أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دلور ميقري - الوحدة الوطنية ، المفقودة















المزيد.....

الوحدة الوطنية ، المفقودة


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1692 - 2006 / 10 / 3 - 09:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حينما يقف الجنرال عون ، في جبل لبنان ، موقفَ الداعي لنكأ الجراح وبعث أسباب الفتنة ؛ هكذا موقف ، هوَ من الخطورة بمكان ، كونَ تلك البقعة الجغرافية ، بالذات ، التي أوجدتْ لحمة موطن الأرز ، حدّ أنها خلعت عليه إسمها . فلم يرتفع ضياء ذلك الموطن ، إلا من هذا الجبل الكريم ، وعبرَ وحدة وتضامن مكونيْه الرئيسييْن ؛ الموارنة والدروز . هذه الحقيقة ، التاريخية ، إختبرها أهالي لبنان جيداً ، ودفعوا الثمن غالياً ، حينما تناسوها أو تجاهلوها . وكذلك فعلَ خصومُ لبنانَ ، من الباب العالي ، العثماني ، وحتى الجار " المتعالي " ، البعثي ؛ فكلّ منهم ، سعى إلى إخضاع الجبل لسلطانه ، عن طريق بثّ الفرقة بين ذينكَ المكونيْن ، الموسوميْن . وإذ ظهرَ الدروزُ أكثرَ إنسجاماً من ناحية الموقف الجمعيّ ، وفي أكثر من منعطف تاريخيّ ، مفصليّ ؛ فعلى عكسهم كان الموارنة ، على فرقة وخلاف فيما بينهم . حتى أنّ المؤرخ اللبناني ، المعاصر ، كمال صليبي ، يقول في هذا الشأن : " هذه النزعة التي تميّز بها الموارنة ، أضعفت من تماسك صفوفهم ودفعتهم إلى الإنشغال بصغائر الأمور . فكثيراً ما إنقسموا بأحرج الأوقات لأسباب تافهة ، شخصية أو حزبية . وبذلك خسروا الإمتياز الناتج عن تفوق عددهم وبسالتهم الحربية ، التي لم يرقَ إليها الشك " . ( تاريخ لبنان الحديث / الطبعة العربية السادسة ، بيروت 1984 ، ص 25 )

كان لبنان ، على مرّ تاريخه الحديث ، يسمو بديمقراطية نظامه وحريته ؛ وهما اللذان أنقذا كيانه الهش ، الضعيف ، في كل مرة يوضعُ فيها أمام إمتحان ٍ يتعلق بوحدة مكوناته ، الوطنية . فحينما إنبثق هذا الكيان ، بعيدَ الحرب العالمية الثانية ، شاءَ الأخذ بمبدأ النظام الدستوري ، التوافقي ، حفظاً لحقوق طوائفه المتعددة ومنعاً لتفرد أيّ منها بقرارات تمسّ الوطن ككل . هكذا إنبثاق لما أسميَ في حينه بـ " دولة لبنان الكبير " ، ما كان إعتباطاً أو وهماً ، كما ذهبَ إليه أهل العروبة في المشرق ؛ من ناصريين وبعثيين وأضرابهم ، من المبشرين بإذابة الكيانات القطرية وإمحاء حدودها ، سعياً لإحقاق ما يصفونه بـ " الوطن العربي الكبير " . واليوم ، يستعيدُ اللبنانيون ، بمشاعر مختلفة ولا شك ، ذكرى مرور ثلاثين عاماً على التدخل السوري ، العسكريّ والأمنيّ ، في بلادهم . غنيّ عن القول ، أنّ تأكيدنا على الإختلاف هنا ، مرده هذا الشقاق الكبير ، الحاصل الآن في موطن الأرز بين مختلف مكوناته ، والذي يجد مرجعه في ذلك التدخل السوري ، ذاته : وبكلمة أبسط ، ما كان يجتنيه كلّ من الممثلين ، المفترضين ، للطوائف اللبنانية من مكاسب أو خسائر من الوجود السلطويّ البعثيّ ، أو عدمه ، على أرضهم .

جديرٌ بالتنويه هنا ، كونَ المقام الماروني الأكبر ، وظيفياً ، هوَ من طلب رسمياً التدخل العسكري السوري . إذ بادر الرئيس الأسبق ، سليمان فرنجية ، في عام 1976 ، بالإستنجاد بجاره اللدود ، حافظ الأسد ، للحيلولة دون إكتساح البلد من لدن القوى الفلسطينية ، المتحالفة مع اليساريين اللبنانين . كانت الحرب الأهلية وقتئذٍ ، في ذروة إشتعالها ، فزاد من تأجيجها ذلك الحضور ، الطاريء ، للديكتاتور الأسديّ ، العتيد . مقابل هذا الأخير ، المستبد ، الواحد الأوحد ؛ توالى سبعة رؤساء على حكم لبنان : حقيقة ، قد لا تعني كثيراً أولئك السياسيون الموارنة ، المتحالفون علناً أو خفية ً ، مع وريث النظام السوريّ ؛ هذا المحصورُ اليوم إقليمياً ودولياً ، على خلفية جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري ، وكذلك على دوره في دعم الإرهاب هنا وهناك . وإذ إضطرّ الأسدُ الصغير ، مرغماً ، على سحب جيشه ومخابراته من البلد الجار ، وجرجرة أذيال الخيبة إثرَ عقود ثلاثة من التدخل الفظ في شؤونه وإستحلاله نهباً وإبتزازاً ؛ إلا أنّ محاولته المستميتة إضطردتْ ، للعودة إلى ذلك الفردوس ، المفقود . وبما أننا في حديث الرئاسة الأولى ، في لبنان ، فها هوَ الرئيس اميل لحود ، المارونيّ ، ما فتأ في مركزه الوظيفيّ ، مصراً على إستعادة دوره كذيل للوصيّ البعثيّ ، السابق . وها هوَ الجنرال عون ، سعياً لترسيخ نفسه كمرشح مارونيّ ، وحيد ، للرئاسة الأولى ، يضع نفسه في محالفة مع حزب آيات الله ، الإيراني ، وفي مغازلة مع الجار البعثيّ ، السوريّ ، وكما لو أنه على إستعداد لتقمّص ذاك الدور ، اللحوديّ ، الموسوم آنفاً .

حينما يطلب الجنرال عون ، بمليء فمه ، أن يُصار إلى " الإعتذار " من مسيحيي جبل لبنان ، على ما ذاقوه من معاناة وتهجير على يد الطرف الآخر ، الدرزيّ ، من الصراع في الحرب الأهلية ؛ فإنما يتناسى أنّ تلكَ صفحة ، سوداء ، من تاريخ البلد ، قد طويتْ مع طيْ السجل الأكبر ، لتلك الحرب الدموية . أم أنّ جنرالنا ، بما يتصفُ به من إعتداد وثقة بالنفس ، على إستعدادٍ ، أيضاً ، لتقديم مبادرة ، مماثلة ، للبنانيين جميعاً ، وخصوصاً ، النصارى منهم : الإعتذار ، عن تلك المجابهة المفتوحة ، غيرَ المبررة ، مع تنظيم " القوات اللبنانية " ، الذي أدى في منتصف الثمانينات إلى إحراق بيروت الشرقية برمتها ؛ الإعتذار ، عن إنقلابه العسكري على الحكومة اللبنانية ، الشرعية ، ومن ثمّ على " إتفاق الطائف " ، الذي تمّ بموافقة المكونات اللبنانية ، جميعاً ؟؟ وعلى كلّ حال ، لا يبدو إختيار جبل لبنان ، تحديداً ، بالمكان الأنسب لتلك الحملة العونية ، العاصفة ، على الحكومة اللبنانية وبعض أبرز رموزها . من حقّ الجنرال العائد ، بطبيعة الحال ، إبداء ملاحظاته وإنتقاداته للحكومة وأدائها ؛ إلا أنه من المحظور عليه ، وعلى غيره أيضاً ، العودة بالبلاد إلى أجواء الحرب الأهلية . هذه الأجواء ، الموصوفة ، يختلقها حزب آيات الله ، الإيراني ، فيما هوَ يدعو إلى الإنقلاب العسكريّ على الأغلبية النيابية ، وتحت مسعى إيجاد آليات تشكيل ما يسميه بـ " حكومة الوحدة الوطنية " . وإذا كان نصر الله ، في ذلك المسعى آنف الذكر ، يحاول حماية " مقاومته " وسلاحها ، من خلال ربط مصيره بمصير نظاميْ الإستبداد في دمشق وطهران ؛ فمن غير المفهوم بحال ـ أخلاقياً على الأقل ـ موقف الجنرال عون ، المتضامن معه على طول الخط : لقد صدق مؤرخنا اللبنانيّ ، حقا ، بتوصيفه الصائب لسلوك بعض الزعامات ، المارونية ، الخرقاء !



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوارُ أديان أمْ حربٌ صليبيّة
- نصرُ الله والعَصابُ المُزمن للفاشية الأصولية
- سليم بركات ؛ الملامحُ الفنيّة لرواياته الأولى
- خيرُ أمّةٍ وأشرارُها
- إعتذار بابا الفاتيكان ، عربياً
- وليم إيغلتن ؛ مؤرخ الجمهورية الكردية الأولى
- الثالوث غيرَ المقدّس
- الحادي عشر من سبتمبر : خمسة أعوام من المعاناة
- الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 3 / 3
- الأعلام العراقية والإعلام العربي
- علم الكرديّ وحلمه
- الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 2 / 3
- محفوظ ؛ مؤرخ مصر وضميرها
- الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 1 / 3
- كردستان ، موطن الأنفال
- ثقافة المقاومة أم ثقافة الطائفة ؟
- المقاومة والمعارضة 2 / 2
- المقاومة والمعارضة
- الكوميديا السورية
- إنتصار الظلامية والإستبداد ؟


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دلور ميقري - الوحدة الوطنية ، المفقودة