|
النحس يلاحق حكومة الاحتلال غير الدائمة !
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 1696 - 2006 / 10 / 7 - 04:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
9 نيسان 2003 موعد مع النحس ، هذا ليس عنوان فلم سينمائي امريكي مع انه يصلح لان يكون كذلك وليس هو عنوان لكتاب جديد من كتب المعارضين للحرب على العراق في امريكا ، وليس هو مانشيت لتصريح جديد لاحد النواب الذين يمقتون سياسة ادارة بوش ويعتبرون حربه على العراق اكبر كارثة غير طبيعية حلت بامريكا وافدح خطأ سياسي وعسكري ترتكبة ادارة امريكية على مدى تاريخ الولايات المتحدة ! انه ببساطة عنوان لكل حديث يومي بين الجنود الامريكان الذين لم يحالفهم الحظ تماما للنجاة بانفسهم من رياح الموت التي تهب يوميا عليهم لتقبض على ارواح نفر منهم ، والذي يكون مبروكا من مرافقي هذا النفر المرحل الى الاخرة بتذاكر قطعتها لهم ايادي المقاومين ، هو الذي يصاب منهم بالاعاقة الكلية او الجزئية التي تؤهله للعودة السريعة الى بيته واهله وراء البحار ، وعليه اخذ الكثير منهم يتمنى هذه الاعاقة لتكون منقذه الوحيد من الهلاك المحتم والتدريجي ! ! هذا النحس لم يلازم الامريكان وحدهم بل كان قرينا وظلا وفيا للمتعاونين معهم من العراقيين ، ومنذ اليوم الاول نصب النحس نفسه روحا تخترق كل التداعيات والاجراءات والاشخاص حتى الانتخابات والدستور والمحكمة وو! مجلس الحكم اصيب بفايروس النحس بحيث لم يبقى احدا لم يلعنه حتى من بعض الذين كانوا اعضاءا فيه ! اما الحكومات المتعاقبة والانتخابات المتعاقبة ونقل السيادة ، فكلها منحوسة نحاسة شجرة الدر التي لم تتمتع بحكم قصرها لاكثر من 80 يوما قتلت بعدها بالقباقيب ! لقد اكتمل نحسهم بفضائح وعيارة بعضهم لبعض وعلى رؤوس الاشهاد ، اما بعد ترجمة كتاب بريمر فان الطين قد ازداد بلة بحيث فجر فضيحة جديدة ومن عيار ثقيل . كتاب بول بريمر " عامي في العراق " قد كشف تفاصيل الاذلال والدونية والفساد والخنوع التي سادت المشهد السياسي الرسمي العراقي ، وهو اشارة مهمة لنحس جديد لم يستثني احدا حتى المرجع الاعلى ناهيك عن المراجع الصغيرة التي تستجدي المحتلين للحفاظ على مكاسبها ! ومن المؤمل ان يكتب السفير خليل زادة مذكراته عن مهمته في العراق ليكمل فصول المشهد بعد بريمر ، والتي ستختلف حتما من حيث الشكل لكنها تتلاصق لصاق لصقة جونسن مع المضمون البريمري . اكثر من اربعة اعوام والحال هو الحال بل انه يزداد سوءا وانفلاتا وتدهورا وفسادا ، ويؤشر المستقبل المجهول الى خيارات تقطيع العراق كمعالجة على النمط الامريكي لمشكلة تصلب وتعاظم مقاومة شعبنا للاحتلال وكل تداعياته . ان عجز حكومة المالكي عن تحقيق ما وعدت به من مصالحة وطنية وحل الميليشيات وتقوية اجهزة الدولة المركزية والمحلية بعيدا عن التكتلات الطائفية والاثنية ، هو عجز عضوي ملازم لكل حكومات الاحتلال السابقة والاحقة وستبقى هكذا عاجزة عن معالجة صلب المشكلة لانها جزء منها ! فخصخصة الدولة واجهزتها وقطاعاتها الاقتصادية والادارية والقانونية والامنية والدفاعية طائفيا واثنيا لا يمكن ان يستقيم مع وحدتها واستقرارها وانتعاشها مهما تجملت بالمسميات التي هي على غير مسمى كالديمقراطية والفدرالية .
المحكمة والمردود العكسي :
النحس لازم المحكمة الخاصة التي شكلها ابريمر وارادها ان تكون بحد ذاتها انجازا يستحق من اجل الوصول اليه احتلال العراق وتدمير دولته وبناه التحتي وتستحق ايضا ارجاع اقتصاد وعمران وتمدن العراق اكثر من 50 سنة الى الوراء ، هذه المحكمة التي برمجوها لتكون وسيلة لادانة صدام حسين والتغطية على الحاضر السقيم الذي يعيشه العراق وبشكله الكارثي المهلك الذي لا حدود لطوفانه ، عادت عليهم بالخزي والمطبات التي لا يحمد عقباها ! فقد تحولت المحكمة الى ساحة معركة اخرى فشل فيها الامريكان والمتعاونون معهم من العراقيين في تحقيق الاهداف المرجوة منها ! لقد نجح المتهمون في التحدي وتسييد عامل المقارنة على عامل الادانة ، ونجحوا ايضا في التاكيد على انهم يشكلون جزءا مهما من فعل التصدي الحاصل بين ابناء الشعب العراقي بوجه المحتلين ، هذا اضافة الى قوة منطق الحجة عندهم ، و ضعفها من حيث الشكل والمضمون القانوني عند القائمين على المحكمة من قضاة وادعاء عام ، لقد كان الحضور المؤثر لشهود المتهمين اثر اقوى واكثر مصداقية من الحضور الملقن لشهود الادعاء ، اضافة الى ان الادراك الشعبي المسبق بان المحكمة امريكية بلباس عراقي وانها وسيلة لخلط الاوراق عليه وعلى مقاومته كان قد جرد المحكمة من اي تاثير حقيقي على المواطن العراقي بل صار الراي العام يعتبرها مسرحية مملة ومسخرة ومهزلة تعود بالخيبة على منظميها وتعود بالفائدة على المتهمين انفسهم الذين استطاعوا اثبات انفسهم بالصورة التي يريدوها امام الراي العام رغم ظروفهم وعزلتهم ! ان دخول المحكمة ذاتها في قفص الاتهام ومن خلالها الاحتلال ورموزه قد اصبح يؤرق القائمين عليها لذلك فانها تقترب من نهايتها ، وسيحاول اصحابها ايجاد ترتيب اخراجي مناسب لتبرير القفلة المقبلة ، والتي ستكون حتما متلازمة مع التكتيكات الامريكية الجديدة التي تحاول من خلالها تحجيم خسائرها المادية والمعنوية في العراق . لا يمكن لاي مطلع موضوعي الا ويعتبر تبديل القضاة وقتل المحامين والاسلوب الاقانوني الذي تمارسه هذه المحكمة ما هي الا نتائج حتمية لمأزق شرعيتها واختصاصها ، وما حالة اخر العنقود من القضاة هذا الجاهل الاحمق الذي لم يستبقي لمحكمته اي قيمة شكلية الا اشارة جديدة للمأزق الذي يعصف بالمحكمة والقائمين عليها والوضع العراقي برمته . واذا كان محمد العريبي الكبير قد اشتهر با"الموافج" والنوم في اجتماعات مجلس الاعيان الملكي ، فان محمد العريبي الصغير اشتهر بتناول المنشطات التي تجعله بحالة عصبية متوترة لانها تكبح جماح رغبته الدفينة في ممارسة عادة جده المستورثة وهي النوم في القاعات التي يكون فيها قد سلم بالموافقة على اي شيء يطلب منه وفي اي شيء ! ؟
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امريكا تمهد لمرحلة القواعد الدائمة في العراق
-
حركة عدم الانحياز مطالبة بالانحياز
-
محمود درويش تجاوز النوبل مرتين
-
ايران بين مزدوجين
-
من يحزر في يد من خاتم بغداد ؟
-
نظرتان متقابلتان
-
11 سبتمبرحريق في الرايخشتاغ الامريكي
-
البراءة الكبرى
-
من يوميات الحب السري في بغداد
-
الحرية للكاتبة العراقية كلشان البياتي
-
عصامية نجيب محفوظ
-
الى الاخ سامر ومن خلاله الى كل من يهمه الامر
-
يريدون انفجارا ذريا للعناصر الاجتماعية المشعة في العراق
-
الحرب السادسة ليست اخر حروب المنطقة
-
انهيار البورصة السياسية في العراق الجديد
-
اقطاعية شمال العراق نموذج للديمقراطية الدموية في العراق الجد
...
-
عزل لبنان عن الصراع العربي الاسرائيلي مهمة مستحيلة
-
الحلقة الاخيرة من عراق الازل بين الجد والهزل
-
عراق الازل بين الجد والهزل
-
اجتثاث مكارثي في العراق
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|