|
مفهوم الحرية
صالح مهدي عباس المنديل
الحوار المتمدن-العدد: 7408 - 2022 / 10 / 21 - 10:14
المحور:
المجتمع المدني
يقول جين پول سارتر الحرية وهم. "الإنسان محكوم عليه أن يكون حراً: "لأنه بمجرد إلقاءه في العالم ، يكون مسؤولاً عن كل ما يفعله. الحرية هي امكانية الفرد لممارسة ما يره مناسبا من اجل تحقيق اهدافه و أنجازها دون الخوف من السلطة و دون الأضرار في حريات و حقوق الآخرين. اذن الحرية مفهوم غير مطلق بل له شروط. و التعريف الآخر هو
الحرية هي القدرة على محاولة القيام بما نرغب في القيام به ، بمعرفة معقولة ، والتي لا يستطيع أحد أو سلطة أن يعيقنا عن تحقيقها من خلال ممارسة تعسفية لإرادته.
في حياة الأنسان البدائية كان يعمل كل ما بوسعه لأجل البقاء و هذا ادى الى تصرف معظم البشر بحسب ما تمليه عليهم غرائزهم و شهواتهم البدائية و ما يصاحبها من تفاعلات عاطفية و مشاعر آنية تفرضها ضرورات الحياة اليومية. اذن الأنسان مثلاً كان يسرق اذا أمنَ العقاب، نقف هنا عند ذلك، لو اتيح مفهوم السرقة او القتل لكل فرد كممارسة مقبولة اجتماعيا لاصبحت الحياة فوضى و مخيفة جداً لا يأمن الفرد على حياته أو ماله. لذلك اعتبرت هذه الممارسة منافية للعقل و غير قابلة للتعميم، فانت لا تريد احد ان يقتلك او يسرق مالك لذا توجب عليك ان لا تفعل ذلك للآخرين خلاف ما تمليه عليك الغرائز و المشاعر. مع تطور المجتمعات و عيش الأنسان في تجمعات بشرية واسعة اصبح لابد من وجود مؤسسة تنظم العلاقات و تعاقب المسئ و تنتصر للمظلوم وهذا هو مبدأ تأسيس الحكومة التي تمارس سلطتها على الناس ضمن قوانين في مساحة جغرافية محددة و مصدر هذه القوانين هي المجتمع نفسه. و القانون معزز بالقوة المسلحة التي تفرض التطبيق. لكن السلطة مغرية حيث اصبحت الحكومات مصدر رئيسي لممارسة العنف و تكميم الأفواه و مصادرة الحريات و هكذا عاشت البشرية مدى الاف السنين حتى عصر النهضة، ربما الأمر يختلف في الدول الأسلامية، لان اوربا عاشت تحت وطأة الملوك و الكنيسة و الأقطاع. و من شواهد التاريخ الحديث هو تدهور العراق تحت سلطة اليعث التي صادرت الحريات بكل اشكالها و كممت الأفواه و هجرت العقول ، لان الأنسان فقد الحرية و معها فقد كل ما لديه، اذ يقال "اعطني الحرية او اعطني الموت" و الحرية هي "الأمر الوحيد الذي يستحق ان يموت الأنسان دونه." هنا لابد من وقفة تمجد دور الأسلام اذا عاش المسلمين مدى العصور على مساحة من الحرية عدا ظلم بعض الولاة. في الثقافة الأوربية مفهوم الحرية مرتكز على نظريات الفلسفة اليونانية التي نقلت اليهم عن طريق المسلمين( حيث ترجمت و فقدت النسخ الأصلية). و يعتبر ايمانويل كانت المفكر الأول في هذا المجال الذي اعتبر ان الحرية حق مطلق للأنسان لا يجوز الأعتداء عليه. الحرية ليست مفهوم واحد و أنما مجموعة من الأفكار و الممارسات الي تحترم و تضمن للأنسان كيانه الفردي المستقل تمام الأستقلال ( غالبا ما تكون نقاط الخلاف هنا بين حرية الفرد و حرية المجتمع و هذا موضوع آخر). المباديء هي: الأستقلالية الفردية حرية العيش و التنقل كما يشاء ان يفكر كما يشاء و يقول ما يعتقد دون الخوف من العقوبات حرية العمل مع من يشاء و أين يشاء حرية اتخاذ القرار بما يخص حياته و ممتلكاته دون تدخل الآخرين او السلطة حرية انشاء المنظمات بكل اشكالها و منها الأحزاب السياسية حرية المعتقد و الدين، اذ لا يحق للاخرين ان يفرضوا معتقدهم عليك او تكفيرك او التمييز ضدك. حرية التعبير و الكتابة في الصحف. شجب و الغاء ابعبودية. الحرية في التصويت لمن يحكم و كيف يحكم. و يجب ان تراعا المساواة بين الأفراد في هذه الحريات كي لا يتغلب القوي على الضعيف.
الحرية هي تحرير الأنسان من الخوف، حيث اثبت التاريخ ان الأنسان لا يستطيع التفكير و الأبداع و التطور الا اذا كان خاليا من المخاوف و القيود( صمن حدود معينة و ليس مطلقة). حيث حرية الأبداع و التفكير من اجل التقدم دون المساس بحقوق الآخرين و هي حدود مقدسة. يجدر الامر هنا الى الأشارة انه على المستوى الشخصي و من واجب الفرد نفسه ان يتحرر من الضغائن و العبث و الأدمان و غيره من الصفات الضارة ليكون على قناعة و سلام بداخل نفسه. و بذا يستطيع تحرير نفسه من المخاوف.
هنالك عداء و تناقض موروث و مستمر بين الحرية والسلطة ، وبالتالي ، يصبح السؤال السائد هو "كيفية إجراء التعديل المناسب بين الاستقلال الفردي والتحكم الاجتماعي و تحكم السلطة. اي حرية الفرد مقابل المصلحة العامة للمجتمع. مما يستوجب سن القوانين ابتي تحدد العلاقة بين الأثنين و تدعيم هذه الفوانين بالقوة اذا استوجب. هذه القوانين من شأنها ان تحدد من حرية الفرد الأمر الذي يجعل ادراك الحرية مبتغى لا ينال و انما يحصل بشكل جزئي على هيئة حقوق الفرد و التزاماته للمجتمع. يقول جان جاك روسو صاحب نظرية العقد الأجتماعي " وُلد الناس احرار و اراهم في كل مكان بالقيود". اي عندما يعيش الأنسان مع الآخرين يتخلى عن جزء من حريته و حقوقه لغرض الحصول على الأمن و الضمان الذي يوفره المجتمع. هكذا تبقى لحرية الفردية التي وصفها المفكرون وهم مثالي لا يمكن تطبيقه الا بصورة جزئية و مشروطة.
#صالح_مهدي_عباس_المنديل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانسان ، غاية ام وسيلة
-
لماذا فشلت الشيوعية
-
لماذا سيفشل السوداني
-
الصداقة في مجتمعنا
-
ادارة الدول العربية
-
نقد الأعلام العربي
-
مآثر العرب
-
السقوط
-
التجديد في الشعر العربي
-
مؤسس المدرسة
-
كيفية ايجاد حلول للمشاكل
-
التفكير النقدي
-
التفكير النقدي لطلبة الجامعات
-
التعليم في العالم العربي
-
الجامعة
-
المدارس
-
كلية الطب
-
اوجاع في بغداد الحصار
-
كي لا ننسى
-
النهر الغريب
المزيد.....
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
-
مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال
...
-
جدل في لبنان حول منشورات تنتقد قناة محلية وتساؤلات عن حرية ا
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|