أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاهر أحمد نصر - مؤسسات المجتمع المدني في الدولة الديموقراطية القوية من ضرورات النهضة والتنوير















المزيد.....



مؤسسات المجتمع المدني في الدولة الديموقراطية القوية من ضرورات النهضة والتنوير


شاهر أحمد نصر

الحوار المتمدن-العدد: 501 - 2003 / 5 / 28 - 01:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


 
 
تؤكد الدراسات الاجتماعية أنّ السمة العامة التي تميز المجتمعات العربية في بداية القرن الحادي والعشرين هي الانحطاط الشامل ، والصدأ المريع في البنى المؤسساتية الاجتماعية ، باستثناء بعض الجزر المضيئة المقاومة لمشاريع هزيمة العرب ، وإخراجهم من التاريخ ؛ تلك المنارات المضيئة كانتفاضة الشعب العربي الفلسطيني الباسلة ، وبوادر المقاومة الوطنية، ومحاولات بعض المنابر والمفكرين الوطنيين نشر الفكر التنويري النهضوي ، والمقاومة الدفينة التي تبديها الشعوب العربية لمشاريع الهيمنة المعادية .
 
هناك سؤال رئيس وتاريخي هام من الضروري الإجابة عنه بموضوعية ومسؤولية : هل استطاع مشروع النهوض العربي الذي قادته القوى والتنظيمات والأحزاب العربية ، ومن ثم الأنظمة التي نشأت بفعل استيلاء بعض تلك التنظيمات على الحكم في عدد من الدول العربية منذ أواسط القرن الماضي أن تؤدي مهامها ، وترتقي بشعوبها على طريق التنوير والحضارة ؟! وإن لم تستطع ، فلماذا ؟ وما السبيل لبلوغ ذلك الهدف ، ومجاراة الشعوب المتحضرة ؟!
 
لا شك في أن نشوء ذلك المشروع وتلك القوى يعد خطوة إيجابية خلقت أجواء جديدة في المجتمع ، وولدت حراكاً اجتماعياً ، وأثارت أسئلة هامة في الوعي الاجتماعي ، ومهدت للتأسيس لوعي جديد . ومن الطبيعي أن تحصل تطورات نسبية في المجتمعات العربية نتيجة ذلك الحراك ، ونتيجة التأثر بالتطور العالمي ؛ تجلى ذلك في قيام بنى اقتصادية جديدة ، والازدياد النسبي في عدد المدارس وانتشار الكهرباء وشبكة الاتصالات ، ونمو الوعي الصحي ، ودخول المرأة المدارس ، وحصولها على بعض حقوقها بنسب متفاوتة .. كما أخذت تتكرس في الوعي الاجتماعي أهمية التنظيمات الاجتماعية ..
لكن تلك التطورات لم تكن على مستوى الطموحات ؛ ففي الريف وعلى الرغم من القيام بخطوات هامة على طريق إعادة توزيع الأرض في عدد من البلدان العربية ، فإنّ المسألة الزراعية لم تجد لها حلاً ، ويزداد وضع الفلاحين تدهوراً ، وفي مقابل الإقطاعيين الذين كانوا يستغلون الفلاحين والذين تمت مصادرة الأراضي التي كانوا يهيمنون عليها ، ظهرت آليات استغلال جديدة تبدأ من مرحلة تأمين البذار والأدوية ، وتستمر مع تسويق المحصول ..  وبدأت بالظهور فئة من الإقطاعيين الجدد . ولم يتم ردم الهوة ما بين الريف والمدينة على الرغم من ضعف تطور المدينة وترييفها . وفي المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لم تؤسس البنى الدينامية القابلة للتطور ، وإبداع الوعي المتطور المتجدد ؛ إذ تشكلت بنى اقتصادية واجتماعية على أسس مركزية مشوهة ، صُورت وكأنها للصالح العام ، إلاّ أنّها لم تستطع تجاوز حدود اللعبة التي رُسمت لها لخدمة الحاكم الذي حدد غايتها في خدمة استمراريته .. لعب في ذلك آلية عمل ضحلة  نُسِخَت عن أنظمة خارجية قلبت الأولويات والأهداف  والغايات ، لتصبح أسمى الغايات حماية المركز ، وتسخير المجتمعات لخدمة التنظيمات وقادتها .. ومع ازدياد الهوة بين القول والفعل ، واستباحة الوطن والشعب ، وتقزّم الوعي وتقوقعه في أطر المصلحة الأنانية الضيقة للتنظيمات وقادتها ، وخلق حواجز مختلفة بينها وبين أبناء المجتمع ، أخذ دورها يتضاءل ، وانكفأ الشعب عنها ، ليبحث كلٌ فرد عن أسهل طرق الخلاص  ، ضمن آلية اقتصادية اجتماعية وأخلاقية مشوهة .
 
وأخذ الانحطاط يعم .. ليهيمن على مجمل مفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في البلدان العربية .
 فعلى الصعيد الاقتصادي تنمو التبعية للخارج في المجالات التقنية والصناعة والمواد الأساسية ، و يسود التخلف والركود والفساد القطاعات الإنتاجية الوطنية ، خاصة العامة منها .. ومع ضعف المحاسبة يزداد نهب الملكية العامة وملكية الدولة مع استغلال قصور القوانين والالتفاف عليها بمساعدة (القادة) النقابيين والحزبيين وأجهزة المراقبة الذين يتراقصون حول الإدارات لتغطية سلوكها بما يضمن مكاسبهم ومصالحهم الشخصية .. ويجري شراء المناصب وضمائر المتنفذين مع استشراء الرشوة والفساد والاستخدام غير النزيه للسلطة .. ويترافق ذلك مع ندرة فرص العمل وتوسع صفوف البطالة بشكليها الفعلي والمقنع ...
أما اجتماعياً حيث يعم الركود ..وتنشأ حالة عامة من اللامسؤولية واللامبالاة نتيجة لعدم محاسبة منتهكي القواعد الاجتماعية والقانون من المتنفذين ، وتطبيقها على الشرائح الضعيفة من المجتمع  .. ويصبح الانحراف الفردي في سلوك الأفراد جماهيرياً ، ويتعمق تشوه القواعد الاجتماعية . ومع البحث عن عمل أو قنوات لتحسين الوضع المادي تتكرس علاقات القرابة والعائلة والواسطة وأفضلية الانتساب العشائري ، وتؤدي الفروقات الكبيرة في مستوى حياة الناس إلى زيادة التشوهات الاجتماعية ، وعدم الرضى والغضب وانتشار المكائد والدسائس ، وتنتشر السرقات والجريمة ، وتتدنى الأخلاق . ويقود عدم تطوير القوانين إلى توقف المقياس القانوني عن القيام بوظيفته مع تغير الظروف ، فتظهر الأخلاق المزدوجة وأخلاق الظل .. ويتجلى الانحطاط في البنى والمؤسسات الاجتماعية والأحزاب المترهلة في البيروقراطية على صعيد الجهاز وعدم التجديد في بنيانها وفكرها ، فيزيد الركود من التوتر الاجتماعي نظراً لانسداد الأفق وانعدام أي مجال للأمل ، مما يولد رغبة وميل في المجتمع لاستبدالها بأخرى تأخذ أحياناً طابعاً دفيناً ، وقد تتصف باللاإيجابية .. ومع قصور التصورات الأيديولوجية والاجتماعية والثقافية المرافقة للركود الاجتماعي ، وانسداد الأفق ، ينتشر عدم الرضى حتى من المواقف التاريخية البطولية المشرّفة في المجتمع ، وتضعف هيبة واحترام الأكبر ، وتنسف أهمية ومكانة المثل والقيم الأخلاقية .. وتحصل ردة مخيفة في الوعي الاجتماعي ؛ فمن المؤسف أن تجد ظواهر من التخلف كانت قد تجاوزتها الشعوب العربية في بدايات القرن العشرين ، تعود لتهيمن في بدايات القرن الواحد والعشرين . ومن الملفت للانتباه أنّ العديد من أعضاء التنظيمات السياسية والاجتماعية التي نشأت فكرياً على خلفية النهضة والتنوير والتقدم ، وتبنت الفكر العلمي وبعضها الماركسي ، أخذوا يتبنون أفكاراً بائدة ويمارسون عادات متخلفة تعود في جذورها إلى قرون سالفة ..
يترافق ذلك كلّه مع هيمنة بنى وآليات عمل سياسية راكدة معيقة وكابحة لكل تطور وتقدم ..
 
وهنا يبرز سؤال جديد حول من يتحمل مسؤولية هذا الانحطاط الجديد الشامل !
هل يعود هذا الانحطاط إلى أفكار وممارسات غذتها القوى والتنظيمات والأنظمة التي دعت إلى النهضة العربية الثالثة منذ خمسينات القرن العشرين ؟ هل بؤس مجتمعاتنا يعود إلى التصورات والمناهج الاقتصادية الاجتماعية التي استوردها هؤلاء المنورون ؟!
 
لقد بات من الضروري أن تنظر تلك البنى إلى نفسها نظرة نقدية ، وأن تتحلى بجرأة الاعتراف بأنها تتحمل ـ نتيجة آلية عملها والأفكار المعرقلة للتطور التي تتشبث بها ـ جزءأ من مسؤولية الانحطاط الشامل الذي وصلت ومجتمعاتها إليه .
النهضة والتنوير مجدداً :
 
بعد قرون من عهود الانحطاط ، إبان الحكم العثماني ، وجد طليعة المفكرين العرب أنّ الخروج من واقع الظلام ، ورقي المجتمع العربي يتم عبر النهضة والتنوير ، والارتقاء بالنظام السياسي والاجتماعي . فهذا أديب اسحق في كتاب "الدرر" يقول إنّ ( إصلاح النظام السياسي هو الذي يحمل المجتمع إلى الآفاق جديدة ، فتخلف المصريين مثلاً ، أو ركودهم ، لا يرجع إلى أسباب دينية أو أخلاقية ، وإنما يرجع إلى أسباب سياسية تتمثل في فقدان حرية الشعب ) ..(1)
لقد حاول مفكرو عصر النهضة العربية تلك ، عبر صحافتهم ومدارسهم ومنتدياتهم ، الخروج من حالة الانحطاط الشامل التي هيمنت على حياة العرب ، والتأسيس لحالة تنويرية في المجتمعات العربية ، متأثرين بالنهضة التي حصلت في الغرب . إلاّ أن جهودهم الجبارة تضعضعت مع هيمنة الاستعمار الأوروبي الغربي على الوطن العربي
 
ومع التخلص من الاحتلال الاستعماري ظهرت موجة نهضوية جديدة في الوطن العربي في خمسينات القرن العشرين لم تعط ثمارها المرجوة – كما بينا سابقاً - و آلت أحوال المجتمعات العربية ، في أوائل القرن الحادي والعشرين ، إلى حالة الانحطاط الشامل التي نعيشها ، والتي تستدعي مشروعاً تنويرياً ونهضوياً جديداً .
والمشروع النهضوي يستدعي وجود مفكرين يبدعون وينشرون أدوات منهجية ومعرفية فاعلة ، كما يستدعي استلهام بنيان اقتصادي اجتماعي وسياسي حاضن إيجابي له . بنيان يرقى في تربية وبناء الإنسان المتنور المتحضر ، ويخلق الثقة المفقودة ما بين أبناء المجتمع وحاكميهم .
وإن كانت المواقف من هذا المشروع تأخذ أشكالاً وصيغاً مختلفة ؛ من السلفوية ، والجدلية التارخية والبنيوية ، والتفكيكية وغيرها ؛ مما يعني ضرورة الاستفادة من مختلف المناهج والتيارات ، والعمل على الحوار والتنسيق فيما بينها خدمة للغاية الأساسية التي وجدت من أجلها ، مع التأكيد على أنّ المنهج الجدلي ، الذي وضع هيغل (1770-1831) الصيغ العصرية لموضوعاته ، يعد أكثر المناهج شمولية وكفاءة على تحليل الواقع واستنباط سبل النهوض والتطوير .. وفي هذا المجال لا بد من التأكيد على ضرورة التعرف على تجارب الشعوب التي نهضت من ركودها ، والاستفادة من المعارف المنهجية والفكرية والفلسفية التي ساعدتها في نهضتها وأهمها العقلانية والعلمية ..
 
مجتمع التنوير والإبداع
ضمن أي بنيان مجتمعي يمكن لأدوات التنوير المعرفية والعملية أن تتفتح وتعطي ثمارها ؟
لا بد من الإقرار أولاً بأنّ البنى والمؤسسات المجتمعية السائدة في البلدان العربية ، بما فيها تلك البنى التي استقدمتها أحزاب وتنظيمات كانت حاملاً لفكر نهضة أواسط القرن العشرين ، والتي قامت بمحاولات هامة لمعالجة المشكلات الاقتصادية في مجتمعاتها من منظور العدالة الاجتماعية ، وحققت بعض المكاسب والإنجازات الاقتصادية والاجتماعية الهامة كالنهوض بالبنية التحتية والخدمية ومحاولة التأسيس لوعي عقلاني علمي في المجتمع ، إلاّ أنّها لم تستطع خلق أسس النهضة المرجوة ، بل إن كثيراً من الأفكار وآليات العمل والمؤسسات التي أنتجتها تلك التنظيمات ـ إن لم تكن ذاتها في شكلها الحالي ـ أصبحت تلعب دوراً معرقلاً للتطور السليم للمجتمع ، وتكبّله في قوالب تعيق تطوره ، وتخدم آلية الفساد الشامل والمفسدين ، وتُفَرِّخُهُ باستمرار ، وتكرّس الانحطاط .. هذا في الظروف  العادية ، فما بالك أن تسود تلك البنى والآليات في ظل القانون الاستثنائي الطارئ ، الذي أثبتت الحياة أن الاستمرار في فرضه لفترات طويلة يعيق التطور السليم للمجتمع ويخلق الظروف والتربة المناسبة لنمو الفساد ويحميه ، ويصبح مجردُ التفكير بمكافحة الفساد جدياً   ـ طالما ظلّ القانون الاستثنائي سائداً ـ أمراً عقيماً ..
 
تتفق الأغلبية الساحقة من المثقفين العرب على مختلف الصعد على أنّه لا مستقبل مشرق مع الاستمرار بالنهج الذي يولد الركود والانحطاط . مما دعا الغيورين على مستقبل الشعوب العربية أن ينادوا بضرورة التغيير ؛ فالواقع الحالي غير مقبول حتى بالنسبة للمستفيئين بظله من المتنورين ..
هناك سؤال يشغل المهتمين بالتغيير من مختلف الاتجاهات حول حامل التغيير ومصدره . أ يتم التغيير من داخل البنى السائدة المسيطرة أم من خارجها ؟
فالتغيير يحتاج إلى ثقافته ، وفلسفته ... ويحتاج إلى رؤية موضوعية بعيدة عن العاطفة ، والعصبية ، والثأرية ..
عندما يُذكر التغيير يلّوح البعض بتجارب الآخرين .. هناك من يقول بأن التغيير من خلال البنى السائدة أمر عقيم ، لأنها خلال عملية أي تغيير ستعيد بناء نفسها من جديد .. فيدعو إلى نسف البنى المتعفنة الراكدة واستبدالها ببنى دينامية عصرية متطورة .
وهناك من يلوح بمخاطر الانهيار الشامل الذي حصل في الاتحاد السوفياتي نتيجة نسف البنى القديمة ، ويروج للأخذ بالتجربة الصينية ، خاصة وأن تلك التجربة تؤول إلى بقاء الحزب القائد في سدة الحكم مع المحافظة على مصالح القادة ..
إنّ القولين غير سديدين ؛ لاختلاف ظروف بلداننا كلياً عن ظروف البلدان الأخرى .. فلو أخذنا الصين لوجدناها عالماً فريداً ، تستطيع أن تبني اقتصادها وتؤمن حياة شعبها باستقلالية شبه تامة ، مهما حوصرت بظروف صعبة ، فالدول الرأسمالية بحاجة للصين كسوق استثماري ومركز للنمو الاقتصادي ..
هل تملك بلداننا هذه الإمكانية ؟
 لنفرض جدلاً  أنه في ظل حصار رأسمالي همجي  لبلداننا ، في عالم وحيد القرن ، ولسبب ما حصل انخفاض حاد في أسعار النفط ونضبت العملة الصعبة من مصارفنا ، وترافق ذلك بفترة جفاف لعدة سنوات تقضي على مواسم الحبوب ( لا سمح الله ) .. هل تساعدنا آنئذ تلك التجارب في تأمين الخبز لشعوبنا ؟! مع الاحترام والتقدير الشديدين للشعبين الصيني والروسي وتجاربهما ، التي لا شك في أن الاطلاع عليها والاستفادة منها أمران ضروريان ، ولكن ليس تقليدها ، أو الأخذ بها كما هي ..
هذا من ناحية ، ومن ناحية ثانية من المفيد البحث في أفق تلك التجربة .
امتازت الأنظمة الاشتراكية التي عرفتها الشعوب في القرن العشرين بالشمولية وبوجود مؤسستين رئيسيتين تهيمنان على المجتمع هما : قيادات الحزب ( الذي يتحول إلى جهاز من الموظفين ) والأجهزة الأمنية .. فجميع المنظمات والنقابات العمالية والمهنية تبنى وفق أنظمة وأسس تجعل الأجهزة الأمنية مسيطرة على قياداتها .. ومع حلول مرحلة الإصلاحات في شروط النظام السائد يجري التركيز على بقاء آلية الحكم كما هي مع فسح المجال لبعض المشاريع والنشاطات الاقتصادية الخاصة لرفع مستوى معيشة السكان على شرط عدم المساس بالسلطة . إلاّ أن ذلك لا يحل المشكلة ، فتلك المشاريع إن أخذت شكلها السليم ، فستؤسس للمجتمع المدني ، لكن الحزب القائد وآلية قيادته لا تناسبهما مؤسسات المجتمع المدني . ففي ظل سيادة القوانين ووجود الأحزاب والمحاكم المستقلة عن الحزب والصحافة الحرة وحرية العبادة ، ستزعزع مكانة الحزب المهيمن على كل شيء . وهكذا تستمر الأجهزة الأمنية من خلال الحزب في السيطرة على الصحافة ، والتدخل في أبسط الأمور الحياتية بما فيها قضايا العبادة .. وللسبب نفسه تظهر تساؤلات حول أفق المشاريع الاقتصادية الخاصة والخلاقة التي تتطلب مناخاً تفتقده الأنظمة الشمولية .
 من السهل القيام بأنصاف إجراءات إصلاحية : انتخابات شكلية ، نشر بعض فضائح الفساد في الصحافة للحديث عن جو الشفافية أو الانفتاح  .. على أن لا تمس المفاصل الأساسية في النظام بحجة أمن البلاد وهيبة الدولة . ويمكن السماح بنشر بعض المقالات والأبحاث الجيدة الجذابة حول الأزمة التي يعيشها المجتمع ، على أن لا تملك القدرة على التأثير في مواقع المتنفذين وصناعة القرار . فلا بأس من تكرار الأوامر والنصائح والتعاميم الممجوجة التي تتحدث عن المؤامرة الخارجية وذيولها الداخلية ، وأهمية قطاع الدولة في تدعيم القدرات الدفاعية .. على أن لا يصل الأمر إلى البحث في الأسباب التي أدت وتؤدي إلى الأزمة ، تلك الأسباب المتعلقة بالبنيان الاجتماعي الاقتصادي الحكومي الذي يولد الأزمة ويفرخ الفساد باستمرار . فللشفافية في مجتمعات الركود والفساد حدود إن تعدتها تودي بدعاتها .
ومن السهل إيجاد بعض الشركات والمصارف الخاصة والمشتركة ، والاستعانة بأفضل الخبراء الأجانب ، وحتى استبدال حاكم قديم بآخر جديد ، لكن جدوى ذلك تبقى محدودة وضعيفة الفاعلية مع استمرار هيمنة الآلية القديمة على النظام السياسي والاجتماعي ، فغياب الدكتاتور لا يعني انتهاء الدكتاتورية .
 
أما فيما يخص التجربة السوفيتية فلها ميزاتها وخصوصيتها أيضاً .. لقد حصل انهيار الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي نتيجة تضافر عدة أسباب أهمها : بذور الانهيار التي حملتها منذ ولادتها باعتمادها آليات اجتماعية اقتصادية مسدودة الأفق ، والحرب المستمرة مختلفة الأشكال التي شنتها الدول الرأسمالية ضدها منذ الأيام الأولى لقيام الثورة الاشتراكية في روسيا عام 1917 ، مع تكاتفت عوامل وظروف عديدة أهمها هجوم الاحتكارات الرأسمالية العالمية والصهيونية ، والقوى الحاقدة على الاشتراكية ، وترافق ذلك مع تراكم تشوهات داخلية ناجمة عن اعتماد تلك الآليات الاجتماعية والاقتصادية الجامدة مسدودة الأفق .. لقد كان الخلل واضحاً جلياً ـ كما هو الحال في بلداننا ـ لأبسط الناس ، ولأكثرهم إطلاعاً وعبقرية .. ويكمن الخطأ القاتل الذي ارتكبه الحزب الشيوعي السوفيتي  ـ ربما لأسباب تتعلق بالآلية التي سادت حياته الداخلية ـ في جعله التشوهات تتراكم ، حتى وصلت إلى مرحلة الانهيار ( وهذا ما يجب الاستفادة منه والتحذير من إمكانية حصوله في بلداننا ، لتفادي ذلك الانهيار ) ..
بينت التجربة أنّه مع تطور المجتمع ومعرفة العالم المتزايدة يظهر المواطنون الذين يبحثون عن دوراً لهم في المجتمع . .. ولكن وجود حالة الشعور بالمواطنة عند المواطنين ، مع غياب الديموقراطية يخلق حالة من الاحتقان والمعارضة الدفينة المكبوتة التي يصعب التحكم بانفجارها . تضعف هذه الأجواء والممارسات من هيبة ودور المؤسسات الحاكمة والحزب القائد .. وينشأ صراع على السلطة السياسية . وإن لم يتم الإصلاح السياسي الفعّال ، يقود تفاقم الوضع الاجتماعي الاقتصادي إلى الانهيار الشامل (هذا ما حصل في الاتحاد السوفياتي ) الذي تختلف تداعياته من بلد إلى آخر ، حسب قوته وفسيفسائه الاجتماعية وقدرة تدخل أعدائه لتحطيمه وتفتيته ، وقد يدعو البعض إلى قيام الحكم العسكري المطلق لتفادي الانهيار ، وبينت التجارب أن هذا الحكم أن لم يستتبع بإصلاح سياسي فعال ، فسيقود من جديد إلى الانهيار ولو بعد حين . أما الإصلاح الفعّال الذي يقود إلى النظام السياسي المستقر فيتحقق فقط عبر الصيغة الديموقراطية الدستورية . فالأزمة التي تحل بالمجتمعات الشمولية تثبت أن لا الأجهزة الأمنية وحماتها العسكريين ولا الموظفين الحزبيين هم الأصحاب الشرعيين للسلطة ، ويبقى الشعب هو صاحب الشرعية ، ويحقق سيادته من خلال الديموقراطية الدستورية ..
 
نعود إلى السؤال حول التغيير ، أ يتم من داخل البنية أم من خارجها ؟ وفي هذا المجال لا بد من النظرة الموضوعية بعيداً عن العصبية .
بما أنّ الأغلبية من خارج البنية ومن داخلها تقر بعدم إمكانية الاستمرار بالوضع الراهن ، وبما أنّه لم تتشكل بعد قوى التغيير التي تستطيع أخذ المبادرة من خارج البنى . ولا أحد من مريدي التغيير الغيورين على بلداننا ومجتمعنا يريد الانهيار لهذه المجتمعات ـ كما حصل في غيرها بعد أن تٌركت التشوهات تتراكم ـ فهناك إقرار بضرورة التغيير من داخل البنى ومن خارجها أيضاً ..  مع العلم بأن العوامل والظروف الخارجية المحيطة بالمجتمعات العربية ، والتي لا يمكن التطور بمعزل عنها ، تخلق ضرورات التغيير التي لا مفر لهذه المجتمعات من التأثر بها مهما حاولت الأنظمة  تجاهل ذلك ..
إذا كانت الرغبة في التغيير موجودة في المجتمع ونسبياً داخل البنى السائدة ، فمن الضروري والمفضل أن يحصل التغيير بالاستفادة من تلك البنى ، والأمر يحتاج إلى إرادة غيورة على مصلحة الوطن ومستقبله .. لإعلان مرحلة انتقالية للتغيير تصاغ فيها برامج وفلسفة التغيير ، وتناقش في أجواء ديموقراطية متحضرة لتخلق الوعي السليم بأنّ التغيير ضرورة وفي مصلحة جميع القوى والفئات الموجودة سواء داخل البنى المهيمنة أوخارجها . مع الأخذ بعين الاعتبار خصائص الهوية المحلية عند اعتماد مبدأ التغيير فالمجتمعات المحلية التي يولد الإنسان فيها والقيم المخزنة في الذاكرة تؤسس لديه الدوافع الأخلاقية ودواعي الالتزام بالواجب .. والدعوة إلى المرحلة الانتقالية تنبثق من حقيقة أن ثقافة المدنية لا تأتي من فراغ ، بل تحتاج إلى تحضير في كنف الأنظمة المتغيرة وفق آلية ديموقراطية دستورية .. كما أنّ الانتقال إلى الديموقراطية يحتاج إلى تدبير وتخطيط من قبل هيئات مستقلة وحكومية تضم مفكرين وباحثين ذوي سمعة اجتماعية محترمة .. للانتقال المدروس إلى الحياة الديموقراطية ، دون إبطاء ، من القاعدة إلى القمة في مختلف المجالات .. مع الرفع الفوري  للقيود المكبلة لحرية الصحافة وحرية تشكيل الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ..
 
يبدو ذلك للبعض طوباوياً . إنما هو السبيل الصحيح لمنع التشوهات تتراكم حتى يحصل الانهيار الذي تطمح وتخطط إليه القوى المعادية لشعوبنا ..
 
من كل ما تقدم يتبين كم أصبح البحثُ عن شكل وإطار مجتمعي اقتصادي سياسي جديد ، يُنظر فيه لأبنائه كمواطنين وليس رعاع ، ويفسح المجال للحياة الكريمة لأبنائه ، ولفكر التنوير وأدواته المعرفية أن تنمو بشكل سليم ، ولإبداعات الناس أن تتفتح بشكل إنساني حر ، يشكل ضرورةً موضوعية مشروعة .
 وفي إطار هذا البحث لا بد من أخذ الواقع المحلي بعين الاعتبار ، من حيث خصائص الوعي الاجتماعي ، والطابع الاقتصادي السائد ، ومعدل النمو السكاني الكبير ، والتزايد المطرد للشرائح الفقيرة في المجتمع ، وما ينجم عن ذلك من قضايا ، إن لم تعالج ، تتفاقم وتكبح أي مشروع نهضوي تنويري . وأن لا تطغى علينا العصبية وتعمينا قتامة الواقع الحالي عن الحقيقة الموضوعية ، ورؤية الواقع كما هو بسلبياته وإيجابياته ، والاستفادة من  التجارب السابقة ، وتصحيحها والتخلص مما شابها بها من عوائق ، والتأكيد على أنّ العدالة الاجتماعية مسألة جوهرية يتعلق مستقبل شعوبنا ونهضتها بمدى الاستجابة لمتطلباتها ، وأنّ تجاهلها يفاقم الأزمات الاجتماعية ، ويعيق أي مشروع نهضوي .. ولكن العدالة الاجتماعية لن تتحقق وفق آلية يزداد فيها معدل النمو الاقتصادي وينخفض نصيب الفرد .. كما بين     د. عارف دليلة حيث يقول :  " إن متوسط نصيب الفرد السوري من الدخل القومي اليوم عام 2001 هو أقل من متوسط نصيبه عام 1980 ، أما متوسط الأجور الحقيقية اليوم فلا يزيد عن ثلث متوسطه قبل عشرين عاماً ، على رغم من أن معدل النمو الاقتصادي بحسب الإحصاءات الرسمية كان على مدى عشرين عاماً أعلى بالمتوسط من معدل نمو السكان بنسبة ملموسة ، إذا استثنينا العامين الأخيرين ، حيث انخفض من دون معدل نمو السكان ، فأين ذهب النمو الاقتصادي على مدى عشرين عاماً مادام لم يصل إلى الأغلبية الساحقة من الشعب ؟ " (2)
 والرأسمالية ، ولو أضيفت لها الصفة الإنسانية ، ليست الجنة الموعودة ولا نهاية التاريخ ، كما يبين تقرير التبادل في التعامل بالأسهم وقانون الشركات ـ الياباني ـ الذي جاء فيه : " هل الرأسمالية الإنسانية لصالح البشر حقاً ؟ في عقد العمل الحديث بحق يبيع العامل عمله: إنه لا يبيع روحه ، أو التزاماته . ومؤسسة يدير شؤونها الموظفون تتطلب أن يقضي اليابانيون كل عمرهم ، من الميلاد إلى الاستيداع ، في منافسة حامية ، أولاً ليدخل المؤسسة ، ثم ليرقى في مدارجها. ولهذا فإنهم مضطرون للتنازل عن حريتهم وفرديتهم، ومشاعرهم الإنسانية وروح الابتكار داخلهم . فليس لديهم الوقت للاهتمامات الثقافية ، أو للعب دور مفيد في إطار الأسرة أو المجتمع . إنهم يتلقون الفقر الروحي مقابل الثراء المادي "  “Kab ushiki no michiai to Kaishaha”  نكاجيما شوزو ( التبادل في التعامل بالأسهم وقانون الشركات) المنشور في طوكيو العام 1990 .
 
 والبحثُ عن شكل وإطار مجتمعي اقتصادي وسياسي جديد ، يكون ضامناً لعملية النهضة والتنوير ، يحتم التعرف على تجارب الشعوب الأخرى والاستفادة منها ..
ومن الخطأ تجاهل مؤسسات المجتمع المدني التي أبدعتها شعوب العالم المتقدم كأطر سياسية ومجتمعية ساعدت في رقي وتحضر أبنائها والسير في طريق النهضة والتنوير . فقد بينت التجربة أن وجود هذه المؤسسات يساهم في خلق مناخ اجتماعي إبداعي ودينامي  متطور ، يمتاز بوجود فعاليات متعددة ومتنوعة ، قادرة على المراقبة وفضح السلبيات ، مستقلة عن الآليات الرسمية الجامدة  المكلفة بحماية الأنظمة والمستفيدين منها مهما كان سلوكها .. ونظراً للدور الهام الذي تلعبه مؤسسات المجتمع المدني في تجاوز حالات التشرذم المذهبي والقبلي والعشائري المتخلف في المجتمع ، وفضح آليات الفساد والانحطاط الشامل في المجتمع ، فليس غريباً أن تتكاتف القوى المتضررة من هذا الدور وتشن حملة تهويش وتشويه ضدها ..
فما هو المجتمع المدني ؟
مع وصول الأنظمة الشمولية إلى طريق مسدود ازداد رواج مصطلح المجتمع المدني بالمقارنة مع الفترة التي أعقبت نشوءه في أوروبا حوالي (1750-1850)م . ومع ازدياد المنادين بهذا المصطلح تزداد التساؤلات حوله . ومن البديهي أن ننزع القدسية عن جميع المصطلحات الاجتماعية ونعرضها للشك والنقد .. مع الإقرار بأنّه في الظروف السياسية والاجتماعية المختلفة تختلف التفسيرات وآلية تطبيق المصطلح .
هناك من يؤكد أنّ "موضوع المجتمع المدني يجب أن ينصب على ذلك المجال المعرفي أو ذاك الميدان الذي يتناول المؤسسات والممارسات التي تقع بين مجال الأسرة ومجال الدولة .. مع أن هذا التحديد تشوبه سلبيات ، ويمكن أن ينشأ خلاف لا ينتهي ..
... يتعلق الأمر بالتساؤل فيما إذا كان يتوجب على مفهوم المجتمع المدني ، وإلى أي مدى يتوجب عليه ذلك ، احتواء عامل السوق وبشكل أعم عامل الحياة الاقتصادية . وفي التراث المستمد من الفيلسوف هيجل ، ومن ماركس بشكل مؤكد وأكثر تحديداً ، تكمن السوق في قلب المجتمع المدني في المجتمعات الحديثة . ومن هنا جاءت مقولة ماركس المتكررة :"إن  تحليل التركيب البنيوي للمجتمع المدني يُلتمس في الاقتصاد السياسي"  ومن ناحية ثانية فقد كان غرامشي ـ الذي يعتمد في موقفه على بعض العناصر الواردة في تفسيرات هيجل  .. الأكثر تعقيداً ـ مهتماً بالتأكيد بالجوانب غير الاقتصادية للمجتمع المدني بالنسبة له ككينونة منفصلة ليس عن الجهاز القهري للدولة فحسب وإنما أيضاً عن المؤسسات الاقتصادية للمجتمع . ومركزه .. هو المؤسسات الثقافية والاجتماعية والأنشطة المجتمعية .
.. ويسير  هابرماس على خطى غرامشي في عملية فصل الحقول الاجتماعية والثقافية عن السياسية والاقتصادية . فلكل من هذه الحقول منطقه الخاص ـ السلطة والإدارة في حالة السياسة ، والتراكم في حالة الاقتصاد ، والتضامن والتواصل الحر والمفتوح في حالة المجتمع المدني  أو "عالم الحياة" . والنقطة المهمة هنا هي أنّ هذا المفهوم للمجتمع المدني يستثني السوق بحجة أنها تعمل وفق مبدأ يهدد الكنونة الذاتية المستقلة للمجتمع المدني وللحياة العامة وتماسكها ... وتكمن المشكلة في خلق التوازن بين استقلالية المجتمع المدني إزاء حاجته للموارد الثقافية والمادية التي يستمدها من الميادين الأخرى . (وفي الإجابة على السؤال التالي :) هل يمكن للمجتمع المدني أن يبقى ويستمر دون السوق ؟
... والدولة تقوم بتنظيم المجتمع المدني ، وضبط أمنه (بالمعنى القديم الذي يشمل وضع السياسات له بالإضافة إلى المعنى الأحدث الذي يشمل المحافظة على القانون والنظام) ، ومنعه من الانحلال والتحول إلى مسرح للصراع تتعارك فيه العصابات المتحاربة والمافيات السرية التي تدير نشاطات غير مشروعة . وإذا ترك لوحده ، فإن المجتمع المدني لديه الميول لأن يصبح مجتمعاً هوبزياً (نسبة لأفكار الفيلسوف الانكليزي هوبز) ..
.. المجتمع المدني تغير الآن والمجتمعات المعاصرة تؤمن بشروط تحقيقه في صيغ جديدة .."
(انظر : كريشان كومار ـ ت.د.عدنان جرجس ـ الثقافة العالمية – العدد 107/‏2001‏‏)
 
وكالعادة في مواجهة كل ما هو إبداعي جديد ، تنسب إليه صفات تتعارض مع القيم السائدة وأحياناً المقدسة في الوعي الاجتماعي ، لخلق جو من التوجس والنفور المسبق عنه في المجتمع ؛ ومن تلك الصفات التي ينسبها أعداء مؤسسات المجتمع المدني إليها أن المجتمع المدني مفهوم غربي غريب عن المجتمعات العربية .. وفي هذا الخصوص لا بد من تبيان القضايا التالية :
*- مؤسسات المجتمع المدني إنجاز إنساني عام ، تشكلت بهذا الشكل أو ذاك في جميع بلدان العالم مع تطورها ، بما فيها بلاد عربية عرفت دساتير تسمح بالتعددية السياسية ، وتقر بالتداول السلمي للسلطة ، وتنص على الحقوق في تأسيس الجمعيات والمنتديات والنقابات والنوادي ، وتبيح حق التظاهر وحرية الصحافة والكلام ، فتأسست الجمعيات والنوادي وغيرها من المؤسسات الاجتماعية التي أخذت أشكالاً مختلفة ، منها الثقافي والفني والرياضي والأدبي والفكري وغيرها .. وكان لبعضها دور هام في اكتشاف وتفتح إبداع العديد من عمالقة الفن والفكر والأدب  ، كما سبب انحسارها في بعض البلدان العربية ، بأوامر حكومية صدرت مع سيادة تصورات جديدة في التنظيم الاجتماعي أغلبها مستورد من الخارج ، (سبب) اضمحلال وتراجع حالات إبداعية أخرى ..
*- يُخطأٌ من يعتقد بالدعوة إلى استيراد المجتمع المدني من الغرب ، كما عُرِف   هناك ، وتطبيقه في بلداننا ، كما أخطأ من استورد تصورات ونماذج اجتماعية سياسية من أوروبا الشرقية ليطبقها في بعض البلدان العربية ..
هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فالقول بعدم ملائمة مؤسسات المجتمع المدني للواقع العربي لأنّها تنتمي إلى مفهوم غربي ، قول بعيد عن النظرة العلمية والموضوعية ، ويثير الشكوك ؛ إذ أنه لا يمكن تصور تطور أي بلد من بلدان العالم بعيداً عن التأثر بغيره من البلدان ، وكما يعترف الموضوعيون من مفكري الغرب بأن إبداعات العرب كأعمال الفيلسوف العربي ابن رشد ، وغيرها تُعد ركناً أساسياً من أركان النهضة الأوروبية ، فمن الطبيعي أن يستفيد العرب مما أنتجه الغرب من فكر وعلوم اجتماعية وتطبيقية . كما أنّ العديد من الأفكار والنماذج الاجتماعية السياسية التي يطبقها بعض من يقولون بغربية مفهوم المجتمع المدني ، ليست من إبداعهم بل مستوردة من أوروبا : كالنقابات (السنديكا ) ، ومفهوم الديموقراطية الشعبية الذي طبق لأول مرة في دول أوروبا الشرقية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، ومفهوم الجبهات ( التعاون بين الأحزاب الوطنية ) أول من دعا إليه جورجي ديمتروف في الكومنترن ( الأممية الشيوعية ) منذ ثلاثينات القرن المنصرم ، والعديد من أطر التنظيمات الاجتماعية الأخرى وجدت تطبيقها لأول مرة خارج الوطن العربي ، ونقلت إليه من الخارج ..
*- هناك من يضع تعارضاً بين الدولة ومؤسسات المجتمع المدني ، هذا ما يقود إلى تحديد ماهية الدولة . لخص ف. انجلز (1820-1895)  نتائج تحليله التاريخي للدولة بقوله :
" الدولة هي نتاج المجتمع عند درجة معينة من تطوره ؛ الدولة هي إفصاح عن واقع أن هذا المجتمع قد تورط في تناقض مع ذاته لا يمكنه حله ، وأنه قد انقسم إلى متضادات مستعصية هو عاجز عن الخلاص منها . ولكيلا تقوم هذه المتضادات ، هذه الطبقات ذات المصالح الاقتصادية المتنافرة ، بالتهام بعضها بعضاً وكذلك المجتمعات في نضال عقيم ، لهذا اقتضى الأمر قوة تقف في الظاهر فوق المجتمع ، قوة تلطف الصطدام وتبقيه ضمن حدود "النظام" . إن هذه القوة المنبثقة عن المجتمع والتي تضع نفسها ، مع ذلك ، فوقه وتنفصل عنه أكثر فأكثر هي الدولة ." (3) 
فالدولة لا تلغي مؤسسات المجتمع بل تنتج عنه ، ومؤسسات المجتمع المدني تساعد الدولة في القيام بمهامها ".. لكيلا تقوم هذه المتضادات ، هذه الطبقات ذات المصالح الاقتصادية المتنافرة ، بالتهام بعضها بعضاً وكذلك المجتمعات في نضال عقيم.."(3)
*- وعلى صعيد الحوار ، فلكلٍ طريقه إلى الحقيقة سواء كانت طريق تعتمد الحس الروحي أم المنهج العلمي ، وليس بالضرورة أن تجتمع جميع الطرق ، وليس بالضرورة أن يكون كل ما يكتب حقيقة ويوافق جميع الآراء .. ولكن لا بد من الاتفاق على آلية حضارية للحوار تبتعد عن الخلافات والمهاترات الشخصية ، لأن مثل هذه الأساليب لا تخلق ثقافة صحيحة ، وتسيء إلى ثقافة الأمة وإلى أصحابها ، كما أنها تقدم ذريعة لأعداء الحوار ومؤسسات المجتمع المدني ، فيأخذونها مثالاً يعممونه على كل من يدعو إلى التغيير ..
ولما كان شباب الحاضر هم من سيبني أسس مجتمع النهضة ، يبرز تساؤل هام حول ما يقدمه الحوار للأجيال الشابة ، وما تقرأه هذه الأجيال  ! وما هي الطرق الممكنة لمساعدتها في امتلاك الأدوات المعرفية والمنهجية السليمة لتحليل معطيات الواقع ، ومعالجتها بطرق الحوار الديموقراطي الذي يقر بالتعددية والاعتراف بالضرورة الطبيعية والموضوعية لوجود الآخر ، واستشفاف أفق المستقبل المضيء ..
*- للأسباب أعلاه ، وغيرها ؛ كالخوف من استعداء من يهوّل من مخاطر مؤسسات المجتمع المدني ، واعتبارها شتيمة تحق على من يلفظها ؛ تجري محاولة استبدالها بالمجتمع الأهلي ، وقد أصاب د. طيب تيزيني حين نبّه إلى الفرق الشاسع بين المفهومين حين قال :  ".. تظهر أهمية المجتمع المدني حين نضع في اعتبارنا الوجه الآخر المناقض له والمناهض ، وهو "المجتمع الأهلي" ويكمن الاختلاف الابستيمولوجي بينهما في أن الأول "المدني" يجد مرجعيته في الوطن مفهوماً وواقعاً وسلوكاً ، حيث تجري عملية ابتلاع الظاهرات الطائفية والمذهبية والإثنية بوصفها آليات سياسية تنطوي على احتمال تقسيم الوطن بمقتضاها ، أي بمقتضى الطائفة والمذهب والإثنية . أما الآخر "المجتمع الأهلي" فيجد مرجعياته في كل طائفة ومذهب وإثنية ، حيث تنشأ "أوطان" تعبر عن انقسام المجتمع وتجزئته  وهشاشته ."(4)
فمؤسسات المجتمع المدني ليست بالضرورة المجتمع المدني الغربي ، بل من نتاج التطور الحضاري العالمي ، كما أنها ليست غريبة عن مجتمعاتنا .
ومؤسسات المجتمع المدني ليست عصى سحرية بمجرد قيامها تحل جميع مشاكل المجتمع ؛ فعلى الرغم من معرفة الدول الغربية لمؤسسات المجتمع المدني منذ أكثر من قرن من الزمن ، مازال بعضها مرتعاً للفساد .. بالتالي لا بد من صيغة تقدم آلية متجددة لمراقبة هذه المؤسسات والنظام ؛ هذه الصيغة هي الديموقراطية ..
فالإطار العام الذي يمكن لهذه المؤسسات أن تعمل ضمنه بشكل صحي مضبوط وسليم هو الديموقراطية . إن جميع قوى وفعاليات المجتمع العربي ، ومن بينهم الماركسيون تقر بذلك ؛ ويخطأ من يعتقد بأن الماركسية لم تول اهتماماً بالديموقراطية ؛ ومع وجود نظرة خاصة عند لينين (1870-1924) للدولة ، وتأكيده على أولوية ديكتاتورية البروليتاريا في المرحلة الانتقالية ، إلاّ أنّه لم يقلل من أهمية الديموقراطية ، حيث يقول:  " تطوير الديموقراطية  حتى النهاية والبحث عن أشكال هذا التطوير والتحقق منه فعلاً الخ.. كل هذا هو مهمة مهام النضال من أجل الثورة الاجتماعية ."(5)  هذا لا يعني أن جميع نصوص الماركسية تصلح لكل زمان ومكان ، بل إن بعض المقولات التي كانت تعد ديكتاتورية البروليتاريا ، مثلاً ، هي الصيغة الضرورية ( الحتمية ) للحكم في المرحلة الانتقالية للاشتراكية ، تخطاها الزمن . ومن يعتمد المنهج الديالكتيكي الماركسي في التفكير والتحليل يبتعد عن الجمود والتطبيق الحرفي للنصوص ، وتقوده معطيات الواقع الحالي ، الذي لم تعد فيه البروليتاريا موجودة كما كان الحال إبان ماركس ، إلى الاستنتاجات التي توصل إليها الماركسيون المتنورون أمثال أنطونيو غرامشي (1891-1937) ، والتي ترى في الديموقراطية الصيغة السياسية المناسبة للحكم ...
تبين التجربة أن الديموقراطية صيغة سياسية حمالة أوجه ؛ فالديموقراطية في الدول الرأسمالية تستخدم كسلاح لإضفاء الشرعية على حكم الأقلية من الأغنياء للغالبية العظمى من الشعب ، فهي شكل من أشكال الدولة في الداخل . وعلى الصعيد الدولي ، وبما أنّ بوصلة الاحتكارات العالمية في السياسة المحلية والدولية هي المصالح والربح ؛ لا تتوانى أقوى الدول الرأسمالية (الديموقراطية) لأسباب المصلحة البحتة عن التحالف مع أكثر الأنظمة بعداً عن الديموقراطية وأعتى الحركات الدولية عنصرية ودموية .. كما حصل في التحالف الرأسمالي مع النظم الاستبدادية المتخلفة في العالم ، ومع نظام الأبارتيد في جنوب أفريقيا ، والتحالف مع الصهيونية  ..
 إن استغلال الاحتكارات الرأسمالية للصيغة الديموقراطية في الحكم ، وتشويهها لها في العلاقات الداخلية والدولية ، لا يبخسها محاسنها وأهميتها ، بل إنه ومع الوعي لتلك الحقائق تتفق غالبية المفكرين والمثقفين على أن الديموقراطية هي الآلية السياسية الضرورية التي يمكن  لفعاليات وقوى المجتمع ومؤسساته أن تضطلع من خلالها بمهامها في دولة القانون التي يكون فيها الجميع متساوين أمام القانون ، وتتم فيها جميع عمليات الانتخابات الأنظمة السياسية ومؤسساتها في الغرف السرية لصناديق الاقتراع  بعيداً عن الوصائية ، مع الإقرار قانونياً بالتداول السلمي للسلطة ، أنظمة تقر بالتعددية السياسية والحزبية والثقافية المضبوطة قانونياً وأخلاقياً .
فللخروج من حالة رعب الأنظمة واستبدادها يتم اللجوء إلى شكل النظام الديموقراطي ذي القدرة التمدنية الجذابة التي تعزز السلم الأهلي ، وتساهم في " تحقيق التقدم الاجتماعي ، حيث أن سلطة الدولة الديموقراطية – على الرغم من أنها مقيدة دستورياً بحدود وقوانين ثابتة – يمكنها في واقع الأمر التأثير على حجم الموارد الاقتصادية وتوزيعها ( كأن يكون ذلك من خلال سياسات النمو وتحصيل الضرائب والضمان الاجتماعي ) بطرق فعالة ، فالديموقراطية سوف تعمل على خدمة مصالح الشرائح الأقل امتيازاً من السكان وبالتالي ستعمل على تعزيز الحقوق "الإيجابية " أو "الاجتماعية" ، وبصورة أعم ستؤدي إلى النمو والرفاهية والعدالة الاجتماعية .
وتلعب الديموقراطية دوراً أساسياً في تحويل "الرعايا" subjects)  ) إلى "مواطنين" citizens) ) أي فاعلين ملتزمين بتوظيف مواردهم المعرفية والأخلاقية بطرق تشاورية وذكية بغرض حل المشاكل السياسية طبقاً لمنطق التعلم الجمعي  لخدمة "المصلحة العامة " .
( انظر : المجتمع المدني والنظام الاجتماعي ـ بقلم : كلاوس أوفه  ـ ترجمة : أحمد محمود ـ الثقافة العالمية – العدد 107 / 2001 الكويت )
 
 هناك من يحاول إبراز الجوانب السلبية في استخدام الديموقراطية ، ومؤسسات المجتمع المدني ، لخلق مبررات الهروب من استحقاقاتها .. هناك اعتراضات لها ما يبررها مع تحول الديموقراطية إلى صيغ "انتخابية" أو "تفويضية" شكلية تخلق امتيازات خاصة بفئات نخبوية خارج نطاق المحاسبة .
 إنّ وجود سلبيات ، قد تظهر أثناء الممارسة الديموقراطية نتيجة لأسباب المصلحة الأنانية الضيقة ،  لا يعني أن ندير ظهرنا لها ، بل نبحث عن سبل الوقاية من تلك السلبيات عن طريق تشريع قوانين تتفق عليها الأغلبية ، تبين الحدود التي لا يمكن تخطيها في إطار الثقافة والواقع والوعي الاجتماعي المحدد ..  علينا أن لا نعقد البسيط . بل نبسط المعقد بإصدار القوانين الضرورية للممارسة الديموقراطية .
إن الإقرار بضرورة التغير المستمر كحقيقة ملازمة للواقع والظروف ، وبالطريق المسدود الذي وصلت إليه أغلب البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في بلداننا العربية ـ تلك البنى التي وجدت في ظروف اجتماعية وعالمية تختلف كلياً عن الظروف الحالية ـ يقود إلى حقيقة موضوعية مفادها أن الظروف الجديدة تحتاج مع الإصلاح المؤسسي إلى أفكار وبنى وآليات جديدة . .. والإصلاح المؤسسي يقود إلى فصل وتحديد مجالات حكم كل من السلطات السياسية ، وسلطة السوق ، ومجال عمل ونفوذ مؤسسات المجتمع المدني ، وبنفس الوقت معرفة وتفعيل الصيغة الجامعة بينها .. فالاعتماد المطلق على أيّ منها بمفرده أي الدولة ، أو السوق ، أو مؤسسات المجتمع المدني ، يفتقد إلى الدينامية والحيوية ويقود إلى عيوب وأزمات اقتصادية اجتماعية تعرقل تطور المجتمع .
هناك من يعتقد أن السوق الدينامي ومؤسسات المجتمع المدني يضعفان الدولة . وفي هذا الخصوص من الضروري التمييز بين الدولة الكبيرة ( من ناحية المساحة والسكان ، أو عدد العاملين في الوظائف الحكومية ) والدولة القوية ، من حيث مستوى المعيشة ، والازدهار المادي والأخلاقي والمعنوي لأبنائها ، ومدى تمتعهم بحريتهم الإنسانية . كما بينت تجارب الدول الشمولية أن مركزية الدولة المفرطة تربي المواطنين على الاتكالية والكسل والبيروقراطية والروتين واللامبالاة والتهرب من المسؤولية والمحاسبة وعدم المبادرة ومعاداة التجديد ، في أجواء من قمع الحريات وهيمنة الفساد الشامل .. خاصة في ظل القوانين الاستثنائية الطارئة .
كلّ ذلك يبين ضرورة التخلص من القوانين الاستثنائية الطارئة ، وإصدار القوانين التي تسمح بظهور البنى والتنظيمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بشكل طبيعي غير مشوه ، قوانين تأخذ  الصحيح من تجربتنا وما يناسبنا من تجارب الشعوب .. قوانين ينسج  مبدأ الحرية للجميع عمودها الفقري ، وأنّ أياً لن يعرف الحرية ما لم يكسبها الآخرون ، مع اعتراف الجميع واحترامهم للحقوق والحدود الأخلاقية التي تقرها الثقافة والوعي الاجتماعي ، قوانين تسمح بحرية التعبير لتصبح القرارات الهامة والمصيرية في حياة الشعوب تقر بمشاركتها ، وليس من قبل من لا جماهير ولا أصدقاء لهم إلا المنافقين ، قوانين يستطيع من خلالها أبناء المجتمع ومفكروه من مختلف الاتجاهات أن يعبروا عن آرائهم تحت شمس الوطن ، بدلاً من اضطرارهم للتعبير عنها في المنابر الأجنبية ، والأماكن المظلمة .. وأن يساهموا في خلق ونشر ثقافة ووعي متحضر يساهم في عملية التغيير والتنوير في المجتمع وخاصة بين الشباب .. والعمل على خلق حالة نوعية من النهوض العام في المجتمع لامتلاك المناهج العقلانية والعلمية السليمة في التفكير والعمل .. للسير بمجتمعاتنا على طريق النهضة والتنوير .
طرطوس – تموز  ، تشرين أول – 2001               شاهر أحمد نصر
[email protected]
ــــ
(1) عزت قرني : العدالة والحرية في فجر النهضة العربية الحديثة – عالم المعرفة – الكويت – 1980 ص163
(2)  د. عارف دليلة - صحيفة : الحياة  14 / 3 / 2001
(3) ف . انجلز - أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة . ص177-178 من الطبعة الألمانية السادسة
(4) د. طيب تيزيني – بيان في النهضة والتنوير العربي – عالم الفكر – ص.69 - المجلد 29 – مارس 2001 - الكويت 
(5) ف. إ. لينين – الدولة والثورة . الطبعة العربية من المختارات – ص 100
 
 
 

 



#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المتمدن تعبير عن حضارة وديموقراطية الشعوب
- .......سيدي الكريم حمزة الحسن // زيتونـة الشــام - هادي العل ...
- فلسطين في شعر عبد المعين الملوحي
- بحث في الحرية والديموقراطية - 2
- بحث في الحرية والديموقراطية - 1
- عقبات تحقيق المشروع التنويري العربي ؟
- هل هناك من هو أقوى من حكام الولايات المتحدة الأمريكية الحالي ...


المزيد.....




- الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على ...
- روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر ...
- هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
- الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو ...
- دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
- الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل ...
- عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية ...
- إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج ...
- ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر ...
- خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاهر أحمد نصر - مؤسسات المجتمع المدني في الدولة الديموقراطية القوية من ضرورات النهضة والتنوير