أسعد أسعد
الحوار المتمدن-العدد: 1696 - 2006 / 10 / 7 - 03:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
"إذ قال الله ياعيسي إني متوفيك و رافعك إلي و مطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الي يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون" (آل عمران 55)
السيد الدكتور أيمن أرجو أن تُعيد النظر في جميع آيات القرآن التي توضّح الحقّ من جهة المسيح يسوع الذي يدعوه القرآن عيسي إبن مريم. و أود أن تُعيد النظر أيضا في العديد من الحقائق التاريخية التي تُحيط بشخص يسوع المسيح و الكنيسة التي تكوّنت من جماعة المؤمنين بموته و قيامته من الاموات
كما أريد أن أوضّح لسيادتكم أن الدعوة التي قدمتموها للنصاري عَبرَ محطات التلفزيون الفضائية للدخول في الاسلام قد جاءت متأخرة جدا , فجميع النصاري قد تم دخولهم الاسلام فعلا منذ عهد النبي محمد و لم يبق أي أثر لهم منذ أن قامت الدولة العربية الاولي, فكيف تستمر أنت في مجاهدتهم حتي الآن؟ أما الموجودون الآن فهم أتباع عيسي المسيح الذين ذَكَر القرآن إن الله قال عنهم و وعدهم و أعلنها القرآن بلسان عربي فصيح "و جاعل الذين إتبعوك فوق الذين كفروا" و ذلك ليس إلي حين يأتي النبي محمد فقط و لا إلي حين تكتسح الجيوش العربية العالم المعروف آن ذاك بل إلي يوم القيامة في كل زمان و مكان . و معني ذلك بكل بساطة و تجريد اللغة من أي تعقيد إن أتباع المسيح جاعلهم الله (بصيغة الاستمرار) فوق القوم الذين كفروا . و هنا نتساءل بماذا كفر هؤلاء القوم؟ و الاجابة من نفس الآية إنهم كفروا إن الله توفي عيسي (و ليس الناس هم الذين قتلوه لأنه قال من فوق الصليب "يا أبتاه في يديك أستودع روحي" فتوفاه الله). و أيضا كفروا إن الله رفع عيسي بعد أن بعثه حيا , فإن الله لا يرفع أمواتا إلي حضرته بل أحياء يرزقون. و أيضا كفروا بكلمته أنه مطهّره من الذين كفروا أي الذين الصقوا به الباطل إلي حدّ أنهم صلبوه ليُشَهِّروه , لأنه حسب عقيدتهم يصير ملعونا فطهّره الله منهم إذ أقامه من الاموات ليبطل قولهم و بهتانهم عليه, فهل أنت تؤمن بهذا بكلام القرآن؟ و أنا أرجو ألا تكون أنت من الذين كفروا بالله و بكلامه المدوّن في الكتاب المقدس و بحسب ما وافقه عليه القرآن؟
فأنت قد قلت في حديثك التليفزيوني إن الصليب خرافة فهل معني هذا إنك تعلن للعالم العربي و للمسلمين جميعا أن اليهود أبرياء من دم المسيح و إن الذين يؤمنون بصلب المسيح و قيامته يؤمنون بخرافة؟ فلماذا تُدافع عن اليهود و قد قال عنهم القرآن أنهم قتلوا أنبياءهم. و اليك الآيات من سورة النساء و التي قد تبدوا لك أنها تنفي الصليب:
"فبما نقضهم ميثاقهم و كفرهم بئايت الله و قتلهم الانبياء بغير حق و قولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا(155) و بكفرهم و قولهم علي مريم بهتنا عظيما(156) و قولهم إنا قتلنا المسيح عيسي إبن مريم رسول الله و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبه لهم و إن اللذين إختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا إتباع الظن و ما قتلوه يقينا(157) بل رفعه الله إليه و كان الله عزيزا حكيما(158) و إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته و يوم القيامة يكون عليهم شهيدا(159)"
و أرجو أن تلاحظ أن هذه الايات تتكلم عن اليهود و ليس عن أتباع عيسي المسيح و ذلك فيما يختص بالقول "ولكن شُبّه لهم" فهذا القول عن اليهود فقط و ليس عن المسيحيين و الأهم في الأمر أن تلاحظ سيادتكم غياب حرف الهاء من كلمة "و لكن" فلم يقل القرآن "ولكنه شُبِّه لهم" فغياب حرف "الهاء" هنا مهم جدا لفهم التعبير القرآني في اللغة العربية لأنه إذا وُجِدَت "الهاء" في كلمة " لكنّه" فإنها تعود علي شخص معين يكون هو موضوع الكلام أما بغياب "الهاء" فكلمة "لكن" بدون "الهاء" لا تعود علي شخص بل تعود علي الحدث ككل. و بمعني أدق فإن القرآن يقصد أن حادثة الصليب و موت المسيح هي التي شُبِّهَت لليهود و ليس شخص المسيح هو الذي شُبّه لهم لأن القرآن لو قصد أن التشبيه و قع علي المسيح لقال صراحة "و لكنّهُ شُبّه لهم" و بغياب "الهاء" فنستطيع أن نُجزم أن المسيح لم يُشَبّه لهم لكنه صُلِبَ فعلا. و أما القول بأنهم ما صلبوه فذلك يرجع إلي أن الذي إقترف فعل صلب المسيح فعلا هم الرومان و ليس اليهود. و كان اليهود يعايرون النصاري في الجزيرة العربية و يفتخرون عليهم مُحَقِّرينَ من شخص المسيح فيقولون "إنا قتلنا المسيح عيسي إبن مريم" فردّ القرآن عليهم إفتراءهم علي النصاري بقوله "ما قتلوه و ما صلبوه" لأن اليهود كانوا تحت الاحتلال الروماني غير مسموح لهم بالضّبطِ و القضاء و تنفيذ الاحكام و خاصة الاعدام. فقام الرومان بصلب المسيح إذلالا لليهود إذ كتبوا عِلّته فوق الصليب "هذا هو ملك اليهود". لكن اليهود زيّفوا هذا كله و في مقاومتهم لاتباع عيسي راحوا يعايرونهم في كبرياء (إنا قتلنا المسيح) أي بأنهم صلبوا المسيح لكن القرآن فضحهم فقال وما صلبوه. أما من جهة ما قتلوه فذلك واضح كما سبق و شرحت لكم فالقتل بيد الانسان أما التوفي فبيد الله فالمسيح حتي و إن قصدوا أن يقتلوه لكنه أسلم روحه إلي يدي الله فتوفاه الله بحسب ما قاله الله لعيسي "إني متوفيك" .
أما الفعل "شُبِّه لهم" فهو فعل مبني للمجهول و الفاعل مستتر , فلو كان الله قد فعل ذلك لقال "و لكني شبّهته لهم" و لا يستحي الله أن يُنكِر فعله. و هذا يعني إن الله لا دخل له بعملية التشبيه هذه مطلقا و لا يجوز نسبتها اليه . أما الفاعل المستتر هنا فهم اليهود الذين شَبّهوا تلك الحادثة لعقولهم لأن المسيح حينما بعثه الله حيا لم يُصدِّق اليهود ذلك و لم يقبلوه فظلّ المسيح في فكرهم أنه مات و إنتهي و تلاشي من الدنيا بحسب فكرتهم عن الموت الذي لا حياة بعده , لان فِرَقا من اليهود كانوا لا يعتقدون بالقيامة من الاموات بل بفناء الانسان عند موته و هم فرقة الصدّوقيّون المذكور عنهم ذلك في الكتاب المقدس , لذلك صَدَقَ القرآن إذ قال إن موت المسيح قد شُبِّه لهم و ذلك لأن الله قد بعثه حيا بعد أن توفاه و هم لم يصدقوا ذلك بحسب عقيدتهم فبقوا في ضلالهم. و قال القرآن عنهم في ذلك أيضا أنهم" لفي شك منه ما لهم به علم إلا إتباع الظن" و هذا هو حال اليهود إلي اليوم . لذلك فإن أنت نسبت فعل التّشبه بأن الله فعله بالمسيح فأنت تُناقض القرآن و تَنسب لله غشا و خداعا و إذا كان أتباع المسيح يشهدون عن صلبه و موته و قيامته فإذا أنت قلت أنه شُبّه لهم (أي لأتباع المسيح) فأنت تُلقي بتهمة الغش و التزوير علي الله لأنه بحسب منطقك رفع المسيح و وضع آخر مكانه بطريقة أو بأخري و غَشّ الذين إتبعوه الذين رأوه معلقا علي الصليب و أهمهم مريم أم المسيح التي إصطفاها و فضّلها علي نساء العالمين , و هي التي كفّنَته مع من حنّطوه و وضعوه في القبر في حضورها و باقي حوارييه الذين وعدهم مع من إتبعوه بأن يجعلهم فوق الذين كفروا الي يوم القيامة , فتقول أنت أنه جعلهم في شك منه و ليس لهم إلا إتباع الظن. و بذلك يكون الله قد ترك الملايين في ضلال بسبب ما أضلهم هو نفسه به من تشبيه و غش و خداع , لأنك تدّعي إن الله هو الذي فَعَلَ فِعل التّشبه. و تكون المسيحية التي تؤمن بصلب المسيح و موته و قيامته هي الديانة المغشوشه التي فعلها الله لأنه هو الذي غَشّ الناس . و هذا قول فاحش و مرعب عن الله أرجو أن يتوب عنه المسلمون جميعا.
كما أرجو أن تسمح لي أن أقدّم لك شاهدة من أهم الشهود القرآنية علي تلك الحادثة و هي مريم أم المسيح التي كانت واقفة عند الصليب عند وفاة إبنها فهي لم تُنكر مطلقا علي مر التاريخ حتي الي يوم لاقت ربها فلم تُنكر أبدا إن المصلوب كان إبنها و إذا كان المسلمون قد صدّقوا عنها قصتها عن ظهور الملاك لها و حملها من عند الله بالروح القدس و هي ما زالت شابه صغيرة عذراء و هذا حدث بينها و بين الله دون شهادة عيان من إنسان و مع ذلك صدّق القرآن روايتها و عظّمها لطهارتها و نقاء سيرتها فما معني أن تصمت تلك المرأة الطاهرة طيلة إقامتها مع الحواريين الي إنقضاء حياتها, فهل تظن إن الله خدعها هي أيضا في إبنها و أنه شبهه لها و قد كان سنّها يُقَدّر عند وقوع حادثة الصلب بحوالي 45 سنه فقط و علي أقصي تقدير أقل من 50 سنه فهي لم تكن عجوزا مخـرّفة بل كانت كاملة النضج و هي أولي الناس أن تقول عن المصلوب لا هذا ليس إبني. إلا إذا كنت تتهمها أنها هي أيضا مشتركة مع الله في خداع الناس. أم تعتقد إن الله قد ضحك عليها و غشها هي أيضا في إبنها و جعلها تتألم و تبكي و هي واقفة عند الصليب يجوز في نفسها سيف الالم لأجل من تظنه إبنها و هو ليس إبنها. فلماذا يُكذّب المسلمون هذه الشاهدة الطاهرة اليوم؟
الدكتور أيمن لقد مات المسيح من أجلك لا لكي تَكفُر بإسلامك و بدينك و بصلواتك و أدعياتك و أعمالك الحسنة و أصوامك و غيرتك علي الله و علي إسمه و علي أنبيائه , بل لكي تقبل أن يغفر الله لك باسم يسوع المسيح ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر و لكي يجعل منك الله شاهدا للعالم أجمع علي رحمته الغنية مُجاهدا بالروح و النفس لا بالسيف و الـرّمح شاهدا أن لا إله إلا الله و أن يسوع المسيح هو الحق و الحياة و الطريق إلي الله. لا يُنقِض ذلك إسلامك إلي الله و لا يُنقِص من إسلامك قرآنيا مقدار ذرّة
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
#أسعد_أسعد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟