|
نحو اكتشاف الذات
صالح مهدي عباس المنديل
الحوار المتمدن-العدد: 7443 - 2022 / 11 / 25 - 08:33
المحور:
المجتمع المدني
انت الآوان من اجل اتخاذ وسئل جديدة للعملية التربوية عن طريق أستغلال التطور الحاصل في علم النفس من اجل ان يعرف الطالب نفسه و يسلك المسار العلمي و العمل الوضيفي الذي يتيح له ان يعمل في المجال الذي يمكن ان يبدع فيه و ينجز باعلى طاقته. كانت فكرة المدارس المعاصرة هي التربية و التعليم، و اقول هنا نجح التعليم و فشلت التربية. اما التعليم فهو يبدأ بالقراءة و الكتابة الى الرياضيات و ينتهي بالتعليم الحرفي و المهني. و ينتج التعليم الحرفيين و المدرسين و الأطباء الى غير ذلك، التعليم هو اسهل ما ممكن في هذه العملية لان يمكن قياس ذلك بصورة دقيقة في الاختبارات المدرسية و الجامعية و يسهل تطبيقه و تعميمه على الطلبة و يمكن تطويره مع تطور وسائل الإيضاح و التجارب العملية و كذلك وفرة الحقائق المعلومة عن اي موضوع . و كل ذاك الأنجاز هو نتائج الثورة العلمية ثم الثورة المعلوماتية و التطور التكنولوجي. اما العملية التربوية فهي اصعب من ذلك بكثير لأنها لا تعتمد ابدا على ما ذكرته سابقًا ، فهي مسأله يحيطها الغموض و لا تعتمد على الذكاء المعروف بل على الذكاء الاجتماعي و طبيعة الفرد و موروثه الجيني و عوامل متعددة منها طبيعة العائلة و المجتمع و الموروث الثقافي و المحيط الاجتماعى اثناء سني نمو و تغلم الطالب من سن الخامسة الى سن البلوغ. اثرت هذا الموضوع بناء على ملاحظتي لطلاب كلية الطب، الجميع اذكياء ( بدرجات متفاوتة) لكن تصرفاتهم و شخصياتهم متفاوتة الى حد كبير اذ لا يتشابه اثنان قط في هذه الناحية. منهم المتفاعلين مع الحدث ينبضون بالحياة والأمل الى درجة تتمنى ان يكونوا ابنائك. و آخرين يجعلوك تتسائل ماهي مشكلتهم و لماذا يريدون ان يكونوا اطباء، فمنهم الخجول و منهم المضطرب نفسياً و منهم البارد كالصخرة لا تدري ماذا يدور بداخله و منهم من يحتاج الى الكثير من التشجيع لكي يعمل شيء او حتى يتكلم. منهم جاء الى المهنه في سبيل المال او السمعة و منهم من لديه دوافع انسانية، الكثير منهم ليس لديهم رؤية للمستقبل. و كذلك اجد الأطباء الخريجين منهم المتملق و منهم الكاذب و منهم الوصولي و منهم الأنسان المعتدل و المتمكن اجتماعيا، و منهم الخدوم و منهم صاحب الضمير الحريص على كل شيء يقوله و يفعله ان يكون على الصواب. و هناك ايضا شريحة منهم ذوي الاضطرابات النفسية. هذا التباين في المستويات لابد ان يكون عامل شخصي ينفرد به كل شخص و يختلف به عن جميع الناس. لذا اصبح من الضروري على العملية التربوية ان تتغير تغييرا شاملاً يأخذ بعين الاعتبار التكوين النفسي و الشخصي للطالب و ذلك عن طريق تحليل عميق لنوع الشخصية، اذ لابد من استعمال العلم المتطور الذي وصل اليه علماء النفس في العصر الحديث. حاليا العملية التربوية تحاول برمجة الطالب و الجميع تضعهم في قالب واحد. ارى ان عصر البرمجة هذا لابد ان ينتهي لان برنامج واحد فقط لا يصلح لانواع مختلفة من الشخصيات المتباينة. هذا النوع من البرمجة ترك نسبة لا بأس بها من الشباب في ارتباك لا يعرفون ماذا يريدون من الحياة، قيمهم في الحياة غير معروفة ، يتخبطون لمدة طويلة و الكثير منهم يدرك الأمور فقط بعد فوات الأوان. و كذلك كثرت الأمراض النفسية التي يسببها القلق ، و القلق يأتي من الخوف من المجهول الذي لم يتم اكتشافه، و حقيقة الأمر ان هذا المجهول ما هو الا فكرة في خيال الأنسان تنمو و يزيد معها القلق و الخوف. و ذلك يؤدي الى امراض نفسية كثيرة و منها الكآبة و هي شائعة جدا. يجب ان تركز العملية التربوية على اكتشاف التكوين النفسي للطالب بصورة دقيقة تعتمد على اشراك اخصائي علم النفس بصورة مبكرة و بطريق تستمر حتى البلوغ، تهدف هذه العملية الى توعية الطالب و تعليمه اسرار النفس و تثقفه كي يعرف كيف يفسر و يتعامل مع العواطف المختلفة مثل الخوف و الحزن و الفرح و الكبرياء و حب الذات و الغرور، و الكذب، و لماذا يتفاعل الأنسان عاطفيًا مع الأحداث بطريقة معينة. و كذلك لماذا يختلف الناس عن بعضهم في تفاعلهم مع الحدث و كذلك احترام رأيهم و وجهة نظرهم . و تساعد الطالب على بناء القيم الأخلاقية النبيلة عن طريق الممارسة المستمرة لها و السيطرة على الرغبات الشخصية التي تقف كحاجز. الأنسان في العصير الحديث هو ناتج المدرسة بالدرجة الأولى ثم العائلة ثم المجتمع، و هذا الناتج حاليا غالباً ما يكون بضاعة تالفة، قلق، و ضجر و حزين، ياكل لان مضغ الطعام يثير الطمانينة و ليس بسبب الجوع مما جعل السمنة وباء العصر الحديث. ثم ياتي الأنسان الى مرحلة الوظيفة و العمل، و هنا تبدأ المشاكل بصورة عملية حيث يأتي دور المعالج النفسي لاصلاح التلف، و لو كانت هناك وقاية و تهذيب في مرحلة الطفولة لما حصلت الأمراض النفسية. و بدون اشراك علماء النفس في التربية و اكتشاف الشخصية ستبقى العملية التربوية غير مؤثرة و لها اضرار و نتائج عرضية غير مرغوبة.
#صالح_مهدي_عباس_المنديل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امراض المجتمعات الليبرالية
-
السجون و حقوق الأنسان
-
الطبيعة البشرية، خير ام شر و تأثير الحضارة عليها
-
مادا حصل للعالم في سني الكورونا
-
كليات الطب الأهلية
-
حقيقة صراع الحضارات
-
سر العداء بين هتلر و اليهود
-
ما اشبه اليوم بالبارحة
-
الأمل المفقود
-
الولي الفقيه و الأنظمة الشمولية
-
لابد من تشرين
-
الشوفينية عند الولي الفقيه
-
تغيير انظمة الحكم
-
حقوق الأنسان
-
المفهوم المعاصر للمساواة
-
هكذا صودرت الحريات في الدول الليبرالية
-
مفهوم الحرية
-
الانسان ، غاية ام وسيلة
-
لماذا فشلت الشيوعية
-
لماذا سيفشل السوداني
المزيد.....
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا
...
-
إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
-
مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
-
مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري
...
-
لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
-
مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر
...
-
لندن.. اعتقال نتنياهو ودعم إسرائيل
-
اعتقالات واقتحامات بالضفة ومستوطنون يهاجمون بلدة تل الرميدة
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|