|
الأخوان المسلمين في سوريا و تحديات المرحلة الراهنة
حمدي شريف
الحوار المتمدن-العدد: 1693 - 2006 / 10 / 4 - 05:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ها هي الأحداث تتسارع و التغيرات أصبحت على أبواب سوريا و بات وجود الأخوان المسلمين داخل البلد مسألة وقت فقط لذلك يجب علينا أن ندرس واقع هذه الحركة في ضوء التطورات المتسرعة التي تشهدها سوريا و يجب علينا القبول بها و مساعدتها على إعادة الوقوف على رجليها و ذلك لمصلحة البلد حيث لا يخفى على أحد وجود تيار إسلامي كبير و متنامي داخل الوطن و هذا التيار مقسم إلى عدة ولاءات صوفية و سلفية و صفوية تشترك جميعها ببعدها عن الديمقراطية و بتقديسها للفرد و بارتباطها وولاءها للخارج و بعدائها لبعضها البعض لذلك نحن بحاجة إلى حركة سياسية ذات مرجع ديني تؤمن بالديمقراطية وولائها للبلد ذات مبادئ و أهداف واضحة تساعد و تساهم في القضاء على التطرف و العمالة و الدجل و تدعم نهوض الحركة الدينية بالبلد بما يخدم تطور مسيرة سوريا الحرة كمنارة للديمقراطية و للحرية و للإسلام ولكن كل هذه الأمنيات لا تتحقق بالأحلام بل على الحركة عدة تحديات إن هي أرادت أن تحقق ما تصبوا إليه على الأرض السورية في الداخل : أولاها. تحدي القبول داخل سوريا : لا يخفى على أحد أن النظام السوري و على مدة تزيد عن ثلاثة عقود قام عن عمد بتشويه صورة الأخوان المسلمين في ذهن المواطن السوري البسيط الذي لا يعرف شيء عن الأخوان هذا بالإضافة إلى ما قام به مؤيدو الحركة أو المحسوبين عليها في مرحلة ما من زرع مفاهيم النظام في ذهن أطفالهم لكي يجنبوهم الصدام مع النظام و لكي يمكنوهم من العيش في أمان داخل سوريا هذا بالإضافة إلى الصورة السيئة التي ظهر بها بعض منتسبي الحركة اللذين أفرج عنهم من السجون السورية حيث مارس الكثير منهم الغش و الكذب و الرشوة في الحياة اليومية هذا بالإضافة إلى قطع الأرحام و المشاحنة في الحياة الاجتماعية و يضاف على تلك الصورة ما ظهر عند السماح بعودة بعض منتسبي الحركة من الخارج و الذين زادوا في صورة الحركة السيئة في قلوب من كان يعرفها و من لا يعرفها حيث قام هؤلاء بالتنكر لأصدقائهم في الداخل و لم يكتفوا بذلك بل تعاملوا بالتجارة مع من كان السبب في تهجيرهم و سجن و قتل أخوتهم و لقد أدت هذه التصرفات من بعض منتسبي الحركة و هذه السياسات من قبل النظام إلى نشوء جيل كامل داخل سوريا يبغض الحركة و لا حتى يستطيع القبول بلفظ اسمها إما لقناعته بما قدمه النظام أو لامتعاضه من تصرفات بعض أفراد الجماعة أو خوفاً من ما قد يفعله به النظام و يضاف إلى كل المشوهات السابقة لصورة الأخوان في الذهن السوري في الداخل الدور الكبير الذي قام به رجال الدين داخل سوريا لكي يسايروا النظام طمعاً بمكافئاته و دعمه لكي يبنوا ثرواتهم و أمجادهم على دماء الأخوان و إلى الآن لا أرى أن الحركة تضع في أولياتها هذا التحدي المهم ولا تستغل الفضاء الإعلامي المفتوح لكسر الهوة التي بناها النظام و بعض المخطئين من أبناءها في ذهن الشباب السوري و الذي يشكل غالبية الشعب داخل سوريا . ثانيا. تحدي قبول الخطاب السياسي : إن الحركة تنادي منذ زمن بعيد بتغيير النظام داخل سوريا و لكن كيف تقول بالطرق السلمية و بالعصيان المدني من يستطيع أن يقتنع بهذا الأسلوب داخل سوريا و يقوم بتبنيه بالله عليكم إن هذا الكلام لا يؤمن به حتى الأطفال الرضع داخل سوريا حيث لا يخفى على أحد أن أي نظام في العالم لا يتغير إلا بقوة من أربعة قوة هي إما قوة الديمقراطية عن طريق الأحزاب السياسية و الانتخابات كما في أوربا و هذا غير موجود في سوريا أو عن طريق القوة الاجتماعية من وجهاء و عصبيات عائلية و قبلية كما في لبنان و هذا غير موجود أيضا في سوريا أو عن طريق قوة رجال الدين كما كان الوضع في إيران و هذا أيضا غير موجود في سوريا فلذلك لم يبقى سوى قوة واحدة و هي الدعم الخارجي كما جرى في العراق هذا هو المنطق و لكن الحركة دائما تقول أنها ضد الدعم الخارجي فكيف بالله عليكم يثق بكم الشارع السوري و يقتنع بخطابكم و كيف يتبناه فهل من ثورة تقوم دون أية معالم لنجاحها أكيد لا فلذالك خطابكم لا يلقى أي قبول أو تصديق لأن الأنظمة و الدول لا تتغير و لا تبنى بالعواطف المهترئة و لا الشعب يشبع من أكل الكرامة و الوطنية . ثالثا. تحدي القائد : مما لا شك فيه أن السيد علي صدر الدين البيانوني إنسان محترم و مخلص و من عائلة كريمة و لكن هذا لا يكفي لكي يكون قائد في هذه المرحلة لأن السيد علي يجب عليه لكي يكون قائد ناجح أن يقارن نفسه بأنداده ممن حققوا أحلامهم مثل السيد الخميني في إيران و محمد باقر الحكيم في العراق و رجب طيب أردوغان في تركيا و حسن نصر الله في لبنان و إسماعيل هنية في فلسطين فهل يرى نفسه معهم بالتأكيد لا لأن هؤلاء أصحاب خطاب واضح شعبوي يطرق العقول و القلوب يتبناه الشباب قبل الكهول و لكن خطاب السيد علي خطاب رمادي هادئ متزن في زمن لم يعد فيه للهدوء و الاتزان و العاطفة مكان فالجميع يتكالب على بلدنا من الشرق و الغرب و من الداخل و نحن نريد أن نكون في موقع وسط بين العدو و الصديق بين من نجتمع معهم بالمصالح و من نختلف معهم فهل من الممكن و من المعقول أن نكون في موقع الوسط بين الملائكة و الشياطين فعلى هذا نحن حيوانات لا بشر إن دور السيد علي في هذه المرحلة أقرب ما يكون إلى دور صديقيه المولوي و المصري في لبنان و بمقارنة بسيطة بين هذين القائدين و بين قائدي الإسلام السياسي الشيعي نصر الله و قاسم سنرى الفارق الشاسع في الشكل و المضمون و في الدور الذي يقوم به كل منهما على صعيد شارعه و بيئته و بلده و على صعيد تأمين الدعم و الامتداد و التغطية الدولية و الإقليمية له و لشارعه لذلك على الشيخ علي أن يختار طريق النجاح و ليس طريق الفشل و ها هي لبنان تثبت صحة ما أقول فحزب الله موحد لا يستطيع أحد شقه أم الحركة الإسلامية فلقد تشققت و ستتشقق مستقبلا بالإضافة إلى اضمحلال دورها في ساحتها أمام دور حزب الله المتنامي في ساحته لكي لا تصبح حركة الأخوان المسلمين في سوريا كما هي في لبنان هي بحاجة إلى قائد شاب قوي يجيد الخطاب التعبوي الجماهيري و يستطيع أن يدافع عن مواقفه و يقنع بها شارعه و يستطيع أن يؤمن الحلفاء اللذين يساهموا في حماية أنصاره لذلك على الشيخ علي أولا و على الحركة ثانيا إيجاد البديل الذي يناسب هذه المرحلة لأن الشعب السوري متعطش إلى قائد قوي شريف وطني يقوده إلى تحقيق الانتصارات في الداخل و الخارج . ربعاً. تحدي الجوار : مما لا شك فيه أن سوريا محاطة بعدة دول مهتمة بتطورات أوضاعها الداخلية و هي بأمس الحاجة لحليف قوي داخل سوريا و بحاجة لاستمرار الهدوء و الاستقرار داخل سوريا مما يؤدي لاستمرار مصالحها ماذا فعلت الحركة لكي تكسب ود و ثقة هذه الدول و بالتالي تحصل على قواعد على الحدود السورية و تحصل على الدعم الإعلامي الذي هي بأمس الحاجة إليه و يضاف إلى ذلك الفائدة الكبيرة التي ممكن للحركة أن تجنيها من ذلك على الصعيد الداخلي عندما يرى الشعب السوري أنه يتمتع بامتداد و دعم عربي و دولي في مواجهة النظام فيكسر حاجز الخوف لديه و يقوي الخوف لدى النظام و لكن الحركة تقف في ضوء هذه التطورات موقف المتفرج من دول الجوار لا و تضيف على ذلك انتقاد بعض تصرفات دول الجوار مما يزيد في بعدهم عن الحركة و السؤال الذي يطرح نفسه ما الدور الذي تقوم به الحركة لكي تحصل على دعم الأشقاء و لماذا لا تسعى للحصول على دعمهم و نحن في هذه المرحلة بأمس الحاجة للحصول على أي دعم و لكن كيف تحصل الحركة على الدعم ومن ما ذا هي خائفة و ماذا لديها لكي تبكي عليه في سوريا و لماذا لا تستفيد من ضعفها فلم يعد للنظام أي وسيلة للضغط عليها لم يستخدمها . خامساً. تحدي الإسلام :مما لا شك فيه أن هذا التحدي من أهم التحديات التي تواجه الجماعة و السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل ستبقى الجماعة متمسك بثوابت الإسلام أم ستحيد عنها و هل ستحتكر السلطتين السياسية و الدينية بها كما في مصر أو ستفصل بينهما كما في العراق حيث أوجد العراقيون هيئة لعلماء المسلمين تمثل السلطة الدينية و تنحصر بها و لا علاقة لها بالسياسة و لديهم الحزب الإسلامي الذي لا يحتكر الساحة السياسية بل يحتل دور ريادي بها و لقد أثبت هذه التجربة نجاحها عندما تضاربت المصالح السياسية مع الثوابت الدينية عندما أجريت الانتخابات العراقية الأخيرة فوقفت الهيئة مع ثوابت الدين و الشرع و وقف الحزب مع المصلحة السياسية و بذلك لم يتوه الشعب العراقي بين الدين و السياسة و لم يخسر لا الله و لا الوطن أما النموذج المصري أثبت فشله حيث أخذ يسخر الدين للسياسة و بذلك خسر الله و الوطن و ستثبت الأيام ذلك . سادساً . تحدي الذات : و هذا من أصعب التحديات و أهمها في ظل كل التحديات التي تواجه الجماعة فهي بحاجة لثورة داخلية على جميع الأصعدة لكي تعود إلى ما كانت عليه في الماضي و يجب عليها أن تعترف بأخطائها فإذا اقتنعنا بصدق ادعائها بأنها لم تشعل الأحداث في الثمانينات فهي لم تستطيع أن تقنعنا بسبب مهادنتها للنظام بعد كل ما فعله بها أو بمن فكر بالتعاطف معها نحن لا نطلب منها القيام بالأعمال إرهابية و لكن بالمقابل لا نطلب منها و لا نؤيدها بقبولهم للأمر الواقع لعشرات السنين و بانكفائهم على أنفسهم مما أوصلهم إلى هذا الضعف . و مما سبق نستنتج أن ما ينتظر الجماعة داخل سوريا هو أكبر و أصعب بكثير مما يخطر على البال لذلك يجب عليها البدا بمعركة الولادة الجديدة التي تنتظرها و يجب عليها أن تكون متأكدة أن سوريا خلال الخمس و العشرين سنة الأخيرة لم تتقدم إلى الأمام بل رجعت إلى الخلف خمسمائة و خمسة و عشرين سنة بكل ما للكلمة من معنا لذلك يجب عليكم أن تتحملوا مسؤولياتكم و تكونوا عند حسن ظن الشعب السوي بكم .
#حمدي_شريف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلمانيين العرب و المرحلة الراهنة تحقيق الانتصارات و حصد ال
...
-
محمد حسنين هيكل و كيف يمكن للعرب أن يحافظوا على إيران
-
الأخوان المسلمين و حرب لبنان في ميزان الربح و الخسارة
-
عندما يعيد التاريخ نفسه في غفلة العرب
المزيد.....
-
خارجية الأردن: اقتحام بن غفير المسجد الأقصى خطوة استفزازية م
...
-
بن غفير يقتحم الأقصى احتفالا بعيد -الأنوار- اليهودي ومكتب نت
...
-
حماس: اقتحام بن غفير المسجد الأقصى انتهاك جديد وخطير
-
الرئيس الايراني: لو كان المسلمون متحدين لما تجرأت -اسرائيل-
...
-
حماس: اقتحام بن غفير المسجد الأقصى انتهاك جديد وخطير
-
وجهاء الطائفة العلوية في حمص يصدرون بيانا إلى أهالي المحافظة
...
-
وزير الامن المتطرف بن غفير يقتحم الاقصى بأول ايام -عيد الانو
...
-
عاجل | مصادر للجزيرة: وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن
...
-
لأول مرة منذ 50 عاما.. مسيحيو دمشق يحتفلون بالميلاد من دون ح
...
-
دعوات مقدسية للرباط في المسجد الاقصى وصد اقتحامات المستوطنين
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|