|
فكرة الوحدات الأقتصادية ام الحكومات المركزية
صالح مهدي عباس المنديل
الحوار المتمدن-العدد: 7446 - 2022 / 11 / 28 - 12:52
المحور:
المجتمع المدني
نرى في الوقت المعاصر ان غاية الأنسان في الدول النامية التي تشمل معظم الدول العربية هي ان يحصل الفرد على وظيفة مع الدولة. كرن الفرد موظف يعني ان هناك دخل مالي ثابت و مستمر، و لو كان محدود، بغض النظر عن التقلبات السياسية و الأفتصادية. منذ بداية القرن العشرين ترى ان الموظف و المدرس و العامل و المهندس يعيش في منطقة معروفة و في بيت واحد ، ربما ورثه، و ينجب و يربي عائلة و يتقاعد و يموت ولم يتزحزح عن تلك الحالة. مما ادى الى الجمود و كبح الطموحات و أستمرار حالة الفقر و قلة التنمية. اذ يبقى الفرد في نفس المكان يراوح و تستولي عليه مجموعة كن الأفكار البالية و الغير قابلة للتغيير. ينفذ الأوامر و يقلد الآباء و يستنكر كل جديد لانه لايفهم التجديد لذا يخاف من عدم مواكبته لان افكاره اصبحت صلبة يعتقد دائما انه على الصواب و لا يفهم وجهة نظر الآخرين المختلفين او الذين يحاولون التغيير الذي عادة تتم محاربتهم، لان الناس بكل بساطة يعتقدون ان كل تجديد هو امر يهدد مكانتهم و مصالحهم الشخصية ليس الا. اما الأدمان على ماتمليه الحكومات و النظر اليها كانها ابوية لابد ان ترعى الجميع و توفر لهم فرصة العمل فهي فكرة شيوعية بالية. اقول ذلك لان الحكومات ما هي الا كومة من الأوساخ كلما كبرت كلما زاد اذاها، و الحكومات لدينا كبيرة جداً مما لا يتناسب مع الحداثة. تلك الطبقات فوق الطبقات من الأنظمة و القوانين ادت ال مشاكل كثيرة و ساهمت في انتشار الفقر و اتسمت بالفساد الأداري و الرشوة و المحسوبية. كذلك منعت القطاع الخاص من العمل بشيء من الحرية لان المتسلطون يرون ان نجاح القطاع الخاص هو نهايتة السلطة و الوجاهة لهم. كذلك فان الأدارة المركزية للبلاد وضعت كل مهنة و كل قطاع من المجتمع في قالب معين له مزاياه و امتيازاته مما عمق الهوة بين طبقات المجتمع. حيث نرى في بعض الدول ان الرتب العسكرية حازت على جميع الأمتيازات و تركت الآخرين في الطبقة المسحوقة. ربما يقتد من يدير الدولة انه لابد من السلطة المركزية لضبط الأمن و الأمان و كذلك لتسيير امور الناس. لكن هناك عيب واضح لان الشمولية فشلت لانها صادرت ارادة الأنسان و حريته و لم تترك له اي طموح في التغيير عندما حددت الملكية للدولة فقط. من يعمل مع الدولة يبقى دخله محدود، وقته مصادر الى رب العمل و حريته في الأبداع مصادرة و لن تتحسن حالته الأقتصادية بدون التفكير في ايجاد البدائل. التفكير بطريقة مغايرة للنمطية التقليدية في الأدارة و الأنتاج و العلاقات العامة. هنا لابد من العودة الى التاريخ. سنجد على مدى التاريخ اقترنت الدول و الامبراطوريات بالحروب المهلكة و الطغيان من اجل المال و السلطة. مبدا الدولة الحديث بدا في معاهدة ويستفاليا في القرن السدس عشر، انا الدول العربية تحت العثمانيين فلم يطبق عليها هذا النظام حتى مطلع القرن العشرين. و هنا نسأل انفسنا كيف كانت تلك المجتمعات تسيّر الأمور. ليس هناك وظائف او ادارة مركزية، كانت الأمور تدار بالتعاون و التشاور بين الوجهاء و الشيوخ و المتعلمين، شيء او نوع من الحكم الذاتي و التراضي في المسائل العامة كالقضاء و الزكاة و غيرها. لكن اطلالة القرن العشرين جلبت معها تغيرات ثورية في الخدمات العامة كالماء و الكهرباء و الطرق و الأتصالات و التعليم و الخدمات الصحية، مما جعل الأشتراكية امر مفروض لا نقاش فيه و هنا استولت الحكومات على كل مفاصل الدولة و على الرغم من البدايات المبشرة بالخير الا ان الأمر أُبت بأنه كارثة ادخلتنا في دوامة الفقر و الجهل و الدكتاتوريات و الصراعات بين الزعماء. كذلك جعلت هذه الحكومات اجيال من الناس بمثابة العبيد و هم موظفي الدولة. هناك فكرة تجول في خاطري منذ سنين و هي ماذا يحصل لو جئنا بما يغاير الواقع و مكنا المجتمعات المحلية تسيطر على زمام الأمور بما يخص العوامل المشتركة، خطة تدار من قبل الوجهاء و اصحاب الرأي لكي ترعى كل مجموعة شؤونها. و المجموعة هنا ممكن ان تكون على مستوى الأقضية و النواحي في العراق مثلاً. اذ تتكون هذه الوحدات من 100000-200000 نسمة. يترشح منها مجلس منتخب يعمل بشكل تطوعي لا وظيفي و مجلس آخر مماثل للمراقبة و التدقيق لغرض منع الفساد المالي و الأداري. تقوم هذه الوحدة بجمع اموال الزكاة و التبرعات و كذلك تفرض ضرائب على البنايات التجارية و الأعمال الصناعية بنسبة معينة و تقوم بتحديد الأغنياء في المنطقة و تفرض عليهم ضرائب بنسبة اعلى. تستغل هذه الأموال في باديء الأمر كرأس مال يستعمل للأستثمار في الأنتاج في نفس الوحدة السكنية، كذلك تطالب الحكومات بمنح مالية او قروض من اجل بناء الطرق و المجاري و توفير او صيانة مشاريع المياه و الطاقة. هنا سياخذ الناس بزمام الأمور و يجعلوا دور الحكومة دور ثانوي فبدلا من مطالبة الحكومة لبناء مدرسة بالتأكيد لو كانت هناك ثقافة التعاون فان مجتمع او مدينة بهذا الحجم قادر على بناء مدرسة خاصة و تشغيلها و ادارتها، نعم هناك عقبات لكن تلك العقبات هي الحكومة لذلك لكي تنهض هذه المجتمعات يجب ان تقلل من تدخل الحكومات. اموال الزكاة و التبرعات على سبيل المثال ممكن استخدامها في بناء مركز مدني ترفيهي تؤجر في محلات تجارية و موارد اخرى يستعمل ريعها في بناء مشاريع اخرى او في تحسين البنية التحتية. هذه ليست فكرة جديدة و انما هي نمط معيشة الانسان منذ القدم. فعندما تأخذ المدينة الصغيرة بزمام الأمور تدار بشكل مؤثر من شأنه الرقي بالمجتمع. هناك عقبة كبيرة امام هذه الفكرة و هي كيف ان تقنع الناس على الأنقياد لها و دفع الضرائب اللازمة و هنا ياتي اقناع الناس عن طريق الزكاة و التبرعات و التعويل على كرم المتمكنين، و هذا الأمر يتطلب تثقيف شديد و بحاجة الى قيادة يتفق عليها الناس و يثقون بها تستطيع ان تخاطب الناس بما يناسب تفهمهم للأمر و تنقاد الى اقتراحاتهم و كذلك ترحب بالجميع للأدلاء بآرائهم و مقتراحاتهم كي يشعر الجميع بان لهم دور فيها و عليهم واجبات و لهم حقوق. عندما جربت هذه الطريقة ادت الى النتائج التالية: بدأ الناس يشتركون في ادارة الأمر بدل من انتقاد دور الحكومات زادت ثقة الناس ببعضهم و ازداد التعاون المحلي، حيث تجمع الناس في اتحادات و مجموعات لكل منها دور لتحسين الوضع الأقتصادي ادت هذه الفكرة الى توفير فرص عمل لأهل المنطقة اذ ظهرت اعمال تحتاج الطاقة البشرية. عندما تمكن الحميع من المشاركة في الأدارة تحسنت علاقتهم و اصبحوا اكثر انتماءً للمجتمع. بسبب صغر المجموعة السكنية تمكنت الأدارة من محو الفساد المالي و الإداري. بدأ الناس يهتمون بالصالح العام اكثر من مصالحهم الشخصية الضيقة. تم كذلك تغيير الفوارق الطبقية بين ابناء المدينة.
#صالح_مهدي_عباس_المنديل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا الأشتراكية امر حامي
-
نحو اكتشاف الذات
-
امراض المجتمعات الليبرالية
-
السجون و حقوق الأنسان
-
الطبيعة البشرية، خير ام شر و تأثير الحضارة عليها
-
مادا حصل للعالم في سني الكورونا
-
كليات الطب الأهلية
-
حقيقة صراع الحضارات
-
سر العداء بين هتلر و اليهود
-
ما اشبه اليوم بالبارحة
-
الأمل المفقود
-
الولي الفقيه و الأنظمة الشمولية
-
لابد من تشرين
-
الشوفينية عند الولي الفقيه
-
تغيير انظمة الحكم
-
حقوق الأنسان
-
المفهوم المعاصر للمساواة
-
هكذا صودرت الحريات في الدول الليبرالية
-
مفهوم الحرية
-
الانسان ، غاية ام وسيلة
المزيد.....
-
يوم أسود للإنسانية.. أول تعليق من الرئيس الإسرائيلي على أوام
...
-
حماس: أوامر اعتقال نتنياهو وجالانت تصحيح لمسار طويل من الظلم
...
-
رفض إسرائيلي لقرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو
...
-
منظمة الفاو تحذر من وصول المجاعة إلى أعلى درجة في قطاع غزة،
...
-
مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت والضيف.. كل ما نعرفه للآ
...
-
مذكرة اعتقال ضد نتنياهو.. أول تعليق من مكتبه وبن غفير يدعو ل
...
-
زلزال سياسي: المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال في
...
-
حماس ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق ن
...
-
حماس تحث المحكمة الجنائية الدولية على محاسبة جميع القادة الإ
...
-
هولندا تعلن استعدادها للتحرك بناء على أمر الجنائية الدولية ب
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|