أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فهد راشد المطيري - لا حاجة إلى حوار بين الأديان














المزيد.....

لا حاجة إلى حوار بين الأديان


فهد راشد المطيري

الحوار المتمدن-العدد: 1694 - 2006 / 10 / 5 - 06:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما الهدف من حوار الأديان؟ أطرح على نفسي هذا السؤال في كل مرة أسمع فيها عن دعوة لإقامة حوار بين الأديان، و ما أكثر الدعوات في هذا الشأن! من السخف أن يكون الهدف هو الوصول إلى اعتراف متبادل بين جميع الأطراف بحقيقة كل دين، فلو تم ذلك لاختفى كل دين من تلقاء نفسه، ذلك أن حقيقة كل دين تعتمد في وجودها على بطلان حقيقة الأديان الأخرى! هل الهدف إذن من هذا الحوار هو التوصل إلى احترام متبادل بين الأديان؟ لكن هذا الهدف أيضا لا يخلو من إشكالية، فهو يفترض ضمنا أن الأديان لا تحترم بعضها البعض و لهذا السبب بالذات هي مدعوة للحوار فيما بينها. إذا كان هذا صحيحا، فإن الأجدر بكل دين أن يعيد قراءة تراثه لمعرفة أين يكمن منبع عدم احترام الديانات الأخرى، و لو تم ذلك لانتفت الحاجة إلى عقد حوار أساسا. لعل الهدف من هذا الحوار هو محاولة التشديد على نقاط الالتقاء و صرف النظر عن نقاط الاختلاف لضمان التعايش السلمي بين الأديان. هذا الهدف يبدو أكثر إقناعا، لكنه يشير إلى اعتراف ضمني مفاده أن الأديان غير متسامحة مع مبدأ الاختلاف، و في حالة بروز هذا الاختلاف على السطح فإن الحوار بين الأديان يصبح مستحيلا، فضلا عن استحالة التعايش السلمي غير المشروط بينها!

يبدو أن الحوار بين الأديان لا يفتقر إلى هدف منطقي و حسب، بل إنه حوار لا يخلو أيضا من مفارقات غريبة. على سبيل المثال، الدعوة إلى حوار مسيحي-إسلامي تفترض وجود رؤية مسيحية موحدة في مقابل رؤية إسلامية موحدة، لكن الواقع يشير إلى عكس ذلك، و لعل العام 2004 حمل معه دلالة خاصة، ففي تلك السنة عقد منتدى الوحدة و الثقافة الإسلامية في البحرين، و قبله بثلاثة أشهر ألقى بابا الفاتيكان الراحل خطابا عاطفيا ضمن مناسبة "أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين"! المفارقة الأخرى هي دعوة طرفين للحوار في الوقت الذي يكون فيه كل منهما منهمك في سباق محموم لزيادة عدد الأعضاء، فها هي القارة الافريقية كانت و لم تزل ساحة نزاع عقائدي بين الدعوة إلى الإسلام و التبشير بالنصرانية، و هو النزاع الذي شهد اتهامات متبادلة باللعب غير النظيف و التنافس غير الشريف! بالمناسبة، لماذا تكون الأسواق العقائدية رائجة في مناطق الفقر و البؤس و الحاجة؟!

في دول العالم الإسلامي، تحاول الجماعات الإسلامية التغلل إلى التشريعات و القوانين المدنية و استبدالها تدريجيا بالشريعة الإسلامية. في الغرب، تصر الجماعات المسيحية و على رأسها الفاتيكان على إضافة كلمة "الرب" و تعبير "التراث المسيحي لأوروبا" إلى أبجديات مسودة دستور الإتحاد الأوروبي! الغريب أن كلا الطرفين، الإسلامي و المسيحي، يفضل وجود نظام علماني عند الآخر و ذلك لضمان حقوق الأقليات التابعة له! بمعنى آخر، النظام العلماني مرفوض في نطاق خريطة حدودي الدينية، لكن حبذا وجود هذا النظام عند غريمي و منافسي كي أجبره على ضمان حقوق أتباعي المتواجدين على أرضه! هذه الازدواجية في المعايير ليست غريبة عن العقلية الدينية ذات النفس السياسي، لكنها تحمل دلالة في غاية الأهمية: إنها تشير إلى اعتراف ديني بأن التعايش السلمي بين الأديان ممكن في ظل نظام يفصل الدين عن السياسة، و أن فرصة الوجود غير المشروط لأي دين تحت مظلة دين آخر ضعيفة جدا، إن لم تكن مستحيلة! ربما نستثني من ذلك تاريخ دخول البوذية إلى اليابان و تعايشها السلمي مع ديانة "الشينتو" الأصلية.

أخيرا، لعل السبب في افتقار حوار الأديان إلى هدف منطقي واضح يكمن في أن أطراف الحوار أنفسهم لا يقيمون وزنا للمنطق! في واقع الأمر، لسنا في حاجة إلى حوار بين الأديان، بل إلى تعهد بين الأديان في الابتعاد عن السياسة!



#فهد_راشد_المطيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسطورة بابا نويل
- زمن ولىّ و أثر باقٍ
- قراءة في محاضرة بابا الفاتيكان


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فهد راشد المطيري - لا حاجة إلى حوار بين الأديان