صندوق النقد بالمغرب.. تطمينات بتعافي النمو وتوصيات ترفضها التقابات لخطورتها على المستوى الاجتماعي

أحمد رباص
كاتب
(Ahmed Rabass)

الحوار المتمدن-العدد: 7423 - 2022 / 11 / 5 - 22:59
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

تسببت الصدمات العالمية والجفاف في تباطؤ الاقتصاد المغربي هذا العام، لكن من المتوقع أن يستأنف النمو هذا العام على المستوى المحلي، وإن كانت البيئة العالمية غير مؤاتية إلى حد كبير، وفقا لصندوق النقد الدولي.
أكد الأخير بقيادة روبرتو كارداليري، في بعثة استشارية مع النغرب استمرت من 24 أكتوبر إلى 4 نونبر الحالي، أن متابعة السياسات الماكروقتصادية الرشيدة ستظل ضرورية لمرونة الاقتصاد الوطني.
أكد كارداريلي أن مشروع قانون ميزانية 2023 سوف يحقق توازنا بين الهوامش المالية الوقائية ويخفيف من الآثار الاجتماعية للصدمات الأخيرة وتمويل الإصلاحات الهيكلية، مضيفا أن السيطرة على الضغوط التضخمية تتطلب استمرار تطبيع شروط السياسة النقدية.
وأشار إلى أن الاقتصاد الوطني شهد "التقاء الصدمات السلبية لعام 2022، ما أعاق سيرورة الانتعاش بعد الجائحة، ملمحا في هذا الصدد إلى أن الجفاف أثر على الإنتاج الفلاحي، في حين أن معدل الصدمات التجارية تتعلق بالصراع الروسي الأوكراني، ما أدى إلى زيادة التضخم وانخفاض القوة الشرائية.
بالإضافة إلى ذلك، أدى تعافي قطاع السياحة ومرونة تحويلات المهاجرين وصادراتهم إلى تعويض هذه الصدمات ولو جزئيا.
وفقا لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 1,25 % خلال عام 2022، ومن المتوقع أيضا تفاقم عجز الحساب الجاري واتساعه إلى 4,25 % من الناتج المحلي الإجمالي".
بافتراض حدوث تحسن تدريجي في الظروف الخارجية وموسم فلاحي متوسط، "يجب أن يرتفع النمو إلى حوالي 3 % في العام المقبل، ويجب أن يتقلص عجز الحساب الجاري إلى 3,5 % من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن هناك شكوكا استثنائية معلقة بشأن هذه التوقعات"، وفق صندوق الدولي.
كما سلط رئيس بعثة صندوق النقد الدولي الضوء على الضغوط التضخمية العامة خلال العام الجاري، والتي نتجت عن الصدمات العالمية التي تعرض لها المعروض من المواد الخام وكذا اسعارها، مشيرا ضمن هذا السياق إلى أن بنك المغرب بدأ "بشكل صحيح" في تشديد السياسة النقدية خلال شهر سبتمبر.
وقال إن الخطط المومئ إليها تركز أيضا بحق على التخفيف من الصدمات الأخيرة وتمويل الإصلاحات المطلوبة بإلحاح في أنظمة الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم، مشيرا إلى أن التغييرات التي شملت الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل تهدف إلى التقليل من العبء الضريبي على المقاولات الصغرى والمتوسطة والموظفين مع زيادة تدريجية شاملة للنشاط الضريبي وتوسيع الوعاء الضريبي.
وتوقع صندوق النقد الدولي إن تخلق الإصلاحات المعلنة للضريبة على القيمة المضافة والوظيفة العمومية، وكذا مواصلة تحسين الإدارة الضريبية وترشيد النفقات بفضل اعتماد السجل الاجتماعي الموحد، مزيدا من الفضاء الموازناتي، وسوف تؤدي إلى تقليص أكثر سرعة للدين العمومي على المدى المتوسط.
وأشار في هذا الصدد إلى أن الإجراءات الأخيرة الهادفة إلى إصلاح المؤسسات العمومية وتفعيل صندوق محمد السادس وتنفيذ ميثاق الاستثمار الجديد سوف تساعد على تحفيز الاستثمار الخاص، مضيفا أنه يتعين على التقدم المحرز في تحرير سوق الكهرباء أن يسرع الانتقال إلى الطاقات المتجددة، بينما "لا يزال هناك الكثير الذي يتوجب القيام به" لمعالجة ندرة الموارد المائية.
للتذكير، أجرى الوفد المبعوث من هذه المؤسسة المالية الدولية مقابلات مع مسؤولين سامين من الحكومة ومن بنك المغرب، وكذا مع ممثلين عن القطاعين العام والخاص.
ومن المرتقب أن يعد مسؤول الصندوق تقريرا نهائيا حول السياسات الاجتماعية بالمغرب، لرفعه إلى المستوى المركزي بالعاصمة واشنطن، وبحث إمكانيات تنزيل المخرجات مع الحكومة مستقبلا..
شملت اللقاءات التي أجراها صندوق النقد الدولي المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية ونقابة الباترونا.
ولعله من المناسب لسياق هذا المقال إدراج موقف الاتحاد المغربي للشغل من توصيات الوفد الزائر، حيث أورد الميلودي موخاريق، أمينه العام، أن هيئته النقابية حاولت إطلاع الوفد على مدى تقدم الحوار الاجتماعي بالمغرب، وكون الحكومة الحالية على الأقل باشرته، لكن النقابات مازالت تنتظر المخرجات.
وأضاف موخاريق، في تصريح لجريدة إلكترونية محلية، أن “ملف التقاعد طرح للنقاش على الطاولة، لكن النقابات تتشبث بأن الإصلاح لن يكون على حساب الأجراء”، رافضا فكرة يتبناها الصندوق “تعتمد أساسا على تفكيك تشريع العمل لتشجيع خلق مناصب الشغل”.
وأوضح المسؤول النقابي ذاته أن “الصندوق يريد خفض تكلفة العمل تحت ذريعة تشجيع التشغيل”، رافضا “فرص العمل الهشة التي تفتقر للحماية الاجتماعية والصحية”، وأضاف قائلا إن “الوفد دافع عن العمل بالعقدة والعقود محددة الوقت”.
كما أشار موخاريق إلى أن “الصندوق يريد كذلك حذف صندوق المقاصة بسبب إثقال الميزانية العمومية، لكن النقابة طرحت أن هذا الأمر سيمكن الدولة من أرباح، لكنه خطير جدا اجتماعيا وقد يتسبب في فوضى عارمة”.
“يلزم دستور صندوق النقد الدولي في فصله الرابع بضرورة استشارة مختلف الفاعلين قبل إصدار تقرير حول بلد معين”، يردف موخاريق، مسترجعا برامج التقويم الهيكلي وأضرارها البليغة على المستوى الاجتماعي.
وفي السياق ذاته، قالت نقابة الاتحاد المغربي للشغل إن اللقاء مع وفد صندوق النقد الدولي تدارس الوضعية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب على ضوء الأزمة العالمية الراهنة، مع تقييم تنزيل الأوراش المهيكلة الكبرى.
وذكر الاتحاد بالعواقب الوخيمة لتوصيات وتوجيهات الصندوق على الفئات الهشة، وعلى رأسها الطبقة العاملة، ومنها على الخصوص “الإملاءات القاضية بتخفيض الأجور وتقليص النفقات العمومية في قطاع التعليم بتشجيع القطاع الخاص وتفكيك الوظيفة العمومية عبر اللجوء إلى التعاقد ومراجعة نظام الوظيفة العمومية وخفض تكاليف التشغيل وتبخيس تشريعات العمل”.

#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات