جعفر المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 7416 - 2022 / 10 / 29 - 20:28
المحور:
سيرة ذاتية
ساعة نور وساعة محمد سعيد الأسود
ليست هذه محاولة لإعادة الإعتبار وتبييض صفحة النظام السابق, لكن الشيء بالشيء يذكر. ساعة الرولكس التي يستعملها بطل فلم الفساد الأخير (نور زهير جاسم) الذي قام بإخراجه رئيس اللجنة المالية السابق في مجلس النواب (هيثم الجبوري) والتي تساوي قيمتها ثلاثة ملايين ونصف المليون دولار, ذكرتني هذه الساعة بحادثة عاصرتها عن قرب وكان بطلها المرحوم (محمد سعيد الأسود) الذي كان مديراً عاماً لما كان يسمى بالشركة الأفريقية في وزارة التجارة وهي التسمية التي كانت تطلق في السبعينات من القرن الماضي على المديرية العامة للإستيراد.
كان محمد سعيد الأسود عضواً في نفس الفرقة الحزبية التي كنت أعمل فيها والتي كان ميدان عملها منطقة البتاويين وما جاورها وتابعةً لشعبة الكرادة, ولما كانت (الشركة الأفريقية) التي يديرها تتلقى بعض نماذج الساعات المتواضعة المعدة للتسويق الداخلي والمرسلة من قبل الشركات الأجنبية المصنعة لغرض فحصها كنماذج مجانية وتتجمع هذه النماذج في معرض الشركة أو في مخازنها فإن (الأسود) قام في بداية الأمر بتوزيع بعضها كهدايا لبعض الوزراء ومسؤولي الحزب بدلاً من إيداعها في مخازن الشركة اعتقاداً منه أنها ستتلف لا محالة حينما يطول خزنها أو لأن عملية تسعيرها ومن ثم عرضها للبيع في معرض الشركة سيتخذ مسارات مكلفة ولا داعي لها.
لم ينتظر الرئيس أحمد حسن البكر حين عرف ب (جريمة القرن !) التي نفذها محمد سعيد الأسود, فلقد أمر فوراً بإحضاره وقام بتعنيفه على جريمة (إهداء بضعة ساعات) مجانية متواضعة السعر على بعض مسؤولي دولته, طالباً منه عدم تكرار الأمر وإلا .. !
نزاهة أحمد حسن البكر كانت نزاهة عراقية موروثة وكان الرجل حقاً محافظاً عليها وحارساً لقيمها, وربما من الحق أيضاً إعتبار البكر خاتمة رئاسية لعقودِ من النزاهة التي بدأت مع تأسيس الدولة العراقية بقيادة مؤسسها الملك فيصل الأول وإنتهت برحيل البكر.
من الظلم مقارنة تلك العهود العراقية مع العهد الحالي, غير أن ساعة (نور) هي التي أخذتني لساعة (الأسود) وجعلتني أتساءل مع من كان حظ العراق أسْوداً : مع (نور) أم مع (الأسود) .. ؟!
ثلاثة ملايين دولار قيمة ساعة يد .. يا سفلة القرن الواحد والعشرين.
ـــــــــــــ
*فصلُ من فصول سيرة ذاتية سياسية للكاتب ستنشر على حلقات.
#جعفر_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟