|
*في الطريق الى الشماعية
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1696 - 2006 / 10 / 7 - 09:51
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في مقالة سبقت مقالتي هذه ذكرت أن محمود المشهداني ، رئيس برلمان الاحتلال في بغداد ، مصاب بحالة من الاكتئاب الشديد نتيجة لعدم تحمله العيش في السجن الذي وضعه فيه أخوه بفظاظة اللسان ، صدام الساقط . ذلك السجن الذي حمل منه عقدة نفسية ، تمثلت بعدائه لكل من يخالفه الرأي والمعتقد ، وكان السبب الذي يكمن وراء تلك العقدة هو تلك الساعات التي عجز فيها المشهداني عن الاستمرار بمجادلة شاب متهم بالانتماء الى الحزب الشيوعي العراقي ، كان يقطن في السجن معه ، ومن ساعتها ظلت هذه العقدة ملازمة له حتى بعد خروجه من معتقله ذاك . وقد جئت أنا على ذكر ذلك كله في مقالة سبقت . ولكنني بعد ذلك قرأت مقابلة صحفية أجرتها جريدة الوطن مع المشهداني ، أمير الطارمية ، أثارت دهشتي ، فقد وجدت فيها الرجل لم يصب بحالة اكتئاب ، وعقدة معادة مخالفة الرأي ، وحسب ، إنما هو مصاب كذلك بمس من جنون ، سيقوده عاجلا أم آجلا الى مصحة الشماعية التي تستقبل منذ سنوات طويلة بعض المجانين ممن هم على شاكلة أمير الطارمية الثائر ! ذلك الأمير الذي حاز على هذا اللقب بفضل من وقوفه المستميت مع جند الزرقاوي ، وبقية الإرهابيين ، ومن على شاكلتهم ، فالمعروف أن هذا اللقب لا يمنح جزافا ، ودونما خدمات جلى ، يقدمها صاحبه للقتلة أولئك ، فكل من حاز عليه ، وكما قال لي رجل خبير بأحوال هؤلاء ، لا بد وأن يكون قد ذبح بيده عشرة من المرتدين عن الدين الإسلامي ، وإذا سألت هؤلاء الذباحين عن المرتدين بعرفهم ، وقوانينهم التي لم تعرفها عهود من قبل ، قالوا لك : هم الشيعة بالدرجة الأولى ، ولا فرق في ذلك بين شيعي عربي ، أو شيعي أعجمي ، فالشيعة على مختلف فرقهم ونحلهم ليس من الإسلام في شيء ، حسب معتقد جنود الإرهاب أولئك ، وإذا قلت لهؤلاء إن الشيعة يعبدون الله الذي تعبدون ، قالوا : نعم . ولكنهم يعبدونه على حرف ! ويبدو أن المشهداني قد حمل هذا اللقب بسبب من كونه ذباح بشر ، أو أن هؤلاء هم الذين منوا عليه بلقب فخري ، فقالوا عنه : أمير الطارمية . وحين قلت لمحدثي : قد يكون المشهداني ، محمود ، أبو شهاب ، واحدا من سكنة منطقة الطارمية من بغداد ، ولهذا أسبغوا هذا اللقب الرفيع عليه من عندهم ، رد هو مستعيذا بالله من قول كهذا ، ثم قال لي : هو في واحد من الاحتمالين المذكورين آنفا ، ولا غير . ومع هذا فقد ظللت أنا على شك من ذلك ، إذ كيف يبيح قوم لأنفسهم من تأمير رجل عليهم ، وهو مصاب بمس من جنون واضح ؟ ويخبط في كلامه وحديثه خبط عشواء ، ويسل سيوف تافه القول على معارضيه ، خاصة حين يكون هؤلاء المعارضون من النساء اللائي يتفوقن عليه خلقة وأخلاقا ، وعلما وأدبا مثل الدكتورة ميسون الدملوجي ، والسيدة صفية السهيل . ولكن فعله المشين هذا مرده الى أنه لا يزال يعتقد أن المرأة ناقصة عقل ودين ، مع أنه هو نفسه قد خرج من جوف امرأة ، وأن النساء في العالم اليوم قد غزون الفضاء ، وصار البعض منهن يشتري قطعا سكنية على سطح القمر منذ الآن ، بينما لا زال هو يعيش في كهوف الماضي ، معتقدا أن الدين هو في إطالة اللحية ، وقباحة المنطق ، وسوء خلق. وأنا هنا لا أريد أن أظلم الرجل حين أقول إنه مصاب بمس من الجنون ، فكل من يقرأ المقابلة التي أجرتها تلك الجريدة معه يخرج منها ، بما خرجت به أنا ، فأمير الطارمية يشن فيها حربا كلامية على أمريكا ، وعلى قوات الاحتلال ، ويعتبرهما السبب فيما يسمونه هم بالفوضى الخلاقة ، مثلما ينقل هو عنهم ، وهو في حربه الكلامية هذه لا يختلف كثيرا عن مقتدى الصدر ، فكلاهما قد جلس في حكومة ، وفي مجلس نواب يظلهما المدفع الأمريكي ، وعلى هذا تكون حربهما الكلامية تلك حرب نفاق لا غير ، فالكل يعلم أن مندوبي الصدر ، وبقية النواب ، وبما فيهم رئيسهم المشهداني نفسه ، لا يمكنهم أن يمروا الى قاعة البرلمان ذاك إلا بعد أن يتعرض كل واحد منهم الى تفتيش دقيق من قبل الجنود الأمريكان الذين يقومون بحراسة بناية البرلمان تلك ، والتي يجلس تحتها من هو معمم ، أو حاسر الرأس منهم . وأمير الطارمية ، بعد ذلك ، يهزأ ممن جاء من العراقيين على ظهور الدبابات الأمريكية الى الحكم في العراق ، ولكنه في الوقت نفسه يجلس الى جنب الكثير من هؤلاء ، يمدحهم تارة ، ثم يعود ليذمهم تارة أخرى ، يعتبرهم هم السبب الحقيقي وراء احتلال العراق من جهة ، ولكنه يسبغ عليهم الشرف والوطنية من جهة أخرى ، وذلك حين يرى أن انقاذ العراق يأتي من رحم البرلمان الذي يترأسه هو ، هذا في الوقت الذي يعلم به أمير الطارمية أن الكثير من أعضاء البرلمان ذاك قد جاءوا على ظهور الدبابات الأمريكية ، وأن منهم من هو عميل للمخابرات الإيرانية ، ولا يحمل من الشرف والوطنية ذرة ، فهل يلام أحد حين يقول ، بعد هذا الخبط في القول من لدن رئيس البرلمان : إن أمير الطارمية قد ركبه الجنون ، وهو في الطريق الى الشماعية ! وقد يجادل البعض ، ويقول : إن المشهداني قد ينافق فيما يقول ، وهو يسخر نفاقه هذا من أجل أهداف سياسية مرسومة ، فهو في الوقت الذي يظهر شديدا على الأمريكان كلاما ، نراها من ناحية أخرى يسير ضمن اتجاه تتبناه جبهة التوافق الذي هو منها ، تلك الجبهة التي ما انفكت تخطب ود الأمريكان ، تماما مثلما يفعل عبد العزيز الحكيم ومجلسه ، وذلك من أجل الوصول الى بعض من تلك الأهداف . ولكن الحقيقة ليست هذه ، فالمشهداني بعيد عن النفاق ، قريب من الجنون ، واسلوب النفاق والكذب والضحك على الذقون مثله عنصران من عناصر الحكم الأمريكي في العراق ، الأول هو أحمد الجلبي الذي آذى بمقالبه نفسه ، مثلما آذى رئيس الوزراء السابق ، والفاشل ، ابراهيم الاشيقر ( الجعفري ) ، والثاني هو بيان جبر صولاغ وزير الاسكان أولا ، والذي خرج من تلك الوزارة دون أن يبني بيتا واحدا ، وثانيا أصبح وزيرا للداخلية فخربها ، وسلمها للإيرانيين ، حتى عاد المراجع من العراقيين الى الطابق الرابع من بناية تلك الوزارة لا يسمع إلا اللغة الفارسية التي عادت لسانا للعاملين فيه ، ولكن في نهاية الأمر صارت شرطته تُسرح أفواجا أفواجا من الخدمة لوقوفها مع فرق الموت في صف واحد ، وها هو في الوزارة الثالثة ، وزارة المالية التي سيقوم بتخريبها عن قريب بعد أن أطلق كذبته الشهيرة في إصدار ورقة جديدة من الدينار العراقي يقلل فيها عدد ما يُعطى منه مقابل الدولار الواحد ، ولكن صولاغ مع نفاقه وكذبه هذا ما انفك يحمل راية معاداة الشيوعيين العراقيين ، وكل من يخالفه في الرأي ، تماما مثل زميله في المهنة ، أمير الطارمية ، وبفارق أن زميله الأمير ذاك يقف من الارهابيين من جنود الزرقاوي ، بينما يقف هو مع الإرهابيين في فرق الموت ، وجنود ولاية الفقيه . هذان الفريقان المسلمان ! فريق صولاغ ، وفريق المشهداني ، هما اللذان يحيلان نهار العراق الى ليل ، وعيشة مواطنيه الى جهنم حامية ، لا تطاق ، وفي وقت يظل الأول فيه سادرا في كذبه ونفاقه ، بينما يظل الثاني مبحرا في هلوسته وجنونه ، ومع هذا فلله في خلقه شؤون !
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشهداني : سلاحنا القنادر
-
دولة أبو درع
-
( 2 ) József Attila : الشاعر الشيوعي ، يوسف أتيلا
-
المظلوم الذي صار ظالما !
-
هكذا تحدثت كيهان !
-
الشاعر الشيوعي ، يوسف أتيلأ ( Attila József ) - 1 -
-
هدية إيران للمالكي !
-
تبلور الصراع الطبقي في العراق !
-
للنشر والتوزيع ( Visionmedia ) فيشون ميديا
-
إيران تدق عطر منشم بين شيعة العراق *
-
إرهاصات الانتفاضة الشعبية القادمة في العراق !
-
وما أدرى العجم بالعرب !
-
الصفويون يهددون شيعة عرب البصرة بالرحيل عنها !
-
هاتوا الانقلاب العسكري !
-
المقهى والجدل باللغة السويدية
-
المالكي : القصيدة الرومانسية وصولاغ !
-
رحلة ابن فضلان
-
قتل شيوخ العشائر العربية في جنوب العراق !
-
التابوت*
-
مرأة كان اسمها ميسون *
المزيد.....
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: معبر رفح لن يُفتح إذا تكررت -الفوضى- م
...
-
أمريكي ينتشل أجزاء من طائرة منكوبة تحطمت في نهر بواشنطن
-
كيم جونغ أون غاضب ويحاسِب.. إقالة عشرات المسؤولين تورّطوا في
...
-
واتساب يتصدّى لعملية تجسس واسعة استهدفت صحافيين وناشطين
-
الجيش الاسرائيلي يعلن تعرض قواته لإطلاق نار داخل سوريا
-
ترامب يتعهد بالحديث مع بوتين لإنهاء الصراع في أوكرانيا
-
ترامب: الأردن ومصر سيستقبلان سكانا من غزة
-
-الشبكة- يرصد أثر مشاهد تسليم أسرى الاحتلال على البريميرليغ
...
-
نادى الأسير يكشف عدد الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم السبت
-
ترامب يكرر تصريحه عن -تهجير- سكان من غزة إلى مصر والأردن
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|