لقد دخلت اليوم في سايت iraqipress للأنترنيت فلفت انتباهي مقالة بعنوان ( رسالة إلى بقايا الشيوعيين ) بقلم قاسم خضير عباس الذي يسمي نفسه كاتب وباحث إسلامي وعندما قرأت المقالة المذكورة رأيت من الضروري التوقف عند بعض التحف التي أتحفنا به كاتب المقال، ومنها يقول ( إن القبول بالآخر واحترام متبنياته هو منهجية وسلوك، يجب أن نتعلم كيف نمارسها ونحن نقيم المجتمع المدني والديمقراطية في عراق الغد..).
يا للعجب، متطرف إسلامي يدافع عن المجتع المدني والديمقراطية! حقا" أنها مفارقة عجيبة، أيها المتطرف الإسلامي! ما لك والمجتمع المدني والديمقراطية، هل تتوقع أن ينخدع أحد بمثل هذا الادعاء الرخيص؟ اذهب إلى حال سبيلك فإن طرح مثل هذا الادعاء من متطرف إسلامي لا ينخدع بها حتى الصبيان في الخامسة من العمر! لأن أقل ما يتضمنه المجتمع المدني إذا ما قارناه بما هو موجود داخل المجتمعات الأوربية، هو تمتع المؤسسات الاجتماعية من مختلف الأحزاب والمنظمات الغير رسمية السياسية منها وغير السياسية بنفوذ واسع داخل المجتمع ولها تأثير مباشر على الحياة السياسية في المجتمعات المعنية، وكذلك يعني انعكاس الإرادة الجماهيرية عبر تلك المؤسسات في مركز القرار السياسي، هذا ناهيك عن الديمقراطية التي لا تحتاج إلى توضيح فالجميع يعلم بأنها تعني ذلك الإطار السياسي والاجتماعي الذي يحتوي سيطرة الراسمال ونفوذه، فإذا كان الأمر كذلك فما سر هذا الحنين من متعصب إسلامي للمجتمع المدني والديمقراطية اللتين تخالفان بأدق حيثياتهما منظومة القيم الإسلامية وأحكامها الشرعية، هذه المنظومة من القيم والأحكام اللتين لا يتناسبان على الإطلاق مع الممارسة والإرادة الإنسانيتين والقيم الإنسانية الأصيلة، وبهذا الخصوص فحتى بوسع البلهاء أن يدركوا بأن الدين الإسلامي الذي يعتبر المنبع الرأيسي لمنظومة من الأحكام الجائرة والقيم البالية، مثل.. الرجال قوامون على النساء، وللرجل مثل حظ انثيين، وشهادة رجل واحد تساوي شهادة إمرأتين، لا يمكن أن يكون إطارا" مناسبا" للممارسة الإنسانية، كيف يمكن لنظام يقضي بأحكام وحشية مثل السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما... أن يكون مناسبا" للطبيعة البشرية؟ كيف يمكن لنظام يقضي فيها بأن المرأة قاصرة العقل والدين وتفرض عليها الحجاب وكذلك يرغم فيها الرجال على ترك اللحية ويجبرهم على العبادة و... أن يكون إطارا" مناسبا" لتحقيق الذات الإنساني.. كيف يمكن أن تكون مدافعا" جديا" عن المجتمع المدني في حين أن النظام الذي تؤمن به ينبع منه أحكام يمنع فيها اختلاط الرجال والنساء في الاماكن العامة لا وبل حتى في المدارس وأماكن العمل!. ُ أية ديمقراطية تقصدها في الوقت الذي يقضي فيه نظامك الفكري والسياسي على رجم الملحدين بالحجارة حتى الموت وفتك االشيوعيين لا وبل، حتى منع الكلمات التي تحتوي على حرف ال"ش" من التداول وبطبيعة الحال معاملة بقية الأحزاب والقوى السياسية بالموالين للشيطان الأكبر وجواسيسها؟ كيف يمكن لأحد أن يقتنع بديمقراطيتكم وأنكم تسعون إلى جعل الدين الإسلامي دينا" رسميا" للدولة وجعله اساسا" للمناهج التربوية والتعليمية داخل المجتمع وليس هذا فقط بل وتسعون حتى إلى نسف أبسط مقومات علمانية المجتمع.. وعليه فإذا أخذنا كل تلك المسائل بنظر الاعتبار سيصبح واضحا" لماذا تتشدق بالديمقراطية والمجتمع المدني وسوف لا تستطيع أن تخفي بأنك من خلال الادعاء بالديمقراطية والدفاع عن المجتمع المدني تقف أمام احتمالين لا ثالث لهما: أولا"/ إما أنك غير مقتنع من الاساس بالعقيدة الإسلامية وأحكامها الشرعية والفقهية وقد شرعت ركوب أمواج تيار هذه الحركة بغية المشاركة في السلطة مهما كان الثمن حتى ولو كان على حساب المساومة على أحكام الشريعة والقرآن، وإن مثل هذا الموقف لا يمكن وصفها حتى بالنسبة لأكثر الإسلاميين اعتدالا" إلا بالمصيبة!. وثانيا"/ أو أن الحركة التي تنتمي إليها وتمثلها سياسيا" هي عاجزة في الأصل في خوض الصراع السياسي من أجل الظفر بالسلطة السياسية وهذه التلاعب بالكلمات ليست سوى مراوغة وخداع الأتباع والمؤيدين، وعليه فالمصيبة في هذه الحالة ستكون أكبر!.
ثم يأتي السيد كاتب المقالة فيقول ( وقد تناسى هؤلاء ما فعلوه في العراق بالأمس القريب من قتل وسحل وانحطاط أخلاقي ).. الله أكبر هذه ليست تحفة بل أنها درة ثمينة، هلموا لنرى من يتكلم عن القتل والسحل والانحطاط الأخلاقي بالله عليك من تظن أنك تخاطبهم؟ أتظن أنهم سفهاء؟ أم صبيان لا يفقهون شيئا" عن تأريخ الإسلامي الدموي؟ لا يا أيها السيد المحترم الكل يعلم بأن الإسلا م قد تم نشرها بابشع الصور فضاعة وبربرية حيث أينما حطت الإسلام حل بها الخراب والدمار وحملات الأنفال وأخذ نسائها سبايا والبقية عبيدا" أما من خضع للإسلام دون مقاومة فتم فرض أشد الأتوات والضرائب قسوة" عليهم.. في حين إن التاريخ الحديث والمعاصر للحركات والقوى السياسية الإسلامية لا تختلف كثيرا" عن تاريخها القديم بل وتبدو أكثر وحشية وبربرية في بعض وجوهها الكل شاهدوا على شاشات التلفاز المجازر البشرية الرهيبة التي إرتكبها إخوتك في الجزائر ولا زالوا يرتكبونها، الكل شاهدوا ما فعله إخوتك من حركة طالبان في أفغانستان والتي ستظل لطخة عار على جبين المسلمين حتى آخر الدهر، أما الجمهورية الإسلامية في إيران فغنية عن التعريف ولا تحتاج إلى تعليق لأن جرائمها وانتهاكاتها لأبسط الحقوق المدنية والشخصية تتصدر في الصفحات الاولى لمعظم صحف العالم تكاد بشكل شبه يومي، أما الشيخ المجاهد اسامة بن لادن قدس الله سره وجعله ذخرا" للإسلام والمسلمين لقد كان بارعا" في قتل المدنيين الأبرياء بالجملة حقا" يجب أن نعترف بأن ما فعله لم يماثل ما فعله أحد من قبله ولا يستطيع أحد أن يفعله من بعده أيضا".. في حين إن الطبيعة الإجرامية لبقية الأحزاب والمنظمات والقوى الإسلامية في بقية أنحاء العالم لا يختلف كثيرا" عن الطبيعة الإجرامية لأسلافهم وها قد رأينا آخر فصول الإرهاب والجريمة الإسلامية في الرياض والدار البيضاء، ولكن ذلك الديمقراطي الإسلامي الفض لا يسميها إرهابا" بل جهادا" ضد الاستكبار العالمي، وبهذا الخصوص فإذا كنت فعلا" جديا" في الدفاع عن المجتمع المدني والديمقراطية يجب أن تخجل من إعلان انتمائك للإسلام السياسي.. أما قضية الانحطاط الأخلاقي للشيوعيين فيا أيها الشيخ المبجل كان من من الأجدرب بك أن لا تتطرق إليها لأن مظاهر الانحطاط الاجتماعي والفساد الأخلاقي الذي يوجد في الشرع الإسلامي وفي التجارب الإسلامية لا يوجد في نظام اجتماعي اخر على الإطلاق، وبهذا الصدد فإن الشيوعية العمالية تعلن بكل فخر حرية الإنسان في تحديد شكل علاقاته الجنسية وحق المرأة في الطلاق ولا تخشى شيئا" بهذا الخصوص بل، وتدافع عنها بكل قوتها وإمكانياتها.. ولكن لنجري مقارنة بسيطة بين هذه المبادئ الشيوعية وبين ما هو موجود في الشرع الإسلامي وما يمارسه الإسلاميون فعلا"، ألا يبيح دينكم للرجل بالزواج من دزينة من النساء! ألا يبيح دينكم بالزواج من طفلة في التاسعة من عمرها وهذا ما فعله نبيكم! هل يمكنك أن تسمي مثل هذه الفعلة الشنيعة بشيء غير الجريمة والاغتصاب!! أتنكر اقرار دينكم بزواج المتعة والسائد حاليا" في الكثير من الدول الإسلامية، أليست هذه الظاهرة جانب آخر من جوانب الدعارة داخل المجتمع!! ألا تقول السنة الشريفة جدا" ( نسائكم أملاككم فاحرثوها أنما شئتم )!!! أيها الفقيه المجاهد! ألا تسمي بمعيتي مثل هذا السلوك البشع بالشذوذ!!! ألم يحق لأغلبية عظماء المسلمين ابتداء" من نبيكم محمد ومرورا" بالخلفاء الراشدين وحتى أئمة المسلمين وقادة الجيوش وكل ذوي الجاه والسلطان بأمتلاك السبايا والجواري إلى جانب زوجاتهم!!! ماذا تسمي ذلك؟؟ ألم يكن هناك سوق للعبيد يباع ويشترى فيها النساء مثل الخرفان، وكان ذلك شائعا"، حتى وقت متأخر من التاريخ الإسلامي؟؟؟ ألم يقتل عمر بن الخطاب على يد أبولؤلؤة الفيروزي الذي كان أحد وجهاء منطقة كرمنشاه انتقاما"منه، لأنه أخذ زوجته وأربعة من بناته وجعلهن سبايا وجواري في بيته ويحرثهن أنما شاء؟ فلنكتفي بهذا القدر من الأعمال الوضيعة الذي إرتكبها المسلمين لأن تلالا" من المجلدات لا تكفي لذكر كلها، في حين هناك مئات الأمثلة من أحكام القرآن والسنة التي تبيح المرأة للرجل بطريقة وحشية وسادية ودن وخز من ضمير.. بالله عليك أي المبادئ هي أقرب إلى الطبيعة البشرية؟ أهي المبادئ الشيوعية التي تسمح للمرأة بأن تحدد بكامل إرادتها وحريتها شكل علاقاته الجنسية أم إرغامها على أن تكون درة لثلاثة اخريات بالإضافة إلى إرغامها على بيع جسدها تحت شتى المسميات الإسلامية السخيفة! ها أنكم تسمحون بأن تبيع المرأة جسدها أما نحن فنناضل بكل قوتنا من أجل إزالة تلك الظروف التي ترغم فيها المرأة على بيع جسدها، أنكم تتزوجون من الأطفال في سن التاسعة أما نحن فنقول إن ذلك جريمة ويجب معاقبة كل من يفعل ذلك، أنكم تقولون احرثوا نسائكم أنما شئتم! ونحن نقول إن ممارسة مثل ذلك السلوك يعتبر انحراف جنسي وكل من يمارسها يجب أن يدخل المصحات النفسية لاستعادة سلوكه الإنساني.. إذن أيها الفقيه المجاهد الكبير فلقد ثبت العكس وإن الانحطاط الاجتماعي بأوسع صوره والفساد الأخلاقي بأوضح أشكاله يتعشعش في الإسلام وبين المسلمين وهي البيئة الاجتماعية الصالحة لنموها!!.
لقد كشف لنا كاتب المقال مجددا" عن تحفة فنية اخرى ويقول ( هؤلاء يسدون بعملهم هذا أي" بمعاداة الإسلام " خدمة للولايات المتحدة ) ... لنجري مرة" اخرى مقارنة بسيطة، من الذي خدم أمريكا أهم المتغربون فكريا" وبقايا الشيوعيين أم الإسلاميين، قبل أن ندخل في هذا الموضوع بودي أن أوضح لك إننا في الحزب الشيوعي العمالي العراقي نرفض أن نحصر نضالنا وحركتنا لتكون معاديا" فقط لأمريكا حيث أن جبهتنا أوسع من ذلك بكثير وسأوضح ذلك فيما بعد.. على كل حال أنك مخطئ يا سيديي حيث إن معادات الإسلام السياسي لا يعني إلا في أوهامك وهواجسك المريضة ضعفا" للجبهة المعادية لأمريكا بل أن معادات الإسلام السياسي هي بالنسبة لكل المدافعين عن الحرية والمساواة وكل المدافعين عن حقوق الإنسان وبالنسبة لكل أحرار العالم تمثل عنصر قوة لهذه الجبهة لأن معادات الإسلام السياسي والنضال ضده بالإضافة إلى كونه واجب إنساني نبيل نظرا" لكون ذلك النضال يهدف إلى تحرير الإنسان من، الأفكار القرووسطية البالية، والممارسات اللاإنسانية للبربرية الإسلامية، فأن النضال ضد الإسلام السياسي يسحب البساط أيضا" من تحت أقدام اللإدارة الأمريكية ويجردها من أقوى الذرائع التي تساعدها على شن الحملات العسكرية على شعوب العالم، حيث أن مجزرة 11سبتمبر ووحشية حركة طالبان والأعمال الإجرامية لبقية المنظمات والحركات الإسلامية في مختلف أرجاء العالم جاءت على طبق من ذهب لتبرر بها أمريكا حملاتها العسكرية وتنفيذ استراتيجيتها العدوانية بحق شعوب العالم وتكمل ما بدأت بها في حرب الخليج الثانية أثناء احتلال النظام البعثي الدموي للكويت، إذن لقد بدأت أمريكا حملتها العسكرية على ما يسمى بالإرهاب من أفغانستان بذريعة تدمير الركائز السياسية للإسلام السياسي.. وعليه فإن بروز الإسلام السياسي بوصفها القطب المضاد لأمريكا كان بمثابة أقوى الذرائع التي ساعدت أمريكا وتشبثت بها للمضي قدما" نحو تحقيق الأهداف التي فشلت في تحقيقها أثناء حرب الخليج الثانية والتي تمثلت بفرض زعامتها عالميا" وإعادة الترتيبات الأمنية والموازنات الاقتصادية والسياسية والعسكرية وفق احتياجات عملية حركة وتراكم الرأسمال الأمريكي وشركاتها الاحتكارية.. وعليه فلماذا كان المتغربون فكريا" وبقايا الشيوعيين عنصرا" لتقوية النفوذ الأمريكي؟ ربما يقصد كاتبنا الإسلامي في مقالته بأننا لم نشترك في ذلك الصراع برفقتهم، فإذا كنت تقصد ذلك، فيؤسفي أن أقول إن ذلك بلاهة سياسية، ويجب أن تعلم بأن الشيوعية العمالية واشتراكية ماركس لا تسمحان بأن يقف الشيوعيين في خندق واحد مع الإرهابيين مهما كانت أهدافهم، ثم أن مشكلتنا وصراعنا كشيوعيين لا ينحصر فقط في النضال ضد المعسكر الأمريكي لوحده بل يشمل النضال ضد الرأسمالية بعموميتها والذي يشكل المعسكر الأمريكي جزء" منها ولذلك فإن نضالنا السياسي ستواجه أمريكا بشكل رئيسي عندما يتخذ العنجهية الأمريكية وغطرستها وسياساتها واستراتيجيتها العدوانية بعدا" عالميا" وهذا هو ما حصل بالضيط ولهذا تجدنا في الصفوف الأمامية للجبهة المعادية لأمريكا وباستثناء ذلك فإن أمريكا بوصفها دولة رأسمالية لا تختلف بالنسبة لنضالنا ضد الرأسمالية عن بقية الدول الراسمالية، أما كوننا حزب عراقي فتنبع من خصوصية الراسمالية في العراق والنضال ضدها بغية حسم الصراع معها لصالح الطبقة العاملة، وعليه فأنك غارق في الوهم إذا كنت تتوقع بأن يساند الشيوعية العمالية نزعتك الدينية الرجعية.. وبهذا الصدد أيضا" يستطرد الكاتب قائلا" بعد أن يستشهد بما قاله مفكر ياباني ( : الغرب يريد إسلاما" ليبراليا" علمانيا"!! والغريب ان هذه الدعوة السيئة الصيت هي نفسها ما ينادي به المتغربون فكريا" وبقايا الشيوعيين اليوم...) في الحقيقة إنني لا أدري بهذا الصدد ماذا ينادي به المتغربون فكريا" وبقية الأطراف الذين يسمون أنفسهم بالشيوعيين، أما نحن في الحزب الشيوعي العمالي العراقي فنرفض الإسلام السياسي بكل مسمياته سواء كان ليبراليا" أم علمانيا" أو كان شرقيا" أم غربيا" لأن شعارنا بهذا الخصوص هو فصل الدين عن الدولة ونزع الفكر الديني من التربية والتعليم والمناهج التربوية لأن الدين بالنسبة لنا لا يستمد واقعيته ووجوده الموضوعي من المصالح المادية المباشرة للإنسان ولذلك فإن الدين بالنسبة لنا يشكل أمرا" شخصيا" ويجب أن يبقى كذلك ونحن بدورنا نؤمن بخصوصيات الإنسان ومعتقداته ونناضل بلا هوادة ضد كل شكل من أشكال الاضطهاد ومن ضمنها الاضطهاد الديني أما ما يقوله الآخرين بهذا الخصوص فيجب أن لا تعممه على الجميع.
على الرغم من أن الباحث الإسلامي قد أتحفنا بالكثير من التحف الفنية إلا إنني سوف أكتفي بالرد على قضية الإرهاب والصلح العربي الإسرائيلي لأن بقية التحف زائفة ولا أظن بأنها ستثير اهتمام أحد.. يبدو واضحا" إن الكاتب الإسلامي متعاطف مع العمليات الإرهابية التي يشنها إرهابيوا حركة حماس والجهاد الإسلامي ضد المدنيين الاسرائيليين الأبرياء والعزل إلا أنه يخجل أو ربما يخاف من إعلان ذلك بشكل واضح وصريح، فأنه يلف ويدور حول ما قاله الاخرين ثم يستشهد بما قاله كاتب يدعى فريدمان الذي يقول ( الجهاد هو الذي شجع على العمليات الإرهابية التي أرقت ( إسرائيل ) أكثر مما أرقها أي شيء آخر وبضمنه كل الحروب العربية. ) ثم يأتي ليبررذلك ويستشهد بكاتب آخر يدعى بول ماري دولاغورس الذي كتب في الموند ديبلوماتيك مايلي ( انطلاقا" من هذه الأحداث، التي تدلنا على الطبيعة المشكوك فيها والمبهمة للسياسة الأمريكية فيما يتعلق بظاهرة الإرهاب، نستنتج بأن هناك اعتبارات سياسية واستراتيجية معروفة جدا"، هي التي توجه عدوانية الولايات المتحدة ضد الحركات الإسلامية. والرغبة في قهر، أو على الأقل الإضعاف، ومجابهة حركة حماس الفلسطينية، وحزب الله اللبناني، اللذين يخوضان معركتين متوازيتين ضد إسرائيل. ).. ويصف كل من يخالف فلسفة الرعب ومملكة الموت الذي يزرعها الإرهابيون الإسلاميون بخدم المخططات الامبريالية والصهيونية في المنطقة.. بالله عليك ما كل هذه اللف والدوران لماذا لا تعبر عن حقيقة شعورك وتكف عن الاستشهاد بالاخرين فأنك مؤمن بالجهاد والعمليات الاستشهادية والخوف ليس من شيمة المؤمنين وكان يجدر بك أن تحمل حزاما" ناسفا" وتفجر نفسك ببعض الأبرياء من الأطفال والنساء العزل لكي يكتمل إيمانك وتنضم إلى قافلة الصديقين ( وتفعل في الجنة أنما شئت ).. ماذا يعني التعاطف والإعجاب بالعمليات الإرهابية التي تقتل الأبرياء؟ هل تظن أن بوسع بعض العمليات الإرهابية أن تحرر شعبا" يرضخ تحت الظلم والاضطهاد؟ لا ياسيدي! إن الشعوب لا تتحرر بمثل ذلك المنهج الإرهابي بل سيزداد قيودها واضطهادها صحيح أن ضحايا تلك العمليات الإرهابية قد أصبح كثيرا" حيث تمكن الإرهاب الإسلامي من حصد أرواح الكثير من الأبرياء! ولكن ليست هذه كل المسألة بل، يجب أن نعلم ماهي إفرازات مثل تلك العمليات على المواطنين من الطرفين؟ ماهي أبعادها السياسية والاجتماعية؟ حينئذ سيكون تقييمنا لمثل تلك العمليات الوحشية تقييما" صحيحا". فمنذ أن إحتل المنظمات الإرهابية وتحديدا" الجهاد و حماس موقعا" لا بأس به في الحياة السياسية للشعب الفلسطيني فإن حياة المواطنين في إسرائيل وبقية الأراضي الفلسطينية قد تحول إلى جحيم لا يطاق وأصبح أجواء الرعب والخوف يتسلل في نفوس المواطنين من كلا الطرفين فبعد كل عملية إرهابية داخل الخط الأخضر يتبعها تحرك آلة الرعب والدمار الإسرائيلي الرهيب نحو المناطق الفلسطينية الآمنة ويبعث في الأرض دمارا" ويزرع الموت والرعب والخوف في كل مكان ولا ينجو منه لا طفلا" أو إمرأة ولا حتى شيخا" طاعنا" في السن، ومنذ أن بدأ تلك المنظمات بممارسة العمل الإرهابي في تسعينيات القرن الماضي ومسلسل الرعب هذه مستمرة دون توقف.. صحيح عندما يصعد حكومة يمينية متطرفة ودموية على شاكلة حكومة شارون وموفاز إلى سدة الحكم سيقابلها في الطرف الآخرسطوع نجم منظمات إرهابية على شاكلة حركة حماس والجهاد الإسلامي ولكن ذلك لا يعني على الإطلاق بأن مثل تلك المنظمات قادرة على قيادة نضال الشعب الفلسطيني نحو آمال الشعب الفلسطيني وأهدافها المشروعة وحتى لو إفترضنا صعودها إلى سدة الحكم فسوف لن تجلب لجماهير فلسطين غير المزيد من المآسي والكوارث وسلب أبسط الحقوق الإنسانية وفي أحسن صورها سوف لا تكون أفضل من حركة طالبان والجمهورية الإسلامية، أما وهم الآن في المعارضة فأنهم يشكلون الآن أفضل ضمانة لأستمرارية اليمين الاسرائيلي المتطرف على السلطة ذلك لأنه كلما تلوح في الافق بوادر انفراج اسياسي لحل هذه الأزمة تنفذ هذه المنظمات الإرهابية سلسلة من العمليات الإرهابية فتهدم كل شيء وتتوسع على أثرها القاعدة الشعبية لحكومة شارون وتميل المجتمع الإسرائيلي بنسب أكثر نحو اليمين هذا مايحصل على الصعيد الداخلي أما على الصعيد الخارجي فبسبب هذه الأعمال الإجرامية التي تمارسها هذه المنظمات الإجرامية يقل يوما" بعد يوم التعاطف العالمي مع النضال العادل للشعب الفلسطيني ويزداد يوما" بعد يوم التأييد العالمي لحكومة شارون وهذه بحد ذاته يشكل عنصرا" مهما" لبقاء هذه الحكومة الوحشية على السلطة. ربما يقول الكثيرون إن الفلسطينيين لايملكون وسائل اخرى للمقاومة أمام الماكنة العسكرية الإسرائيلية الرهيبة غير تلك العمليات الإرهابية، وهذا بالضبط ماأكد عليه الكثير من قادة هذه المنظمات الإرهابية، نعم آلة القتل والدمار الإسرائيلي رهيب وفتاك ولكن تلك الادعاءات غير صحيحة أيضا" فإذا رجعنا قليلا" إلى الوراء سنرى أن انتفاضة الحجارة الاولى في نهاية ثمانينيات القرن الماضي قد أرغمت تلك الألة العسكرية الرهيبة للركوع أمام إرادة الشعب الفلسطيني ولا أظن بأن الحكومات الإسرائيلية التي توالت على الحكم حينذاك أكثر ديمقراطية من الآن أو أن آلتها الحربية أقل جبروتا" من الآن ومع ذلك ركعت أمام نضال ومقاومة الشعب الفلسطيني أتدري لماذي أيها الكاتب الإسلامي؟ لأنه وبكل بساطة تمكن الفلسطينيون بممارسة ذلك الاسلوب النضالي الإنساني البسيط على كسب التأييد الشعبي داخل إسرائيل وحتى داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إلى جانبها وأقتنع الجميع في الداخل والخارج بعدالة هذه القضية وحقانيته وشكل عنصر ضغط على الحكومات الإسرائيلية وعلى أثرها عجزت الآلة العسكرية الإسرائيلية الجبارة من مقاومتها فما كان أمامها إلى الركوع أما ذلك النضال البطولي ولولا ظهور تلك المنظمات الإرهابية في الساحة السياسية الفلسطينية لكانت الفرصة متاحة ليستمر نضال الشعب الفلسطيني ومقاومتها على نفس المنوال وما كان سيحصل ماحصل، وبهذا فأستطيع القول بأن اليمين الإسرائيلي قد تمكن من استدراج المقاومة الفلسطينية إلى الفخ وتمكن من تجريد هذه المقاومة من شكلها الإنساني وبطبيعة الحال تم ذلك بفضل المنظمات الإسلامية الإرهابية.. أما قضية الصلح العربي الإسرائيلي فأنها ليست معقدة إلى تلك الدرجة التي تصورها الأنظمة العربية الاستبدادية ومختلف الأحزاب والقوى السياسية القومية والإسلامية العربية، فبما أن القضية الفلسطينية هي محور الصراع العربي الإسرائيلي فإن تسوية هذا الصراع مرهونة بحل هذه القضية الرئيسية في حين إن حل تلك القضية هي أمر في غاية البساطة، ألا وهي الرجوع إلى الإرادة الجماهيرية التي تسعى إلى تشكيل دولتها المستقلة، أما بقية القضايا المترتبة على تلك القضية مثل قضية مزارع شبعا في لبنان والجولان المحتل في سوريا وقضية عودة اللاجئين فبمجرد تسوية ذلك النزاع الأساسي سوف يكون الفرصة متاحة ليجد بقية القضايا العالقة الحل المناسب الذي يرضي جميع الأطراف ومن ثم لينعم الجميع بالسلام والاستقرار.
23أيار2003