أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رياض سعد - مقولة وتعليق / (7) / الالام البدنية والاوجاع الجسمانية














المزيد.....

مقولة وتعليق / (7) / الالام البدنية والاوجاع الجسمانية


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 7435 - 2022 / 11 / 17 - 15:20
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


قال إميل سيوران : (( قبل أن تولد الفيزياء والبسيكولوجيا بكثير, كان الألم يفتت المادة وكان الحزن يفتت الروح )) .
لعل هذه الحقيقة المؤلمة قد اشار اليها كتاب القران في سورة البلد : ((لقد خلقنا الانسان في كبد )) وهذا لا يعني انني غير معني بأوجاع والام المخلوقات الاخرى بقدر ما يهمني بهذا المقال تسليط الأضواء على الام بني البشر البدنية والتي قد ترتبط بالحالة النفسية ؛ فقد وجد الانسان ومنذ القدم وهو يكابد اوجاع وامراض واحزان ومصاعب والام هذه الحياة .
الكل تألم في فترة ما , والجميع يكتب عن الالم البدني والوجع الجسماني ؛ ولكن الالم الحقيقي لا يحكى والوجع الرهيب لا يوصف , ولعل اصدق تعبير عن الالم والوجع : الصراخ والبكاء والانين والتأوه والاغماء الى حد الموت احيانا ؛ والمقصود بالألم هنا مطلق الالم البدني والوجع الجسماني سواء أكان تعذيبا رهيبا , او اجراء عميلة جراحية قاسية ومن دون تخدير , او العمل الشاق والسخرة الى حد الانهاك , او عقوبة الاشخاص بعقوبات لا تسطيع اجسامهم تحملها , او بسبب الجوع والعطش والسهر ... الخ .
وعلى الاعم الاغلب الالم والوجع البدني – بواسطة التعذيب الحكومي او الارهابي - لا يصيب الا اصحاب المبادئ السامية والقلوب الطيبة والشخصيات الوطنية , ولعل تاريخ العراق السياسي المعاصر من عام 1920والى 2003 بل حتى بعد هذا التاريخ ؛ من اكبر الشواهد على ذلك , وهنالك الاف القصص والاحداث بل الملايين التي تثبت ذلك .
اما الالم والوجع الناشئ عن الامراض والعاهات والعمليات الجراحية ... الخ ,والمنتشرة في العراق منذ عام 1920 والى هذه اللحظة ؛ فكان ولا يزال بسبب تردي الاوضاع الصحية ونقصان الخدمات الطبية وقلة الكفاءات العلمية ؛ وكالعادة نهرب من محاولة ايجاد حلول واقعية وعلمية لهذه الام والاوجاع الانسانية تساهم في تقليل هذا الالم او ذاك الوجع او تخفف من اثارهما وانعكاساتهما على حياة المواطن ؛ ونطلق شعارات ومقولات في قمة السذاجة من قبيل : (( ال ما يتمرض مو من امة محمد )) و (( وهذا قضاء وقدر )) و (( شيء مكتوب وقسمة ونصيب )) ومن هل الترهات و ( الخرط ) الذي يبرر استمرارية الواقع الصحي الفاسد والمتهالك .
وبما ان بعض الالام الجسمانية باطنية والاوجاع البدنية داخلية لا يراها الاخرون وبالتالي لا يشعرون بك ؛ لذلك ورد في الامثال الشعبية العراقية : (( للي ايده بالماي مو مثل اللي ايده بالنار )) و ((الصواب اللي بغيرك شدخ )) ... ؛ وصدق الشاعر عندما قال :
لا تشكُ للناس جرحاً أنت صاحبُهُ … لا يؤلم الجرح إلا من به ألمُ
فالألم الذي تعيشه لا يشعر به احد سواك , والجرح يؤلم صاحبه وليس المستمع المعافى ؛ نعم النفس البشرية مجبولة على البوح بالآلام والتحدث عن الاوجاع امام الاصدقاء والاحباب ؛ وكما قال الشاعر بشار بن برد :
وَلا بُدَّ مِن شَكوى إِلى ذي مُروءَةٍ ....... يُواسيكَ أَو يُسليكَ أَو يَتَوَجَّعُ .
واحيانا في رحاب المعبود او عن طريق الكتابة او الغناء ... الخ ؛ ويبقى التنظير شيء والواقع شيء اخر مختلف تماما الا ان لكل شخص منا منهج في الحياة وطريقة للتعامل مع الاوجاع البدنية والالام الجسمانية ؛ فالحياة ليست إلا قصة مؤلمة.
وحتى هذا الحل الساذج الذي يجسده المثل الشعبي : ((اذا ضاق خلقك تذكر ايام عرسك )) لا يعتبر حلا للألم والوجع البدني ؛ بل على العكس : أشد الأحزان هو أن تذكر أيام السرور والهناء عندما تكون في أشد حالات التعاسة والشقاء ؛ بالإضافة الى ان الفرق بين الالم الاني المقيم والذكرى الماضية والتي طوتها الايام ولم يبق منها الا ومضات خيال كالفرق بين الثرى والثريا .
والمشكلة ان الالام الجسمانية والاوجاع البدنية تفنى بفناء مدتها المقررة او بانتهاء حياة اصحابها الا انها تستحدث بصور اخرى مغايرة في حياة الانسان المبتلى بمثيلاتها او في حياة اشخاص اخرين وهكذا تستمر دوامة الالم البشري والوجع الانساني .
فلابد لنا من دفع ضريبة الحياة وفاتورة الوجود : من دموعنا ودمائنا و آلامنا واوجاعنا وحسراتنا وآهاتنا وصراخنا وعويلنا ... ؛ فالحياة لا ترحم احدا .
نعم للحياة الام كثيرة واوجاع كبيرة ، وللأقدار سطوة مريرة ولتقلبات الدهر طعنات خطيرة ، وتبقى المسافة بين الفرح والحزن قصيرة، مهما خدعنا بريق الفرح، فإن الأسى ظلمة آتية لا محالة ؛ ولعل الآية القرآنية : (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ)) تشير الى ورود جحيم الدنيا واوجاعها والاصطلاء بنارها المؤلمة ؛ وليس المقصود منها دخول الكل الى نار الجحيم ؛ فلقد تلقينا ما يكفي من العذاب في هذه الدنيا .
ولا يذهب بالك بعيدا وتحسبني من الذين يؤمنون بالتشاؤمية والسوداوية والسلبية ؛ بقدر ما ابين لك الحقيقة الواقعية لهذه الحياة ؛ وصدق حكيم العراق الامام علي عندما قال : ((اني ذقت الطيبات كلها فلم اجد اطيب من العافية ... )) ؛ لذلك فسر بعض الفلاسفة السعادة بانها انعدام الالم ؛ لان السعادة تعني اللذة – وفق راي ارسطو - , أو على الأقل أنها تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا بها -أي اللذة- واللذة بدورها يتم تفسيرها باعتبارها غيابا واعيا للألم والإزعاج ... .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقولة وتعليق / (6) / التقدم بالعمر
- مقولة وتعليق / (5) / متعصبون للفكر والعاطفة
- قانون النهب الغذائي
- الشجاعة الاخلاقية
- رسالة الفن الوطني الاصيل
- بوادر الفن الوطني الاصيل / فيلم احياء تحت التراب / انموذجا
- كل شيء من اجل العنف
- ملاحقة مجرمي الفئة الهجينة
- معوقات العمل التطوعي
- مظاهر استراتيجية -الفئة الهجينة - في تدمير الاغلبية العراقية ...
- ظاهرة الخوف والرعب في مجتمعنا
- ايام الزمن الاغبر / الحلقة الثانية / ( استرداد الحق من السرا ...
- التدخل الخارجي في الشأن الداخلي العراقي
- العدالة الغائبة والعقاب المؤجل
- ظاهرة تمجيد المجرمين و الولاء للظالمين
- ذكرى هلاك المشنوق المجرم صدام
- المستهدف الوحيد من الإعلام المنكوس
- الرحمة المفقودة والعقوبة الموجودة
- ايام الزمن الاغبر /الحلقة الاولى / الفقير وخيارات الفقر المت ...
- الحركة الدينية المنكوسة في العراق الحلقة الاولى


المزيد.....




- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رياض سعد - مقولة وتعليق / (7) / الالام البدنية والاوجاع الجسمانية