|
33 – مدخل . . الى العقل المتصنم ذات مستبدلة بمنقطع عن محرك تشغيل وجودها التاريخي ( 2 ) اغتراب تاريخي للذات عن اصل طبيعتها ( استقراء في متغير القيمة )
أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 7437 - 2022 / 11 / 19 - 10:30
المحور:
المجتمع المدني
كنا قد بينا في الجزء السابق مسببا اساسيا من اسباب منتج تشوه الذات الاجتماعية العربية حاضرا ، والمتمثل خلاصة بانتقال انسان المجتمعات العربية عبر مسار التاريخ ببعد زمني مجرد صرف بآلاف عبر الاجيال المتعاقبة . . وصولا الى يومنا هذا في وجود مقترن ببقية انسان شعوب مجتمعات الارض الموجودة راهنا ، بينما علم مسار مختلف تلك الشعوب – عدانا نحن العرب – بكونه كان مطبوعا على التغير ، بتعبير محبب لعلماء الاجتماع الانثروبولوجي والفلسفة المادية ( أي أن المسار التاريخي لإنسان المجتمعات مبنيا على التطور ) – وبحقيقة ملموسة موضوعيا ، أن مسار ذلك التطور متفاوتا من مجتمعات الى اخرى ومن شعوب الى غيرها ، فمنها الموسوم بعجلة متسارعة التطور عبر ذلك المسار التاريخي المشترك الواحد ، ومنها الموسوم بعجلة بطيئة واخرى بعجلة متباطئة وصولا الى مثل تلك المجتمعات المعلمة بضعف مسار تاريخها التطوري ، المنكشف ببنى إعاقة ذاتية تخص مثل هذه المجتمعات المعنية الاخيرة ، كانت تحدث تعطيلا لمسار التطور الطبيعي في عدد من مراحل التاريخ القديمة او حتى الحديثة ، حيث نلمس في وجودها الحاضر منكشفات لحضور خلطي الخصائص – بشكل قوي الحضور – مجتمعيا وعلى ذات انسانها ( الفرد او العام ) ، خلطا من الخصائص والقيم المتضاربة لمعبرات وجودية لمراحل قديمة وشديدة القدم في حاضر وجودها اليوم – وهي ثغرة عقم فهمي عند المفكرين وعلماء الانسانيات ، حيث يرون في مثل هذه المجتمعات بكونها ( اصيلة ) في حضور محافظ لسماتها المجتمعية الخاصة بها عبر مراحل التاريخ المختلفة ، وهذا مقارنة بمجتمعات بشرية اليوم مختفي عن انسانها خصائص مجتمعه الذاتية التي كان يظهر عليها في القديم وتلاشت حاضرا ، ويزيد بعض منهم في صناعة الوهم الحكمي والتقييمي – متطابقا مع القول الشعبي عربيا : من لا ماض له في الحاضر لا مستقبل له – بمعنى تعظيم قيمة شعوب تلك المجتمعات المعاقة تاريخيا ووسمت طبيعتها بالتطور الضعيف المتقطع . . انها اصيلة واكثر قيمة ورقيا عن غيرها من مجتمعات الارض ، لكونها محتفظة بأصل وجود هويتها الذاتية عبر كل مراحل التاريخ الى اليوم – بينما الحقيقة المغايرة لذلك الفهم ، أن مثل هذه المجتمعات – ضعيفة او شديدة الضعف تطوريا عبر التاريخ – مطبوع مسارها التاريخي بالتقطع ، أي فقدان ديناميكية الحركة المتواصلة تطورا – وكانت بفعل حقيقة ذاتها ( المرضية بمعنى ما ) من التحرك والوقوف او القطع . . وهكذا ، مسببا تبرقع خلطيا من الخصائص والسمات والقيم بما فيها العادات المنتقلة عبر مختلف المراحل لتحضر في اخر مرحلة وجود لها و . . هكذا – هذه الهجائنية المتعددة المنتجة عبر مراحل التاريخ المختلفة لتظهر راهنا على المجتمعات المعنية بالقصد هنا – ما لم يتنبه له علم الاجتماع القدامى والمعاصرين – أنه يثقل على المجتمع وانسانه الحاضر مسببا لهما ( الكمون التكلسي ) الفاقد للطبيعة السوية المبنية على التوافق الوجودي المجتمعي في زمنية وجوده ، و مع كل مرحلة وجود جديدة تزداد عوامل الاعاقة الذاتية المجتمعية – وبالطبع الوضعية الواقعية المسيدة والمنتجة عبر تلك طبعة الاعاقة في اصل ذات المجتمع – وهنا مثل شعوب هذه المجتمعات المعنية الحاضرة اليوم – بعيدا عن موصفها بالنوع العرقي او مسمى الموطن الديمغرافي ، ك . . الهندي ، السنغالي ، الارجنتيني او اللبناني او اليمني على المسمى كمعرف لهوية لإنسان المجتمع – بينما من الحقيقة يصعب لدرجة شبه الاستحالة الوصول الى سمات وصفات وخصائص او طبيعة بنوعية محددة تميز مثل هذه الشعوب وانسانها وتفرقهما عن غيرهما – فوجودهما اليوم ( انسانا فردا ومجتمع ) يحضر فيهما خصائص وسمات وطباع لا تنتمي لحقيقة اصل وجودهما الزمني الحاضر اليوم ، بل تنتمي لإنسان ومجتمع اخرين في كل مرحلة من مراحل التاريخ القديمة ، فهما ليس ذات الموجود راهنا – وهنا نرى عكس ما يراه المفكرون وعلماء الاجتماع والاجتماع السياسي والتاريخي ، فمثل انسان هذه المجتمعات المقصودة لا تعلم عليه قيما خاصة به مقارنة بغيره من انسان المجتمعات الاخرى ، بل ازعم بأنه لا قيمي محدد بنوعه ، لكون ذاته تقف على خليط متضارب ومتضاد لمتنوع من القيم المنسحبة من مراحل قديمة في التاريخ متضايفه الى قيم وجوده اليوم ، فيتكون تلك الذات ( المجتمعية والفرد منها ) دون هوية قيم محددة يمكن الوصول اليها وتمييزها – أما بعودة لذاتنا العربية ( العامة ، الخاصة ، والفردية ) ف . . فإنا نطبع ابعد كثيرا حتى من تلك التي اتينا عليها سابقا ، حيث جميعها عبرت التاريخ خلال مسار تطوري ، بغض النظر عن طبيعة وماهية وطابع التطور المختلف فيما بينها ، بينما ما يكشفه التاريخ – المسرود تصورا من قبلنا سابقا – أن انسان مجتمعاتنا العربية قد توقف عن طبيعة تطوره الطبيعي عند مرحلة شديدة القدم من وجوده التاريخي آنذاك ، وصبغ مساره وجوده الزمني المتحرك لما بعدها من مراحل التاريخ وصولا الى حاضر اليوم ، بأن تتغطى كليا سمة جوهر وجوده التطوري الطبيعي الاول ، وتحل محلها السمات غير المتخلقة ذاتيا ولكن من الغير خلال الانقياد الطوعي ، لتحل كجوهر بديل مسخي عن جوهر حقيقته البشرية الاولى في طبيعتها ، لتكون هذه الذات المجتمعية قد ارتحلت عبر مسار التاريخ بزمنية مجردة الى اليوم ، بمعنى ان مسار تنقل وجودها التاريخ ( فاقدا لقوة الفعل ) المغير للذات ووجودها اللاحق لم يكن حاضرا ابدا – كجبل صخري غير حي جامد خضع وجوده للآلاف من السنين تحت متغيرات غير طبيعية غير سوية ، ولطبيعته غير الحية كتابع يتغير بتغير شروط الطبيعة وعواملها ، حين نستكشف ماهية مواده التي يقوم عليها ، نجد هيكله الخارجي مبنيا من تراكيب مواد ليست تلك الاصلية التي ظهر على اساسها في البدء ، بل هي طبقات مختلفة التراكيب للمواد المكونة ، تختلف باختلاف متجدد المتغيرات للشروط الطبيعية ، فكل متغير واحد من متغيرات الطبيعة بعينه كان يقود الى تكون تراكيب جيدة على جسد الجبل ، وعند الحفر الى اعمق طبقة – أي واقدم الطبقات – لنعرف اصل التراكيب – أي جوهره – التي تكون منها الجبل في طبيعته الاولى ، لنجد أن شدة الفعل التأثيري لمتغيرات الطبيعة – في مرحلة ما او في عدد من المراحل القديمة – كانت تصل لإحداث تغيير يصل الى جوهر المواد الاصلية التي تكون عليها الجبل واتخذ صفاته وخصائصه منها ، لتتحول الى تراكيب اخرى او خليطة ، فيكون الحكم العلمي لهذا الجبل لا هو صخري متماسك ولا هو كلسي او تراكيب ملحية ولا هو بالطيني المتصلب ، وحتى في ماهيات كل منها ، تكون اصل المواد المعدنية وغير المعدنية قد حدث لها استبدال متغير عبر التاريخ – إن ذاتنا المعلمة بنا هي اشبه مجازا بما عبرنا عنه اعلاه بصورة مجازية للتوضيح ، فعند توقفت سمة الذات البشرية الطبيعية فينا عند مرحلة من التاريخ ، وهي سمة ( الفعل الارادي المغير ) ، صرنا نتحرك بزمنية مجردة في مسار التاريخ كمادة جامدة غير حية ، نتشكل وفق املاءات الشروط الخارجية المتحكمة علينا ، نتطبع بما يفرض علينا الى ظرفية خاصة تصبح المتغيرات الفارضة المتحكمة بوجودنا تملي فينا – كطبيعة – صفاتا وخصائص وسمات وقيم تستبدل جوهرنا الاصلي لتحل محله كجوهر بديل ، حتى نصل الى وقتنا هذا لنجد ذاتنا مفرغة عن وجود جوهرها الاصيل ، فتكون حقيقة وجودنا مبنية على جواهر هشة مشوهة وغير متماسكة او متسقة ، ذاتا تابعة غير فاعلة ، تعيش وجودها الحاضر والمستقبلي بما تملى عليها من شروط للوجود ، وتتصف بصفات وسمات وخصائص تابعه لتلك الشروط الخارجية الحاكمة لها ، وتسلك وجود حياتها ليس على اصل حقيقتها البشرية ولكن على موسم جوهرها المملي عليها من خارجها ، فإذا بنشاطها وممارساتها تعديد تثبيت تلك الشروط المملاة عليها و . . بشكل مستمر – وهو ما يطبع الذات العربية الراهنة غير قادرة على تغيير شروط حياتها ووجودها او حتى تغيير ولو جزء من حقيقتها الراهنة ، ما دامت تواصل العيش مسلوبة الإرادة ( الحقة الطبيعية ) بجهل عن اكتشاف نفسها دون توهم خداعي او بتجاهل مقصود لحقيقة نفسها واللهث المحموم لكسب العيش واستمراره . . حتى وإن كان ذلك بفقدان انسانيته وقيمته الذاتية امام نفسه وامام الاخرين والقانون والاخلاق والدين .
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
32 – مدخل . . الى العقل المتصنم ذات مستبدلة بمنقطع عن محرك ت
...
-
31 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / ذات متبطلة بادعاء القيمة .
...
-
30 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / إشكالية فهم الذات ومقترنها
...
-
وهم السوبرمانية المطلقة في الذات العربية ( الحديثة )
-
29 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / إشكالية فهم الذات ومقترنها
...
-
28 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / إشكالية فهم الذات ومقترنها
...
-
27 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / إشكالية فهم الذات ومقترنها
...
-
26 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 3) حركة التاريخ - ( د ) بي
...
-
إلى التافهين . . سادة هذا الزمن الوضيع
-
25 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 3) حركة التاريخ - ( د ) بي
...
-
24 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 24- يتبع(ج) الثابت والمتحر
...
-
23 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 24- يتبع(ج) الثابت والمتحر
...
-
22 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 23- يتبع(ج) الثابت والمتحر
...
-
21 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 22- يتبع(ج) الثابت والمتحر
...
-
20 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 21- يتبع(ج) الثابت والمتحر
...
-
19 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 20 - يتبع (ب) جدلية الحركة
...
-
المنظمة الاستعمارية للإرهاب والفساد الدولي. . إلى أين ؟!؟!؟!
-
18/أ - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 19– (أ) البقاء والاستمرا
...
-
تتمة4 = 17 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 18 - ج ، 1] الحب ،
...
-
تتمة3 (بعد الحب) 17 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 18 - ج ،
...
المزيد.....
-
إعلام: ترامب يعتزم توقيع أمر تنفيذي للانسحاب من مجلس حقوق ال
...
-
الأونروا: الأوضاع الصحية بغزة متدهورة.. وأجساد المواطنين لم
...
-
اعتقال البطل المغربي بدر هاري في أمستردام
-
الجامعة العربية تبحث ملف الأونروا
-
بيان عربي جديد ضد قرارات إسرائيل بحق الأونروا وتهجير الفلسطي
...
-
الجزيرة نت تكشف مصير الأسرى الفلسطينيين المبعدين إلى الخارج
...
-
أوكرانيا تطالب بإنقاذ أسراها من عمليات الإعدام الروسية
-
مستوطنون يقتحمون مبنى الأونروا في حي الشيخ جراح بالقدس المحت
...
-
مستعمرون يقتحمون مبنى -الأونروا- في حي الشيخ جراح
-
الجامعة العربية: حظر الأونروا يقوض أسس حل الدولتين
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|