أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - من أجل مواصلة الحوار حول وحدة قوى اليسار الديمقراطي العراق















المزيد.....



من أجل مواصلة الحوار حول وحدة قوى اليسار الديمقراطي العراق


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 502 - 2003 / 5 / 29 - 06:17
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كاظم حبيب

الحلقة الرابعة

 

لم تنطلق إثارتي لموضوع الحوار حول وحدة قوى اليسار الديمقراطي العراقي في هذه المرحلة بالذات من مزاج آني أو رغبة ذاتية أو محاولة لإشغال القوى السياسية عن مهماتها الراهنة أو ميل معين لإغاظة هذا الحزب أو تلك الجماعة, بل انطلقت من الوعي بأهمية اللحظة التي حصل فيها التغيير الكبير في العراق وإسقاط الطغمة الحاكمة عبر قوى التحالف الأمريكي – البريطاني, إذ بدت لي بأنها اللحظة المناسبة جداً لبدء حوار موضوعي هادئ وهادف حول هذا الموضوع.
هناك جملة من العوامل أو الأسباب المهمة التي تدعو إلى التفكير العميق بشأن وحدة قوى التيار اليساري الديمقراطي والتي حاولت توضيحها في الحلقة الأولى من هذه السلسلة من المقالات وفي سلسلة المقالات التي نشرتها تحت عنوان "نشاط قوى صدام حسين بعد سقوط النظام في العراق", وهي في ثلاث حلقات ثانياً. فالتجارب المنصرمة والمعاناة الكبيرة التي مرت بها قوى اليسار الديمقراطي في العراق خلال العقود المنصرمة, والمآسي التي تتكشف يومياً في أنحاء البلاد وتقدم الأدلة على الجرائم الفظيعة التي ارتكبها النظام الدكتاتوري وجلاوزته بحق العراقيين عرباً وكراً وأقليات قومية, وبحق أتباع مختلف الأديان والمذاهب الدينية, وكذلك بحق مختلف القوى الفكرية والسياسية, وبحق الأسرى الكويتيين والكثير من أبناء الأقطار العربية, والمقابر الجماعية الكثيرة التي يعثر عليها يومياً وفيها المئات من بنات وأبناء العراق ثالثاً, إضافة على المهمات المعقدة التي تواجه العراق والشعب العراقي في المرحلة الراهنة والقادمة ودور مختلف القوى السياسية في هذه العملية, ومنها قوى اليسار الديمقراطي العراقي.
سأحاول أن أشرح وجهة نظري بأهمية هذا الموضوع وارتباطه العضوي والحيوي بجمهرة واسعة من العراقيات والعراقيين في الداخل والخارج, إذ يهمني جداً أن يشترك أكبر عدد ممكن من الناس في هذا الحوار. ولا أبتعد عن الواقع إن قلت بأن نجاح هذه التجربة في العراق يمكن أن تدفع إلى مواقف مماثلة في الدول العربية أيضاً, وهو أمر مهم بحد ذاته.
والسؤال الذي أطرحه على نفسي وعلى الآخرين هو الآتي, وسأحاول الإجابة عنه وفق اجتهادي القابل للنقد والإغناء والتعديل والتحسين من جانب المشاركين في هذا الحوار: ما هي العوامل التي حركتني وربما حركت وتحرك لاحقاً كثرة من الأخوات والأخوة لخوض هذا الحوار؟ يمكن تكثيف العوامل بالنقاط التالية:
أولاً: ليست الوحدة التي أدعو إليها تقوم على أساس الوحدة الحديدية للفكر والرأي والعمل على الطريقة الستالينية أو اللينينية القديمة التي تعودنا عليها كثيراً وطويلاً ويصعب التخلص منها بسهولة, إذ أن مثل هذه الوحدة لا تعني سوى بروز ظواهر سلبية حادة في التنظيمات التي تنتهجها, بما في ذلك خلق الازدواجية في الشخصية وعدم احترام الشخص لرأيه الخاص من خلال إجباره على أو التزامه بتبني الرأي الآخر الذي تبنته القيادة والتخلي عن رأيه, أو التجاوز على رأي الأقلية, رغم ما يقال عن احترام رأيها. ولكن هذا النقد لهذه الحالة لا يعني السقوط في متاهات الفوضى الفكرية والآراء المتضاربة والمواقف المتباينة جداً بحيث تسقط كل إمكانية فعلية على ممارسة العمل السياسي والاجتماعي. فلو ألقينا نظرة على أساليب عمل الأحزاب السياسية في البلدان الأوروبية وغيرها, بغض النظر عن طبيعة تلك الأحزاب السياسية, فسنجد أنها تلتزم أيضاً بطريقة ديمقراطية بمبدأ الديمقراطية المركزية, وليست المركزية الديمقراطية. وتستخدم هذا المبدأ بحيوية وفعالية عالية. ولكن هذا لا يعني غياب المشكلات, إلا أن الآليات الديمقراطية التي تم تحديدها والاتفاق عليها هي التي في مقدورها معالجة المشكلات التي تبرز خلال العمل داخل هذه الأحزاب. فالرأي الذي تستقر عليه الأكثرية بعد حوارات ديمقراطية في هذا الحزب أو ذاك من الأحزاب الديمقراطية, ولا أتحدث هنا عن الأحزاب الفاشية والشمولية والمتطرفة, يسري مفعوله على الجميع دون استثناء, ولكن يبقى الفرد وتبقى الأقلية محتفظة برأيها وتدافع عنه وتنشره على المجتمع, رغم مشاركتها في تنفيذ القرار المتفق عليه بالأكثرية. وتشخيص هذه الحالة لا يعني بأن الأحزاب الأوروبية أو غيرها لا ترتكب أخطاء في هذا الصدد, بل توجد الكثير من التجاوزات على الديمقراطية الحزبية وتجري محاولات لتصحيحها, إلا أنها جزء من أزمة الديمقراطية التي تعاني منها الدول الصناعية المتقدمة خلال المرحلة الراهنة.
وطموحي بالنسبة للعراق يتوجه صوب إيجاد وعاء تنظيمي سياسي ناضج وواسع يتحمل وجود أطياف من آراء قوى التيار اليساري الديمقراطي التي تستند في نشاطها إلى قواسم مشتركة, ولكنها ذات اجتهادات عديدة لأنها تنظر إلى الأمور الحياتية من زوايا مختلفة, ويبقى هاجسها الأساسي حرية الفرد والمجتمع وتطورهما وازدهارهما وتأمين مصالحهما وصيانة الديمقراطية والسلام في البلاد. وأرى في هذا الموقف إغناء وليس إفقاراً أو تشتيتاً أو فوضى. إنها الوحدة القادرة على الوصول إلى قرار مشترك يعتمده التنظيم في المحصلة النهائية. ولكن هذا لا يعني بضرورة تشكيل تنظيم واحد إن توصل الحوار إلى نتائج أخرى.        
ثانياً: إن الانغلاق الأيديولوجي (الفكري) على وجهة نظر واحدة يقود, كما قاد في السابق, إلى مجموعة من الأمراض السياسية والاجتماعية في الممارسة العملية. وكانت الحركة الشيوعية العالمية قد ابتلت بهذه الأمراض ومنها نشأت أيضاً أزمتها الحادة التي ساهمت في ما وصلت إليه المنظومة الاشتراكية والأحزاب الشيوعية في أوروبا وفي العالم. فعلى سبيل المثال لا الحصر تركزت قراءات أعضاء الأحزاب الشيوعية في الحركة الشيوعية العالمية طيلة أربعة عقود واقتصرت على كتابات الرباعي الفكري المعروف: ماركس – أنجلز- لينين – ستالين, ثم على الثلاثي ابتداءاً من منتصف الخمسينات بعد أن إدانة وحذف اسم ستالين, ثم اقتصر الآن على ماركس وأنجلز بعد حذف اسم لينين. في حين أهمل ولعقود طويلة عشرات بل مئات من المفكرين اليساريين المبدعين من مختلف بقاع العالم باعتبارهم محرفين أو تروتسكيين أو تيتويين أو الشيوعيين الجدد أو ...الخ, كما أهملت كتابات المنظرين لنظريات أخرى التي لا تعدم من فوائد جمة عند مطالعتها وتأمين التلاقح الفكري المناسب معها. إن التراث الفكري للبشرية, بكل جوانبه الإيجابية والسلبية يفترض أن يكون تحت تصرف الناس جميعاً لمطالعته والتعلم منه, وخاصة بالنسبة للمثقفين والعاملين في الحقل الفكري والسياسي. فتتبعنا ودراستنا لهذا التراث الفكري الإنساني سيغنينا وسيعيننا وسنستند إليه في تطوير فكرنا وممارساتنا. وفي ضوء هذا التصور أوكد بأن النظرية أياً كانت, ومنها النظرية الماركسية, ليست سوى التعبير عن عملية تجريد فكري لواقع قائم وصياغته في مقولات أو قنونته للظواهر التي تواجهنا في الواقع والتفاعلات المتبادلة في ما بينها. وعندما يتغير هذا الواقع تتغير تلك المقولات, وإلا سنقع في الجمود العقائدي أو في الأصولية أو السلفية, وهي ليست قاصرة على أتباع الديانات, بل يمكن أن تصاب بهذه الأمراض مختلف الجماعات الفكرية والسياسية العلمانية, ومنها القوى الماركسية التي عانت منها كثيراً وطويلاً. إن العالم متحرك وواقعنا متغير ونظرياتنا متحركة ومتغيرة بحكم تغير الواقع والعالم, ولا يجوز الاستناد إلى مقولات قيلت قبل مائة وخمسين عاماً ولم تعد صالحة لهذا اليوم, إلا إذا كانت العوامل التي أوجدت جملة من تلك الأفكار ما تزال قائمة, ومنها مثلاً مقولة فائض القيمة والاستغلال أو القوانين الاقتصادية الموضوعية التي تم اكتشافها عبر المنهج المادي الجدلي والمادي التاريخي. والأمر يختلف بالنسبة لمنهج التحليل العلمي الذي يعتبر هو الأداة لصياغة النظرية. فالمنهج الذي تمارسه قوى اليسار الديمقراطي يفترض مواصلته مع ضرورة تطويره وإغناء مختلف جوانبه استناداً إلى التغيرات الجارية في العلوم والاكتشافات الجديدة في مختلف مجالات الحياة, ومنها التنقيبات الأثرية.
إن الرؤية الفكرية المتفتحة للرأي والرأي الآخر تساعد الإنسان في التخلي عن تعصبه وتزمته للنظرية التي يلتزم بها وكأنها تمتلك ناصية الحقيقة ولا يأتيها الباطل من أي حدب أو صوب, وبالتالي يبدو وكأنه يمتلك الحقيقة كلها ولا يشاركه بها أصحاب الآراء الأخرى. نحن في العراق عانينا من كل ذلك ومررنا بتجارب غزيرة ويفترض أن نكون قد تعلمنا منها. ونحن اليوم بحاجة إلى مناضل متفتح على نفسه ومفتوح على الآخر وعلى العالم, يمتلك الثقة بنفسه وبأفكاره ولكنه لا يراها مطلقة ولا شاملة بل يسعى إلى الحوار مع الآخر والتعلم منه أيضاً وتأمين الوصول إلى الأفضل. إن الدخول بالحوار يفترض ابتداءاً الانفتاح من الجميع وليس سعي الجميع إلى إقناع الآخرين بصواب هذا الرأي أو ذاك, بل هناك لدى كل منهم قناعة أولية بصواب رأيه ويسعى إلى التيقن منه من خلال الحوار بهدف تحقيق الأفضل للجميع.
إن التفكير بلقاء قوى التيار اليسار الديمقراطي العراقي يعتبر خطوة هامة على هذا الطريق, إذ أنها تفتح باباً رحبة لتجاوز جملة من إشكاليات الماضي, كما تسهم في إرساء أرضية جيدة لتحالفات جديدة على صعيد تيار القوى الديمقراطية العراقية.               
ثالثاً: إن التعدد الواسع في تنظيمات ونشاط قوى سياسية يسارية ديمقراطية يمكن أن يعني من جانب توفر الحرية والديمقراطية للعراقيات والعراقيين في تشكيل تنظيماتهم وتنوع اجتهاداتهم, وهو أمر صحيح من حيث المبدأ, ولكنه يعني من جانب آخر عجز هذه القوى منفردة على التأثير الفعال والمطلوب في الحياة والأحداث السياسية العراقية وفي الأوساط الشعبية وفي التعامل مع القوى السياسية الأخرى, وكذلك يضعف من قدرتها في التأثير على مجرى عملية التهيئة لبناء وتكريس وتطوير الحياة الديمقراطية والدستورية في البلاد من جهة أخرى. والتشتت في القوى يضعف القدرة على المنافسة السلمية والديمقراطية المسؤولة بين التيارات الفكرية والسياسية, وليس الاتجاهات العبثية والمتطرفة أو الراغبة في المزايدة السياسية. من حق جميع الأحزاب خوض المنافسة في ما بينها للتعبير عن برامجها وعن قدراتها في خدمة الشعب وتحقيق ما تراه الأفضل لصالحه ليس في الأقوال فحسب, بل وبالأساس في الأفعال. ومن هنا سيكون في مقدور قوى التيار اليساري الديمقراطي العراقي أن تساهم في العملية الديمقراطية وفي تحقيق مصالح الشعب من خلال تأمين شكل مناسب من أشكال الوحدة بين قواها الفاعلة في الحياة السياسية. أكرر القول بأن هدفي لا ينحصر في إنشاء تنظيم واحد وحيد بقدر ما يدفعني الأمل نحو الحوار لإيجاد الشكل المناسب لوحدة أو تنسيق أو تعاون أو أي شكل سيختاره المجتمعون والمتحاورون ويتفقون عليه.
رابعاً: إن ممارسة الديمقراطية في الحوار في إطار قوى اليسار الديمقراطي ستكون في تقديري أغنى وأعمق وأرحب من قدرتنا الراهنة على ممارسة الديمقراطية في إطار كل حزب من الأحزاب والتجمعات القائمة لقوى اليسار الديمقراطي, والشواهد على ذلك كثيرة جداً. والطموح يتجاوز تأمين الممارسات الديمقراطية بين التيارات والأحزاب السياسية القائمة ليحقق الديمقراطية في العلاقات والممارسات الداخلية في كل حزب وتيار فكري وسياسي في العراق. ليس عيباً أن أدعي بأن في كل منا في العراق شيء من صدام حسين المستبد, أو من غيره من المستبدين الذين عرفهم العراق في تاريخه الطويل, وهو أطول تاريخ في عمر البشرية المعروف لدينا حتى الآن. إذ أن مجتمعنا الذكوري والعشائري والتربية الطويلة والنظم التي عشنا فيها هي التي زرعت فينا هذا الشيء الذي يفترض التخلص منه. وهذا موجود أيضاً في جميع أو أغلب قوى اليسار الديمقراطي أفراداً وجماعات, كما هو موجود في بقية أفراد وجماعات التيارات الأخرى في العراق. ومن المكابرة نكران ذلك. والأحداث الجارية حالياً تدلل على ذلك بأقوى ما يمكن.
إن التيار اليساري الديمقراطي كان وما يزال يدعو إلى الديمقراطية وإلى التحري عن قواسم مشتركة مع بقية أطراف الحركة الوطنية العراقية, وهو موقف صحيح. وإذا كان الأمر كذلك, أفليس أجدى به أن يتحرى عن قواسم مشتركة في إطار التيار اليساري الديمقراطي الذي ينتمي إليه ويعمل فيه.
إن الدعوة للديمقراطية لدى التيار اليساري الديمقراطي تنوعت وتعددت مضامينها. فأطراف عديدة في هذا التيار دعت إلى ممارسة الديمقراطية الشعبية وأخرى إلى الديمقراطية الموجهة وثالثة إلى الديمقراطية البروليتارية .. وهلمجرا. وجربنا بعض جوانب هذه الديمقراطيات وعرفنا نتائجها المنهكة. أفلا يحق لنا العودة إلى الديمقراطية التي طورتها البشرية مجتمعة خلال عشرات القرون, ولكن على نحو خاص منذ الثورة البرجوازية الفرنسية وما تلتها من انتفاضات وثورات في المجتمعات الأوروبية وغير الأوروبية ضد الإقطاعية والاستغلال الإقطاعي وضد الاستبداد. إنها ثروة المجتمعات كلها وخزينها المتراكم ورصيدها للمستقبل. والديمقراطية البرجوازية تعيش في أزمة فعلية, سواء أكان ذلك في الدول الأوروبية أم في أمريكا الشمالية واستراليا وغيرها. وهي بحاجة إلى إغناء وتطوير ومشاركة شعبية واسعة, علينا أن نأخذ بها ونغنيها وفق التحولات الجارية في مجتمعاتنا وفي العالم. الدعوة هنا تتلخص في الأخذ بمفهوم ومضمون الديمقراطية والمجتمع المدني والفصل بين الدين والدولة وبين السلطات الثلاث, وممارسة حقوق الإنسان وبقية المواثيق والعهود الدولية التي من شأنها ضمان مبادئ شرعة حقوق الإنسان, أي حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقومية... الخ. أعني هنا بالديمقراطية بمفهومها المفتوح الذي يغتني بتجارب الشعوب.
خامساً: عندما دعوت إلى حوار مفتوح بين قوى التيار اليساري الديمقراطي, أي التهيئة لخوض حوار بين منابر عديدة ذات برامج وتنظيمات وتصورات مختلفة تساهم في بلورة برنامج مشترك للمرحلة الراهنة والقريبة القادمة لا تتجاوز السنوات العشر القادمة, كنت أتوقع بأن مفردات هذا البرنامج ستكون متطابقة مع برامج الكثير من القوى السياسية في التيارات الأخرى, خاصة إذا انطلقت تلك البرامج من معرفة وتحليل الواقع القائم في العراق ومن تقدير سليم للإمكانيات والحاجات الملحة التي تواجه المجتمع العراقي. ويبدو لي أن في هذا على البرامج قوة للجميع لا ضعفاً لها, مع أن برنامج قوى اليسار الديمقراطي يفترض أن تتضمن نقاطاً مهمة تمس ضرورة تغيير الواقع الاقتصادي والاجتماعي للفئات الكادحة والمنتجة للخيرات المادية في العراق, وخاصة العمال والفلاحين وصغار المنتجين أو الكسبة والحرفيين  ..الخ, إضافة إلى شموله مصالح الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع, وأعني بذلك حقوق الأقليات القومية والمرأة والطفل والمعوقين وما إلى ذلك. إن المنافسة بين قوى وأحزاب التيارات المختلفة لا تكمن في طرح البرامج الناضجة والواقعية والمعبرة عن مصالح الفئات الاجتماعية المختلفة فحسب, بل في قدرتها على تعبئة الناس حولها وتنفيذها.
سادساً: إن بلورة برنامج اقتصادي, اجتماعي, سياسي وثقافي في العراق من جانب قوى التيار اليساري الديمقراطي العراقي وطرحه للحوار على نطاق واسع يشمل الجماهير الشعبية والمتخصصين سيساهم دون أدنى ريب في تحقيق ستة أهداف مهمة على الأقل, وهي: أ- توسيع قاعدة الحوار الديمقراطي حول طبيعة ومهمات المرحلة؛ ب- المشاركة في توعية جماهيرية واسعة حول طبيعة مهماتها وسبل التزامها والدفاع عنها؛ ج- تحسينها من خلال ملاحظات المتخصصين والجماهير الشعبية التي عانت من فداحة الأوضاع المنصرمة؛ د- المشاركة في منافسة ديمقراطية وحيوية بين فصائل القوى المختلفة لتحسين مستوى برامجها وتأمين مستلزمات تنفيذها؛ ه- مشاركة الجماهير الشعبية لا في مناقشتها فحسب, بل المساهمة في تنفيذها والرقابة عليها أيضاً؛ و- المساهمة في بلورة اصطفاف جديد للبرامج والقوى في المجتمع العراقي.
سابعاً: إن الغياب الكامل والمطلق للحرية والديمقراطية في العراق خلال العقود المنصرمة والمحاربة الشنيعة لقوى اليسار الديمقراطي العراقي, وكذلك بقية التيارات السياسية المعارضة, حرم قوى التيار الديمقراطي العراقي عموماً, ومنه قوى التيار اليساري الديمقراطي العراقي, من إمكانية إقامة علاقات حميمة ومتقدمة مع الجماهير الشعبية الواسعة والتأثير فيها من خلال الدعاية لبرامجها, ولكنه ترك الباب مفتوحاً نسبياً لبعض القوى في أن تؤثر في الجماهير بفعل عدد من العوامل التاريخية والدينية. فبعض قوى الإسلام السياسي استطاعت أن تلعب دورها من خلال الجوامع وعلماء الدين من التأثير في الناس, وبالتالي فهي تحاول اليوم السيطرة على الشارع والتحكم فيه والتأثير في وجهة التطور اللاحق للعراق. ورغم قناعتي بأن هذا سوف لن يتم لها, فأن اليقظة إزاء هذا الاتجاه ضرورية حقاً, خاصة وأن لنا تجارب غنية في العالم الإسلامي, ومنها تجربة الجارة إيران ونموذجها الاستبدادي المعروف للجميع. فالسجون الإيرانية قد امتلأت بعد الثورة بفترة وجيزة بعشرات الآلاف من السياسيين العلمانيين من شيوعيين واشتراكيين وفدائيي خلق والديمقراطيين وتعرضوا لتعذيب رهيب, كما فرضت عليهم التوبة وغسل الأدمغة. وعدد كبير منهم أجبر بفعل المطاردة إلى مغادرة البلاد أو الكف عن النشاط السياسي. وسجون إيران ما تزال تطبق على وتغص بعدد كبير من سجناء الرأي والعقيدة. ومن هنا أيضاً تنشأ الحاجة إلى وجود تيار يساري ديمقراطي عراقي وتيار ديمقراطي بشكل عام قادر على التأثير في الحياة والأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
والسؤال الذي طرحه الأخ الفاضل والكاتب السيد جاسم المطير يتعلق حول: كيف يمكن تحقيق وحدة قوى التيار اليساري الديمقراطي في العراق؟ لديَّ تصوري الخاص عن سبل تحقيق مثل هذه الوحدة. ولكن عليّ أن لا أفرضها على أحد, ويكفي أن بادرت لطرح فكرة الحوار أولاً والبدء به ثانياً ومستعد عندها أن أطرح الآلية التي يمكن الوصول بها إلى صيغة أو صيغ مناسبة لذلك, رغم أن المقال الأول في هذه السلسلة قد طرح آلية معينة وتمنى على الحزب الشيوعي العراقي أو أية قوة سياسية في هذا التيار أن تبادر لطرح فكرة الحوار الفعلي واتخاذ الخطوات على هذا الطريق. إن وجودي في الخارج واضطراري إلى ملازمة فراش المرض طيلة الأشهر القادمة من هذا العام (2003) تمنعني من المشاركة المباشرة, الجادة والعملية, في الساحة العراقية من أجل ترويج فكرة الحوار في أوساط قوى التيار اليساري الديمقراطي والجماهير الشعبية والسعي لوضعها في الواقع العملي. ولكن سأحاول قدر الإمكان أن أشارك في الحوار وأن أضع تجربتي المتواضعة تحت تصرف هذا التيار وعموم التيار الديمقراطي الذي أنتمي إليه وألتصق به.
حاورني الأستاذ نزار خالد. ووجدت الحوار إيجابياً ومفيداً وهادئاً. وهو يشير إلى وجود حاجة لمثل هذا الحوار بغض النظر عن التباين في وجهات النظر, فهي ظاهرة صحية وليست عيباً أو عبئاً ثقيلاً على الحوار ذاته. أملي أن يتواصل هذا الحوار مع قادة وقواعد قوى التيار اليساري الديمقراطي العراقي.
إن مجرى تطور الأحداث في العراق يشير إلى صواب فكرة البدء بالحوار بين هذا القوى. فخلال فترة وجيزة تبلورت الأمور التالية:
1- إن الولايات المتحدة الأمريكية التي حررت العراق من نظام صدام حسين, وهو مكسب كبير للعراقيات والعراقيين, لم تأت لمجرد تحرير العراق, بل هي راغبة في فرض الاحتلال عليه ولفترة مفتوحة في الزمن. فقرار مجلس الأمن الدولي يقول: " ... وإذ يسلم (أي مجلس الأمن الدولي, ك. حبيب) بالصلاحيات والمسؤوليات والالتزامات المحددة بموجب القانون الدولي المنطبق لهاتين المادتين, بوصفهما دولتين قائمتين بالاحتلال تحت قيادة موحدة ("السلطة"), ويذكر هذا الواقع العراقيات والعراقيين بما قاله الجنرال مود عندما دخل بغداد في عام 1917, "جئنا محررين لا فاتحين" ولكنهم كانوا فاتحين واستقروا في العراق أكثر من أربعين عاماً, وكلنا يعرف تاريخ احتلال العراق قبل وبعد الانتداب. ولا بد لنا أن نؤكد من جديد بأن الحرب ذاتها لا تعتبر بأي حال شرعية, كما هو حال الاعتراف بالاحتلال, إذ أنها تمت ضد إرادة المجتمع الدولي ودون قرار من مجلس الأمن الدولي من الناحية القانونية الدولية البحتة. إلا أن هذا الاحتلال سوف يمكن الخلاص منه ما دام الشعب العراقي, ومعه جميع القوى السياسية, مجمع على ذلك, فهو كما قلت في مقال سابق ليس نهاية التاريخ.
2- رفض تشكيل حكومة عراقية انتقالية حتى في ظل الاحتلال, إذ يمكن ذلك وهو ضروري, ولكن كما يبدو أن الولايات المتحدة ترغب في إنجاز جملة من المهمات خلال السنتين القادمتين التي تستوجب بقاء الوضع والسلطة كلية بأيدي قوى الاحتلال, إذ يمكن من خلال لجنة استشارية سياسية وأخرى فنية عراقية أداء جملة من المهمات لسلطات الاحتلال. وهي خطوة ليست حكيمة بأي حال. وفي أثناء هذه الفترة يمكن أن تنجز مسائل مهمة مثل وضع مسودة الدستور والقوانين المختلفة وتأمين اتفاقيات النفط وعقود إعادة إعمار البلاد ... الخ. وهي أمور كان وما يزال يفترض أن تتم عبر حكومة عراقية معترف بها دولياً وقائمة على أسس ديمقراطية. إن العيب في كل ذلك يبرز في محاولة إبعاد الأحزاب السياسية عن المشاركة الفاعلة في إعادة الحياة إلى مختلف المرافق, باعتبارها قوى لم تساهم في إسقاط النظام بصورة مباشرة, بل قوى التحالف قامت لها بهذه المهمة, وهو ما خشينا منه سابقاً وقبل بدء الحرب, وعليها أن تنتظر إلى أن يحين وقتها.
3- ويبدو لي بأن قوى سياسية محددة ستستثمر هذه الحالة, وخاصة قوى نظام البعث المقبور التي ما تزال موجودة وفاعلة في أوساط معينة من المجتمع والتي ستجد الدعم والتأييد من قوى الإسلام السياسي المتطرفة وستتكتل تحت شعار "إنهاء الاحتلال الأمريكي – البريطاني", وهو شعار عادل ولكن يراد به باطل. ويمكن أن تحقق هذه القوى بعض التأثير الملموس في الداخل, خاصة وأنها تلقى الدعم والتأييد من حكومات وقوى عربية ومن بعض القنوات الفضائية العربية. ولكنها سوف لن تكون قادرة على العودة إلى الحكم بأي حال, ولكنها قادرة على إنزال خسائر بقوى الاحتلال أولاً وبالاقتصاد الوطني والمجتمع ثانياً وببعض القوى السياسية ثالثاً وستساهم في إطالة أمد الاحتلال عند استمرارها بنشر الفوضى في البلاد.
4- إن ضجيج بعض قوى الإسلام السياسي الشيعية ومحاول فرض سيطرتها وتحكمها على الشارع العراقي وشعاراته من جهة, وسعي قوى الإسلام السياسي السني الوهابي وغير الوهابي إلى بلورة قوامه وتشكيل تنظيماته الجديدة من جهة أخرى, وسعيهما المشترك للاتفاق على قواسم مشتركة في ما بينها, إضافة إلى التحرك السياسي الجديد لبعض قوى العشائر العراقية ومساهمتها المشوهة في الحياة السياسية, يعني بروز ظواهر سلبية مضرة في الحياة السياسية والاجتماعية العراقية, والتي كانت قد تبلورت في رحم النظام الدكتاتوري المقبور, ويفترض أن نواجه كل ذلك بحزم ويقظة وحوار فكري وسياسي في المجتمع وعبر ممارسة أساليب سلمية وديمقراطية, مع علمنا المسبق بأن قوى النظام السياسي السابق قد وجدت لها منذ فترة بعد سقوطها مواقع مهمة في صفوف بعض هذه القوى وهي تعمل على دفعها لإثارة الفوضى وأعمال الاغتيال والتفجيرات في الساحة السياسية العراقية, وبالتالي إدامة سلطة الاحتلال. ولا بد من الإشارة إلى أن خطاب السيد محمد باقر الحكيم الأخير في مدينة كربلاء اختلف بوضوح عن خطاباته بعد وصوله البصرة باتجاه الكف عن الحديث عن دولة إسلاميةً, والبدء بالحديث عن المجتمع المدني, وهي ظاهرة إيجابية إن كانت مقصودة حقاً, إذ لا بد وأن السيد الحكيم قد لاحظ مدى تجمع المتطرفين من قوى الإسلام السياسي حوله وتأثيره على اتجاهات التطور السلبية في القوى التي تسانده. إذ أن المتظاهرين له لا تمثل قواه الفعلية, بل هي خليط واسع يشمل بشكل خاص قوى البعث والراغبين في توتير الأجواء السياسية في العراق.
5- تشير بعض المعلومات الواردة من العراق إلى أن قوات التحالف الأمريكي – البريطاني تقوم بتعذيب المعتقلين لانتزاع اعترافات منهم. فإذا كان ذلك صحيحاً, ويمكن أن يكون كذلك, إذ أما منا تجربة المعتقلين الأفغان وأتباع القاعدة, فأننا ندين هذه الإجراءات التي تتعارض مع اللوائح الدولية, بما فيها لائحة حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب. لقد عانت قوى المعارضة العراقية من الاعتقال الكيفي والتعذيب والقتل وقامت بشجبه والمطالبة بإيقافه فوراً والكشف عن مرتكبي أعمال التعذيب النفسي والجسدي, وعلينا أن نتصرف اليوم بنفس الروحية التي رفضت التعذيب ونرفضه وندينه ونطالب بإيقافه أن صح وجوده. إننا نرفض الكيل بمكيالين, فليس من حقنا أن نطالب لأنفسنا ما لا نطالب  به لغيرنا. وأملي كبير في أن تلتفت قوى المعارضة الديمقراطية في العراق لهذا الواقع وتعمل على وضع حدٍ له.      

إن النهج الذي تسير عليه قوات الاحتلال الأمريكي-البريطاني, وهي تجربة جديدة بالنسبة للقوات الأمريكية خلال الفترات الأخيرة, ربما ستتبعها تجارب أخرى مماثلة ما دامت إدارة جورج دبليو بوش في السلطة ومعها مجموعة الصقور, وهي إشكالية كبيرة على الصعيد الإقليمي والعالمي, ما تزال تحمل جملة من الأخطاء. ومما يزيد في الطين بلة تبعثر القوى السياسية الديمقراطية العراقية, إذ سيصعب معها التغلب على الإشكاليات الراهنة والمشكلات الناجمة عن تعقيدات الوضع وتخريب القوى المضادة.
ويبدو لي أن بعض القوى التي التصقت بقرار الحرب وساندت الولايات المتحدة في قرارها باستمرار الحصار على الشعب العراقي طيلة 13 سنة, والتي كانت تدرك بأن القضية لا تتعلق بالتحرير, بل بأهداف أخرى بعيدة المدى لدولة أعظم هي الإمبراطورية الأمريكية الجديدة في العالم, و|أنها ستبقى في العراق طيلة سنوات قادمة وقرار مجلس الأمن الدولي مفتوح في هذا الصدد, يدعو اليوم إلى تشكيل لجنة عراقية للدفاع عن استقلال العراق ضد الاحتلال, وأعني به السيد الدكتور أحمد الجلبي. يبدو أن أصحاب هذا الرأي يعتقدون بأن المواطنة والمواطن في العراق أو في الخارج لا يفقهون من السياسة شيئاً وأنهم سذج يصدقون كل ما يقال لهم. يقول المثل الشعبي النابت في مكانه, أن الشعب العراقي مفتح باللبن ويقرأ ما بين السطور أو يقرأ الممسوح. كم أتمنى أن لا يلجأ البعض إلى مثل هذه الأساليب الساذجة, وكم أتمنى أن يكون مخلصاً في ما يقوله الآن, إذ لا أدري أيهما يعبر عن وعي زائف!
إن ما تحقق حتى الآن, رغم كل الأخطاء الفادحة التي ارتكبت من قوات الاحتلال بعد إسقاط النظام الدكتاتوري, مهم للغاية وعلينا أن نقيمه بوعي سليم وتطلع للمستقبل. أن ما تحقق يمكن تلخيصه فيما يلي:
1. البدء بتفكيك تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي وحرمان البعثيين حتى الدرجة الرابعة في التسلسل الحزبي من أي توظيف في قطاع الدولة وأجهزتها المختلفة. وعلينا أن ننتبه في هذا الصدد إلى أربع مسائل مهمة: وهي: أ. ضرورة تقديم هؤلاء إلى محاكمة شرعية وعادلة واعتماد مبدأ المتهم برئ حتى تثبت إدانته؛ ب. التخلي في الدستور والقوانين العراقية عن عقوبة الإعدام لا رحمة بقادة البعث, بل من أجل وضع أساس جديد لتعاملنا السياسي وغير السياسي مع المذنبين والمجرمين في العراق. والكثير من دول العالم قد أخذت بهذا المبدأ وأملي أن نمارسه في العراق؛ ج. إن التنظيمات الجديدة للبعثيين من الجماعات المنظمة السرية وفق إجراءات صدام حسين لا تعتمد على الكادر المكشوف حتى الدرجة الرابعة, بل تبدأ حقاً من الدرجات اللاحقة, وهي خمس درجات لاحقة, وبالتالي على القوى المحققة أن تفتح عينيها جيداً إزاء هذه الحقيقة, وهي مسألة معروفة في تجارب كثيرة أخرى. وهذه الحقيقة تنطلق من قناعة البعض بأن هؤلاء لا يشكلون خطراً وبالتالي يمكن تركهم, ومن هذه النقطة بالذات انطلق صدام حسين في اختياره لتلك العناصر غير المعروفة تماماً أو التي كانت في الخطوط الخلفية للتنظيمات الحزبية. ويفترض أن لا نعتمد على تجربة ألمانيا في هذا الصدد إذ أنها تختلف تماماً عن تجربة العراق الجديدة. د. إن علينا أن لا نحرق الأخضر بسعر اليابس, أن لا نأخذ البريء بجريرة المذنب, ولهذا يفترض الحذر من معاقبة أناس لا تجوز معاقبتهم إذ أن نسبة عالية ممن حسب على البعث لا يمت للبعث فعلياً بصلة, فالقاعدة كانت أن العراقيين كلهم بعثيون وأن لم ينتموا. 
2. حل أجهزة الأمن وبقية الأجهزة الأمنية وتسريح أفرادها وتقديم المسؤولين عن الجرائم للمحاسبة.
3. حل الجيش العراقي وتسريح أفراده. وهي عملية ضرورية. فقادة ومسؤولي القوات العراقية, في ما عدا كثرة من الجنود المكلفين, كانوا من أعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي ومن الذين يعتبرون ضمن الجيش العقائدي البعثي. إن العراق لا يحتاج إلى جيش كبير وواسع, بل نحتاج إلى قوات قليلة تقف عند الحدود مع الدول المجاورة, وأن لا تزود بأسلحة هجومية, بل بأسلحة دفاعية. كما يفترض أن يتم وضع نظام لأمن المنطقة ينخرط فيه العراق وبقية دول المنطقة ضمن إطار الأمم المتحدة.
مقتنع بضرورة تقديم مسؤولي هذه الأجهزة (أجهزة الأمن والجيش وقوات الحرس الجمهوري وقوات فدائيي صدام والمخابرات العسكرية وبعض قوى حزب البعث المسؤولين عن فرع الشمال وبعض قيادات المنظمات الشعبية) إلى المحاكم العراقية ومحاسبتهم على ما ارتكبوا من جرائم في الأحداث التالية:
• مجازر وأحداث الأنفال وحلبجة, وكذلك المجازر التي ارتكبت ضد العوائل البارزانية؛
• المجازر التي ارتكبت بحق الأكراد الفيلية, إضافة إلى التهجير القسري لهم؛
• مجازر وأحداث انتفاضة 1991 في الوسط والجنوب وكردستان؛
• مجازر الأهوار البشعة.
4. نزع سلاح فصائل المعارضة السابقة التي تشكلت في الخارج وتدربت في إيران وهنغاريا وأمريكا, إذ لا موجب لوجودها. كما كان صائباً الموقف من استمرار وجود القوات المسلحة في اتحادية كردستان العراق, إذ أنها حماية جادة لمكاسب الشعب الكردي في كردستان العراق وعلى نطاق البلاد بأسرها. 
5. رفع العقوبات الاقتصادية عن العراق والسماح بتدفق النفط وتصديره وتأمين الموارد المالية لمعالجة مشكلات العراق الكبيرة وإعادة البناء.
                                                
إن بدء الحوار حول وحدة قوى التيار اليساري الديمقراطي في العراق, ومن ثم السعي لتحقيق التحالف السياسي بين قوى التيار الديمقراطي عموماً, بما فيه قوى التيار الديمقراطي الكردي المتمثل بالأحزاب السياسية الحاكمة في اتحادية كردستان العراق وبقية الأحزاب الديمقراطية, وكذلك أحزاب الأقليات القومية الديمقراطية يمكن أن يلعب دوراً مهماً جداً في راهن العراق ومستقبله. ويعتمد هذا على وعي قوى التيارات الفكرية والسياسية العاملة في العراق ومدى إدراكها لواقع العراق الراهن ومسؤولياتها إزاء مستقبل العراق. ويمكن لقوى التيار في الخارج أن تلعب دور المنشط والمعجل لهذه العملية الثورية.
لا أرى بأن قوى التيار اليساري الديمقراطي يفتقد الجرأة الضرورية لخوض مثل هذا الحوار, بل أرى بأن قوى هذا التيار تعاني من تركة ثقيلة في العلاقات المنصرمة, وكذا في إطار التيار الديمقراطي, وهي تعاني من عزلة بعضها عن البعض الآخر, في حين أنها تلتقي مع القوى الأخرى أكثر مما تلتقي مع بعضها. إن مواصلة حواراتنا, أياً كان عدد المشاركين فيها, ستحرك الماء الراكد وستذيب الجليد المتراكم وتحل العقد وتزيل تدريجاً العقبات من الطريق غير المعبد. والحياة وحدها ليست كافية بتحقيق المرجو, بل لا بد من تحرك الإنسان الواعي والمسؤول إزاء هذه المهمة الكبيرة, وفي الحركة كل البركة!

برلين في 27/05/2003      كاظم حبيب       



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتلال العراق ليس نهاية التاريخ! المخاطر الراهنة على مستقبل ...
- نشاط قوى صدام حسين ما بعد سقوط النظام في العراق والخارج - ال ...
- الحوار المفتوح والشفاف هو الطريق الأسلم لتحقيق رؤية ناضجة حو ...
- نشاط قوى صدام حسين ما بعد سقوط النظام في العراق والخارج
- متابعة لمقال رؤية أولية حوارية لوحدة اليسار الديمقراطي العرا ...
- رؤية أولية حوارية لوحدة اليسار الديمقراطي العراقي
- حملة من أجل الكشف عن مصير ضحايا الأنفال في كردستان العراق
- العولمة ومخاوف العالم العربي!
- العولمة الموضوعية تقرّب العالم، لكن سياسات العولمة الحالية ت ...


المزيد.....




- هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش ...
- القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح ...
- للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق ...
- لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ...
- مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا ...
- رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
- الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد ...
- بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق ...
- فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
- العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - من أجل مواصلة الحوار حول وحدة قوى اليسار الديمقراطي العراق