عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 7413 - 2022 / 10 / 26 - 21:51
المحور:
سيرة ذاتية
أُمّي.. عندما تضيقُ بها الدنيا.. و يحيقُ بها الهَمُّ.. وتنظُرُ إلى هذا العالمِ، على وسعهِ، من خرمِ إبرة.
أُمّي هذه، التي يحزنها أن ترى إبنها البكر، وهو يكبر أمامها، ويكبرُ، إلى أن يصبحَ في عُمرها تقريباً.. ومع ذلك فأنه ليس سوى ذلك"الأبلهُ التاريخيُّ" الذي أنجبتهُ قبل أكثرِ من سبعينَ عاماً.
أُمّي هذه، إذا لم تجد من تصبُّ عليهِ لعناتها"الكرخيّة" الباسلة في هذا الزمنِ المُر.. فإنّها تستدعيني، ولا أحد سواي من بين جميع الأبناء.. وتفتَتِحُ لقاءها بي بعبارتها "الفلسفيّة" الفادحة" شوف يَوَلّ ".. لتسردَ عليَّ آخرَ تجليّاتها الصوفيّة، في عزلتها المقدّسة.
أمّي هذه قالت لي قبل قليل: شوف يَوَلّ ..
إنّ الأبنَ "العار".. يكونُ عادةً عاراً "خالِصاً" في الحالات الآتية:
- الأبن الذي لا يموتُ مُبَكِّراً، ويعيشُ طويلاً.. من بين جميع الأبناء.
- الأبن الذي يبقى في "الدار" .. ولا يهاجِر.
- الأبن الذي يبقى فقيراً إلى الأبد.. ويُفقِرُ معهُ أبناءه.
- الإبنُ الذي لا يستطيعُ أن يكونَ "دجّالاً"، في زمنِ الدجّالينَ هذا .
- وأخيراً .. الأبن الذي لا يأخذُ معهُ أُمّهُ أينما يذهبُ، و"يُوَلِّي".
وعندما قلتُ لها ، أنّ من الصعب على إبنٍ لا يريدُ أن يلحَقَ بهِ هذا النوعُ الفريدُ من "العار" ، أنْ يفي بهذه الشروط كلّها.. أجابت:
لهذا هو "عار" .. وسيبقى كذلكَ إلى يوم القيامة.
و بعد تفكيرِ "عميق" ، إتّضَحَ لي ، أنّني في شَرطَينِ من شروط أمّي (على الأقل).. كنتُ عاراً "مَحضاً" .
كنتُ عاراً "خالِصاً ".
يحيا (إيمانويل كانط) .
تحيا أُمّي.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟