|
أئمة المساجد: بين الحرص على نشر الفكر الظلامي المتخلف،والعمل على إصدار الفتاوى القاتلة.....4
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1697 - 2006 / 10 / 8 - 11:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الإهـــــــداء:
إلى النفوس المريضة التي تبحث عن الخلاص فلا تنساق وراء كل دعوات فقهاء الظلام.
إلى كل مسلم مومن حافظ على سلامة إيمانه بالدين الإسلامي، ولم يوظفه في شأن سياسي: صغر، أو عظم.
إلى الشهداء: ضحايا الإرهاب الديني: عمر بنجلون، ومهدي عامل، وحسين مروة، وسهيل طويلة، و فرج فودة... والقائمة طويلة.
إلى كل من أدرك أن مجرد وجود تنظيم سياسي ذي بعد ديني يشكل خطورة على مستقبل البشرية.
إلى ضحايا الإرهاب الحزبوسلامي في كل بلدان المسلمين.
إلى ضحايا 16 مايو 2003 بالدار البيضاء.
من أجل الحد من تأثير الحزبوسلامي في وجدان، وعقول المسلمين، وإعداد الشباب للمساهمة في العمليات الانتحارية التي لا يعرف مداها.
من أجل وضع حد لقيام الحزب السياسي على أساس ديني.
من أجل تجريم ممارسة تحريف الدين لتحقيق أغراض حزبية – سياسية.
من أجل مجتمع بلا إرهاب.
من اجل حماية العرب، و المسلمين في بلدانهم من الممارسة الإرهابية في شموليتها.
من أجل مجتمع للعرب، وللمسلمين، يتمتع فيه الناس بالحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
محمد الحنفي
*************************
المسجد كمؤسسة اجتماعية دينية:.....1
والمسجد، في الأصل، ليس إلا مؤسسة اجتماعية-دينية، ارتبطت بظهور الإسلام، وبمجيئه في مكة، حيث المسجد الحرام، وحيث المكان الذي يمارس فيه التقديس بشكل كبير، تبعا لديانة إبراهيم الحنيفة، التي هي عين الإسلام. ليتوحد الماضي بالحاضر في المكان، وفي الصيرورة الزمنية، وفي الصراع بين معتقدات متخلفة، وعقيدة متقدمة، ومتطورة، تسعى إلى الارتفاع بالبشرية إلى مستوى أعلى، يدفع في اتجاه استخدام العقل في كل شيء. والتوحد في قداسة المكان بين دين إبراهيم، وبين الدين الإسلامي لا يعني عبادة غير الله، بل إخلاص العبادة لله، لأن المسجد وجد في الأصل ليعبد فيه الله وحده، دون سواه. ولا يجوز أبدا أن يقدس فيه غير الله. وقد يقول قائل: إن الكعبة مقدسة، وتبعا لتقديسها يصير المسجد الحرام مقدسا. والواقع غير ذلك. فالكعبة مجرد رمز افتراضي للمكان الذي نتجه إليه، أثناء القيام بأداء شعيرة الصلاة. وهي لذلك، ليست إلا وسيلة لتقديس الله، والتأمل في عظمته، اقتداء بإبراهيم عليه السلام، وبمحمد، وبالمسلمين الأوائل من بعده، ولا يوجد ما يوجب تقديس ذلك البيت، بقدر ما يوجد ما يستوجب اتخاذه قبلة توحد المسلمين في صلاتهم في جميع أرجاء الأرض، تحقيقا لوحدانية العبادة التي تحررهم من التبعية لغير الله، كما حصل قديما، وكما لازال يحصل، إلى يومنا هذا.
وانطلاقا مما يحصل في المسجد الحرام، فإن جميع المساجد، وفي جميع بلاد المسلمين، وفي القارات الخمس، وخارج أوقات ممارسة شعيرة الصلاة، فإن هذه المساجد كانت تتحول تارة إلى مدارس، وأخرى إلى محاكم، وأخرى إلى مراكز ثقافية، وأخرى إلى مجلس جماعي، يتداول فيه ممثلو السكان الشأن المحلي للجماعة، أو مكان للراحة، لتحول بذلك إلى مؤسسة اجتماعية، أو ثقافية، أو قضائية، أو جماعية.
فالمسجد كمؤسسة اجتماعية يقتضي استثماره فيما يفيد المجتمع، على المستوى التعليمي، بجعله وسيلة لتعليم أبناء المسلمين، أو تطوير تعليمهم، أو بمحاربة الأمية في صفوفهم، حتى يرقوا إلى مستوى ما عليه غيرهم في البلدان المتطورة. وإذا كان لابد من دور للتعليم المتطور، عن طريق المجتمع، فإنه ينعكس على مستوى الإنتاج الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؛ لأن المجتمع العالم ليس كالمجتمع الجاهل في هذه المجالات التي ذكرنا. والمسجد، لذلك، يعتبر مؤسسة تربوية، لأنه يعد الأطفال، واليافعين للتشبع بالقيم النبيلة، التي تعتبر شرطا للاندماج، إيجابيا، في المجتمع، وللمساهمة في بلورة قيم عامة، ومشتركة بين جميع أفراد المجتمع على المستوى العام، أو أنه يعد هؤلاء الأطفال، واليافعين للتشبع بالفكر الخرافي، الذي يعد مصدرا للتشبع بقيم الاغتراب عن الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي. وهو اغتراب يقف وراء كل أشكال التخلف، التي تستمر متوالدة، ومتكاثرة في جميع بلدان المسلمين، والتي لا يمكن زوالها إلا بزوال الاغتراب نفسه، أو انه يعدهم للتشبع بالفكر الحزبوسلامي، الذي يعتبر مصدرا للقيم الحزبوسلامية، التي تجعل الإنسان يتحول إلى وسيلة للدمار، والتخريب. وهي وسيلة طالما عانت منها البشرية في مختلف العصور، وخاصة مع نهاية القرن العشرين، وبداية القرن الواحد و العشرين. وهو ما يعني أن المسجد، على المستوى الاجتماعي، يمكن أن يلعب دورا إيجابيا، أو دورا سلبيا، عن طريق القيم التي يبثها في المجتمع، من خلال تعامله مع الأطفال، واليافعين، ومع عامة الناس في نفس الوقت. وبالإضافة إلى اعتبار المسجد مؤسسة تربوية، فهو أيضا مؤسسة تعليمية، إذا ما تم العمل على اعتباره كذلك، وتقرير التعامل معه على هذا الأساس. ففيه يتلقى الأطفال المبادئ الأولية للتعليم، ويتلقون بعد ذلك المعارف المختلفة، المتناسبة مع المستويات التعليمية المختلفة، إلى أن يصيروا متحملين للمسؤوليات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وطبيعة ما يتلقاه الأطفال، واليافعون، والشباب، والكبار في المساجد، هي التي تحدد ما يصيرون إليه:
هل يصيرون مفيدين للمجتمع، عاملين على تقدمه، وتطوره، ساعين إلى خدمة مجتمعه، بانين لحضارته، منتجين لمعارفه، مبدعين لآدابه، وفنونه، مطورين للغته، وعاداته، وتقاليده، وأعرافه، مشكلين لتلاوين تاريخه؟
هل يصيرون مجرد أناس حاملين لأفكار، ومسلكيات خرافية، وعاملين على نشر الفكر الخرافي بين الناس، و ساعين إلى تضليل الشباب، واليافعين، والأطفال بالخصوص، ومشوشين على الفكر العلمي، وناقلين للأخطاء القاتلة إلى المجتمع، ومقدمين صورة سلبية عن المساجد في بلدان المسلمين، وفي جميع أرجاء الأرض، وملوثين سمعة الدين الإسلامي، وطالبين تحول المسلمين جميعا إلى مجرد مرددين للخرافات، حتى يصير كل ذلك عامل كبح، و مبرر تخلف، ومكرسه؟
هل يصيرون بفعل إشاعة أدلجة الدين الإسلامي، من خلال العمليات التعليمية، التي يقوم بها الحزبوسلاميون في مختلف المساجد الرسمية، والعشوائية في بلاد المسلمين، وفي غيرها إلى مؤدلجين للدين الإسلامي، وعاملين على إشاعة أدلجته في المجتمع، و مؤطرين للحزبوسلامي، ومجيشين، بواسطته، المسلمين في جميع بلاد المسلمين، و عاملين على قيام "الدولة الإسلامية"، وحريصين على "تطبيق الشريعة الإسلامية"، ومستعدين للتخلص، و بكل الوسائل الإرهابية، من مخالفيهم، ومعتبرين أن ما هم عليه هو الإسلام الحقيقي، وما عليه غيرهم لا علاقة له بالدين الإسلامي المؤدلج، الذي يسعون إلى إشاعته في صفوف الأجيال الصاعدة، وبين عامة الناس، ممن يرتادون المساجد بالخصوص، الذين يحرضون من لم يقنع بتلك الأدلجة؟
ولذلك، كان من الضروري إخضاع كل البرامج التعليمية للمراقبة الصارمة، ومحاربة كل ما يمكن أن تشتم منه رائحة الحزبوسلامي، حتى تبقى البرامج التعليمية وسيلة تعليمية معرفية ناجعة، وحتى لا تتحول تلك البرامج إلى وسيلة لتغييب الأجيال عن الواقع، أو إلى خدمة التوجهات الحزبوسلامية بالخصوص.
وإذا كان لابد من قيام المسجد بدوره التربوي التعليمي، فعلى الجهات الوصية أن تنكب على إعداد الأطر المسجدية أولا، وأخيرا، إعدادا جيدا، على مستوى التكوين العلمي، والمعرفي، وعلى مستوى القدرة على التأطير التربوي، عن طريق جعل الأطر المسجدية من خريجي المدارس، والكليات، والمعاهد، ثم مدارس تكوين الأطر، أسوة بالعاملين في مختلف المؤسسات، التي تحتاج، فعلا، إلى التكوين، والتكوين المستمر، سعيا إلى الارتقاء بالمساجد إلى مستوى أي مؤسسة اجتماعية تساهم في تقدم المجتمع، وتطوره، انطلاقا من الاهتمام بتربية الأجيال الصاعدة، ومرورا على الاهتمام بتعليم الكبار. وانتهاء بالعمل على تطوير الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من مجمل الحياة العامة: الجماعية، والفردية.
فتكوين الأطر المسجدية، وفق التصور الذي رأيناه، يعتبر شرطا للارتقاء بالمساجد، حتى لا يبقى دورها محصورا في أداء شعيرة الصلاة، وترويج الفكر الغيبي، والخرافي، ثم التحول إلى وسيلة لأدلجة الدين الإسلامي، بتحويل أئمة المساجد إلى حزبوسلاميين مؤدلجين للدين الإسلامي؛ مما يساعد على تضليل الأجيال الصاعدة، ونمذجتها، وتجييشها، والائتمار بأوامر أمراء الحزبوسلاميين. والانسياق وراءهم، في أفق القضاء على كل عوامل التطور، وإدخال المجتمع في متاهات من التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي.
ولذلك كان الارتقاء بالمساجد شرطا لقيامها بدورها الإيجابي، لصالح البشرية، في بلدان المسلمين، وفي كل أرجاء الدنيا.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أئمة المساجد: بين الحرص على نشر الفكر الظلامي المتخلف،والعمل
...
-
أئمة المساجد: بين الحرص على نشر الفكر الظلامي المتخلف،والعمل
...
-
أئمة المساجد: بين الحرص على نشر الفكر الظلامي المتخلف،والعمل
...
-
مكبرات الصوت في شهر رمضان، و تكريس إزعاج راحة المواطنين ....
...
-
بمناسبة الدخول الاجتماعي:2006 / 2007: نقطة نظام: الانتهازية
...
-
بمناسبة الدخول الاجتماعي:2006 / 2007: نقطة نظام: الانتهازية
...
-
بمناسبة الدخول الاجتماعي:2006 / 2007: نقطة نظام: الانتهازية
...
-
بمناسبة الدخول الاجتماعي:2006 / 2007: نقطة نظام: الانتهازية
...
-
بمناسبة الدخول الاجتماعي:2006 / 2007: نقطة نظام: الانتهازية
...
-
حول الموقف من تصريحات -بابا- الفاتيكان المتعلقة برؤيته للدين
...
-
بمناسبة الدخول الاجتماعي:2006 / 2007: نقطة نظام: الانتهازية
...
-
بمناسبة الدخول الاجتماعي:2006 / 2007: نقطة نظام: الانتهازية
...
-
بمناسبة الدخول الاجتماعي:2006 / 2007: نقطة نظام: الانتهازية
...
-
بمناسبة الدخول الاجتماعي:2006 / 2007: نقطة نظام: الانتهازية
...
-
بين مبدئية الك.د.ش. وانتهازية بعض الكونفدراليين، يصير العمل
...
-
بمناسبة الدخول الاجتماعي:2006 / 2007: نقطة نظام: الانتهازية
...
-
بمناسبة الدخول الاجتماعي:2006 / 2007: نقطة نظام: الانتهازية
...
-
هل تفعل الك.د.ش. مبادئ النقد، والنقد الذاتي، والمحاسبة الفرد
...
-
بمناسبة الدخول الاجتماعي:2006 / 2007: نقطة نظام: الانتهازية
...
-
بمناسبة الدخول الاجتماعي:2006 / 2007: نقطة نظام: الانتهازية
...
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|