|
تركيا - ب ك ك : من يحارب من ؟
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7446 - 2022 / 11 / 28 - 20:35
المحور:
القضية الكردية
تركيا - ب ك ك : من يحارب من ؟
بداية لابد من القول ان الموقف الرسمي للنظام التركي ولحزب العدالة الحاكم كما هو واضح ومعلوم ليس مع حق تقرير مصير الشعب الكردي لا في تركيا ، ولافي ايران ، ولافي العراق ، ولافي سوريا ، ولايختلف في هذالمجال مع مواقف الأنظمة الحاكمة الأخرى في تلك البلدان ، وكذلك الامر مع مواقف كل من روسيا ، والولايات المتحدة الامريكية ، والنظام العربي الرسمي باعتبارها معنية بالملف السوري ، وقضايا المنطقة برمتها . أنظمة تركيا ، وايران ، وسوريا ، والأوساط الحاكمة ببغداد عندما تتجاهل الحقوق الكردية المشروعة ، وتنفذ خطط معادية هنا وهناك ، وتتفق معظم الأحيان على الكرد بالرغم من خلافاتها البينية ، فانها تفصح بذلك عن طبيعتها اللاديموقراطية ، ونزعتها الشوفينية ، واستبدادها الشرقي ، وفشلها في انجاز مهام البناء الوطني ، وإقامة دولة العدل والقانون لكل مواطنيها ، هذا من جهة ومن الجهة الأخرى فانها تستمد غطرستها ، واسترخاصها لمبادئ حقوق الانسان وحق الشعوب من تقاعس المجتمع الدولي ، وتعلق الدول العظمى ، والكبرى بمصالحها الخاصة على حساب المبادئ السامية التي التزمت بها رسميا عبر مواثيق الأمم المتحدة ، ودساتيرها المعمولة بها . حروب تركيا ضد – ب ك ك - . منذ نحو ثلاثين عاما ، وفي ظل الحكومات التركية المتعاقبة ، يشن الجيش التركي هجماته البرية ، والجوية على مواقع – ب ك ك – في الداخل التركي وبشكل خاص في مواقعه بعدة مناطق بكردستان العراق ابرزها – قنديل - ، و – خواكورك – و – جبال كاري ومتين – و – حفتاوين – وأخيرا – سنجار – وخلال كل هذه المواجهات يعلن الجانب التركي انه يستهدف قوات – ب ك ك – كما ان السلطات الفيدرالية بالاقليم الكردستاني ومع كل الادانات ، ورفض اختراق السيادة ، والمطالبة بالتوقف ، الا انها لم تعلن يوما ان تركيا تحاربها او تستهدف شعب كردستان ، بل ترفض تصفية الحسابات على أراضيها . وفي الجانب السوري لم يحدث ان هاجمت القوات التركية الكرد السوريين وعلى طول الحدود المشتركة بمئات الكيلومترات قبل ظهور الحزب الكردي التركي – ب ك ك – في الأراضي السورية ، ومن خلال عائلة الأسد حيث احتضنت زعيم هذا الحزب السيد – عبد الله اوجلان – منذ بداية ثمانينات القرن الماضي ، وقد شهدنا بدايات الهجمات في اعتداء مفرزة من القوات الخاصة التركية على قرية – جرنك المتاخمة للحدود قرب القامشلي – وابادة عائلة – كابرش – التي كانت تناصر الحزب الابوجي ، بالإضافة الى حوادث أخرى لم ترقى الى درجة الحرب الفعلية الشاملة كما نشهدها الان بالطائرات الحربية ، والمسيرات ، والصواريخ ، وهي بالمجمل مدانة وغير مقبولة من جميع فئات المواطنين بكل هذه المناطق ، لانها تصيب المدنيين في معظم الحالات ، وتثير الرعب ، وتنشر القلق ، وتدفع الناس الى الهجرة من ديارهم . هل الدعوة الى المقاومة المسلحة خيار واقعي ؟ لاشك ان إرادة شعبنا صلبة ، وسيتمسك بارضه كماعهدناه منذ مئات السنين مهما كلفه ذلك ، ولكن وبمعزل عن المشاعر العفوية الصادقة المتحمسة ، فان الدعوات اللفظية الإعلامية التي يطلقها المسؤولون من أصحاب سلطة الامر الواقع بمختلف مسمياتها العسكرية ، والسياسية ، والإدارية بدعوة الشعب الى المقاومة ، وحمل السلاح وفي الوقت ذاته يعلنون فيه ان ( أمريكا باعتهم ) تلك الدولة التي ترعاهم ، وتمدهم بالدعم العسكري والمالي ،فان تلك الدعوات غير مدروسة ، بل تتسم باعلى درجات المغامرة ولكن لماذا : أولا - ليست الا دعوات يائسة ، بل مجرد الدفع نحو الانتحار بسبب عدم التكافئ بالقوى والامكانيات ، فاذا كانت قواتهم التي كانت متمركزة في جبال – كورداغ – منطقة عفرين ، ومتحصنة في ثكنات ، ودهاليز تحت الارض ، ومزودة من نظام الأسد بمختلف أنواع الأسلحة بمافيها الثقيلة ولم تصمد امام القوة العسكرية التركية المتفوقة عدة وعددا ، فكيف يمكن الصمود في سهول الجزيرة ، ومدنها المكشوفة امام المدفعية ، والطيران ، وفي مرمى نيران القوات البرية ؟ ، فقد كانت من نتائج مغامرة عفرين تهجير السكان الأصليين وهم الكرد ، واحلال سكان المناطق السورية الأخرى من غير الكرد محلهم ، مما أدى الى تغيير التركيب الديموغرافي ، والاخلال بالتوازنات في مناطق بالغة الحساسية تعاني أصلا من السياسات العنصرية ، في بلد لم تحل فيها القضية القومية الكردية ، وزادتها تعقيدا ، فهل يراد استحضار وتطبيق نفس التجربة في المناطق الأخرى ؟ . ثانيا – لم تتضمن الشروط التركية الأخيرة الخمسة وجوب ابتعاد الكرد عن الحدود المشتركة ، ولم تسمي أعضاء ومسؤولي أي حزب من الأحزاب الكردية السورية الخمسون او الثمانون المنضوية تحت اجنحة – ب ي د – و الانكسي – وكذلك نشطاء المجتمع المدني ، للرحيل لمسافة ٣٠ كم ، بل حددت أعضاء جماعات – ب ك ك – تحديدا ، وحتى الأسماء العشرة التي طالبت بتسليمها يرجح المراقبون انها تعود لكرد من تركيا . ثالثا – المبالغات الكلامية لن تجدي نفعا امام الحقائق ، والوقائع ، والهروب الى الامام ليس حلا ، فهناك الان انتظار ان ينفذ مسؤولو جماعات – ب ك ك – بمسمياتها المختلفة الشروط التركية حتى لا تبدأ العمليات البرية ، والاجتياح ومن بينها الانسحاب لمسافة ( ٣٠ كم ) من طول الحدود السورية التركية المشتركة ، وهناك في الوقت ذاته مطالبات من جانب البعض من الكرد ان تكون ( ٣٠٠ كم ) أي المسافة المفترضة بين القامشلي و – قنديل – وذلك حتى لاتتكرر الهجمات ، وتعيش المنطقة بسلام . رابعا – لو كانت الدعوة للمقاومة المسلحة ضد نظام الاستبداد الحاكم بدمشق بغية اسقاطه ، وإيجاد البديل الديموقراطي ، كما تجسدت في اهداف الثورة السورية في العامين الاولين من اندلاعها لكانت مفهومة في حينها ، اما اعلان الحرب ضد دول مجاورة فليس من شان الكرد السوريين ، ولا من وظيفتهم ، ولاتخدم مصالحهم ، واعتبار تركيا العدو الأول والوحيد بدلا من نظام الاستبداد خروج عن مبادئ الحركة الكردية السورية ، والحاق بالقضية الكردية السورية لمآرب – ب ك ك – في صراعه الشكلي مع تركيا ، وتجيير للدماء الكردية السورية لخدمة الاجندة الإقليمية . خامسا – واذا كانت مسالة السلاح والتسليح ، وتعبئة وعسكرة المجتمع ليست من اجل حل القضية الكردية في سوريا ، والحركة الكردية السورية بالأساس ومنذ ظهورها انتهجت النضال السياسي السلمي ، وانفردت بين كل الحركات الكردية بالجوار بطريق الحوار السلمي فما حاجة الكرد السوريين الى السلاح ؟ . سادسا– واذا كان مسؤولو – قسد – يؤكدون كل يوم ان الهدف التسليحي العسكري من اجل مواجهة داعش ، وان كل شيئ من اجل المعركة ضد أولئك الإرهابيين ، ويؤكد على ذلك التحالف الدولي ليل نهار ، حتى ان الجميع يعتبرون ان الهجمات التركية من شانها اضعاف المواجهة ، واذا كان الامر كذلك ، وبما ان المنبع الأول والاساسي لارهابيي داعش هو وسط وجنوب العراق ، والجنوب السوري في مناطق الحسكة ودير الزور ، والرقة ، واطراف البادية ، فلاحاجة لان تتحصن قوات – قسد وغيرها – في ديريك ، والقامشلي ، وعامودا ، والدرباسية ، وريف حلب ، وكوباني ، ولتتوجه جنوبا ، وتتحصن هناك ، وتزاول مهامها في محاربة – داعش – الى يوم القيامة . وأخيرا وكما يقول المثل الدارج ( ان الرسالة تفهم من عنوانها ) ، أي ان سلطة الامر الواقع لو كانت جادة في دعوتها للمقاومة لاستجابت منذ أعوام لارادة الغالبية الشعبية ، ولوفرت شروط المقاومة الحقيقية بالاستجابة لمشروع حراك " بزاف " ومبادراته المتواصلة ، في التحاور ، وترتيب البيت الكردي ، وقبول إعادة بناء الأداة النضالية الوحيدة المجدية وهي الحركة السياسية الكردية السورية ، وتوحيدها ، واستعادة شرعيتها من خلال الطرق المدنية الديموقراطية وتحديدا عبر المؤتمر الكردي السوري الجامع .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اشكالية الصديق والعدو لدى الكرد
-
ندوة حوارية ببرلين حول الحركة الكردية السورية
-
مسرحية فاشلة بكل المقاييس
-
قراءة سياسية عامة لحراك - بزاف -
-
عشية المؤتمر ( ١٤ ) للحزب الديمقراطي الكردستاني
...
-
الكرد في حقبة حافظ الأسد (
...
-
في الحالة الكردية السورية الراهنة
-
لا تضعوا العصي في دواليب التغيير
-
لامستقبل للكرد السوريين من دون حل أزمة حركتهم
-
فلنفتح كل الدروب المغلقة امام الحوار
-
لن تتشكل شخصية ثقافية للكرد السوريين الا باستعادة الشخصية ال
...
-
مؤتمر وطني جامع ولا مائة مؤتمر حزبي
-
في السياسة التعليمية للكرد السوريين
-
شروط الحوار الناجح بين الكرد السوريين
-
اعادة بناء الحركة الكردية السورية مهمة أولى وعاجلة
-
عود على بدء : نحن والخط الثالث
-
العراق رهينة الشيعية السياسية
-
كانت الفرحة اكبر لو شملت الوحدة كل أطياف كردستان ايران
-
أعيدوا بناء حركتكم قبل فوات الأوان
-
من تزييف التاريخ الى تزوير الوقائع
المزيد.....
-
أزمة الجوع والتجويع الإسرائيلي الممنهج تتفاقم في غزة وبرنامج
...
-
بين لهيب الحرب وصقيع الشتاء.. الجزيرة نت ترصد مآسي خيام النا
...
-
في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع
...
-
سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون
...
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|