أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ديكتاتورية العامة- الجمهورية














المزيد.....

ديكتاتورية العامة- الجمهورية


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7408 - 2022 / 10 / 21 - 17:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هي تلك التي تتحقق حين يملي العامة إرادتهم على أنفسهم بشكل مباشر من دون وسيط، وهي أيضاً التي وصفها أفلاطون كأسوأ أنظمة الحكم الرشيد لتأتي في المرتبة الثالثة بعد حكم الفيلسوف أولاً وحكم القلة ثانياً. كانت هذه الديمقراطية المباشرة هي الوضع القائم في أثنيا أيام أفلاطون، وهي نفسها التي قد حملها أفلاطون المسؤولية عن انحلال المدينة وتفسخها وضعفها، ثم هزيمتها في نهاية المطاف لخصمتها المجاورة إسبرطة، حيث كان يسود حكم النخبة الأرستقراطية. كانت نظرة أفلاطون لعامة الناس نظرة دونية، لأن فيهم بالضرورة الجاهل والأحمق والطماع والشره والشرير والمتهور والمرتشي وقصير النظر والجبان وغير ذلك من مساوئ البشر المعتادة. وقد عاصر أفلاطون بنفسه واقع نظام سياسي أوصل مثل هؤلاء الأشخاص إلى حيث يصنع القرار ويمارس الحكم، في الغالب بنتائج كارثية. من حيث النظرية، اعتقد أفلاطون أن الديمقراطية المباشرة هي النظام الأرشد لكونها التجسيد الحقيقي للإرادة العامة. لكنها، في المقابل، لا تصلح للتطبيق سوى وسط التجمعات الصغيرة الحجم، مثلما كان الحال في الأزمنة الأولى لتأسيس مدينة أثينا. لكن بعدما كبرت المدينة ونضجت وتشعبت إلى الحد الذي أصبحت عليه أيام أفلاطون، أصبح مثل هذا النظام مفسدة كبيرة.

في الديمقراطية المباشرة، يجتمع كل المعنيين بالأمر معاً في مكان يتفق عليه لمناقشة الأمر والتوصل إلى قرار بشأنه، ويحددون آلية تنفيذه والجهة التي تنفذه وتبعات عدم الامتثال. وفي النهاية، هم المراقبون لصحة التنفيذ وهم المحكمة العليا ذات الاختصاص الحصري للحكم إما بتسوية الأمر أو بإعادة طرحه للنقاش من جديد. مثل هذا الوضع قائم بالفعل منذ القدم وسط المجموعات البشرية عبر كل أرجاء العالم. وفي المنطقة العربية، سنجد معادلاً له فيما لا يزال يعرف بالجلسة العرفية أو القبلية أو العشائرية، أو ما نسميه في مصر ’قعدة عرب‘. لكن، من جهة أخرى، إذا كانت هذه الآلية لصنع القرار وتنفيذه تصلح داخل مجموعات صغيرة وبخصوص مسائل معينة، فهي بالتأكيد ليست كذلك حين يكثر عدد المجموعة وتزداد المسائل المطروحة للنقاش تشعباً وتعقيداً. وهي نفسها التي قد أدت، في نظر أفلاطون، إلى الهزيمة المذلة لمدينته أثينا وتحول الأثينيون أنفسهم إلى عبيد لدى جيرانهم الإسبرطيين.

من الناحية النظرية، كان أفلاطون يرى أن كل رجل حر لابد من أن يملك إرادته بيديه، لأن الفرق بين الحر والعبد هو في كون إرادة الأخير ملك للأول. ومن لا يملك الإرادة لا يملك القرار، حتى لو كان قراراً شخصياً. السيد هو المالك لإرادة العبد، وهو الذي يقرر له، سواء كانت القرارات عامة أو حتى شخصية. لهذا، كان لابد وأن يشارك كل رجال أثينا الأحرار بأنفسهم في مناقشة وتقرير مصلحتهم العامة، عبر الاجتماع معاً والتناوب على مناصب الحكم سواء بالدور أو بالقرعة، بما يكفل- كونهم أحراراً- المساواة بينهم جميعاً. لكن مثل هذا الوضع، في مدينة كبرى مثل أثينا زمن أفلاطون، كان يأتي بنتائج عكسية، حيث يسود الصخب والفوضى ويصعب التوصل إلى أي قرار حكيم. وحتى لو تم التوصل إلى هكذا قرار، قد تجد أن شاغل المنصب المنوط بالتنفيذ إما جاهل أو فاسد أو ضعيف أو قصير النظر. وحتى لو لم يكن، وصادف القرار شخصاً تنفيذياً كفوء في موضع القيادة والتنفيذ، فهو لن يستمر في منصبه أكثر من عام واحد ليخلفه آخر إما بالدور أو القرعة، الأمر الذي لا يضمن أي استمرارية أو استقرار حقيقي لدولة المدينة.

لقد وقع الفيلسوف أفلاطون في معضلة فلسفية كبرى وفشل في أن يجد لها حلاً أو مخرجاً عملياً. فالفضيلة (الحرية) عنده هي معادل الإرادة الحرة، وكل رجل حر لابد أن يملك إرادته، أو أصبح عبداً. والنظام السياسي الحاكم لرجال أحرار لابد أن يكون معبراً (بشكل مباشر) عن إراداتهم الحرة جميعاً، وإلا أصبحوا مستعبدين له مثل العبد لسيده. لكن، في الوقت نفسه، كلما كثرت هذه الإرادات الحرة، مثلما كان الحال في أثينا، كلما ازداد الصراع والتناحر فيما بينها وأصبحت أقرب إلى الفوضى منها إلى التوصل لأي قرار مهما كان سيئاً. وحتى في حال التوصل، قد لا تجد من يقدر على إنفاذه. فهذا الوضع الأفضل نظرياً كانت عواقبه كارثية على أرض الواقع ودفعت أثينا أفلاطون استقلاليتها ثمناً له.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديكتاتورية القلة/الكادر واغتصاب الإرادة العامة
- الديكتاتورية الأفلاطونية
- توحيد وقومية
- الفيل في المنديل- شيطنة الفضول
- إلهٌ بحجم الجيب
- الكتالوج الرباني
- مسلمون بحالة المصنع
- ماذا تعني ’التعبئة الجزئية‘ الروسية؟ 2
- ماذا تعني ’التعبئة الجزئية‘ الروسية؟
- آلهة وبشر في علاقة تبادلية
- ثلاث سيناريوهات لنهاية حرب بوتين 2
- ثلاث سيناريوهات لنهاية حرب بوتين
- البيض الأمارة - نظرة ثقافية
- الدين في العالم القديم 4
- الدين في العالم القديم 3
- الدين في العالم القديم 2
- الدين في العالم القديم
- -حاجة لله- - المفهوم الاجتماعي للنص
- شرعية المحكومين المهدرة
- استعلاء الثقافة العربية على الفرد


المزيد.....




- برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع ...
- إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه ...
- ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
- مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
- العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال ...
- اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
- هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال ...
- ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
- مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد ...
- موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ديكتاتورية العامة- الجمهورية