يؤمن الهنود الحمر ( النيتف)، اهل كندا وامريكا الحقيقيين، بأنه ليس في مقدور انسان امتلاك الارض مهما عاش عليها، لان الارض ملك الله وحده وتعود اليه، والبشر هم الذين يعودون اليها عندما يقبرون فيها وليس صحيحا انها تعود اليهم. هذا المفهوم او الايمان كان السبب في فتح هؤلاء النيتف لابوابهم واستقبال المجاميع البشرية القادمة من اوربا، التي بدأت بقوافل الاستكشافات الالمانية اولا ثم الفرنسية والبريطانية، وانتهت الى استيطات هذه المجاميع الهائلة والمختلفة من كل انحاء العالم فيها.
لم يكن صراع الهنود (النيتف) السابق ضد مجاميع الاستكشافات بسبب وجود الاخيرة في ارضهم، انما كان بسبب السياسات التخريبية لهذه الاخيرة بين عشائر الهنود الحمر البسطاء ، للغدر بحقوقهم والحصول على الايدي العاملة المحلية بطرق رخيصة، وتدمير الارض اصالح بناء المناجم فقط لاستخراج المعادن الثمينة منها. وقد انتهت هذه الصراعات وتم حل الخلافات بالاعتراف بحقوقهم وحرياتهم في العيش بالطريقة البسيطة التي يرغبونها، كما تمت الموافقة على اعفاءهم من الضرائب التي فرضتها، اولا الملكية البريطانية ومن بعدها الحكومات المتعاقبة على المنطقة.
الحروب الحقيقية التي عصفت في هذه البلدان كانت بين فرنسا وبريطانية، وهذه استمرت لسبعة سنوات متتالية تقذف بنيرانها ايضا جميع المناطق التجارية والموانئ المهمة في العالم، حيث تنافست هاتين القوتين على السيطرة عليها، ولم تنتهي هذه الحروب الى ان توصلتا (فرنسا وبريطانيا) الى معاهدات فيما بينها بتقسيم هذه الغنائم.
نجحت كندا بسياستها المتناسقة التي تستقبل سياسة الطرفين (الفرنسي والبريطاني) وفي نفس الوقت تمنع سيطرة احدهما الكاملة عليه. كما نجحت ايضا في الابقاء على حسن الجوار مع جارتها امريكا، بعد انفصالها عنها ( كندا كانت معروفة بشمال امريكا سابقا) بالرغم من قيام الامريكيين بالتمرد على السياسة الانكليزية ودحرها من بلدهم.
واليوم نجد، كيف استطاعت سياسات هذه الدول وبفعل التعاون واحترام القوانين بين جميع المجاميع البشرية التي استقرت فيه و التي وقفت جنبا الى جنب، ان تعمل على ازدهاره ورفعه الى مقام الدول الكبرى والقوية والغنبة.
فيا حبذا لو استطعنا نحن العراقيين الاستفادة من تجارب هذه الدول لنرتفع بالعراق العزيز الى القوة والعزة التي تليق بمقامه، بالوقوف جنبا الى جنب واستقبال العقول المبدعة المختلفة للمشاركة في بناء ما دمره الطاغية صدام الاجرام ورفع بنيانه، دون اعطاء المجال لاحد للتدخل في شؤوننا الداخلية وعلاقاتنا الاخوية