عبد اللطيف المنيّر
الحوار المتمدن-العدد: 1694 - 2006 / 10 / 5 - 05:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لو كان الفيلسوف الفرنسي الشهير رينيه ديكارت بيننا اليوم لأعاد صياغة مقولته الشهيرة "أنا أفكر إذن أنا موجود" ولرفع صوته قائلا: أنا ليبرالي إذن أنا موجود، إذ لم يكن للفكر عند ديكارت أن يبلغ مرحلة الاستنتاج بعد التحليل إلا ضمن حرية العقل. وقتها كان ديكارت والمبدعين من الفلاسفة يحلقون في فضاء من الحرية الفكرية لا نهاية له.
في هذا السياق لم يكن من الصعب أن نفرق بين أصحاب الفكر الليبرالي من جهة، وبين منظري العقيدة أو"العقائد" الشمولية من "حمّالي حطب" الفكر الأيديولوجي المنخور. إذ أن الليبرالي يتجه في قبلته نحو المستقبل في حركيته الإطرادية والمتحولة، وكذا في عقلنته للحاضروتقويم علاقته مع الماضي، وينشد الأعلى في الغاية مستفيدا من تجارب الأمم كافة. أما أصحاب الفكر الجهوزي فإنهم ماضويون، مازالوا يغنون الأطلال متجاهلين سقوط نظم وانهيار امبراطوريات قامت وتأسست على الفكر المنغلق الذي يفتقر للاتساق الفكري بمكوناته الإطلاقية.
لذا نجد مثلا أن الرؤية الماركسية بتطبيقاتها الستالينية، وكذا أحزاب قومجية كحزب البعث، قد نجحت في صياغاتها النظرية التي بهرت الملايين، وسقطت في التطبيق. حتى أن ثلة من "الكتبة"
مازالوا يروجون لهذه النظريات ويستدعون الماضي لطمس المستقبل! في حين نأى الفكر الليبرالي بنفسه عن أطر النظريات المحنطة والتعبوية، ونجح في اختراق حجاب العقائدي المكتوم، مشكلا القاعدة اللوجستية لامتداده في الحرية، وحبل الإنسانية السرّي في علاقته مع الآخر.
في عالمنا العربي الذي يحمل إرثا أيديولوجيا ـ دينيا وتاريخيا باهظا، والذي مازال أسيرا للعديد من المعتقدات والمفاهيم المغالِطة التي قيدت حريته بشكل لم يعد قادرا على الإنتاج الفكري واستقراء المجريات حتى أصبح بمنأى عن العصر، جاءت الليبرالية لتكون أداة ووسيلة لفك الطلاسم الذهنية وإطلاق الفكر في مقاربات شاملة لحياة الفرد العربي.
مجددا: أنا ليبرالي إذن أنا موجود، الوجود الذي يعادل الحضور في الزمان والمعنى ـ حضور مكافئ لمساحة الحريات التي هي مداد الحراك الجمعي في اتجاه صناعة المستقبل.
#عبد_اللطيف_المنيّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟