|
مساهمة لإغناء نقاش مهم..
يونس فنيش
الحوار المتمدن-العدد: 7433 - 2022 / 11 / 15 - 08:26
المحور:
المجتمع المدني
12 نونبر 2022
في شأن التعديلات القانونية المزمع إجراؤها في القانون الجنائي، و في غياب نشر أية مسودة مشروع تعديل، و بناء على ما قيل من كلام على الهواء، لابد من ترتيب الأفكار و الرجوع أولا إلى المعمول به في محاكم المملكة في ما يتعلق بقضية العلاقات غير الشرعية و ما يترتب عنها.
لنلقي نظرة أولا على إفادة قاضي متقاعد محترم :
"المشكلة تطرح عندما تقيم مدعية دعوى قضائية لإجبار المدعى عليه بالإعتراف بالزوجية. ففي مقال افتتاحي تقول فيه المدعية بأن المدعى عليه وعدها بالزواج فسلمت له نفسها و نتج عن ذلك حمل ثم ولادة. و قد تكون هناك مسطرة سابقة، فإن كان الأمر يتعلق باغتصاب أو بخطوبة و نتج عن ذلك حمل، فالمدعية تطلب الإعتراف بالابن و النفقة المترتبة عليه. و في حالة ما إذا كان المدعى عليه يتوفر على حكم يبرؤه من الإغتصاب و الفساد كذلك، فتطلب المدعية ثبوت الزوجية و النسب و النفقة. هنا القضاة يحتارون كون المدعى عليه بريء من الإغتصاب و الفساد و يكون هو الفاعل المسؤول عن الحمل و بالتالي يكون الابن غير الشرعي من صلبه. فوجد القضاة مخرجا -في اجتهاد قضائي- و هو اللجوء إلى القانون الوضعي الذي يقول بأن كل من تسبب في شيء يلزم التعويض عليه أن يعوضه و بالتالي يكون الحكم بمبالغ مالية شهرية تشبه النفقة لفائدة المدعية لقاء تحملها عبىء نفقة ذلك الولد الناتج عن علاقة غير شرعية."
واضح.
أما اليوم فالمشكلة تحدث لما يتورط ذكر و أنثى عن طيب خاطر في علاقة غير شرعية، سواء متكررة أو عابرة، ينتج عنها حمل ثم ولادة بلا خطوبة و لا نية إثبات الزوجية. فما يفهم من كلام المحامي عبد اللطيف وهبي أنه يريد أولا إلغاء تجريم العلاقات غير الشرعية و ليس التخفيف من عقوبتها من جهة، و تحميل المسؤولية كاملة على عاتق الذكور دون الإناث من جهة أخرى، و لعل في ذلك، بغض النظر على الإقتراح المطروح على العموم، شيء غير منطقي...
فإذا كان قضاة أجلاء في ما مضى اجتهدوا و وجدو حلولا لقضية أو لقضايا عويصة من داخل المنظومة القانونية السارية المفعول، فعلى مكونات المجتمع المدني و المثقفين و السياسيين اليوم أن يجتهدوا بدورهم و يفكرو و يناقشوا بهدوء هذه القضية الشائكة لإغناء النقاش في إطار الحوار الوطني، كل حسب رأيه.
الرأي أن القضية لا تتعلق فقط بتعديل بسيط بل بتغيير نمط عيش و ثقافة المغاربة دون إغفال الجانب الديني و هو الأهم. مطلب إلغاء تجريم العلاقات غير الشرعية من طرف البعض يجرنا للتساؤل عن مدى التمهيد لإباحة "المساكنة" بمفهوم "المعاشرة المشهرة" بدون زواج شرعي Concubinage.
إذا كانت الدولة بدلت مجهودات كبيرة موفقة لتوثيق الزواج لدى فئة اعتادت الزواج العرفي الذي يعتمد فقط على الرضى و القبول و قراءة الفاتحة و الإشهار، وذلك لتمكين الأطفال المترتبين عن كذا زواج شرعي -ينقصه فقط عقد عدلي- من كافة حقوقهم الإدارية، فإباحة "المعاشرة المشهرة" أو "المساكنة" دون زواج شرعي سيجعلنا أمام مصيبة و كارثة عظمى، و ذلك بالنظر إلى مشكلة تصنيف الأطفال الناتجين عن ذلك داخل المجتمع المحافظ، لأن كيفما تخيلنا شكل القانون المؤطر لكذا ممارسة سيفتح المجال لفوضى لا حد لها و اضطراب مجتمعي نحن في غنى عنه.
فمثلا، إذا كان المشرع فرض قيودا على الراغبين في التعدد دون منعه لأنه حق شرعي، فعلينا أن نتخيل كيف سيكون عليه الوضع مع التعدد في كل الاتجاهات، و في إطار مفتوح غير مضبوط إلا من حرية مطلقة في المعاشرة بدون ضوابط شرعية، و كيف سيستغل كذا وضعية بعضهم من الميسورين الذين ليس لديهم وازع أخلاقي، حيث سيفضلون العلاقات غير الشرعية، و التملص من كل مسؤولية أخلاقية بمجرد دفع مبلغ مالي شهري لمدة معينة في حالة ما وقع حمل، و كيف من المحتمل أن تستغل هذا الوضع الفوضوي بعضهن بحكم الفقر أو بمجرد الطمع، إذ سيجعلن من إنجاب أطفال غير شرعيين مشروعا مربحا بما أنهن سيتلقين مبلغا ماليا شهريا يشبه المكافأة على تعمدهن ارتكاب الفاحشة و امتهان الدعارة بكل طمأنينة، علما أن من المستحيل منطقيا إلغاء تجريم العلاقات غير الشرعية و الإبقاء على تجريم الدعارة.
و تجنبا للإطالة، و كخلاصة واضحة، الرأي أن بعض المتطرفين في أسلوبهم الفكري يريدون إلغاء تجريم العلاقات غير الشرعية و إباحة "المساكنة أو المعاشرة المشهرة" و منع التعدد الشرعي، و نحن نريد أن يظل المغرب هو المغرب، بلد مسلم وسطي معتدل لا يحرم فيه ما أحل الله و لا يتم فيه تحليل ما حرم الله، بلد الستر و التستر على المعاصي قدر المستطاع مع رفض الإباحية، نريد أن يظل المغرب بلد المنطق السليم المتزن المتوازن. بلد الإسلام الذي لا يمكن لقانونه الوضعي أن يبيح الزنى لأن القرآن ينص على عقوبة في شأنها تدل على أنها حرام. بلد حيث لا مجال للكلام على علمانية الدولة لأن إمارة المؤمنين نقيضها و الحمد لله. هذا كل ما لدي من رأي في هذا الموضوع و الله أعلم و تحية للقراء الشرفاء الأعزاء.
#يونس_فنيش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رأي في حوار سياسي..
المزيد.....
-
وكالة الاونروا: اجزاء كبيرة من مخيم جنين تم تدميرها بتفجيرات
...
-
وكالة الاونروا: عملية قوات الاحتلال تسببت بتهجير الالاف من م
...
-
مفكرون عرب.. جرثومة العنصرية قدر غربي لا فكاك منه
-
شهادات لا تنتهي عن جرائم التعذيب والإذلال بحق معتقلي غزة
-
انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي لحقوق الإنسان والقانون الد
...
-
أطباء بلا حدود: 8.5 مليون شخص يواجهون المجاعة في السودان
-
الاتحاد الأوروبي يدين حظر إسرائيل أنشطة -الأونروا-
-
أوروبا تبحث تخفيف قيود التعامل مع المهاجرين
-
طائرتان تجسسيتان بريطانيتان حلقتا قرب غزة أثناء تبادل الأسرى
...
-
مندوب إسرائيل بالأمم المتحدة: لماذا تعزز مصر جيشها؟
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|