|
امريكا تمهد لمرحلة القواعد الدائمة في العراق
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 1693 - 2006 / 10 / 4 - 09:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الواضح ان امريكا كانت قد هيأت نفسها لحرب قصيرة غير مكلفة لاحتلال العراق ، وهدم دولته ، واقامة كانتونات متنازعة على انقاضها لا يربطها ببعضها سوى هيمنة الامريكان عليها ، والذي يفرض تلقائيا نوع من الالتزام الشكلي بوحدة اسمية للدولة التي تفتقد لكل اشكال التواصل والتفاعل والاشراف والتجسيد لارادة البلاد من اقصاها الى اقصاها . لقد صدمت امريكا بان تحقيق اهدافها المباشرة من الحرب في احتلال البلاد وتدمير الدولة لم يحقق لها اختراقا بنفس السرعة والكلفة الرخيصة يضمن لها استتباب الامر وتدرج تلقائي لتحقيق الاجزاء المتبقية من المشروع ، فلا الحرب قد توقفت ولا الكلفة قد قلت ! لقد تصاعدت المقاومة واصبحت الطرف الاقوى في معادلة صراع الارادات مما جعلها صاحبة المبادرة بشن حرب عصابات بنفس طويل تستنزف العدو وتجعله لايتردد في تغيير الكثير من تكتيكاته التي بشر بها قبيل وبعيد الحرب ، لقد ارتفعت تكاليف الحرب البشرية والمادية واصبحت حملا ثقيلا لا يطاق لو استمر بنفس الوتيرة . ان نجاح المشرع الامريكي يستلزم تفريغ العراق من محتواه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري لضمان تبعيتة ولاجل غير مسمى وجعله عبرة نموذجية لتصدير عدوى التفصيص الطائفي والعرقي لعموم منطقة الشرق الاوسط التي ستكون نموذج مكبر للمنطقة الخضراء في قلب بغداد حتى تتحقق كل الابعاد للمشروع الكلي في زرع الفوضى الموجهة لخدمة مصالحهم !
تخفيض كبير للقوات مع الاحتفاظ بقواعد فعالة ! :
تتعرض ادارة بوش الى ضغوط داخلية هائلة بسبب الخسائر الكبيرة في العراق اضافة الى غياب المبررات المقنعة لاستمرار تواجدها فيه ، الى جانب اقتراب موعد خلع توني بلير الحليف المطلق للرئيس الامريكي وقراراته الرعناء مما يعني استحقاقا مضاعفا لانسحاب القوات البريطانية من الجنوب وعليه سيكون الموقف هزيلا وهذا ما سيحرج كثيرا الموقف الميداني والعملياتي للقوات الامريكية ، وعلى كل ماتقدم تعمل ادارة بوش لتنفيذ خطة السير نحو قرارات جديدة تغير بموجبها طريقة تنفيذها لاهدافها العسكرية في العراق ، فتقليص عدد القوات الامريكية الى نحو النصف في المرحلة الاولى اي الى حوالي 70 الف عسكري ثم بعدها بعام الى الربع اي مايقارب 18 الف عسكري وتوزيعهم على قواعد ضخمة ومحدودة عددها مابين 4 ـ 5 تحتوي على صنوف نوعية للمشاة والدروع والطيران ، وموزعة توزيعا يفترض السيطرة الامنة اضافة الى تامين اقامة قوات عراقية خاصة تاتمر بامرها ناهيك عن تبعية القوات النظامية العادية اصلا لها بواسطة سيطرة اتباعها من العراقيين على هيئة اركانها ومخابراتها ، كل ذلك بالاتساق مع اشاعة اجواء الشك والريبة والتوجس بين اغلب الفعاليات السياسية العراقية ، واعتبار ميليشيات جلال الطالباني ومسعود برزاني قوات مضمونة يمكن الاعتماد عليها في مهمات المواجهات وترجيح كفة التوازنات بين الكانتونات غير المعلنة ! وليس معنى هذا سوى ان الامريكان سيعتمدون كثيرا على عوامل الاقتتال الداخلي لاضعاف الجميع وحصرا قوى المقاومة حيث ستنشغل هي الاخرى للدفاع عن نفسها مما سيجعل الامريكان لايدفعون من الخسائر الا اقلها ، اضافة الى بقاء قواتهم ذات الميزات القتالية النوعية ، وليس الكمية كحارس قوي بحيث لا يخرج هذا الاقتتال عن السيطرة وتبقى كلمة الحسم فيه لهم . ان الرعاية الامريكية لاعمال القتل اليومي بواسطة الميليشيات المسعورة على اختلاف مشاربها وغض النظر عن الاعمال البربرية لما يسمى باجهزة وزارة الداخلية بل وتنظيم فرق الموت الخاصة بمساعدتها لتصل معدلات القتل والتعذيب الى الذروة بحيث يكون المعدل الشهري للقتل بعد الخطف والتعذيب حوالي 3000 عراقي بمعدل يومي قدره 100 حالة ! اما التعذيب والارهاب الجسدي والنفسي والجنسي للمعتقلين والمختطفين والتي تشمل طاحونته الابرياء من المدنيين ولا على التعين فحدث ولا حرج بحيث اصبح العراق اخطر من افغانستان والصومال بل اخطر بلد في العالم واكثره استخداما وتفننا بالتعذيب وادواته ، من قلع العيون والاظفار الى حرق الجلد وقطع الاصابع وحرق الشعر الى الاعتداء الجنسي ، واستخدام المواد الكيميائية في التعذيب كالاسيد والاحماض القاتلة ، واستخدام اسلوب تشويه القتلى بما فيها قطع الرؤوس وتشويه الوجه وبقر البطون واستخدام الادوات الكهربائية المستخدمة في ورش النجارة والحدادة للتعذيب ، كالمثاقب والمقاطع والمنشار ! اذا كان التعذيب قد استخدم كاسلوب للقمع قبل الاحتلال بمعدل 5% فانه الان 1000 % وليس للقمع فقط وانما للابادة والاستهتار والانتقام وزرع الحقد والكره بين ابناء الشعب بجعلهم يتهمون بعضهم لبعض .
جلال الطالباني خادم مطيع لاجندة اسياده :
المسؤول المباشر للطالباني في بغداد زلماي خليل زاد دائم في حرصه على ان يكون الطالباني بلياقة جيدة تسمح له مط جسده المكور حيث يطلب منه ، فقبل مغادرته بغداد كان موضوع المصالحة الوطنية قد نشف ولم يبقى فيه قطرة ماء واحدة تجعله يعيش ، اما موضوع حل الميليشيات فقد دخل مرحلة السبات الضفدعي الذي منع عنا النقيق الفارغ الداعي الى حل الميليشيات ، والتي بواسطتها اصبح الطالباني رئيسا للجمهورية والمالكي رئيسا للوزراء ، فهل يعقل ان يقطع المرء مصدر رزقه بنفسه انه كلام للاستهلاك كلام اجوف كالكلام عن الديمقراطية والشفافية واعادة اعمار العراق وو. جلال الطالباني هذا الجحش المخضرم الذي لا يريد ان يغير مهنته يدعو امريكا لبناء قواعد دائمة لها في اربيل والسليمانية مناصفة بينه وبين البارزاني ! ويدعو امريكا الى تخفيض قواتها حتى تستريح من متاعبها المكلفة ، وهو يتعهد لها بان الميليشيات قادرة على سد فراغ الاعداد المنسحبة طبعا بغطاء واسناد امريكي ، لما لا مازلت ذات الاجندة الامريكية ستنفذ على ايادي الجحوش الجدد ! !
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حركة عدم الانحياز مطالبة بالانحياز
-
محمود درويش تجاوز النوبل مرتين
-
ايران بين مزدوجين
-
من يحزر في يد من خاتم بغداد ؟
-
نظرتان متقابلتان
-
11 سبتمبرحريق في الرايخشتاغ الامريكي
-
البراءة الكبرى
-
من يوميات الحب السري في بغداد
-
الحرية للكاتبة العراقية كلشان البياتي
-
عصامية نجيب محفوظ
-
الى الاخ سامر ومن خلاله الى كل من يهمه الامر
-
يريدون انفجارا ذريا للعناصر الاجتماعية المشعة في العراق
-
الحرب السادسة ليست اخر حروب المنطقة
-
انهيار البورصة السياسية في العراق الجديد
-
اقطاعية شمال العراق نموذج للديمقراطية الدموية في العراق الجد
...
-
عزل لبنان عن الصراع العربي الاسرائيلي مهمة مستحيلة
-
الحلقة الاخيرة من عراق الازل بين الجد والهزل
-
عراق الازل بين الجد والهزل
-
اجتثاث مكارثي في العراق
-
فدرالية العراق مهيج حيوي للانعزال القومي والطائفي
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|