|
صناعة القطيع!
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 7409 - 2022 / 10 / 22 - 11:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
صناعة القطيع ! *الحياة المالية للنبي صلى الله عليه وسلم ، نموذجا. مرةً أخرى يمر علينا يوم من الأيام العالمية و الدولية التي تتبناها الأمم المتحدة ، كأداة تثقيف ونشر للوعي بين عامة الناس حول القضايا ذات الأهمية الإنسانية ،الصحية منها و الاجتماعية أو السياسية أو الإنجازات العالمية، والذي كان هذه المرة هو "اليوم العالمي للقضاء على الفقر" الذي أحيته الأمم المتحدة يوم الإثنين السابع عشر من أكتوبر الحالي تحت شعار "الكرامة للجميع"، والذي لم يعره ،للأسف، المجتمع المغربي - كما باقي المجتمعات العربية والإسلامية- أي اهتمام أو أهمية ، رغم معايشة غالبية مواطنيه للفقر المذل المؤدي للحرمان من الكرامة التي هي أساس كافة حقوق الإنسان الأساسية ، ما دفع بي والكثيرين غيري ، لطرح التساؤل المحرج حول إعجاب الأمة الإسلامية بالفقر واستحسانه ، وستشهادهم على شرعية تمجيده ، بمجموعة من الأحاديث المعززة لمعتقدهم المالي الخاطئ الذي يتخذونه ذريعة لتقبّل حالة الفقر التي يعيشون عليها ، ومن بين تلك الأحاديث ،على سبيل المثال، دعاؤه صلى الله عليه وسلم : "اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة" ، الحديث الذي يُشك في أن صلى الله عليه قصد فيه بالمسكنة ، الفقر والعَوَز وحاجة المادية ، بقدر ما قصد بها صلى الله عليه وسلم مسكنة القلب واستكانته وتواضعه مع الفقراء وأهل الصفة ، الأمر الذي يدفع إلى اجتراح تساؤل أكثر إحراجية حول المعتقدات المالية الخاطئة والأكثر شيوعاً بين الناس في مجتمعنا وبين كافة المسلمين ، من أمثال: هل كان صلى الله عليه فقيرا معدما ؟ وهل عاش فقيراً ومات فقيراً ؟ وهل كان صلى الله عليه يرغب في أن تكون أمته أمة فقيرة ؟ الفكرة التي روج لها رجال الدين ، وخاصة منهم الزهّاد -الذين تتطلب مصلحتهم وأغراضهم الترويج لذلك الادعاء- الذين أدخلوها في صلب التصوّر الإسلامي ، حتّى أصبحت من البديهيات عند أكثرية المسلمين ، والتي يكتشف سخفها وبطلانها أي باحث يناقش تلك الدعوى المضحكة من خلال سيرة النبي صلّى الله عليه وسلم ، ويتوصل منها ، بيسر وسهولة ، أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن فقيراً ، وهو الذي امتن الله عليه بقوله تعالى: "وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى " وبدليل ادعيته المأثورة– المستجابة – التي وردت في "صحيح البخاري" :الله اللهم أعوذ بك من الفقر" أو التي رواها مسلم وغيره: "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى" ، وغيرها من الآيات والأحاديث والقرائن والأدلة التي تبين يستشف منها بوضوح أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن فقيراً، إذ كيف لمن يترك بعد موته بساتين وأموالاً بالمدينة أن يكون فقيرا ؟ وإذا كان غنيا ، فكيف يمكن لغني أن يتوفى ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير ، كما في الحديث المروي عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها والذي يعتمده من لهم مصلحة في ذلك من شياطين الأنس الذين قال فيهم سبحانه وتعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" ، وذلك لدعوة الناس إلى ترك الدّنيا والزهد فيها ، المخالف لتعاليم الأسلام التي تحث على التمتع بالحياة وغناها كما في قوله تعالى:"وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا" ،وقوله تعالى":قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ" . ربما يتساءل متسائل ما الدافع للكتابة في هذا الموضوع الشائك بالذات؟ فيكون ردي ببساطة ، إنها الغيرة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وعدم الرضى بأن يصف الجهلة نبينا الكريم بالفقر أقبح أوصاف النقص والضعة والمسكنة والانكِسارِ والافتقارِ المحط بالكرامة ، وهو الذي كان يستعيذ بالله من الفقر، فيَقُولُ :"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ ، وَالْقِلَّةِ ، وَالذِّلَّةِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَظْلِمَ ، أَوْ أُظْلَمَ". أخرجه أحمد والبُخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، إلى جانب رغبتي في المساهمة في تغيير الفكر السلبي والمعتقدات والأفكار الخاطئة السائدة بين الناس ، حول الحياة المالية للنبي ، والتي طوال مراحل طفولتنا وشبابنا ونحن نعتقد اننا ندافع على فكرة صحيحة لها هدف نبيل، لكن عندما كبرنا ونضجت عقولنا ، اكتشفنا اننا كنا ندافع على افكار زرعوها في عقولنا الباطنية بكل خبث ومكر منذ أيام الطفولة الأولى عن طريق العائلة والمسجد والمدرسة والمجتمع والإعلام ، وذاك مايسمى بصناعة القطيع ، والذي لازالت خرافاته وأوهامه وعقده مستمرة إلى اليوم. حميد طولست [email protected] مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية. عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة. عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية. عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اين الخلل يا وافيين؟!
-
القهوة كالحُب قليل منه لا يروي وكثير منه لا يشبع.
-
احتفاليات لا تجسد عظمة المحتفى به !
-
حجاب إيران وقميص عثمان.
-
الدين المعاملة
-
إغتناء المتسولين على حساب -فاعلي الخير- !
-
شر الناس من بفسوقه يضر نفسه والناس
-
التعلق الغريزي باللذات 1
-
إذا تعاطى الحاكم التجارة فسد الحكم وفسدت التجارة !
-
يوم النظافة العالمي.
-
عندما يشتاق الإنسان لنفسه !
-
مكره أخوك لا بطل !
-
ليس هناك أصعُب من أن تقوم بشيء أنت مجبر عليه !
-
ولا يحق المكر السيئ إلا بأهله.
-
الخيانة آفة تفتك بالمجتمعات وتدمر ما بينها من علاقات !
-
وستبقى الصحراء مغربية!
-
الخيانة لا يمكن أن تكون موقفا سياسيا
-
هموم الامتِحانات والاختِبارات !
-
المزايد بالقضية الفلسطينية لترميم المواقع السياسية !
-
الوقاحة هي ان تنسى فعلك وتحاسب غيرك على فعله !
المزيد.....
-
خطيب المسجد الأقصى يحذر: كل المؤامرات الحالية تستهدف تسليم ا
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
أ ف ب: حماس والجهاد الاسلامي وافقتا على اتفاق وقف اطلاق النا
...
-
صبري: مؤامرات تهدف إلى تسليم الأقصى لليهود
-
بعد أيام من كارثة -وليمة الدم-.. إعلام سوري يوضح حقيقة إغلاق
...
-
مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
-
أمسية علمية متخصصة حول زراعة الأسنان في سلفيت
-
مصري ارتد عن الإسلام ينتج فيلما ضد حماس لدعم إسرائيل
-
ما بين التخوف من -الإسلام السياسي- و-العودة إلى حضن العروبة-
...
-
اليهود يغادرون.. حاخام بارز يدعو أوروبا إلى التصدي لتزايد مع
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|