|
مغزى العطاء والبذل للآخرين المعوزين
جواد كاظم غلوم
الحوار المتمدن-العدد: 7411 - 2022 / 10 / 24 - 17:46
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
مغزى العطاء والبذل " قيمة السخاء والكرم لهدأة النفس "
صديقي القارئ العزيز
لا تعطِ من منطلق انك كريمٌ عطوف والطرف الآخر معوز وهو بحاجة إليك وأنت قادر على مساعدته وتتخيّل انه لولاك لمات جوعا وبقي عريانا خالي الوفاض . بل أعطِ من منطلق إنكما بحاجة للآخر ، وكلاكما قادران لأن تتبادلا حاجاتكما إن لم تكن بحاجة لشيء فأنت حتما بحاجة لأن تشعر بالبهجة والسرور والرضا النفسي اذا ساهمت بمساعدة ذوي الحاجات . لا يمكن أن يكون هناك سلوك يعطيك بهجة وسرورا أكثر من العطاء نفسه . لا تعطِ هدية من مخزونك المادي إلا وتغلّفها بوشاح من روحك ولمسات حانية من يدك وابتسامة تعلو وجهك . العطاء المادي إذا لم يكن مقترنا بعطاء روحاني وعاطفي وسخاء إنساني لا يكفي ؛ بل قد يؤذي مشاعر الغير وتصاغر النفس ويودي بك الى العجرفة والكِبَر والزهو .
. من يتلقى العطاء هو حسّاس جدا لمشاعرك التي ترافق عطائك يتحسس في وعيه وفي ساحة اللاوعي عنده ويتفهم مدى فرحك بتقديم المساعدة . ويدرك من ايّ عمق من مشاعرك خرجت عطاياك فالسائل يمتصّ طاقتك التي ترافق ما أهديت . عندما تعطي مكرها فأنت تؤذي أكثر مما تساعد، وخصوصا عندما تتوهم ان الذي يتلقى العطاء لا يعرف حقيقة مشاعرك وأحاسيسك ودوافعك نحو الكرم والبذخ . العطاء لا يعني بالضرورة العطاء المادي حصراً وربما يكون العطاء الروحي أكثر إشباعا لحاجات المعوز وبلسما مطببا يفوق العطاء المادي . ومهما شحّت حياتك وقلّ جيبك ؛ فلا شك أنك تملك شيئا وغيرك بحاجة له، ولو عزمت ان تمنح ما عندك من فائض الى الطالب المعوز سيزيدك الكريم المُعطي ويعوّضك ما نفد منك . هذا الشيء قد يكون لطفك، عطفك، حنانك، تحيتك، لمستك الإنسانية ؛ قدرتك على المواساة وأنت تتوّجها بابتسامة جميلة ووجه بشوش ترافق ما وهبتَ . تقول قصة فيتنامية قرأتها قبلا ، أن امرأة كانت تملك إنائَي ماء أحدهما مثقوب ، ولم يكن يصل بيتها عندما تملأه من النهر القريب سوى الشحيح منه في القعر اذ يتسرب معظمه ويتبدى على الارض مما يجعلها تمتعض وتشعر ان جهدها أصبح سدى . لكن مع بداية الربيع لاحظت أن بعض البذور قد أينعت وانتشت على امتداد الطريق وأخذت تورق وتزهر بفعل الماء المسكوب . عندها أيقنت أن ماءها لم يذهب هدرا، فلقد أزهر الطريق وغدا ممشى وفسحة جميلة أشعرتها بالسعادة . وأنت كذلك ايها القارئ العزيز ؛ لن يذهب عطاؤك هدرا، مهما كنت بحاجة إليه، بل سيعود ليزهر حياتك ويبعث السرور والبهجة في قلبك ولو بعد حين . فاعطِ دون أن تتوقع مردودا جرّاء عطاياك وبلا أية مراءاة أو إظهار كرمك امام الآخرين حتى يقولوا انك سخيّ وإلاّ سيفقد العطاء قيمته ومعناه . اعطِ مثلما أعطتْ تلك المرأة الفيتنامية بعض مائها لتلك الارض المجدبة وسيفاجئك الربيع بحقل من الأزهار لم تكن تتوقعه . فالسخاء والعطاء يجب أن يعكس إنسانيتك ومحبتك وكرم أخلاقك، لا أن يعكس رأيك بفلان أو فلان او درجة القرابة منه . كم من الناس تزعم أنها تعطي، ولكنها تعطي وفقا لجدول من الاعتبارات ، تحدده آراؤها وميلها نحو هذا وذاك المعوز وفق رؤى عنصرية او مذهبية طائفية ضيقة الأفق . اكرمْ بعطائك كل محتاج بغض النظر إذا كان محسوبا على جدول اعتباراتك أم خارجه ؛ فالشمس تُوهب ضياءها ودفأها ولا تستثني أحدا مثلما المطر لا يفرّق بيت أرض وأخرى ، وكن مثل سخاء الطبيعة فيما تَـهَب ، فأنت ابن هذه الأرض المعطاء التي يأكل من ثمارها الجميع وتطعم وتروي البشرية بلا اعتبارات طبقية او جنسية او عقائدية . هكذا يكون الكرم حينما يتسع ليشمل الأبعدين والأقربين ومن أهلنا وغير أهلنا والغرباء عنا وعن عقائدنا ونسلنا طالما هم في عوزٍ وبحاجة الى من يعينهم . أليسَ الإنسان أخا الإنسان ؟؟
جواد غلوم
#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رفقاً بالمتقاعدين العراقيين
-
عن الجهل المقدَّس والجهل المؤسَس
-
نصائح ماسيّة - نعمة الكتمان -
-
عندما نصل الى عتبة الشيخوخة
-
ومن تقنية السوشيال ميديا ما فككتْ الأسرة
-
نشيخ وترقى عقولنا
-
العراق من أرض السواد والرواء الى الصحراء والغبراء
-
هرطقة الفصول الأربعة
-
هكذا كانت معتقداتنا في بلاد أوروك العراق وأوغاريت الشام
-
خارطة طريق سالكة وسلسة باتجاه الإيمان
-
هكذا هو وعد الإنسان - الأب - الحقيقي
-
شتاءٌ وهناء
-
حزمةٌ من ومضات الشعر
-
شيء من صفات ( الأحمق المفيد )
-
قصيدة - قوىً خائرة أمام وقحَةٍ قاهرة -
-
عندما تنزفُ شعرا
-
قواعد الفساد الستُ عشرة في عراق الموبقات
-
سيرتي الذاتية في أذيال العمر الأخيرة
-
القواعد العشرون للظفر برفيق العمر الحنون
-
وإذا الأنيسة توحّشتْ
المزيد.....
-
في تركيا.. ماذا يُخبّئ هذا -الوادي المخفي- بين أحضانه؟
-
جورج كلوني منزعج من تارانتينو بعد أن شكك بنجوميته
-
فيديو جديد يظهر تحرك القوات الأوكرانية داخل روسيا مع تقدم تو
...
-
الخارجية الروسية: نظام كييف الإجرامي يأمر بإطلاق النار على ا
...
-
تدريبات بالذخيرة الحية للقوات الأميركية والكورية الجنوبية لت
...
-
كيف يمكن أن تساعد -ممرات الهواء البارد- على خفض حرارة المدن؟
...
-
-البحر يغلي- ـ درجات حرارة قياسية في المتوسط للسنة الثانية
-
سموتريتش يعلن إقامة مستوطنة جديدة جنوب القدس ويتعهد بمواصلة
...
-
المخابرات الأوكرانية تعلن عن سرقة أموال مخصصة لتطوير حماية ا
...
-
مصر.. تعديلات مفاجئة على عدد مواد الثانوية العامة
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|