أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامر عساف - التربية كحاجة نرجسية للأهل















المزيد.....

التربية كحاجة نرجسية للأهل


سامر عساف

الحوار المتمدن-العدد: 7436 - 2022 / 11 / 18 - 14:07
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


يقول سكنر، وهو أحد أهم منظري علم النفس السلوكي، "أعطني طفلاً لأصنع منه ما تشاء"
بخصوص الطفلة السورية التي قرأت بطريقة الكبار وراح البعض يتحسر على الطفولة، وبأن الاهل ارتكبوا جريمة بحق طفولتها. يمكنني الادعاء بأن هذه الظاهرة، أي نجاح الطفلة، هي تعبير واضح عما يعنيه سكنر بمقاله. اذاً انطلاقاً من فهم المدرسة السلوكية، فان الطفلة حققت نجاحاً باهراً. اما فيما يخص المقلب الآخر لا يبتعد الاتهام بالتعدي على حقوق الطفولة عن حقيقة فهم علم النفس التحليلي لنفسية الطفل واحتياجاتها التطورية. تعلمنا نقلاً عن السابقين المقولة التالية، التي يختلف الناس في مصدرها وتقول "لاعبو اولادكم سبعاً، ادبوهم سبعاً وراقبوهم سبعاً، ثم اتركو لهم الحبل على غاربه". بغض النظر عمن قال هذا، فان التأمل هي هذه الرواية يوافق علم النفس التحليلي. من وجهة نظر التحليل النفسي تعتبر مقولة سكنر ونظرية المدرسة السلوكية، التي تعتقد، أن الطفل صفحة بيضاء يمكن كتابة أي شيء عليها، مقصورة ولا تلبي احتياجات الطفل بقدر ما تلبي احتياجات المجتمع والأفكار المسبقة لأنها ببساطة تتجاهل خصوصية الطفل وتتجاهل معطياته الفردية.
الطفل هو بحد ذاته¸ رغبة نرجسية للأهل، بغض النظر عن الوظيفة التطورية للتكاثر والانجاب. لا يعلم الاهل ما جنس الطفل وشكله قبل الولادة فالحاجة الى التكاثر هي حاجة الأهل في الأساس.
التربية تعني بالدرجة الأولى انتداب المجتمع بجميع دوائره (لقولبة الطفل)، بما يتوافق مع نظرية تربوية يتبناها المجتمع والأهل، هذه التي تمتد شرعيتها من التجربة والخبرة الطويلة المتراكمة في الدوائر المذكورة. يُسقط الاهل احتياجاتهم النرجسية بطريقة لاواعية على الطفل، فهو عليه ان يصبح طبيباً او مهندساً، كاتباً ويحقق النجاح وفق تصورات الأهل والمجتمع وفي كل الاحايين هذه المعطيات المسبقة لا تتطابق مع مدخرات الطفل ونزوعاته او فرديته. اذاً العملية التربوية هي سجال بين دعم عملية تحقيق كمون الطفل (سلوك فاعل) والسماح لكمونه بالتعبير عن نفسه (سلوك منفعل).
في كل أبحاث من لحق بفرويد كمثال ميلاني كلاين، فيني كوت، روجرز، كهوت وغيرهم من المحللين النفسيين استسلموا لفرضية، ان الطفل يولد بكمون ما او على الأقل بمعطيات سحيقة أوعتيقة لاواعية. هذه الفرضية دعمتها أبحاث الرضع في العقود الماضية.
الانطلاق من هذه الفرضيات يحتم على المجتمع فهم الحاجات التطورية للطفل وتقديم الدعم له لإنجاز هذه الاستحقاقات، من اهم الباحثين في هذا السياق نذكر، جون بياجي واريكسون .
براديغما تطور الطفل حسب فهم مدارس التحليل النفسي تقوم على معاملين: الأول هو جملة المعطيات المسبقة مع الولادة، والثانية هي علاقة الطفل مع وسط خارجي، يبدأ بالأم بشكل أساسي، ثم تتسع دوائره تباعاً، مع التقدم في العمر.
المعامل الأول بقي محور وحقل بحث الدوافع بجميع اشكالها وهنا اصّل فرويد لمفهوم الليبدو، ثم عاد لاستدراك النقص في فهم الدافع الهدام وأضاف مفهوم التناتوس الى الليبدو، على اعتبارهما الدوافع الأساسية المحركة لسلوك البشري. اللاحقين لفرويد كمثال يونغ وميلاني كلاين وضعوا خبرة الأجيال السابقة كمحدد في الطاقة النفسية للرضيع في صلب ابحاثهم او نظرياتهم فكلاهما ينطلق من، أن الطفل مزود بجملة من الصور النمطية العتيقة غير الواعية، هذه التي تحكم بشكل مسبق، بقدر ما، مسيرته التطورية.
المدارس النفسية (الإنسانية) اللاحقة وروادها أمثال كارل روجرز وماسلوف أعطت للدافع بعد ميتافيزيقي او ما يعرف بدافع تحقيق الذات وينطلق هذا الفهم من، أن الكائن البشري مزود بكمون يريد التعبير عن ذاته ولذلك عرفت هذه المدرسة بالمدرسة النفسية (الإيجابية). لاحقاً أصل كوهوت لما يعرف في الحقل النفسي بمدرسة علم نفس الذات وكما يفشي الاسم فإن هذه المدرسة تفترض وجود نواة أولى للشخصية تسمى الذات، وأن الذات ليست نفسها الانا. حسب فهم آنا فرويد للأنا، بل كلاهما جزأً من الشخصية. بناءاً على هذه الفهم، أسس كوهوت لفهم الشخصية النرجسية على اعتبارها (ذات خاطئة). قبل ان نعود الى هذا المصطلح المهم في فهم الشخصية النرجسية والشخصية الحدية على حد سواء، لابد من ذكر، ان مصطلح الذات بقي ينوس بين الميتافيزيقيا والعلم المخبري وما برح الباحثون يجادلون في المصطلح.
في المعامل الثاني، الذي هو انتداب المجتمع او علاقة الطفل بالوسط المحيط، ابتداءاً بأمه ولاحقاً بالمجتمع تفترض ميلاني كلاين كما فيني كوت، بأن الرضيع لا بديل له عن التجربة التفاعلية لكي يتعرف على ذاته ويتطور وهنا سنستخدم استعارة غير دقيقة لتسهيل الفهم. الوسط المحيط، ابتدءا بالأم يلعب دوراً محوريا في تعرف الوليد على مشاعره، قدراته، جسده، بل كل ما يخصه وبالتالي تكون الام ويكون الوسط المحيط عبارة عن (مرآة) للذات ولهذا ينقل عن فيني كوت الجملة الشهيرة "الام الجيدة كفايةً". الأم (الغير حيدة) او الأم (الأكثر من جيدة) لا تساعد او تعيق تطور الطفل، حسب هذا التعبير. في هذا السياق تحدثت ميلاني كلاين عما يسمى بالنرجسية البدئية والمقصود هنا تلك الحاجة الفطرية للتعبير عن الذات والخروج للعلن.
أذاً، حسب ميلاني كلاين وكهوت، فآن فشل الموسط التربوي وبشكل أساسي الأم في الاستحابة لكمون الطفل (الذات) عندما تكون الام (الوسط التربوي) مازومة من خلال اسقاط الحاجات اللاواعية أي يكون المرآة التي يتعرف الطفل بها على ذاته، منكسرة، معوجة، مشوبة...الخ سيقود هذا بالضرورة الى تشوه في الصورة الذاتية للطفل وستكون النتيجة اما الذات الخاطئة، كما في حال الشخصية النرجسية، او الذات الغريبة كحال الشخصية الحدية. هنا لابد من التأكيد على ان الشخصية الحدية قد تنشاِ ايضاً كرد على تعرض الفرد لحوادث صادمة كما في الحروب والاستغلال الجنسي وللتبسيط هنا يمكن استعارة الفوضى للتعبير عن الشخصية الحدية والزيف (حائط مطلي وخلف الطلاء الكثير من الحفر) للتعبير عن الشخصية النرجسية.
اهم مميزات الاستجابة المناسبة للوسط المحيط، كما يرى علم النفس التطوري للطفل، القدرة على الإحساس باحتياجات الطفل، السرعة في الاستحابة وان تكون الاستجابة مناسبة. من المهم التأكيد ان المعلومة غير كافية لكي يقوم الوسط والام بهذه الوظيفة، بل الأهم من كل ذلك هو توازن الام النفسي وحساسيتها العالية.
في حال الطفلة، يمكن الافتراض ايضاً، ان نجاحها هو حاجة نرجسية للوسط قد لا تتوافق مع احتياجات الطفل في هذا العمر، فحسب اريكسون لا يحتاج الطفل في هذا العمر الى هذا النجاح والاعتراف المجتمعي (الشهرة)، بل تبدأ رحلة تثبيت القيمة الذاتية كوظيفة تطورية في عمر السابعة وتصقل في سنوات المدرسة.
من يعمل في الزراعة يعلم، أنه على الفلاح، ان لا يقوم بتقليم الشجرة في السنوات الأولى من عمرها، فالمعروف، ان المجموع الجذري يتناسب مع المجموع الخضري وبالتالي، فان قص اغصان شجيرة ربما يعود سلباً على تجذّرها وبالتالي نموها. لا أجد ضيراً في هذه المقاربة للقول، ان التربية في السنوات الأولى من عمر الطفل تعيق تجذره، هذه الجذور التي تمده بالطاقة.

ميلاني كلاين: ميلاني كلاين - (1882-1960) محللة نفسية نمساوية الأصل تنحدر من أسرة يهودية، اتجهت في أبحاثها نحو دراسة التكوين النفسي للأطفال، وكان لها طريقة مميزة عن فرويد ويكيبيديا (wikipedia.org)
ـ فيني كوت - دونالد وودز وينيكات (بالإنجليزية: Donald Winnicott)‏ (وُلد في السابع من أبريل عام 1896 –توفي في الخامس والعشرين من شهر يناير عام 1971) هو طبيب أطفال انجليزي ومحلل نفسي ويكيبيديا (wikipedia.org)
ـ كارل روجرز - ويكيبيديا (wikipedia.org)
هاينز كوهوت - ويكيبيديا (wikipedia.org)
المقصود بمعطيات سحيقة او أنماط أولية: هي جملة من الصورة غير الواعية المتوارثة في اللاوعي الجمعي، هي ترابطات وعناصر معطاة مع الولادة
جان بياجيه - جون بياجي (بالفرنسية: Jean Piaget)‏ (ولد 9 أغسطس 1896 - توفي 16 سبتمبر 1980) كان الابن الأكبر للسويسري آرثر بياجيه والفرنسية ريبيكا جاكسون. كان عالم نفس وفيلسوف سويسري وقد طور نظرية التطور المعرفي عند الأطفال فيما يعرف الآن بعلم المعرفة الوراثية. أنشأ بياجيه في عام 1965 مركز نظرية المعرفة الوراثية في جنيف وترأسه حتى وفاته في عام 1980. يعتبر بياجيه رائد المدرسة البنائية في علم النفس.ويكيبيديا (wikipedia.org)

أريك اريكسون محلل نفسي https://de.wikipedia.org/wiki/Erik_H._Erikson
الصور النمطية والانماط الاولية، قد تكون مخاوف، قدرات، خبرات وغيرها. في علم النفس الحديث مثلاً، يتفق النفسانيون على، أن مفاعيل الصدمة النفسية (خبرة) تورّث الى الأجيال اللاحقة.
ماسلوف عالم نفس امريكي ومؤسس ما يعرف بمدرسة علم النفس الإنسانية وصاحب نظرية هرم الدوافع https://en.wikipedia.org/wiki/Abraham_Maslow
Siegel, Allen (1996). Heinz Kohut and the psychology of the self. (1st ed.). New York: Routledge. p. 140. ISBN 978-0-415-08638-7
آنا فرويد (بالألمانية: Anna Freud)‏ (3 ديسمبر 1895- 9 أكتوبر 1982) نمساوية والابنة الأخيرة لعالم النفس الشهير سيجموند فرويد. تعد من أوائل مؤسسي التحليل النفسي للطفل
الشخصية الحدية هي اضطراب نفسي يتميز بعدم الاستقرار العاطفي، الاندفاعية وخلل في الهوية الذاتية.
مصطلح المرآة يتضمن السلبية والحقيقة هذا التشبيه غير دقيق، فالأم او ما يسمى في علم النفس (الموضوع) ليس سلبياً على الاطلاق، بل على العكس يجب ان يكون فاعلاً. تقول الام لطفلها الذي يبكي (انت حزين اليس كذلك وتقطب حاجبيها) وهكذا يتعرف الطفل على مشاعره وعن طريقة التعبير عن المشاعر ويستخدم المعالج النفسي هذه الالية في العلاج فيما يسمى التحديد والانعكاس للمشاعر. الهدف من استخدام المصطلح هنا, هو التأكيد على, ان المبدأ هو الطفل والام او الموضوع منفعلة بما يحتاج الطفل وليس العكس, بمعنى, أن الام قد تُسقط بطريقة لاواعيه احتياجات (على الأقل) نرجسية على الطفل.



#سامر_عساف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصام النفسي الشزروفينيا وتعدد الشخصيات
- هل يتآمر الغرب على الأطفال والعائلات المهاجرة؟
- فضيحة الكنيسة في عين فرويد
- هل شاخ بايدن ام النظام الراسمالي هو من شاخ؟
- الهوية الوطنية بين الدين و القومية
- الحل السياسي في سورية ضرورة دولية و ضرورة سورية
- رد على مقال الاستاذ ياسين الحج صالح -في صدد تحركات بشرية مرا ...


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامر عساف - التربية كحاجة نرجسية للأهل