد الفلاح السوداني أكد ان وزارته وضعت برنامجا واسعا ضمن حملة وطنية كبرى لكشف الزيادات غير القانونية على الاسماء الحقيقية التي يتم تجهيزها بمفردات البطاقة التموينية؟.

وأضاف الوزير من جانبه بان (الاسماء المضافة من دون استحقاق قد تصل الى اكثر من مليوني شخص مما يولد إرباكا في عملية التوزيع ويخل بعدالته). والكلام مازال للوزير: (وتسعى الوزارة الى كشف التلاعب والعمل على تطوير مفردات البطاقة التموينية التي تواجه تحديات كثيرة اهمها مرتبط بقضايا فساد اداري واخر مرتبط بالوضع الصعب الذي تعيشه اغلب مدن البلاد).

واذا كان التلاعب في البطاقة التموينة التي فيها ملموسيات مادية وحجم واوزان وصل الى مليونين، فماذا يمكن ان يحصل بمجرد عملية انتخابية تقوم اصلا على اساس تلك البطاقات التموينية المزورة؟. ما لنا في هذا المقام الا ان نقول ليكون الله في عون الشعب العراقي من الديمقراطية المزيفة والمفروضة عليه عنوة وتحت القصف الفعلي المستمر من الامريكيين ونشامى وزارتي الداخلية والدفاع "العراقيتين".

وفي المرة الثانية أثار انتباهي حين وقف رئيس الحكومة نوري المالكي الذي كان اسمه في "كوجه مروي" بطهران، وفي السيدة زينب عليها السلام بدمشق - "جواد"، وللامعان في سرية العمل "النضالي" كان يكنى بأبي اسراء أيضا، وقف هذا؛ رئيس حكومة المنطقة الخضراء الحالي على خشبة مسرح البيت الابيض الرديء وهو يتقمص دوره المسرحي بعناء ملحوظ بل وشديد للغاية، لم تشفع له مكيفات قاعة المسرح حيث أبت ذبابة على نفسها الا ان تزامله، وأبى العرق الا ان يتصبب من بقايا جبين.

وخلال هذا المشهد المضحك المبكي وزعت اهتمامي على القاعة و"الخشبة" معا، أي على الخطيب والمخاطبين، وقد تخيلت النواب الامريكيين خشابة، ربما لكثرة المرات التي قوطعت فيها كلمة المالكي بالتصفيق، حيث قوطعت لأكثر من 20 مرة. والاستعارة هنا مستوحاة من فنون البصرة العظيمة والفيحاء، وجه العراق رغم المحن، وثغره الباسم بلغة المرحوم عبد الكريم قاسم.

وقبل ان أوضح الفكرة او الانطباع الذي تولد عندي من تلك المسرحية الرعناء لابد من الاعتذار من الخشابة لاني أطلقت كنيتهم على نواب الكونغريس، رغم أن قصدي كان استعارة حركة اليد فقط، على سبيل التشبيه، هذا اولا، والشيء الثاني الذي يستوجب الاعتذار على التشبيه هو ان الحركة الرشيقة عند الخشابة العراقيين قد جرى تشويهها على ايدي خشابة الكونغرس. وهذا يقتضي الاعتذار والتنويه.

ان الخشابة عندنا فنانون ماهرون وصادقون وفنهم يعرض في مكانه المناسب على العكس مما عليه الحال في مسرح البيت الأبيض الذي من المفترض انه بيت الشعب الامريكي فهم كذابون حتى الثمالة وفاشلون في مهمة تمثيل وتمرير مسرحياتهم. شفيعي في هذا المشهد أني أعرض انطباعات لحظة الحدث كما شاهدتها.

وقف المالكي ليرعد في مقام يفترض انه يستدعي الهدوء، وهو يثني على قوات الاحتلال لنشرها الديمقراطية، وأكد هناك أيضا على المصالحة الوطنية لارضاء اسياده الباحثين عن خارطة طريق للخروج من ورطتهم في العراق، وقف يدافع عن جدارة قيادته للحكومة الالعوبة، ونسى في هذه المناسبة لبنان وأهل لبنان، لبنان الذي تزامنت عملية - وبعبارة أدق - محاولة سحقه بقرار امريكي على أيدي قوات "واحة الديمقراطية وحقوق الانسان الوحيدة في الشرق الاوسط الجديد" الذي يشيده المالكي ك "هوا دار" لكوندي الناعمة جدا.

وفي هذا المجال ذهب المالكي أبعد من الحد المطلوب منه حيث ذكرت رويترز في 27 تموز الماضي: (وقبل ان يلقي المالكي الكلمة أبلغ وزير الخارجية هوشيار زيباري اعضاء الكونجرس الامريكي بأن العراق انضم الى بعض الدول في الجامعة العربية في انتقاد هجمات حزب الله على اسرائيل). ولاحقا اتخذت خطوات عملية حيث منعت حكومة المالكي مجموعة من الطبيبات والممراضات العراقيات من التطوع والذهاب لتقديم الخدمة الطبية العاجلة لأهلنا في لبنان الذين اعادوا جزء من الشرف المهدور، وقدموا الدليل على حقائق ثابتة ومجربة تفيد بأن اي شعب يتخذ قرار القتال لن يقهر مهما كانت معادلة ميزان القوى مختلة.

وأقول هنا ان الجزء الاعظم من ثقافة العولمة ونتاجات "مبدعيها" خاصة نتاجات المأجورين منهم مكرسة لتحطيم هذه المقولة التي تثير رعبهم على الدوام، ولابد ان أشير هنا الى أن الامبريالية العولمية تسعى بكل السبل من أجل تحطيم روح المقاومة والايحاء بأن المقاومة في العراق المحتل وفي لبنان هي من صنع مكون واحد من كلا الشعبين وذلك من أجل اخافة الآخر، تأسيسا على مبدأ فرق تسد، نقول: لو افترضنا تجاوزا ان هذا امرا واقعا لعوامل ثقافية او جغرافية او تاريخية فان ممارسته أفضل لأنه سوف يوحد الشعب لان المقاومة هي التي تكشف حقيقة نوايا الاحتلال، ومن حسن الصدف ان الحياة قد أكدت بان الامبرياليين لا يحبون احدا منا حتى عملاءهم، فاذا اعربوا عن مساندتهم لهذه الفئة في لبنان فانهم يقتلون نظيرتها في العراق، وفي فلسطين أيضا يحاولون خلق مكون آخر للاحتراب معه، وهكذا دواليك.

وبعد مشاهدتي لهذة الكوميديا السوداء خطاب المالكي في الكونغريس، لم أسمع الا جملة واحدة صادقة ولكنها جاءت على لسان سيدة امريكية حاولت عرقلت جلسة الكونغرس لفترة قصيرة عندما صرخت: "العراقيون يريدون ان تغادر القوات (الامريكية) البلاد. اعيدوا القوات الى الوطن الان."

وكأي عراقي لم يمارس النفاق، ولم يتمرس على النفاق السياسي كسادة البيت الابيض قلت: الحمد لله ان المالكي ليس من قبيلة بني مالك النجباء، وانا مع كل أمميتي أحترم الشرف والرجولة اللذين جبلت عليهما قيم القبيلة العربية، وأضفت الحمد لله أن هذا المالكي ليس من أتباع المذهب الاسلامي المرموق الذي يحمل بكل أسف ذات الحروف، وطبعا قبل هذا وذاك كان التخلي واضحا عن قيم أهل البيت تلك القيم التي تجسدت باحترام الكرامة الفردية في معركة الطف، وذلك عندما جاء الى بغداد مع بقية الجوقة على ظهور الدبابات الصليبة في غزوها الجديد، وهو الاسلامي الذي لا يشارك في عمليات الذبح المعلن الا بفتوى شرعية.

بوش يقول إن الله قد أمره بتحرير العراق، ولهذا شن حربه الصليبية الجديدة، وهذا قد يبدو امرا مفهوما من بوش، ولكن الامر غير المفهوم هو المشاركة المندفعة ل"ليوث الاسلاموية المودرن" في غزوة بوش حفيد الامبراطور البيزنطي مانوئيل.

وفي البداية قال إنه غزا العراق من أجل التخلص من أسلحة الدمار الشامل وبسبب علاقة النظام العراقي مع القاعدة. وأضاف مسألة فرض الديمقراطية لاحقا، وقد شاهدنا أية ديمقراطية طبقها الأمريكان في أبو غريب، كما شاهدنا ديمقراطية القادمين مع الاحتلال المتجسدة في جرائم التعذيب وفرق الموت والقتل على الهوية وهو اسلوب لم يعرفه تاريخ العراق على الاطلاق.

ان زلة لسان بوش حول شن حرب صليبية زلة تحولت الى حروب فعلية في أكثر من موقع ومكان، وأخيرا توسعت الحرب الى الدائرة الايديولوجية من خلال حديثه عن فاشيين مسلمين وفاشية اسلامية. ولم نلمس ردة فعل من القوى الدينية الطائفية عليها حتى ولو على سبيل التعليق من وراء حجاب كما جرت العادة في عراق الشفافية الذي يحلو للمجرمين تسميته وهو الذبيح من الوريد الى الوريد.

وجاءت تصريحات البابا بنيديكت السادس عشر وحملة الالحاح على اعتذاره عن تصريحاته لتزيد المخاوف من ضلوع بعض المؤسسات في خدمة حرب دينية ضد الاسلام على غرار الحرب ضد الشيوعية، وفي الواقع كان لكل طرف معني بهذه الحرب اهدافه منها حيث يقف في مقدمة تلك الاهداف حرف نضال الشعوب وتضليل الكادحين من فقراء المسلمين والمسيحيين على حد السواء، فبدلا من النضال من اجل العيش الكريم والحرية يجري التحول الى حروب اديان، وكان المخطط يستهدف في جزء منه التغطية على الاسلاميين الذين يخدمون العولمة الامريكية والاحتلال، والسعي لتعميق التناحر الاسلامي – المسيحي. ووقعت فعلا بعض الاحداث كالاعتداء على كنائس الارثدوكس في فلسطين، انهم في واشنطن يتجاهلون معاناة ملايين المسلمين والمسيحيين حتى الكاثولتك منهم حيث يعانون في العالم الثالث من الجهل والفقر والمرض، وحتى بيع النساء في امريكا اللاتينية، يتجاهلون كل هولاء من ضحايا العولمة الجائرة.

كما أن الاندفاع ضد الخطاب البابوي دون تحليل قد يزرع الوهم والعداوة غير المبررين. ومن المعلوم انه ليس كل المسيحية من انتاج روما في نشأتها الأولى كوريث للامبراطورية الرومانية. ونؤكد هنا على ان مسلسل مثل هذه الاعمال والاقوال مستمر؛ من زلة لسان بوش الى خطاب البابا، مرورا برسوم الدنيمارك حتى مقال الفيغارو الفرنسية مؤخرا، وهكذا دواليك في معركة العولمة الامريكية العدوانية.

ان ظروف البابا الحالي مختلفة عن ظروف البابا السابق يوحنا بولص الثاني خاصة في المرحلة الاخيرة من حياته حين وسم الرأسمالية بالوحشية، وأكد على ان الاشتراكية ليس كل ما فيها شيء سئ. وفي هذا انطلق البابا السابق من الفكر المسيحي الاول في فلسطين، وليس من الفكر المسيحي في روما، ولا يغير في الأمر أن ملاحظات البابا يوحنا بولص الثاني جاءت بعد انهيار المنظومة الاشتراكية الدولية. نأمل الا يتورط البابا الحالي في خدمة الحروب الامريكية خاصة وان الاخيرة تسعى الى ان يحل الاسلام مكان الشيوعية، ولابد من القول انه كان على البابا بنيديكت ان يدرك مهام موقعه الجديد، فهو لم يعد استاذا لاهوتيا، هو الآن رأس دولة الفاتيكان بمضمونها السياسي والديني.

ومع ما لاح من قسوة في وصف مسرحية الكونغريس، لكني لحد هذه اللحظة، لم أشعر أني قد عبرت عن الموقف كما ينبغي، او كما أريد، وكما ينبغي في وصف عار الذلة وخيانة الاوطان، وجاء المدد بصورة غير مباشرة من البيت الابيض نفسه حين قال الناطق باسم البيت الابيض توني سنو في تعقيبه على ما نشر حول مطاوعة المالكي للموظفين الامريكيين: "أن المالكي ليس دمية بيد بوش". وبعض المترجمين الماهرين ترجموا قول سنو ب:"يلعب بها بوش". وأضاف سنو: ان "الرئيس بوش ليس متخصصا بمسرح الدمى ولا يحرك رئيس الوزراء المالكي". ولما كنت قد تعلمت من خلال التجربة المحضة أنه عندما أبحث عن الحقيقة في مصادر البيت الابيض اقلب كل تصريح على عقبه لتظهر الحقيقة عند ذاك، هذه هي تجارب العقود السابقة وعلى الدوام، فوجدت الوصف مناسبا، سيما أنه صادر عن اسيادهم الامريكيين.

أكد رئيس حكومة المنطقة الخضراء قدرة حكومته على خوض معركة شاملة ضد الارهابيين وقدرتها على توجيه ضربات موجعه لهم غير مستبعد المصالحة التي وصفها بالفرصة لمراجعة النفس والاحتكام للعقل والمنطق، .

ومما تقدم ولاسباب اخرى لم أجد سببا أصلا لمناقشة مصالحة او مصلحة المالكي، ولكن الغاية منها والضجة التي أثيرت حولها وما أعقبها من ترددات هي التي دفعتني للاستجابة لطلب عدد من الرفاق لكي أقول أو- نقول- شيئا بصدد ما عرف بمبادرة المالكي للمصالحة الوطنية وخطته مع الامريكيين لأمن بغداد. والاخيرة مستوحاة من خطة الدفاع عن ثورة 14 تموز 1958 التي اتخذت ذات الاسم، ولا أعلم هل اختيار الاسم لتشويه الماضي ام للايحاء بالاصالة؟. ام ان المستشار الذي اقترح التسمية على اسياده الجدد كان شيوعيا سابقا او بعثيا سابقا اوغير ذلك. فاذا كان الاول فقد اختار التسمية من منطلق مرض الحنين للماضي، واذا كان الثاني فمن منطلق مرض التمسك بالماضي ولكن من زاوية اخرى، او ربما لا هذا ولا ذاك، وانه ربما من الصنف المستورد مع الدبابات وقنابلها الذكية. نقول في هذا الصدد ان الذين يخونون عقائدهم يصلون الى نتيجة واحدة بغض النظر عن المشارب، فالانحدار له اتجاه واحد.

لا أجد ضرورة لمناقشة خطة أمن بغداد، ولا حاجة للوقوف عندها، لانها أقل صخبا من ضجة المصالحة، وان الحياة الفعلية في بغداد وكل العراق قد ردت عليها. ولكن نأتي على المصالحة فقط.

كنا أول طرف وطني دعا للمصالحة الشاملة قبل 16 عاما، فقامت القيامة علينا الى درجة لم نفهم سرها، لأنه عندما قامت تلك القيامة كان قرار المصالحة قرارا وطنيا خالصا، والبلاد خالية من دبابات الاحتلال. وربما دهشتنا في حينها من ذلك الموقف الغامض كانت بسبب اننا كنا نجهل أن واشنطن قد بدأت بتدريب المئات من "الوطنيين الاحرار" وتفاهمت مع "قادة الحركة الوطنية" أمراء المملل والنحل من كل صنف ونوع رخيص. ان ظهرورهم في مجلس الحكم قد أزال دهشتنا - هذا الظهور عار سوف يلاحقهم الى أبد الآبدين وأتمنى الا يلاحق حركاتهم واحزابهم المغدورة بدنائة ونذالة قل نظيرها من هولاء الخونة مدفوعي الثمن-. ولنا وقفة مع وثائق واسرار تلك المرحلة باشخاصها وحركاتها، ونأمل أن يسعفنا الوقت في ان تكون هذه الوقفة بأقرب وقت ممكن.

وفي المرة الثالثة عندما طرح مبادرته للمصالحة الوطنية، ونحاول هنا نقل معظم المواد الواردة في مبادرته لنرى حجم التبجح الفارغ من أي مضمون والاستعداد الفاضح للكذب والتهديد على طريقة أشقياء الفترات المظلمة، ويا ليت كانت لديه نفس القدر الذي يلتزم به الاشقياء عند اطلاق التهديدات.

جاء في مشروع المصالحة والحوار الوطني الذي طرحه المالكي في 25 / حزيران / 2006 ما يشير الى تشكيل هيئة وطنية عليا باسم (الهيئة الوطنية لمشروع المصالحة والحوار الوطني) "تتكون من ممثلين عن السلطات الثلاث ووزير الدولة للحوار الوطني وممثلين عن القوائم البرلمانية وممثلين عن المرجعيات الدينية وعن العشائر، وتنظم مؤتمرا لعلماء الدين ومؤتمرا لرؤساء العشائر يصدر عنه ميثاق شرف لمواجهة حالة التناحر ودحر الإرهاب والمفسدين".وحدد المشروع المبادئ والسياسات المطلوبة حسب ورقة رئيس الحكومة المعينة قبل الاحتلال:"اعتماد خطاب سياسي عقلاني من جانب القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية، ومن الحكومة لإعادة وتعميق روح الثقة وطمأنة الأطراف المترددة واعتماد الشرعية الدستورية والقانونية لحل مشاكل البلد ومعالجة ظاهرة التصفيات الجسدية وبذل الجهود من اجل السيطرة على هذه الظاهرة الخطيرة أن تتخذ القوى السياسية المشاركة في الحكومة موقفاً رافضاً وصريحاً من الإرهابيين والصداميين."

وجاء في خطاب المالكي الذي ألقاه في أول مهرجانات المصالحة: أيها الإخوة إنكم تجتمعون اليوم تحت عنوان المصالحة والحوار الوطني، وهي المبادرة التي أطلقتها ومازلت أصر على تفعيلها وإنجاحها وتعني في جوهرها أن لايبقى أحد من المواطنين خارج ورشة إعادة بناء الوطن سياسياً وإقتصادياً وعمرانياً فالعراق في هذه المرحلة بحاجة كل أبنائه، والعراق لكل أبنائه لافرق بين عربي وكردي وتركماني وكلدوآشوري، ولافرق بين سني وشيعي...

وأضاف: لقد تصدينا بحزم وصلابة للإرهابيين وفتحناها معركة شاملة معهم ونحن نستمر في بناء أجهزتنا الأمنية والعسكرية أن نضربهم ضربات موجعة وأثبتت لهم أن إرادتنا أقوى من الإرهاب وإن بلدنا لن يكون مقراً وممراً للإرهابيين وسيكون مقبرة للأفكار الفاسدة وللإرهاب وللإرهابيين. وان خطة المصالحة الوطنية تمنح العفو عن بعض العناصر المسلحة، وتتضمن خطوات متعاقبة، ودون تواريخ محددة، لإعداد القوات العراقية لتسلم مهام أمن البلاد".

نقلنا باسهاب الكلام الفارغ والخالي من اي مضمون فعلي لرئيس الوزراء فقط لنجسد حجم استعداده للكذب والظهور بمظهر القوي، وهو يعلم ان اسياده الامريكيين سوف يرمونه كمنديل من ورق، كما جرى لمن هم أهم منه شأنا وأبعد نظرا، وربما انتهى طموحهم الى الحصول على راتب تقاعدي ضخم والعودة الى أعشاش اللجوء بعد أن اكتنز معظمهم الكثير من السحت الحرام، ولقد أكثر المالكي من العبارات الغامضة والقابلة لأكثر من تفسير.

جاءت الدعوة للمصالحة بعد أن قال رامسفيلد: إن العراقيين "يحتاجون إلى عملية مصالحة". وبعد أن أكد مصدر عسكري امريكي بأن: " الحوادث قد تزايدت في السنة الأخيرة من 49 حادثاً في اليوم إلى 100 حادث." وجاءت بعد اعتراف الحاكم الفعلي للعراق خليلزاد بقوله في مذكرة بعثت بتاريخ 6 حزيران الماضي الى حطومته حسب ال "الاندبندنت" ان العراق "في طور التحلل، حيث اصبحت السلطة الحقيقية بيد المليشيات، والحكومة لا حول لها ولا قوة،.

ومع استمرار تصاعد العنف في أنحاء العراق، بخاصة في العاصمة بغداد، يرى بعض المحللين أن الولايات المتحدة التي أرسلت قوات إضافية يبلغ قوامها (6000) عسكري بزعم مكافحة (العنف الطائفي) ومددت لقوات أخرى، فإن هذه القوات يمكن أن تكون وراء الزيادة الملحوظة للعنف، حيث أن الضحايا هم من المدنيين العراقيين دون قوات الاحتلال. اننا نشك في استمرار التفجيرات اليومية والهجمات الهمجية والقاسية، ولا نجد حرجا في القول بأن عصابات القتل الأمريكية المنتشرة في العراق وفي بغداد بصفة خاصة تقف على الأقل وراء جزء منها، وذلك بهدف تدمير الروح المعنوية للشعب، وتمزيق الوحدة الوطنية على طريق تجزئة العراق، والسعي الى فرصة للانتصارعلى المقاومة الوطنية.

كما ان هنالك أجهزة مرتبطة بقوات الاحتلال مباشرة مثل شرطة حماية المنشآت التي شكلها سيء الذكر والصيت اللص الدولي بريمر، قد تضخمت هذه الاجهزة حتى باتت تضم الآن ما يزيد عن 170 الف شرطي ومخبر يقفون وراء الجزء الاكثر بشاعة من أعمال القتل والإغتيالات والتفجيرات والإختطاف، وهي التي تنفذ المهمات القذرة، وهذه التشكيلات لا علاقة لها بأي جهاز حكومي معلن.

ان الدعوة للمصالحة باطلة من الاساس لانها صادرة عن جهة لا تملك قرارها حتى ولو شكليا، وهي دعوة لتجميل وجه الاحتلال ليس الا. قال عضو مجلس النواب العراقي عن التحالف الكردستاني،محمود عثمان، الذي قدم خطة المصالحة إلى كورس البرلمان: "ليس هناك وقتاً محدداً أو جدولاً زمنياً لانسحاب القوات الأجنبية." ومضى عثمان قائلاً "إن الخطة تتضمن إصدار العفو العام عن الآلاف من السجناء ممن لم يرتكبوا جرائم أو يمارسوا أنشطة إرهابية.". واذا كانوا مثل ما وصفت يا سيد عثمان، فلماذا هؤلاء الابرياء في سجون الديمقراطية؟.

وكان الناطق باسم البيت الأبيض، توني سنو، قد وضح وأشار إلى أن "رئيس الوزراء (المالكي) أوضح جلياً إنه لن يمنح العفو لمن تلطخت أيديهم بالدماء.. وسندعه يحدد ذلك." أرجو ملاحظة كم هي مهينة لمن عنده بعض كرامة ان يقول موظف حتى وان كان موظفا في دولة عظمى: "سندعه يحدد ذلك.".

ويظن هذا الطائفي الصغير أنه عندما يوجه اتهامات ذات بعد طائفي ضد المقاومة أنه سوف يكسب جماهيرا، نقول له أنه لن يكسب أحدا، واذا كسب أحدا، فلن يكسب الا من هم على شاكلة، وأظنه اطلع على مطالبة عشائر الفرات الاوسط والجنوب الداعية الى الاعتراف بالمقاومة العراقية، حيث ذكرت تلك العشائر في ختام مؤتمرها الذي عقد في الرميثة حيث انطلقت ثورة العشرين بان على الحكومة العراقية ان تحل المليشيات فورا وان تشكل شرطة وطنية فاعلة، وان تدعو بقوة الى اخراج المحتل لانه السبب الرئيس وراء الانفلات والخراب والعنف والفتنة في العراق..

وكحصيلة عامة لسياسة الحكومة "المنتخبة" تفاقمت ظاهرتان خطيرتان: ظاهرة الارهاب وظاهرة الفساد المالي. اضافة الى بقاء العراق بلا سلطة واحدة منذ اليوم الأول للاحتلال وتواصل الاقتتال على السلطة من اجل السلطة.

ونؤكد أيضا على أن القول بأن المسؤولين في الإدارة الامريكية يبحثون عن بدائل غير ديمقراطية عن النماذج الحالية اكذوبة أخرى تهدف الى تلميع صورة المالكي، فما بدأه الجعفري من ترسيخ جذور الطائفية في الدولة، وأكمله المالكي على طريق تعزيز تراكمات الصبغة الطائفية التي طغت على ملامح الدولة العراقية الجديدة بأبهى صورها، وان واشنطن قبل احتلال البلاد وبعده هي المسؤولة وفق منطق فرق تسد، وان اللعبة سوف تغير الوانها بكل تأكيد بين فترة وأخرى.

رايس ورامسفلد يعلنان عن تفاؤلهما بعد محادثاتهما مع المالكي في بغداد، وقالت رايس في مؤتمر صحافي مشترك مع رامسفلد "لقد اظهر المالكي بوضوح انه يفهم دوره ودور الحكومة الجديدة التي يفترض ان يبرهن انها حكومة وحدة وطنية". وهذه صفعة اخرى للمالكي، وان من يتقبل مثل هذه الاهانات لا يحق له ان يتحول الى عنتر زمانه وان كان عنتر ضد شعبه فقط.

ان الحرب الخفية حول العلم والأقاليم والدستور تمثل نموذجا للخراب والتدمير المعنوي والمادي ولعمليات الهاء الشعب على غرار المعارك الانتخابية ونشر الديمقراطية وغيرها من المسرحيات الفجة.

ونقول للمحتل ان القرار السياسي الخاطئ لا يؤدي الى الفوز حتى في حالات اعلان النصر مثل اعلان بوش بعد احتلال العراق، وكذلك الحرب الاسرائيلية الاخيرة ضد لبنان حيث كان القرار السياسي تحطيم حزب الله، وفي الحالة الاولى البقاء الدائم في العراق. ان استثمار النصر العسكري سياسيا لا يتحقق الا اذا كان هنالك رتل خامس قادرا على تمهيد الطريق للمحتل والمساهمة في تغطية المحتلين؛ ففي الحرب الامريكية على العراق استجلب الرتل الخامس من عراقيي الخارج الذين جاؤوا على ظهور الدبابات الغازية، وتحولوا لاحقا الى عبء على القوات الغازية في المنطقة الخضراء، وفي الحالة اللبنانية توهمت اسرائيل بانها سوف تخلق الرتل الخامس بعد عدوانها، فلم تحصد الا العار.

ان المالكي طائفي غير خليق بالدعوة للمصالحة الوطنية، فمن المؤشرات الاولية في هذا الاتجاه، انه يمثل حزبا وائتلافا طائفيين، وانه يتصرف كأمير فرعي لطائفة وليس رئيسا لحكومة عراقية، كما انه يعرب عن الاسف اللفظي حين يقع اعتداء من القوات الامريكية والعراقية على مناطق معينة، ويصمت صمت القبور في حالات اخرى، ونحن نقول هذا مع علمنا انه في الحالتين لا يستطيع ان يفعل شيئا، ونعلم انه بدون رصيد جماهيري، لهذا يسعى الى تحرك العواطف البدائية للناس عله يجد منطقة نفوذ بين الجماهير، هذا اضافة الى قناعتنا بان المحتل يحرك هؤلاء في هذا الطريق مواصلة لمبدأ فرق تسد.

من حقائق الحياة عبر كل التجارب ان المحتل عندما يعجز من مواصلة احتلاله او انه يريد ان يقلص خسائره يضطر الى التفاوض مع من يقاتله، ويحمل السلاح ضده، لا يفاوض عملاءه وخدمه، وان هؤلاء في أحسن الاحوال، واذا تبقى عند المحتل بعض الاخلاق او الوقت ان يطلب بعض الضمانات لعملائه من غضب الشعب عند انسحابه مدحورا.

ان التجربة الوطنية العراقية تؤكد بأن المقاومة دخلت عامها الرابع وعجز الاحتلال عن النيل منها، وبالمقابل عجز العملاء وخونة الشعب حتى عن حماية انفسهم، وكانوا نموذجا للجريمة واللصوصية والغدر والتعطش للدم والوجاهة والمال والرذيلة. ولقد تناولنا مسألة أشكال وصيغ مواجهة المحتل، ومنها في حالة طلب المحتل المفاوضات في المقال الموسوم بـ (نقطة واحدة للمفاوضات:انسحبواايهاالغزاةمنبلادنا) على الربط: -http://www.rezgar.com/m.asp?i=856

ان من يدعو للمصالحة ينبغي اولا ان يكون مالكا للسلطة او انه مالكا لمصيره، وانه وحده مصدر قراراته السياسية، اوالشخصية على الاقل، فهل المالكي يمتلك هذه المواصفات؟.

كما أن من يدعو للمصالحة عليه تقع مسؤولية أن يشير بدقة الى الطرف الذي يريد مفاوضته، واذا كانت الدعوة موجهة لمن يحمل السلاح، وهي كذلك حسب سلطة ورغبة الامريكيين الذين يدفعون ثمن حماقتهم على يد المقاومة العراقية الباسلة، فعلى الداعي الى المصالحة ان يسأل نفسه أولا: من يحمل السلاح ماذا يفعل به؟. اذا كان المالكي يدعو المقاومة التي لم تنزل أي ضرر بأحبائه الامريكيين الى المفاوضات، فليبحث عن تلك المقاومة فقط في رؤوس الخائفين من غضب الشعب، وليعلم المالكي ان من يريد ان يلقي السلاح لماذا يفاوض المالكي دون من بيدهم رفع ونصب وجر وتسكين المالكي، ومن هم أقوى وأكبر وأهم منه بل هم أسياده.

يعاني الخدم الحاليين من قصر النظر وضعف الذاكرة خلال طرحهم للمصالحة، وهم يجهلون أن الألم العراقي قد تجاوز مرحلة تناول المسكنات وحتى الافيون، لقد حاول اسيادهم من قبل زرق او قصف الشعب العراقي بمورفينات : تغيير الحكومات، الانتخابات المهازل، الدستور الصهيوني، فدراليات الجوع، خطة أمن بغداد، المصالحة وهيئاتها ومؤتمراتها وشيوخها ودراويشها وراقصيها ووو. ان ماضيكم لا يشيع أي أمل، ولا يبعث على الاطمئنان حتى في صفوفكم القريبة.

في الخارج ودون ضغط الاحداث فشلتم في التعاون بينكم من خلال الجبهة الوطنية والقومية الديمقراطية (جوقد)، وبعدها بفترة قصيرة وقبل ان يجف حبر (جوقد) شكلتم الجبهة الوطنية الديمقراطية (بدون كلمة القومية) (جود)، وفشلت هي الاخرى، انكم تكرهون بعضكم حد اللعنة، والذي يوحدكم اليوم لحد ما السرقات وخدمة الاحتلال والتعطش للدم والانتقام من الابرياء.

ان امريكا تعرف قبل غيرها ان تحطيم الدولة العراقية يعني العودة الى الوراء الى ولاءات أقل من مستوى الدولة او الوطنية، وهذا يعني اذكاء روح العنصرية والطائفية والعشائرية وغيرها. وهي تدفع اليوم ثمن جريمتها او لنقل سقطت في البئر الذي حفرته، لا اعتراض على ان ينتظم الناس في مكونات فرعية، وان يكون للفرد العادي مرجعية ضيقة طائفية اوغيرها، ولكن هذه الحالة تتحول الى كارثة وطنية وكفرا اذا مارسها احد في موقع المسؤولية في الدولة التي من المفترض انها دولة الجميع، لا يجور لرجل الدولة ان تكون له مرجعية أقل من الدولة والوطنية العراقية، لان ذلك يمزق النسيج الاجتماعي للبلاد، هذا يمثل حالة فائقة الغباء ان لم تكن هذه الممارسة تمثل دورا مسندا اليه من جهات تريد تطبيق مبدأ فرق تسد.

هل يعقل ان يذهب رئيس الوزراء الى مرجع لطائفة من الشعب او لجزء من طائفة وكأنه رئيس فرقة طائفية ليقرر مصير البلاد، ان هذا الموقف هو عين الاستخفاف بالشعب كله، وبالديمقراطية التي هي بضاعتهم الزائفة والرائجة، انه تصرف يمثل اهانة كبرى لضمير الشعب وعقله، وبصفة خاصة للطائفة التي يريد التمسح بها قبل غيرها. انه من الناحية الفعلية يريد كسب رضا المحتل أولا، وكذلك العواطف البدائية للناس على أمل كسب قاعدة جماهرية، انها العاب رديئة من اجل فرض الهيمنة او الاستمرار في ممارسة شهوة السلطة، وان كانت تحت بسطال المحتل.

ربما يندر وجود عبارة مثيرة للسخرية والعار في هذا الوقت مثل وصف العراق المحتل بالعراق الجديد او وصف المأساة الحالية بالتجربة الديمقراطية الفتية. وان وصف المالكي بالمنبطح امام الاحتلال، هو كلام لا ينسجم مع واقع حاله، فهو صنيعة الاحتلال، وهو يسعى من خلال خدمة المحتلين ليكون غطاءا اضافيا للمليشيات، التي تمتلك برنامجا لخدمة طرف ثالث على سبيل رد الجميل، انه سوف يتخلى عن المليشيات في حالة واحدة، وهي بعد ان تؤدي تلك المنظمات الاجرامية دورها كاملا في تطبيق سياسة فرق تسد، وبعد ان تنتقل واشنطن الى نشاط آخر يصطدم مع المصالح المباشرة للمليشيات، اي بعد ان تصطدم امريكا مع الاهداف المباشرة التي خلقت من اجلها تلك العصابات الاجرامية العمياء. ان المالكي مجرد عميل طائفي مليشيوي عاجز عن اخفاء حقده على الشعب العراقي.

ولم يمضي وقت طويل حتى انكشفت لعبة المصالحة التي تمثل آخر المورفينات الفاشلة، عندما وقع أمراء الطوائف في برلمان المهزلة على ميثاق شرف بعدم القتل وتخفيف الاحتقان الطائفي، وقد جاء التأكيد هذه المرة على السنتهم وأمام انظار الشعب بأنهم المسؤولون عن الجرائم التي تجتاح بلادنا، ان ميثاق شرفهم ليس ميثاقا للشرف بل هواعتراف صريح، ولكنه دون وعي بالذنب وممارسة الجريمة والخيانة.

ان الشعب لن يقتنع بأي من الذين وضعتهم واشنطن في الواجهة، وقد يسأل البعض عن البديل، البديل هو الذي يحمل راية التحرير، ويجب ان تدرك واشنطن بأنها مهما مارست من مناورات لن تخدع الشعب، فالبديل هو من حرم المحتل من استثمار احتلاله. اما انتم في السلطة اليوم فكما جئتم بيوم غادر سوف تغادرون بذات السرعة، كما حصل ويحصل في كل احتلال في اللحظات الاخيرة من يوم اندحاره.

تذهلني كمية الحقد الذي انطوت عليه نفوسكم المريضة، وانتم تمارسون القتل الجماعي وأعراس الاعتقالات على الطريقة النازية، والاستغلال البشع لتهمة الارهاب، وبعد الاطلاع على كلام المالكي حول نجاحاته، هاكم ما اعترف به هو نفسه واسياده كذلك، أعلن نوري المالكي عن خطة أمنية جديدة في 4 تشرين الاول/ اكتوبر 2006 من اربع نقاط تدعو قادة الكتل العراقية كي يسعوا إلى نزع فتيل التأزم الطائفي في مناطقهم، وتدعو إلى إشراف جديد على وسائل الإعلام، هكذا بعد كل النجاحات المزعومة يعود مجددا الى نقطة الصفر، وهو يعاني من ضغوط جيش الاحتلال الذي يطالبه بما عجز هو نفسه رغم العدة والعدد عن تحقيق ما يريد من المالكي.

ونقلت رويترز في اليوم نفسه عن الميجر جنرال وليام كولدويل المتحدث باسم الجيش الامريكي الذي قال: " ان هجمات التفجير في بغداد بلغت أعلى مستوياتها على الاطلاق، وتم سحب احدى وحدات الشرطة من العاصمة للاشتباه في ضلوعها في أعمال قتل طائفية." ومن جنيف ذكرت وكالة ـ ا.ف.ب مايلي: "اعلنت المنظمة الدولية للهجرة، أن أعداد النازحين في العراق تزداد بشكل قاس، حيث يفر نحو تسعة آلاف شخص كل اسبوع من منازلهم هربا من العنف.".

وفي الختام نقول لكم انتم يا أهل المنطقة الخضراء بالوان نخيلها والصفراء بسمومها وبمحتوياتها: ليس القاء سلاح المقاومة هو الذي يعجل في خروج المحتل حيث تحلمون ببقاء المحتل ونزع سلاح الشعب. ان الحق هو في اعلانكم العجز عن ممارسة الحكم، وهذا الاعلان يحرم المحتل من التستر وراء أدوات محلية؛ هي أنتم. وان ضربات المقاومة لن تدع مجالا للمناورات أمامكم او أمام المحتل.



#ارا_خاجادور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث مع عمال معمل اسمنت طاسلوجة
- لبنان: المقاومة المسلحة تشير الى الطريق
- حركة التضامن مع الشعب العراقي
- أسئلة حول الوحدة العمالية النقابية في ظل الاحتلال
- بعض من عبر الأول من ايار
- لا للحرب الأهلية... انها حرب التحرير
- النقابات العمالية رافعة قوية في معركة التحرير
- قراءة في صفحة من سفر كفاحنا المسلح
- نراجع الماضي بثقة من اجل المستقبل
- مزامير الانتخابات الامريكية في العراق
- هل النقابات العراقية الاساسية تدعم الاحتلال ؟
- من عوامل الجزر في التنظيم الثوري
- لماذا الان يجري الاحتكام للشعب؟
- نقطة واحدة للمفاوضات: انسحبوا ايها الغزاة من بلادنا
- نعي المناضل هادي أحمد علي


المزيد.....




- بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
- فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح ...
- الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
- الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان ...
- مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
- مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - ارا خاجادور - نهج المقاومة الوطنية ومورفين المصالحة الوهمية