أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باسم عبدالله - عقوبة الأعدام في القرآن: السعودية نموذجاً















المزيد.....


عقوبة الأعدام في القرآن: السعودية نموذجاً


باسم عبدالله
كاتب، صحفي ومترجم

(Basim Abdulla)


الحوار المتمدن-العدد: 7408 - 2022 / 10 / 21 - 00:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اجاز الفكر الديني احكام الإعدام بقطع الرؤوس بما يلائم الرغبة الإلهية المتعطشة للدم خلال عصوره الوثنية المتمثلة بالإله مردوخ الى يومنا هذا في النموذج الإلهي غير المرئي، الله الكلي القدرة والذي تعبده شعوب الشرق وتنحر على اعتاب غيابه ملايين الذبائح. اذ رغم تقدم الحضارة والحداثة والقوانين الوضعية التي منعت عقوبة قتل المذنب في الجرائم العنيفة ومنعت قتل الإنسان واعدامه لأسباب دينية وثأرية. لقد تميزت الشريعة الإسلامية عن سائر الانظمة الدينية بعقاب رباني المصدر واقعي التطبيق، فتنوعت تلك العقوبات من خلال فتاوي الفقهاء انعكس ذلك في تنوع الأنظمة الردعية في السعودية مما جعل الأسلوب الإرهابي يتخذ من النص الديني اسلوباً ايمانياً لعدالة الإله لكنها عدالة ترويعية لا تمت لقيم الحضارة والتمدن بصلة، فتشريع تلك العقوبات التي استمدتها العقلية الخرافية في الغيب لنظام عقابي شديد. يحتل الشرق المرتبة الأولى في اختراق قيم الإنسان بسرعة تنفيد الأحكام القسرية التي تؤدي غالباً الى عقوبة الإعدام، بغض النظر عن واقعية وثبوتية تلك الجرائم التي نسبت الى ضحاياها وثذ وقعوا فيها عن غير عمد او سبق اصرار، او ابرياء لا علاقة لهم بتبعاتها، فتكون الأحكام مأساة اجتماعية لعوائل المعدومين، بل ان الكثير من احكام الإعدام لا تحسب كعمل جنائي، تلك التي تتعلق بالمخدرات لدوافع اقتصادية او سلوكية بسبب الدوافع الأسرية، هناك العديد منهم يتم اعدامهم تقل اعمارهم عن 18 عاماً، عندما ارتكبوا جرائمهم، وهناك من تم اعدامهم ضد اشخاص لديهم اعاقات عقلية، او تطبق بحق العديد اثر محاكمات صورية جائرة، وقد يقضي العديد منهم سنوات عديدة بانتظار تنفيذ حكم الاعدام، لقد وقفت منظمات انسانية عديدة من ضمنها منظمة العفو الدولية ضد عقوبة الإعدام بغض النظر عن طبيعة تلك الجرائم، سواء ادى ذلك الى اعتراف المحكوم بذنبه، او شعوره بالذنب، او البراءة، كذلك وقفت منظمات حقوق الإنسان بوجه اية طريقة يتم فيها تنفيذ حكم الإعدام او تلك الأساليب التي يتم فيها انتزاع الاعتراف قسراً. يبقى مبدأ ازالة عقوبة الإعدام هدف إنساني يجب ان يسود دول العالم في كل مكان. عند مراجعة التاريخ الديني لعقوبة الإعدام وهي الفكرة الإلهية التي سبقت أحكام الاعدام الوضعية. مارس الفكر الديني في عقاب الملحد، او الجاني، بالتعذيب الجسدي في الحياة الدنيا ” الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ. ” فهذا الأمر اثبات الألم الجسدي قبل وصول الجسد الى الدار الآخرة لنيل بقية العذاب الرادع في النار. غاية العقاب هنا تختص بالدنيا ” دار التكليف ” توجد في دار الجزاء، اي الآخرة. فهذا النوع من العذاب الهدف منه التشفي او رد الإعتبار، فهذه العقوبة يراها الفكر الديني وجوب معانات الزاني قبل موته، فلا توجد حكمه في تعذيبه الا بهدف التشفي والتشهير به وانزال مكانته عند طائفة من المؤمنين. هذا الأمر خالف العقوبات الوضعية في انها تهدم احساس المرء بمكانته اجتماعياً بينما لا ترى العقوبات الوضعية انزال العذاب على الجسد، انما انزاله في النفس وهذا الأمر يكون اكثر عداله، فالهدف احساس المجرم بذنبه بحيث تكون له فرصة مراجعة الذات خلال فترة حرمانه من الحرية، لكن التشهير به واذلاله انما يفقده الثقة بالنفس والدونية، فيتحول الى مجرم متمرس ولا يجد اي صلة بينه وبين المجتمع، واذا انتقلنا الى النص القرآني في العقوبات الدنيوية ففي سورة المائدة ” وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ... ” كانت العقوبة اشد فمن خلال النص الديني تمثلت بعمل عاهة مستديمة، تحول فيها الفرد الى عضو عاطل غير قادر على الانتاج ولا على تحمل مسؤولية اعالة نفسه وعائلته، لقد اهمل إلإله النتائج السلبية في وضع المعوق وطريقة اعالته ومن يتحمل مسؤولية حياته فهذا النكليف سيكون لكل حياة الفرد المعوق، فهي حالة ” نكال ” وهي اقسى حالات الإذلال للفرد في نفسه وجسده. والنكال بمعنى عبرة. من التشريعات العقابية الرادعة في لفكر الديني كما ورد في سورة النساء ” وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً ” فهذا الأمر يشجع الى فعل غير أخلاقي في العلاقة غير القانونية والشرعية ويجعل من الصعب التحقق من واقعة الزنى، اذ يتطلب وجود اربعة اشخاص في حالة شهودية لتثبيت الحالة وهذا امر يستحيل وقوعه اذ الأمر غالبا يتم بشكل سري بين المرأة والرجل، لهذا اشتراط وجود اربعة شهود لتثبيت الواقعة انما يدلل التشجيع على فعل الزنى، بينما قتل الجاني بشهادتين وقطع اليد بشهادتين، مما يجعل ميزان العدالة الإلهية يحمل الكثير من الظلم في تطبيق نوع العقوبة. تتسع احكام الظلم الإلهي عندما ينعكس على شهادة الزوج في زنى الزوجة ” والذين يرمون ازواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا انفسهم فشهادة احدهم اربع شهادات بالله انه لمن الصادقين .. ” اي يكفي على الزوج اتيان من يشهد على ايمانه وصدقه في قوله اثبات زنى الزوجة. هذه الآية نسخت حكم الآية السابقة، بمعنى ان ميزان العدالة الإلهية لم يمكن تحقيقه بين الاثبات والنفي.
اشار القرآن القصاص في القتلى كما بين ذلك في سورة البقرة ” الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيم ” فكان التقسيم الإجتماعي على اساس طبقي، اذ قسّم المجتمع بين الاحرار والعبيد، بينما في الواقع كان ينظر في تناقض النص في سورة الحجرات ” :يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير” فهذا العدل الإجتماعي عند الله في المساواة والحقوق يختلف عند تقسيم طبيعة العقوبة اذ انها تفرق بين الناس في اصولهم العرقية والطبقية مما يجعل النص الإلهي على المحق في انه صناعة شخصية لا علاقة لها بالوحي الإلهي.
بل ان الأمر الإلهي يفرق بشدة على حساب ميزان العدل الإجتماعي كما ورد في سورة النساء ” الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ” اذ تحول الظلم الإجتماعي الى هيمنة الرجل على المرأة وامتلاك امرها، وان رفضت الطاعة فعليه بهجرها في المضجع و ضربها، فهذا الأمر يؤدي الى خلل في ميزان القوانين الجزائية والعقوبات بين الطرفين بحيث ينحاز الأمر على تغليب احقية الرجل واسقاط حقوق المرأة المدنية والشرعية على حساب كيانها الشخصي. يتمادى النص القرآني بتثبيت الظلم وتمكين الظالم وتبرير سلوكياته وايجاد المببرات لعدم تقديمه للعدالة الإجتماعية كما ورد في سورة النساء ” وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ... ” لقد اجار القتل غير العمد بتحرير عبد مملوك. فهذا الأمر انما يلغي دور القوانين الوضعية اذا اعتمدت عليه. لقد امر النص الديني بقطع يد السارق لكنه اكتفى بجلد الزاني والزانية في سورة النور“ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ ” يفترض ان تكون عقوبة الزنى وهي الفعل المحرم لانها تتسبب في اختلاط الأنساب ان تكون عقوبة السجن بدل التشهير بهما على الملأ. لقد تخطى الفكر الديني عقوبات العلاقات الإجتماعية متوسعاً في الأمعان بقتل الخارجين عن الإرادة الإلهية وليس بسبب في الحقوق المدنية والوطنية، فهذا الإله بحسب سورة المائدة ” إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ” هذا النوع من العقوبة الشديدة تنال الذين يحاربون الله في عقيدته الغيبية بتقطيع اوصالهم والامعان في قتلهم او نفيهم في الأرض. لقد تعدد الإرث الإلهي في فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي الا انها اختلفت بشكل جوهري في كثير من اهدافها الا ان لنظام العقوبات الإسلامي تميزاً عن الكثير من الانظمة العقابية الوضعية منها:
1 – ربانية المصدر، فلقد تضمنت النصوص القرآنية عدداً من العقوبات ليس للقاضي ولا لغيره الحق في تعديلها، انتقاصها او استبدالها وهذا راجع الى الإيمان المفرط للعبودية الإلهية .
2 – طبيعة العقوبة في الفكر الديني الإسلامي هدف آخروي يتمثل في تطهير الجاني بتكفير الذنب، اي تكون العقوبة دينية لا علاقة لها بمفاهيم الوجود الإنساني ولا علاقة له بتأهيل الجاني لحياة افضل فهذا يعيد الفرصة اليه كعضو عامل في المجتمعات الدولية.
3 – اهمل الفقة الإسلامي في نظام العدل مبدأ حماية الجاني وجعل من العقوبات المدنية رمزاً للعقاب الإلهي ووضع المقارنة بشكل تعسفي بين القوانين الوضعية والإلهية وتفوق عليها بوضع عقوبات صارمة تمثلت بقطع الرؤوس مجتازاً بذلك بمراحل اقسى العقوبات الوضعية. فليس هناك حجم عقابي محدود بل يجب استئصال الجاني بترويع المجتمع المدني في التفكير بوقوع ذات العقوبة على اي جان اخترق الأحكام الدينية.
4 – العقوبات المقدرة شرعاً، كعقوبة الزنا، شرب الخمر، القذف، السرقة، وقطع الطريق والبغي، وهي عقوبات لانجد لها في قوانين العقوبات المدنية غير الغرامة في اقصى حالاتها لكنها تندرج في نظام العدل الإسلامي من الجرائم التي تندرج بين في قطع اليد والسجن لفترات طويلة.
5 – عقوبات غير مقررة شرعاً اذ لم يرد فيها نصاً شرعياً يحدد نوعها وانما تفرد في تطبيقها اجتهاد الحاكم، وحال الجاني، فيها تندرج المعاصي لاحد فيها ولا كفارة وهي عقوبات تصل بين العفو والقتل حال وفاة المجني عليه ان يسقطها وان كانت تمس كيان المجتمع او التي يسقطها عفو ولي الأمر يتضمن ذلك حتى العديد من الجرائم التلبسية. يخالف ذلك القوانين المدنية التي تضع الإعتبار لحق المجتمع وليس لحق ولي الأمر او المجني عليه عند اسقاطه الدعوى القضائية.
6 – نصّ القرآن بصريح العبارة وبلا تأويل في الشرع الإسلامي على قطع الرؤوس كما ورد ذلك في العديد من السور القرآنية كسورة محمد ” ... فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّواْ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ... ” هي طريقة معتادة في الشريعة الإسلامية وقد استمر تطبيق هذه العقوبة الشديدة ليومنا هذا في المملكة العربية السعودية، قطر واليمن. لقد استخدمت المنظمات الجهادية كتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، ومنظمة التوحيد والجهاد، لقد انتشر تعميم قطع الرؤوس كواجهة ارهابية وتم توزيع اشرطة فديو لأشخاص مقطوعة الرأس او تمارس قطع الراس، استدلت آية اخرى في سورة الانفال ” ... إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَان ... ”
مارست المملكة العربية السعودية قطع الراس بالسيف او الرجم بالحجارة حتى الموت، وقد بقيت هذه العقوبة اعمالاً بنصوص الشريعة الإسلامية التي استمدت نظامها من النصوص القرآنية، وكما اشار القرآن ان يتم تنفيذ العقوبة علناً امام الجماهير وفي ساحات مخصصة لذلك. تنوعت احكام قطع الرؤوس من ارتد عن الإسلام، السطو المسلح، ازدراء الدين، تهريب المخدرات، القتل، جرائم الاغتصاب، كذلك التحريض على التمرد العام، الاعمال الارهابية ونبذ الايمان بالله، التجسس، وقد شملت كل هذه الجرائم طريقة تنفيذ قطع الرؤوس.
في العام 2013 اعدمت السعودية اكثر من 78 شخصاً في قضايا متنوعة اذ اعدمت العديد من العاملين في قطاعات مختلفة بجرائم مختلفة منها اعدام 5 يمنيين علقوا جثثم في ساحات عامة كذلك نفذوا حكم الاعدام بسعودي اتهم بتعذيب زوجته. في العام 2016 ارتفع عدد حالات الاعدام بقطع الرأس، نفذت المملكة اعدام 47 رجلاً بتهم تتعلق بالإرهاب، فتم توثيق هذا الاعدام الجماعي من لجنة حقوق الإنسان Human rights رغم التحذيرات الدولية في عموم العالم من قبل منظمات وجمعيات حقوقية فاستمرت حملات قطع الرؤس لذات العام حتى وصل 101 قطعت رؤوسهم بالطريقة الإسلامية البشعة بما يتفق مع الشرع والفقه الإسلامي. اتبعت المملكة العربية السعودية سياسة قطع الرؤوس الى يومنا هذا رغم محاولات السعودية تعديل الاحكام الدستورية ظاهرياً لكن في حقيقة الأمر مازالت تمارس القمع والتنكيل وامتهان كرامة الإنسان في المعتقلات وانتزاع الاعتراف القسري من المتهمين واثارة الهلع في نفوسهم اذ لا يعلم المتهم متى سيتم قطع رأسه ولا يأمن اي فرد عدم قطع رأسه من اية جريمة كانت. لقد تصدرت السعودية المرتبة الثالثة عالمياً بعد الصين وايران في احكام الإعدام فيكون غالباً بقطع الرأس او رمياً بالرصاص. رغم وحشية عقاب قطع الرؤوس ترفض السعودية بحكم سياستها العقابية تسليم جثامين المعدمين لعوائلهم بغية إقامة مراسم التشييع. إن التشريع السعودي قد ارتقى الى اعلى قمم الإرهاب، فهذه المرجعية الدينية للفكر الإسلامي يعرض الوحدة الوطنية للخطر ويسئ بشكل فعال لسمعة الدولة ما لم تتبدل تلك الأحكام القسرية. ان تجريم الأشخاص بسبب حرية الفكر خاصية الدولة الدينية، وهم يرون في العقل المستنير والى الداعين بإلغاء عقوبة الإعدام بأنهم يشكلون خطراً على الإسلام والشريعة الإسلامية. لم يقتصر القرآن على استباحة قطع الرؤوس فحسب، بل ارهاب الأنفس حتى بعد موته وانقضاء اجله كما ورد على سبيل المثال في النص القرآني في سورة التوبة التي وصفت انها سورة السيف ” يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ.. ” هذا السيناريو الرهيب في انواع العذاب الجسدي انما جسّد صور الأعدام النفسي عاشه المرء في الحياة الدنيا عندما قرأ النصوص التي روعت امنه الشخصي فتنزل به من الامراض النفسية ما تجعل حياته النفسية تعيش الاضطراب والخوف قبل تنفيذ الحكم.
العدل الإلهي لم ينسجم بين الجريمة والعقوبة، اذ كيف يصح الخلود في النار مع كون الذنب منقطعاً فهذا نقض للمساواة المفروضة بين الجريمة والعقاب. العقوبة في القانون الوضعي تسقط هذه المقارنة فلا خلود في العقوبة ولا تعذيب للجسد كما هو الحال في الدار الآخرة. فالسياسة الشرعية منشؤها الوحي الإلهي اما الوضعية فمنشؤها الفكر البشري ومجال العقل فيها منحصر في الكشف عن الدلائل وتحديد نوع الفعل الإجرامي، فالعقل يكون مستقلاً لا يمتلك نزعة الأنتقام بقدر ما يجنح الى الواقعية. ان مشكلة السياسة الشرعية انها تضع الإطار لقدسية الوحي الإلهي في الشخصية الدينية التي تتفرد بشخصانية النص من خلال ايحاءات فردية تتحدد على اساسها مصائر الشعوب في الفعل العقابي، بينما في السياسة الوضعية تجتمع لجان غالبا ما تضع الاعتبار للكثير من العوامل التي تساعد على اتخاذ قرار العقوبة بطريقة اكثر عدالة. لقد اقرت القوانين الوضعية الغاء عقوبة الإعدام احتراماً لقيمة الحياة الشخصية، لان الإعدام ازهاق حياة المحكوم عليه هي عقوبة استئصال المدان من عداد المجتمع بطريقة نهائية، بينما تكون غاية العقاب الإلهي ان يتساوى جميع الخطاة في نار الجحيم الأبدي.
ابتدأت عقوبة الإعدام من الإيمان بالغيب وتدرجت الى انهاء حياة الإنسان سواء كانت معتقدات وثنية او غيبية، لكنها اتخذت منحى شخصي على شكل غزوات في بدء العقيدة الإسلامية وكان عليها ان تبرر ان طبيعة ذلك الانتصار وما حققته من غنائم في الحروب انما لرضى الله عليهم ولانه سحق الكفار ورماهم في كيدهم واحل قتلهم، بقطع رؤوسهم او تقطيع اوصالهم من خلاف، سيلاقوا مصيرهم بعد قتلهم في الحياة الدنيا عذاب النار، توسّع الخيال الديني الغيبي في رسم سينايو نار الآخرة وهو السيناريو التكميلي لعذاب غير المؤمنين بالدعوة الإسلامية بزجهم في اتون السعير. تأثرت القوانين الوضعية بطريقة العقاب الدينية فقامت بتطبيق عقوبة الإعدام، وقد وجدت لها ارضية واسعة في العقيدة المسيحية كذلك في العصور التي سبقت عصر التنوير في اوربا.
عقوبة الإعدام التي اسستها الشرائع القديمة هدفت الى تعذيب المحكوم بطريقة تفوق ازهاق حياة المدان فيها انها انسجمت مع فكرة الانتقام والردع في التاريخ والتي سنها الملك البابلي حمورابي في القرن الثامن عشر قبل الميلاد وقد ذكرت في 31 موضعاً، كذلك انتشرت في العصر الآشوري القديم وجدت على الواح طينية كان من ضمنها الإقرار بعقوبة الاعدام لكل من دخل منزل غير منزله او قتل فيها رجل او امرأة. تم تنفيذ الاعدام في مصر الفرعونية في الالفية الرابعة قبل الميلاد، وفي العصر الروماني كانت عقوبة الاعدام بالصلب منتشرة وقد تم فيها صلب يسوع المسيح، كانت النار احد اهم اساليب الإعدام وعندما انتقل المعتقد من التشريعات القديمة الى الاديان التوحيدية بقيت عقوبة الاعدام تجد ذرائعها الردعية للخارجين عن المعتقد الديني والسلوك الشخصي.
لقد تطور الفكر الجنائي عبر التاريخ في استبعاد الوسائل الوحشية وتطور الحال ان هناك العديد من دول العالم الغت عقوبة الإعدام فلقد تغيرت فلسفة العقوبة ونجحت في تحويل الفكر الجنائي من فكر عقابي تعسفي الى فكر اجتماعي عن طريق الوقاية والإصلاح والتأهيل لحياة افضل، وقد ابقت العدالة كقيمة متأصلة في القيم الإنسانية الأمر الذي افتقده الجانب الديني ذلك ان الدين هدفه استئصال الجاني قطعياً عن المجتمع، بينما تطورت القيم الإنسانية في السياسة الجنائية بعدم الغاء وجود الجاني اجتماعياً وصار قياس القيم الإجتماعية رفض عقوبة الإعدام فلا يصح البقاء امام الحدود العقابية كما اعلنها الفكر الديني ” ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب “ فالقصاص سيكون حياة للجاني، وليس القصاص جزء من حياة الجاني. لقد آن للدول التي مازالت تمارس الإعدام بدوافع دينية وطائفية وعقائدية، آن لها الاوان ان تفحص المقدس لتستدرك فيه فلسفة التعسف ان تضع الجوانب الاجتماعية في الاعتبار ذلك ان الجاني جزء من علاقات عائلية واجتماعية فلا كمال في قداسة الذات الإلهية التي علمت غيب الفعل وجعلت في عقابه سلب الحياة.



#باسم_عبدالله (هاشتاغ)       Basim_Abdulla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإله مردوخ
- المسلمون في السويد (2)
- المسلمون في السويد (1)
- هل النبي موسى، سرجون الأكدي؟
- خرافة سورة النمل
- اكراد العراق .. ولاء وطن أم حلم استقلال؟
- خرافة نار جهنم في الفكر الديني
- العراق وفقدان الهوية الدولية
- العلمانية والاسلام في الدولة المدنية (1)
- العلمانية والإسلام في الدولة المدنية (2)
- سفر ايوب، خرافة المذهب الألوهي (2)
- سفرايوب، خرافة المذهب الألوهي (1)
- مريم العذراء والعلاقة المحرّمة (3)
- مريم العذراء والعلاقة المحرّمة (2)
- مريم العذراء والعلاقة المحرّمة (1)
- الحجاب بين الوثنية والوحي الإلهي (2)
- الحجاب بين الوثنية والوحي الإلهي (1)
- الدولة الدينية وانهيار الاقتصاد الوطني
- التوراة بين بشرية النص وعنف الإله
- عقيدة البداء، حقيقة إلهية ام خرافة دينية؟


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باسم عبدالله - عقوبة الأعدام في القرآن: السعودية نموذجاً