|
شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة ؛ أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة ( 3 ) من الخطاب الثالث من كتاب : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 7425 - 2022 / 11 / 7 - 19:38
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ... خطابات ثلاثة لبوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعيّ الثوريّ ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة
( ملاحظة : الكتاب برمّته متوفّر للتنزيل من مكتبة الحوار المتمدّن ) ------------------------------------------------------- مقدّمة الكتاب 42 في مستهلّ هذه المقدّمة ، نعرّج قبل كلّ شيء على الثلاث نقاط المسترسلة في العنوان الذى إصطفيناه للكتاب 42 ، العدد 42 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ، فقد عمدنا إلى ذلك عمدا عامدين بحثا منّا عن تجنّب التعسّف على الواقع الموضوعي و إضافة مرغوب فيها إلى ضروريّة و ممكنة . الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة بالفعل ضروريّة و ممكنة كما ترشح ذلك أعمال بحثيّة علميّة مستندة إلى التحليل الماديّ الجدليّ العميق للمجتمع و تناقضاته و إمكانيّات و مسارات تطوّره في عصر الإمبرياليّة و الثورة الإشتراكية و المصالح العميقة للجماهير ليس فقط في الولايات المتّحدة بل عالميّا أيضا ، أي المصالح الأساسيّة للإنسانيّة . و هذا ما تبيّنه بجلاء أعمال بوب أفاكيان ، خطاباتا و بحوثا و دستورا ، التي يقوم عليها هيكل هذا الكتاب و فصوله . إلاّ أنّ هناك بُعدٌ آخر لا يزال غائبا بصفة ملموسة ألا وهو بُعدُ المرغوبيّة بمعنى أن تكون هذه الثورة فضلا إلى ضرورتها و إمكانيّتها مرغوب فيها جماهيريّا و شعبيّا . القيادة و الحزب الطليعي و البرنامج و الإستراتيجيا و طريق الثورة و ما إلى ذلك متوفّرين في الأساس كعنصر ذاتيّ و الوضع الموضوعيّ متفجّر و قابل للتفجّر اكثر و يحتمل حلّين راديكاتليّين ، كما يقول بوب أفاكيان ، إمّا حلّ رجعيّ و إمّا حلّ ثوريّ يمكن إنتزاعه إنتزاعا – حين ينشأ وضع ثوريّ تستغلّه الطليعة الشيوعيّة لتقود الجماهير الشعبيّة لصناعة التاريخ بالإطاحة بالنظام و الدولة القائمين و بناء نظام و دولة جديدين و غايتهما الأسمى الشيوعيّة على الصعيد العالميّ - شرط أن تصبح الثورة الشيوعيّة مرغوب فيها من قبل الجماهير الشعبيّة التي ينبغي أن يرتقى وعيها الطبقي و الشيوعي فتغدو ثوريّة و تبذل قصارى جهدها لإنجازها . و هذه المرغوبيّة في الثورة الشيوعيّة – الإشتراكية حاليّا في هذا البلد الإمبريالي – هي محور نضالات الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة و مهمّته المركزيّة راهنا . و خطابات بوب أفاكيان و كتاباته تتنزّل في هذا الإطار . قبل سنوات في العدد التاسع من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " الذى إخترنا له من العناوين عنوان " المعرفة الأساسيّة لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ( من أهمّ وثائق الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ) "، صغنا مقدّمة عرّفنا بفضلها بإختصار بهذا الحزب و بالصراعات العالميّة حينها و نعتقد أنّ بضعة فقرات من تلك المقدّمة لا تزال مفيدة اليوم في التعريف بهذا الحزب بشكل مقتضب : " الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية حزب ماركسي - لينيني - ماوي تأسّس أواسط السبعينات من القرن العشرين و تعود جذوره إلى الستينات و السبعينات أي هو نتيجة الصراع الطبقي فى الولايات المتحدة الأمريكية و الصراع الطبقي على النطاق العالمي لا سيما النضال ضد التحريفية المعاصرة عالميا و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين و تأثيرها المزلزل عالميا كثورة داخل الثورة و قمّة ما بلغته الثورة البروليتارية العالمية فى تقدّمها نحو الشيوعية. تأسّس الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي فى خضمّ صراع طبقي محتدم فى البلاد و عالميّا سنة 1975 و جاء ثمرة نضالات عدّة مجموعات ثورية أهمّها " الإتّحاد الثوري" و إمتدادا لنضالات الستينات و السبعينات على شتى المستويات ، على أنّه تحوّل نوعي بإعتبار تبنّى المبادئ الشيوعية الثورية الحقيقية ووسائل النضال البروليتارية الثورية و غاية الثورة البروليتارية العالمية ، تحقيق الشيوعية من خلال الثورة المسلّحة المتبوعة بالحرب الأهلية لتحطيم دولة البرجوازية الإمبريالية و إرساء دولة إشتراكية كقلعة من قلاع الثورة البروليتارية العالمية تعمل على السير صوب تحقيق الشيوعية على النطاق العالمي . وقد شهد هذا الحزب فى مساره عدة صراعات الخطين منها نذكر على وجه الخصوص الصراع الكبير حول الموقف من الصين بعد إنقلاب هواو - دنك عقب وفاة ماو تسى تونغ سنة 1976 حيث عدّ البعض من القادة و الكوادر أنّ الصين لا تزال على الطريق الإشتراكي فى حين أكّدت الأغلبية إستنادا لدراسات على مختلف الأصعدة أنّ الصين شهدت تحوّلا من صين إشتراكية إلى صين رأسمالية و بالتالى وجب القطع معها و فضحها عالميّا . و خرج الخطّ الشيوعي الثوري الماوي منتصرا ما جعل أنصار دنك سياو بينغ يستقيلون من الحزب أو يطردون منه . و مثّل ذلك حدثا جللا بالنسبة للبروليتاريا العالمية إذ أنّ الحزب الشيوعي الثوريّ الأمريكي وقد حسم الموقف لصالح الشيوعية الثورية و الماوية و الدفاع عن إرث ماو تسى تونغ و الثورة البروليتارية العالمية صبّ جهوده نحو إعادة البناء الثوري للأحزاب و المنظمات بإتّجاه الإعداد للموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية على شتّى المستويات. و للتاريخ نذكّر بأنّه بمعيّة الحزب الشيوعي الثوري الشيلي صاغا مشاريع وثائق كانت بمثابة أرضية منذ 1981 لتوحيد الماركسيين - اللينينيين الحقيقيين [ الماويّين ] بدعم هام من الحزب الشيوعي لسيلان لتنتهى هذه النضالات و النقاشات التي شملت الكثير من المنظمات و الأحزاب الأخرى عبر العالم إلى تشكيل الحركة الأمميّة الثوريّة على قاعدة الندوة الثانية و بيان 1984 و إلى إصدار مجلّة " عالم نربحه " منبرا فكريا للنواة السياسية الساعية لإعادة بناء قيادة عالمية جديدة للحركة الشيوعيّة العالميّة. و بموجب تطوّر الصراعات الطبقية عالميّا و بفعل الصراع الداخليّ للحركة الأمميّة الثورية حصلت قفزة نوعيّة أخرى فى 1993 بإعلان تبنّى الحركة جميعها للماركسية - اللينينية - الماوية علما للثورة البروليتارية العالميّة ... " ( إنتهى المقتطف ) و حدث إنشقاق صلب الحركة الأمميّة الثوريّة التي نشطت موحّدة من 1984 إلى تقريبا 2006 و إنقسمت الماويّة إلى إثنين ( أنظروا كتاب " الماويّة تنقسم إلى إثنين " ، العدد 13 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ) و أنتج الحزب الشيوعي الثوري أعمالا عدّة خائضا صراع الخطّين داخل الحركة الماوية و الحركة الشيوعيّة العالميّة تجدون أهمّها في عدّة كتب بمكتبة الحوار المتمدّن وهي موثّقة في فهارس كتب شادي الشماوي كملحق لهذا الكتاب 42 . و إلى ذلك لزاما علينا أن نذكر أبرز كتابين مطوّرين للماركسية – اللينينيّة – الماويّة : الخلاصة الجديدة للشيوعية / الشيوعيّة الجديدة لمهندسها بوب أفاكيان " إختراقات الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة خلاصة أساسيّة " ( الكتاب 35 ) و " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " ( الكتاب عدد 38 ) . و من يتطلّع إلى التعرّف على بوب أفاكيان فعليه ، على سبيل المثال لا الحصر ، بسيرته المعروضة في هذين الكتابين . و نكتفى بهذا مدخلا و ندعو القرّاء للتمعّن مليّا في مدي أهمّية ظفر ثورة إشتراكية هدفها الأسمى الشيوعيّة على الصعيد العالمي و تحرير الإنسانيّة من كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد في قلب الغول الإمبريالي الأمريكي ، بالنسبة للحركة الشيوعية العالميّة و للبروليتاريا العالميّة و لجماهير الإنسانيّة ... و محتويات هذا الكتاب 42 ، العدد 42 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ، فضلا عن هذه المقدّمة : الفصل الأوّل - الخطاب الأوّل : لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة I - وحدها ثورة فعليّة بوسعها أن تحدث التغيير الجوهريّ الذى نحتاج إليه ؛ إضطهاد السود و غيرهم من ذوى البشرة الملوّنة إضطهاد النساء و العلاقات الجندريّة الإضطهاديّة حروب الإمبراطوريّة و جيوش الاحتلال و الجرائم ضد الإنسانيّة شيطنة المهاجرين و تجريمهم و ترحيلهم و عسكرة الحدود تحطيم الرأسماليّة – الإمبرياليّة للكوكب - كيف يمكننا أن ننجز حقّا ثورة ؛II ملاحق الخطاب الأوّل (4) ( حسب التسلسل التاريخيّ و هي من إقتراح المترجم و قد سبق نشرها ) -1- بصدد إمكانية الثورة - ردّ جريدة " الثورة " - رفع راية بعض المبادئ الأساسيّة : - إستنتاجات جديدة و هامّة : * بعض النقاط الحيويّة للتوجه الثوري - معارضة للموقف الطفولي و تشويهات الثورة - 2-" بصدد إستراتيجيا الثورة " - مقاومة السلطة و تغيير الناس من أجل الثورة : - التعلّم من رئيس حزبنا ، بوب آفاكيان ، و نشر معرفة و تأثير قيادته ذات الرؤية الثاقبة ، و الدفاع عن هذا القائد النادر و الثمين و حمايته : - ترويج جريدة حزبنا " الثورة " بأكثر قوّة و شمولية : - 3 - مزيد من الأفكار عن " بصدد إمكانية الثورة " - 4 - كيف يمكننا الإنتصار – كيف يمكننا فعلا القيام بالثورة - لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة - ما نحتاج القيام به الآن - كيف يمكننا أن نلحق بهم الهزيمة الفصل الثاني - الخطاب الثاني : أمل من أجل الإنسانيّة على أساس علميّ و القطيعة مع الفرديّة و الطفيليّة و الشوفينيّة الأمريكيّة 1- لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة 2- مشكل الفرديّة / الأنانيّة - الفرديّة الخبيثة و الفرديّة الغافلة - الفرديّة ، هراء الانتخابات البرجوازية و وهم " التقدّم بلا ألم " - الطفيليّة و الشوفينينّة الأمريكيّة و الفرديّة - سياسات الهويّة و الفرديّة - الفرديّة و " اللامبالاة " 3- المصالح الخاصّة و المصالح العامة – التمييز بين المصالح الطبقيّة و أعلى مصالح الإنسانيّة 4- مقارنة بين وجهة نظر الشيوعيّة و مقاربتها و وجهة نظر الرأسماليّة و مقاربتها لمذهب الفرديّة و الشخصيّة الخصوصيّة 5- وجهات نظر متباينة بشأن معنى الحياة و الموت : ما الذى يستحقّ الحياة و الموت من أجله ؟ - كسر قيود الفرديّة الطفيليّة 6- لا ضرورة مستمرّة و الأمل على أساس علميّ : عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير ممكن حقّا ، لكن ينبغي النضال من أجله ! هوامش الفصل الثالث - الخطاب الثالث : شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة ؛ أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة ... ملاحق الخطاب الثالث ( 5 ) 1- ثورة حقيقيّة ، تغيير حقيقي نكسبه – المزيد من تطوير إستراتيجيا الثورة - النضال ضد الفاشيّة الآن و النضال المستقبلي الشامل - إلحاق الهزيمة ب " التطويق و السحق " و التقدّم بالنضال الثوري - " عدد من جريدة الثورة خاص بالجولة الوطنيّة تنظّموا من أجل الثورة – ماي 2019 : 5-2-6 : 5 أوقفوا ؛ 2 خياران و 6 نقاط إنتباه 2- سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل تحرير الإنسانيّة جمعاء 3- بيان و نداء للتنظّم الآن من أجل ثورة فعليّة هذه الثورة ليست مجرّد " فكرة جيّدة " – إنّها عمليّا ممكنة 4- هذا زمن نادر حيث تصبح الثورة ممكنة – لماذا ذلك كذلك و كيف نغتنم هذه الفرصة النادرة - أوّلا ، بعض الحقائق الأساسيّة - لماذا يعدّ هذا الزمن زمنا تصبح فيه الثورة ممكنة حتّى في بلد قويّ مثل هذا - ما يجب القيام به لإغتنام هذه الفرصة النادرة للقيام بالثورة - خاتمة 5- لماذا العالم مضطرب جدّا و ما الذى يمكن فعله لتغييره تغييرا راديكاليّا – فهم علميّ أساسي - مثال توضيحي لهذه العلاقات و الديناميكيّة الأساسيّتين : لماذا لا يزال السود مضطهَدين بعدُ بخبث ؟ - يتوفّر الآن أساس تحرير كافة الناس المضطهَدين و كافة الإنسانيّة - من أجل التغيير الجوهريّ للمجتمع ، ينبغي إفتكاك السلطة - هذه الثورة ممكنة و الحاجة إليها ملحّة الفصل الرابع - دستور المجتمع البديل : دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ( مشروع مقترح ) تقديم : حول طبيعة هذا الدستور و هدفه و دوره يشمل هذا الدستور مدخلا و ستّة أبواب : الباب الأوّل : الحكومة المركزية . الباب الثاني : الجهات و المناطق و المؤسسات الأساسية . الباب الثالث : حقوق الناس و النضال من أجل إجتثاث الإستغلال و الإضطهاد كافة . الباب الرابع : الإقتصاد و التطوّر الإقتصادي فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا . الباب الخامس : تبنّى هذا الدستور . الباب السادس : تنقيحات هذا الدستور . ---------------------------------------- بمثابة الخاتمة : التنظيم من أجل ثورة فعليّة : سبع نقاط مفاتيح ملحق الكتاب 42 : فهارس كتب شادي الشماوي -------------------------------------------------------------------------------------------------- ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++ (3)
و إضافة إلى تيّارات سلبيّة أخرى ، هناك الطريقة التي يشعر بها الناس بأنّ العالم في وضع مزرى لا يمكن إصلاحه و بأنّ الأشياء ببساطة ستستمرّ في سيرها نحو الجحيم ، ما يؤدّى بهم إلى قصر مساعيهم على الحصول على ما يمكنهم الحصول عليه لأنفسهم الآن ، قبل أن يفوت الأوان . لذا ، يحتاج الناس إلى ألأمل – ليس إلى التهويل بل إلى الأمل الحقيقيّ المستند إلى منهج و مقاربة علميّين لفهم العالم كما هو فعلا و إمكانيّة تغييره بالطريقة التي يمكن تغييره بها قصد إنشاء عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير ، بواسطة ثورة حقيقيّة . يحتاجون إلى رؤية شاملة و إلى مخطّط ملموس مؤسّسين علميّا لمجتمع مختلف راديكاليّا و تحريريّا معروضا في " دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفته . إنّهم في حاجة إلى مقاربة جوهريّة لفهم الواقع وأساس و إمكانيّة تغييره تغييرا راديكاليّا ، وهذه المقاربة مكثّفة فى التالي : " الأنظمة التي تميّز المجتمعات التي يعيش في ظلّها الناس . لقد تطوّرت هذه الأنظمة تاريخيّا . و هذا يعنى أنّ التغييرات في المجتمع الإنساني تقوم على و ليس بوسعها إلاّ أن تقوم على تغيير ما يوجد بعدُ في هذا المجتمع ، على قاعدة قوى الإنتاج التي تطوّرت في أي زمن معطى . و حتّى التغييرات الثوريّة – قفزة راديكاليّة من نظام إلى آخر – ليس بوسعها أن تحدث إلاّ على قاعدة تغيير ما هو موجود. و لا يمكن القيام بذلك بالإتيان بالأفكار أو المفاهيم عن كيف " يتعيّن " أن يكون المجتمع ، إذا كانت هذه الأفكار أو المفاهيم لا أساس لها في الواقع القائم . و المهمّ بصفة حيويّة للإدراك هو أنّ الأساس متوفّر الآن لتمكين مليارات البشر على هذا الكوكب من الحصول على حياة كريمة ، جديرة بالبشر – حياة تُرى بإستمرار ليس ماديّا فحسب و إنّما أيضا إجتماعيّا و فكريّا و ثقافيّا . لكن في الوقت نفسه، طريقة تطوّر المجتمع الإنساني في ظلّ سيطرة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي أدّت إلى عالم " اللاتكافئ " فيه عاليا جدّا حيث مليارات الناس في العالم يعيشون في ظروف رهيبة من الإضطهاد و البؤس و ملايين الأطفال في العالم الثالث يموتون كلّ سنة جوعا و جرّاء أمراض يمكن الوقاية منها ... قوى الإنتاج التى تطوّرت في ظلّ النظام الرأسمالي – الإمبريالي هي التي توفّر عمليّا الأساس الماديّ لتجاوز كلّ هذا . بيد أنّه في الوقت نفسه ، هذا النظام بنمط إنتاجه القائم على علاقات إنتاج إستغلاليّة هو الحاجز المباشر لتحقيق هذا في الواقع – عائق أمام الجماهير الشعبيّة عبر العالم و أمام الإنسانيّة ككلّ . " و قد جاء هذا ضمن مقال" لماذا العالم مضطرب جدّا و ما الذى يمكن فعله لتغييره تغييرا راديكاليّا - فهم علميّ أساسي ". و كما أشرت في ذلك المقال فإنّ معالجة هذا التناقض الصارخ بين ما هي الآن ظروف جماهير الإنسانيّة و ما هو ممكن عمليّا – الحلّ الوحيد في مصلحة هذه الجماهير و في نهاية المطاف الإنسانيّة قاطبة – يكون بواسطة ثورة تطيح بهذا النظام و تعوّضه بنظام إشتراكي على الطريق نحو عالم شيوعي . و إبلاغ هذا الفهم الأساسي إلى الجماهير أمر حيويّ ، لأجل أن يكون لديها أملا حقيقيّا على أساس علميّ . لكن الواقع هو أنّه ليس هناك نقص في الأمل لدي العديدين و حسب و إنّما هناك أيضا نقص في البحث – عن فهم للماذا العالم مضطرب جدّا على هذا النحو ، و يمكن القيام بأيّة شيء لتغييره تغييرا حقيقيّا .و يحتاج هذا إلى أن يتمّ تحدّيه بقوّة و بعمق من خلال الترويج للنقاش الواسع حول هذه المسائل ، مسائل حياة أو موت ، و قدر هائل من الصراع حول المسألة الكُبرى : ما هو المشكل الجوهريّ الذى تواجهه الإنسانيّة و ما هو الحلّ ؟ - أو ، بكلمات أساسيّة ، إصلاح مقابل ثورة ، العمل في إطار هذا النظام أم الإطاحة به و تعويضه بنظام مختلف راديكاليّا . و يحتاج هذا أن نتبنّاه بحيويّة و نناقشه و نصارع من أجله بشراسة في صفوف الناس من كافة أنحاء المجتمع – بمن فيهم الطلبة و الأكاديميّين و المثقّفين الآخرين و الفنّانين و المحترفين الآخرين و كذلك الناس ذوى تعليم رسميّ محدود – و جميعهم يمكن و يحتاجون أن يتفاعلوا بجدّية مع هذه المسائل الحيويّة و الملحّة . و بالعودة إلى النقص الراهن للبحث : يرتبط هذا في الكثير من الحالات بالفرديّة المنكبّة على الذات ، سواء كان ذلك بفرديّة غافلة أو خبيثة و سامة للغاية . و مرّة أخرى من " أمل من أجل الإنسانيّة ..." : " الفكر الفردي عامل هام و " عنصر توحيد " لدى الكثير من النزعات السلبيّة التي تنهض بدور كبير في منع الناس من الإعتراف بالواقع و عمق الفظاعات التي يجلبها بإستمرار هذا النظام – و الإقرار بالحاجة الإستعجاليّة للعمل ، إلى جانب آخرين ، على إلغاء و إجتثاث كلّ هذا، من جذوره عينها . " و " العذابات الرهيبة لجماهير الإنسانيّة و التحدّيات الإستعجاليّة التي تواجه الإنسانيّة ككلّ نتيجة تصاعد تدمير النظام الرأسمالي – الإمبريالي للبيئة و كذلك إمكانيّة أن يظلّ يخيّم كتهديد للإنسانيّة في وجودها نزاع نوويّ – كلّ هذا لا يمكن بحثه بجدّية فما بالك بحلّه حلاّ عمليّا ، من قبل كلّ فرد يسعى وراء مصالحه الفرديّة الخاصة ، و في الواقع العمل على هذا النحو يمثّل حاجزا كبيرا أمام إيجاد الحلّ الضروري ." و هذه الفرديّة بدورها قائمة على بُعد هام جدّا من الطفيليّة – الحياة في هذه البلاد التي تتموقع على قمّة سلسلة الغذاء الإمبرياليّة ، مكدّسة الأرباح من إستغلال و بؤس ملايين و مليارات الناس عبر العالم . و لا ينسحب هذا على قسم من الناس الذي يعيش حياة رفاه حقّا فحسب و لكن كذلك على عدد كبير من الذين يكدحون و يبذلون جهودا مضنية ليعيشوا يوميّا و أسبوعيّا و شهريّا : بالنسبة : إليهم بوجه خاص هناك مزيج سام من مواجهة ضرورة الصراع و الكدح للتمكّن من العيش و في الوقت نفسه يستفيدون إلى درجة معيّنة من الطفيليّة الإمبرياليّة . و تأثير كلّ هذا يجعل أمر تجاهل ما يجرى على الصعيد الأوسع للعالم يبدو ممكنا و / أو ضروريّا . إلاّ أنّ في الواقع ، لا يوجد و بصفة متصاعدة لن يوجد تجاهل لما يحدث على الصعيد الأوسع للعالم و لن يتمّ تفادى تبعات الإخفاق في مواجهة هذا و تغييره تغييرا راديكاليّا . أجل ، هذا صحيح . نعيش مرّة واحدة . لكن بما أنّنا نعيش مرّة واحدة ، يجب أن نجعل لحياتنا قيمة – شيئا أكبر من ذواتنا - و ذلك بالمساهمة في ثورة تاريخيّة لتحرير جميع المضطهَدين و إحلال يوم جديد للإنسانيّة قاطبة بآفاق جديدة تماما من الحرّية و الحياة بمعنى الحياة كبشر ، بعيدا جدّا عن ما هو ممكن الآن و نحن لا نزال مجبرين على العيش في ظلّ وحشيّة هذا النظام الذى يحرم مليارات البشر من حياة لائقة على هذا الكوكب و لا يملك مستقبلا لائقا أو لا يملك مستقبلا أصلا للذين هم من الأجيال الأصغر سنّا . الفرديّة الطفيليّة نحتاج إلى تحدّيها تحدّيا مباشرا و بقوّة و عمق بإعتبارها أحد أكبر العراقيل في طريق بحث الناس عن أجوبة إزاء الأزمة العميقة المتسارعة و الكارثة الممكنة التي يواجهها الناس ليس في هذه البلاد و حسب بل كذلك في العالم ككلّ ( سواء إعترفوا بها أم لم يعترفوا ) . و تحول هذه الفرديّة بين الناس و التحرّك معا كقوّة ثوريّة لإنتزاع شيء إيجابيّ من كلّ هذا الجنون الجاري . في كلّ من المعنى المباشر و المعنى الإستراتيجي العام المرتبط وثيق الإرتباط بتحدّى هذه الفرديّة الطفيليّة هناك خوض صراع ملموس و مصمّم و بلا هوادة ضد الشوفينيّة الأمريكيّة – المفهوم المقرف بأنّ أمريكا و الأمريكيّين أفضل و أهمّ من أيّ شخص آخر . و كما أشرت قبلا ، هذا سُمّ شربه الناس على نطاق واسع في هذه البلاد ، حتّى في صفوف المضطهَدين بمرارة ؛ و لا يمكن إيجاد حلّ إيجابي و ثوريّ للمسار الراهن للأشياء إلاّ متى قطعت الجماهير الشعبيّة مع هذه الشوفينيّة الأمريكيّة . و من أهمّ و أتعس تمظهرات هذه الشوفينيّة الأمريكيّة الباعثة على الشعور بالمرض حتّى في صفوف أعداد كبيرة من " التقدّميّين " و " المتيقّظين " ، مساندة جيش الولايات المتّحدة - مع كلّ ما يبعث على الغثيان من مثل " شكرا على خدماتكم " – " خدمات " تتمثّل في إقتراف جرائم حرب رهيبة و جرائم ضد الإنسانيّة لفرض مصالح و أهداف القوّة الإجتماعيّة الأكثر إستغلالا و إضطهادا و تدميرا للإنسانيّة في العالم " رأسماليّة – إمبرياليّة الولايات المتّحدة . و قتال هذا و كسب الناس ليرفضوا هذا و ينبذوه – من صفوف كافة فئات المجتمع – أمر حيويّ الآن و له بالتأكيد تداعيات إستراتيجيّة في البناء من أجل الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة و في إنجازها . و عليه ، يحتاج الناس لأن يُرجّوا ليستيقظوا من سباتهم إزاء الواقع ، إزاء واقع هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، واقع تسير فيه الأشياء ، الآن بالذات ، بتبعات فظيعة لو إستمرّ سير الأمور على ما هو عليه - و واقع إمكانيّة و الحاجة إلى إنتزاع شيء إيجابيّ من هذا بواسطة ثورة حقيقيّة .
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقتطف من كتاب - الثورة الشيوعية في الولايات المتّحدة الأمريك
...
-
الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينينيّ – الماويّ ) :
...
-
وجهات نظر متباينة بشأن معنى الحياة و الموت : ما الذى يستحقّ
...
-
لا ضرورة مستمرّة و الأمل على أساس علميّ : عالم مختلف راديكال
...
-
المصالح الخاصّة و المصالح العامة – التمييز بين المصالح الطبق
...
-
مقارنة بين وجهة نظر الشيوعيّة و مقاربتها و وجهة نظر الرأسمال
...
-
الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسيّ – اللينينيّ – الماويّ ) :
...
-
الرهانات الكبرى في أوكرانيا و التهديد بحرب نوويّة و مصالح ال
...
-
الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) : قد
...
-
الفرديّة الخبيثة و الفرديّة الغافلة – النقطة الثانية من الخط
...
-
فضح الأكاذيب و كشف الحقائق – حول وفاة ميخاييل غرباتشاف ، الق
...
-
لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة – النقطة الأولى من الخطاب الثا
...
-
الجذور العالميّة لإضطهاد النساء و النضال العالمي ضدّه
-
لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة ( م
...
-
لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة ( ج
...
-
لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة ( ج
...
-
تُسجن و تُعذّب النساء الإيرانيّات لمقاومتهنّ الحجاب الإجباري
...
-
مقدّمة الكتاب 42 : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأ
...
-
حوار مع بوب أفاكيان [ حول قضايا حارقة : البيئة و الهجرة و حق
...
-
حوار مع بوب أفاكيان [ حول قضايا حارقة : البيئة و الهجرة و حق
...
المزيد.....
-
رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، يسائل
...
-
إضراب عاملات وعمال شركة “سينماتيكس” (SINMATEX) للخياطة في بر
...
-
-14 مليون بطل ووسام خالد-.. كيف كرّم السوفييت أبطالهم؟
-
المزارعون في جنوب أفريقيا: بين أقصى اليسار الأفريقي وأقصى ال
...
-
مئات المتظاهرين في فرنسا احتجاجا على استهداف الصحافيين في غز
...
-
بالفيديو.. -البيسارية- الشهادة والشهيدة على جرائم الاحتلال ا
...
-
الحفريات الحديثة تدحض أسطورة حول حتمية وجود فجوة كبيرة بين ا
...
-
توجهات دولية في الحرب التجارية الضروس
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 600
-
العدد 601 من جريدة النهج الديمقراطي
المزيد.....
-
الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة:
...
/ رزكار عقراوي
-
متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024
/ شادي الشماوي
-
الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار
/ حسين علوان حسين
-
ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية
/ سيلفيا فيديريتشي
-
البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية
/ حازم كويي
-
لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات)
/ مارسيل ليبمان
-
قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024
/ شادي الشماوي
-
نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم
...
/ بندر نوري
-
الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية
/ رزكار عقراوي
المزيد.....
|