|
أزمة روسية ، أم أزمة أوكرانية
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7407 - 2022 / 10 / 20 - 23:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
La crise Russe – Ukrainienne منذ حوالي ثمانية اشهر ، بدأ الغزو الروسي لجمهورية أوكرانية ، والى الآن يبدو ان الازمة لا تزال في بدايتها ولم تبرح مكانها ، اللهم الدمار الشامل الذي تتعرض له الجمهورية الأوكرانية بانتهاج الروس لسياسة الأرض المحروقة ، وتعرض الجيش الروسي لخسارات جسيمة في الأرواح والمعدات لم يكن ينتظرها . ولو كان الرئيس الروسي Vladimir Poutine يعلم بحجم الخسائر التي ستصيب الجيش الروسي الذي عجز عن دخول العاصمة Kiev بفضل بسالة الشعب الاوكراني ، لما تجرأ على الغزو المُدان من قبل القانون الدولي ، ومن قبل المجتمع الدولي ، بإشراف الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أدانت هذا الغزو عندما اعتبرته خرقا سافرا للقانون الدولي . فالدول التي تساند الغزو الروسي لا تتعدى ثلاثة دول ، هي كوريا الشمالية ، وبيلاروسية ، وسورية . فماذا تمثل هذه الدول المسماة ب ( المارقة ) أمام المجتمع الدولي الذي يحرص على التمسك بالقانون الدولي ، وباحترام سيادة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة . ان مشكلة الرئيس الروسي Vladimir Poutine ، انه محاط بخبراء ومستشارين ليسوا في مستوى المنصب المسنود لهم ، في دولة تُعتبر من اكبر الدول المفروض ان تكون وازنة ، وضامنة لاحترام القانون الدولي . ان الخبراء والمستشارين الذي سهّلوا للرئيس الروسي غزو أوكرانية ، وفرشوا له الباسط الأحمر لذلك ، كانوا مصابين بمرض الغرور والعظمة ، والثقة في الأنا المفرطة حد القياس ، وكانوا يرسمون للرئيس الروسي صورة مغشوشة وباهتة ، لطبيعة المعركة التي ستدور ، وجعلوا الرئيس يتوهم ويعتقد ، ان دخوله الى أوكرانية سيكون دخول نزهة ، او زيارة سياحة ، ولم يكن يتوقع ما سينتظره من خيبات مسّت الجيش الروسي في كبريائه وفي عظمته ، عندما وجد الرئيس الروسي نفسه قد سقط في مستنقع لن يخرج منه الاّ وروسيا تكون قد فقدت هيبتها التي أرجعها لها الرئيس الروسي بعد أفول وتفكك الاتحاد السوفياتي السابق . الآن تبدو الحرب وكأنها في بدايتها ، ولا شيء تغير على الأرض ، باستثناء ضم الأقاليم الأربعة الأوكرانية بواسطة استفتاء غير معترف به ، ولا بنتائجه أمميا . وهو ضم بالقوة من تراب دولة عضو بالأمم المتحدة ، ، وروسيا الاتحادية كانت تعترف بهذه العضوية ، وكانت تقيم علاقات دبلوماسية معها كما ينظم ذلك القانون الدولي .. وامام الخسارات الكبيرة التي اصابت الجيش الروسي الذي ظهر وتعرى ضعفه ، كما تعرت أسلحته القتالية ، حيث كان يُتصور قبل الغزو انّ روسيا اذا قررت الغزو ، فإنها لا تحتاج الى أربعة وعشرين ساعة لتكون أوكرانية قد استسلمت وخضعت ، وتضع العالم امام الامر الواقع بابتلاعه الضّمّ كما حصل في شبه جزيرة القرم . لكن انّ مرور حوالي ثمانية اشهر على الغزو وليس الحرب ، وعجز الروس في حسم الغزو الذي تحول الى ازمة روسية ، وليس الى ازمة اوكرانية التي تناضل داخل بلدها لتحرير اقاليمها ، جعل القيادة الروسية التي أصبحت تتسلح بالمُسيّرات الإيرانية الانتحارية من دون حسم المعركة ، في ورطة تمس الكبرياء ، والانفة ، والقوة التي كانت باستثناء الأسلحة النووية ، قوة من ورق .. فمن دون استخدام الأسلحة النووية المحرمة دوليا ، هل تستطيع روسيا حسم نتائج الغزو ، وهي التي أصبحت غارقة في مستنقع لن تخرج منه كما كانت قبل الغزو . ان اعلان حالة الطوارئ في الأقاليم الأوكرانية المحتلة ، لن يحل الأمن ولا الاستقرار بتلك الأقاليم ، لان الإعلان عن نظام الطوارئ دليل على المقاومة المدينية للشعب الاوكراني ، ودليل على الصعوبات التي يواجهها الروس في تلك الأقاليم المنتفضة ضد الغزو .. فحين لزم العالم الصمت ولم يحرك ساكنا ، باستثناء بعض الانتقادات الخجولة عند غزو الروس لشبه جزيرة القرم ، اعتقدت القيادة الروسية انّ نفس نتائج غزو القرم دوليا ، ستكون عند غزو الأقاليم الأوكرانية الأربع . لكن ما كانت تجهله القيادة الروسية ، وما لم تستوعبه القيادة الأوكرانية ، وحتى القيادات الاوربية ، ان الجميع سقط في الفخ الأمريكي التي تنتعش جيدا في الازمات التي تخدم السياسات الاستراتيجية لأمريكا .. فغضُّ الامريكان طرف العين عن غزو وضم شبه جزيرة القرم ، وإبداء مواقف رخوة من التهديد الروسي من الغزو المنتظر لأوكرانية ، وإعطاء تطمينات مجرد حبرا على ورق للقيادة الأوكرانية ، من جهة شجع الروس على الغزو الذي انقلب عليهم استنزافا ، وورط الجيش الروسي في معركة فضحت قوته التي عجزت عن حسم غزوها لأوكرانية ، فأصيب الجيش بخسارات فضيعة لم يكن الكرملين يتوقعها . فانتهى المطاف بروسيا في مستنقع غرقت فيه بالكامل . ومن جهة فان التطمينات الامريكية للقيادة الأوكرانية شجعت الرئيس المهرج الحديث العهد بالسياسة ، على الذهاب بعيدا عن استهتاره بالتهديد الروسي الذي كان لا يمزح ، وشجعته على استفزاز الروس المريضين بالأنا وبالعظمة ، مما سهل عملية الغزو الذي تحول الى نقمة على الروس ، ومن جهة ورط الاتحاد الأوربي من حيث لا يدري في حرب بالجوار ، اضافت نتائجها الى جانب نتائج ازمة الطاقة والارتفاع المهول للأسعار ، مشاكل تورط وغرق فيها السياسيون الذين وجدوا انفسهم بين عشية وضحاها ، بين فكي روسيا الغازية التي لم تكن تقدّر عواقب الغزو ، وبين احتجاجات الشعوب الاوربية المتواصلة من فرط الازمة المستشرية منذ فخ الوحش كورونا ، الذي كان البداية في تغيير العديد من النظريات والمعطيات التي لم تبقى مسلمة ، وجعلت المستقبل الأوربي معرضا لأخطار ، قد تعيد الازمة السياسية الاوربية في الستينات ، وكان ابرزها مايو 1968 .. لكن المنتصر في هذه الخليطة ، كانت الولايات المتحدة الامريكية وحدها التي عرفت كيف تفجر الورم ، وعرفت كيف تسيره بما يجعل الجميع تحت رحمة أمريكا التي كانت عظمى ، وزادت عظمة منذ الغزو الروسي لأوكرانية . -- الروس انهزموا عندما فرضوا حالة الطوارئ ، لانهم ضاقوا درعا بالوضع المحرج والمنفلت من بين أيديهم ، وعندما عجزوا من دخول Kiev ، وعندما انسحبوا من عدة مناطق بسبب المقاومة ، ومبررين الانسحاب بأكذوبة إعادة الانتشار ، والهزيمة الكبرى هي التي تنتظرهم في Kherson ، وستكون لطمة لوجه القوة الروسية التي فقدت بريقها ، وتعرت حقيقتها التي كانت مجرد قوة من ورق تلعب بالصور وبالمظاهر ، لبث الخوف من عظمة وقوة الجيش الروسي الذي لا يقهر ، وقد قهرته المقاومة الأوكرانية التي يقودها شعب رفض الرضوخ والاستسلام ، وقرر المقاومة والتحدي ، لأنه ما ضاع حق وراءه طالب ، وهو في الطريق والعزم الصحيح للانتصار الساحق الحتمي الوقوع .. -- وأوكرانية تم تدميرها ، ولا تزال تدمر عندما فقد الروس الأمل في الانتصار ، وشرعوا كالتتار والهمج في ضرب البنى التحتية كمراكز الطاقة ، وضرب المستشفيات ، والمدارس ، والمساكن . أي انتهاج سياسة الأرض المحروقة التي لن تفيد مع حرب الشعب الذي يحارب ويقاوم . -- والاتحاد الأوربي الذي وجد نفسه بين عشية وضحاها بين فكي كماشة الروس الغازين ، وبين الاحتجاجات الجماهيرية والشعبية بفعل الغلاء وبفعل ازمة الطاقة ، وهم مجبرون على الاستمرار في تقديم الدعم المادي واللوجستيكي للأوكرانيين الذين يقامون الغزو .. --- ووحدها الولايات المتحدة تبقى الطرف المنتصر في ما يجري من احداث ، ستغير العالم إمّا نحو الانتحار الدمار الشامل ، وإمّا إعادة رسم الخريطة الدولية ، بما يجعل تصنيف وترتيب وضع الدول الكبرى ، يقاس بما حققته جيوشها من انتصارات على الأرض . + ولو كانت روسيا تعي وتدرك أبعاد نتائج الغزو السلبي عليها ، والذي وصل حد اذلال الجيش ، واهانة القيادة السياسية والعسكرية ، هل كان للرئيس Vladimir Poutine ان يغامر ويقامر بمستقبل روسيا الذي اصبح اليوم بفعل الهزيمة على المحك . + ولو كانت القيادة الأوكرانية ، وعلى رأسها الرئيس يعي ويدرك ، بحقيقة المخططات الامريكية ، وبقدرة الاتحاد الأوربي المحدودة في مواجهة الجيش الروسي ، بسبب الازمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة في الدول الاوربية ، خاصة ازمة الطاقة ، والارتفاع الصاروخي للأسعار .. هل كان له ان يجاري حماقة القيادة الروسية ، ويستمر في استفزاز Poutine كدكتاتور عمل مديرا عاما لل KGB لما يزيد عن خمسة عشر سنة ؟ .. ... وكان على الرئيس الاوكراني لو كان حقا سياسيا ، الاّ يتعجل الانضمام الى الناتو Le NATO ، لتصبح جيوشه جارا للحدود الروسية حساسية جماعة Poutine التي تسيطر على الكرملين . فكان على القيادة الأوكرانية والرئيس ، انْ لا يتعجلا الامر ، وكان عليهم انتظار ذهاب قيصر روسيا بطريقة او أخرى ، رغم ان Poutine القيصر الدكتاتور، لن يغادر المنصب الاّ بموت او بثورة او بانقلاب .. فمسرحية الوزير الأول Medvedev الذي اصبح رئيسا لروسيا شكليا بعد Poutine ، وعودة هذا الأخير رئيسا بعد انتهاء مدة Medvedev ، لا تزال ماثلة ، وهي اكبر دليل على حقيقة Poutine القيصر ، وليس Poutine الديمقراطي ... ... وكان على القيادة الأوكرانية ان تعي مسبقا ، ان تبريرات قيادة الكرملين لغزو اوكرانية ، لا علاقة لها بالانضمام الى الحلف الأطلسي ، ولا علاقة لها بان تصبح جيوش الناتو Le NATO ، مجاورة لحدود روسيا . بل كان عليه ان يعي ان الهدف هو ابتلاع أوكرانية ، بعد ان ضمن سكوت وتآمر الغرب بقيادة الولايات المتحدة الامريكية عندما غزا شبه جزيرة القرم . ولو كان سبب الغزو الروسي لأوكرانية هو رفض عضويتها بالحلف الاطلس حتى لا يصبح جارا للحدود الروسية . فالسؤال هنا . لماذا لم تتصرف روسيا وتغزو السويد وفنلندة La Suède et la Finlande المجاورتان لروسيا ، وقدمتا طلب انضمامهما الى الحلف الأطلسي L’OTAN ؟ ان الجميع في ورطة : --- روسيا التي وجدت نفسها غارقة في المستنقع الاوكراني الذي عرى عن حقيقة قوة جيشها ، عندما عجزت من دخول Kiev ، وتراجعت في عدة مناطق بفعل المقاومة الشعبية ، ومبررة تراجعها بإعادة الانتشار ، واستمرار المعارك التي أصبحت في صالح الاوكرانيين بعد نجاحهم في امتصاص الضربة الأولى ، و بعد ان كان الجميع يتوقع ان يكون الغزو الروسي مجرد نزهة .. واكبر الهزائم ما ينتظر Kherson ، وبعدها الأقاليم الأوكرانية الأربع التي تحت الاحتلال ، وبما فيها شبه جزيرة القرم . فاستمرار المقاومة الشعبية وبعنف ، سيزيد في استنزاف الجيش الروسي ، وستنهي المقاومة بالنصر ، لان من يحارب هو الشعب الذي وجد نفسه يتعرض لإبادة روسية بأسباب واهية لا اساس لها من الصحة . --- والاتحاد الأوربي الذي يقدم الدعم والمساندة للأوكرانيين والغارق في أزمات اقتصادية واجتماعية بسبب الغلاء الفاحش وبسبب ازمة الطاقة .. --- وأوكرانية التي رغم الأخطاء التي ارتكبتها القيادة ، والتي عجلت بالغزو الروسي ، أخذ الشعب بزمام المبادرة حين حوّل مجرى الحرب ضد الروس الذين سقطوا في الفخ الأمريكي الذي يحصد اليوم نتائج سياسات استراتجييه السياسيين والعسكريين . --- والصين الذي ادركت متأخرة قواعد اللعبة المصنوعة ، وحتى لا تسقط في نفس الفخ الذي ينتظرها بعد تدمير الجيش الروسي بالمقاومة الأوكرانية ، وبسبب العقوبات المفروضة ، أعلنت مؤخرا انها لن تحل المشكلة التيوانية Taiwan بالقوة وباستعمال السلاح . أي لن تسقط في نفس الفخ الذي سقطت فيه روسيا .. اذن بعد اكثر من سبعة اشهر على الغزو ، نطرح السؤال . اين تتجه القضية الأوكرانية التي يتحمل مسؤوليتها قادة Le Kremlin وحدهم دون غيرهم . ؟ بالرجوع الى نتائج الحرب ، فرغم مرور اكثر من سبعة اشهر على الغزو ، فلا جديد تحقق في الساحة ، وكأن الحرب اندلعت بالأمس وليس منذ سبعة اشهر .. لكن الخسارات في الجيش الروسي في الأرواح والعتاد كان باهضا وغير متوقع ، والاوكرانيون تعودوا العيش مع المقاومة التي فرضت عليهم فرضا .. فهل من مؤشرات لأنهاء الحرب التي لن تنتهي ، لأنها مرتبطة بسمعة الجيش الروسي الذي لن يقهر ، وستقهره مقاومة الشعب الاوكراني والتضامن الدولي الذي يقف معه . فهل سيتجرأ الرئيس Vladimir Poutine عند رفضه الهزيمة بالحرب التقليدية المنتظرة ، استعمال السلاح النووي المحرم دوليا ؟ .. وهل الولايات المتحدة الامريكية التي تحارب روسيا بالوكالة ، وحتى الاتحاد الأوربي الذي سيكون المتضرر المباشر من أي تطور دراماتيكي ، عازمين وقادرين على خوض حرب تدميرية من اجل عيون اوكرانية ، الذي تورط في مستنقعها الجميع ، باستثناء أمريكا التي انتصرت في هذه الحرب رغم انها تخوضها بالوكالة ولا تخوضها مباشرة .. ؟ . بما ان الغزو الذي اشعل فتيل الحرب ، مرتبط بالكرملين Le Kremlin . وبما ان حسمها ليس في متناول الروس الذين غرقوا في مستنقعها ، وأصبح مجراها في يد الاوكرانيين ، دون قدرتهم على وقفها ، لان نتائجها ترتبط بسمعة وهيبة الجيش الروسي ، وبروسيا الأرثوذكسية المتعارضة مع الكنسية المسيحية ، من كاثوليكية ، وبروتستانتية ، وحتى اليهودية ، وميل Poutine في حربه الى جانب العرب والمسلمين ، والأنظمة السياسية العربية المُكتوية بنار التحالف الغربي الرأسمالي .. فان الدمار من اجل الدمار ، واتباع الروس لسياسة الأرض المحروقة ، وعزم الاوكرانيين مهمها بلغت الازمة من مواصلة تحرير أراضيهم .. ينبئ بالمزيد من التعقيد للازمة القائمة .. وان أي حلّ لها بالطريق الصحيح ، ووضع حد لها ، وإيقاف الاقتتال والقتال ، يتوقف على عدة حلول ليس من السهل بلوغها اذا لم تكن هناك الإرادة الخالصة للحفاظ على الامن والسلم الدوليين المهددين اليوم اكثر من أي وقت مضى ، أي حتى اثناء الحرب الباردة زمن الاتحاد السوفياتي المنفك .. 1 ) ان من عوامل إيقاف الاقتتال والقتال ، ان تصاب روسيا بهزيمة نكراء ، او ان تترك أوكرانيا لوحدها تجابه وتواجه الجيش الروسي الغازي فتضطر لقبول الاملاءات الروسية مُرغم اخاك لا بطل .. وحيث لا يمكن تصور الهزيمة النكراء للجيش الروسي ، لأنها تمس سمعته وهيبته الدولية ، فكذلك لا يمكن انتظار استسلام الاوكرانيين للإملاءات الروسية ، ولن يتنازلوا عن شبه جزيرة القرم ، ولن يتنازلوا عن الأقاليم الأربعة المحتلة من قبل الروس .. وهذا يعني ان رغم الخسائر الحاصلة في صفوف الطرفين ، خاصة مضاعفة الخسائر في صفوف الروس ، فالحرب ستستمر وستتواصل ، ولن تتوقف الاّ اذا حصل تغيير على مستوى القيادة الروسية ضد الرئيس Vladimir Poutine ، مع مجيء قيادة جديدة ستتنصل من اعمال قيادة الكرملين الحالية ، وبفعل الضغط الدولي والصعوبات المحلية ، واستحالة حسم نتائج الغزو ، تعلن القيادة الروسية الجديدة لانقاد ما يمكن إنقاده ، من سمعة روسية ، وسمعة الجيش الروسي ، التمسك بالقانون الدولي ، ومن ابرزه احترام دولة اوكرانية كدولة عضو بالأمم المتحدة ، سبق لروسيا ان اعترفت بسيادتها ، وكانت للدولة الروسية علاقات دبلوماسية مع اوكرانية كدولة مكتملة وموحدة التراب ، وليس كدولة مبتورة كما أراد لها Poutine ولم يفلح بسبب المقاومة الشعبية .. ان هذا الاحتمال رغم انه المخرج الصحيح ، لكنه يبقى صعب المنال بسبب شخصية القيصر Poutine المهووس بالحكم وبالسلطة قبل واقعة Medvedev وبعده . فالقيصر المعروف بالقمع وبالتنكيل بالمعارضين الذين يلبسهم تهم الحق العام لتشويههم ، وهي الطريقة التي يستعملها البوليس السياسي السلطاني المخزني المغربي ضد المعارضة ، متمسك بالحكم تحت اية دريعة كانت .. وبما ان القضية هي قضية دكتاتور ، فهذا عندما يستولي على عرش السلطة والحكم ، يصبح من الصعوبة ازالته بالطرق الديمقراطية ، لأنه هو أصلا مجرد قيصر دكتاتور مثل الامبراطور ، ومثل السلطان في النظام السياسي المخزني البوليسي العلوي المغربي .. اذن رغم ان هذا الحل يبقى كاحتمال في حالة غياب او تغييب Poutine ، وانه صعب المنال ، تبقى هناك عدة احتمالات أخرى لإنهاء الغزو ، ووقف القتال والاقتتال ، والانتهاء من التدمير من اجل التدمير التي يقوم بها Poutine ، باستعمال الإبادة الجماعية بواسطة حرب الأرض المحروقة .. 2 ) ان تجري في روسيا انتخابات رئاسية ، وانتخابات تشريعية ، ويصوت الشعب الروسي على قيادة جديدة من غير Vladimir Poutine وجماعته . هنا اكيد ان القيادة الجديدة ، وبسبب الخسارات الفادحة التي اصابت الجيش الروسي ، وستصيب المؤسسات الدستورية ، ومخلفاتها الاقتصادية والاجتماعية على وضع شعوب روسيا ، فان القيادة الجديدة وبعد ان تحمل مسؤولي الكرملين الحاليين ، وربما ستقدمهم الى المحاكمات بدعوى الإساءة على عظمة روسيا ، سيقررون الرجوع الى القانون الدولي ، والرجوع الى الأوضاع التي كانت قبل الغزو الروسي لأوكرانية .. ورغم ان القيادة الجديدة ستتلقى الدعم من قبل المجتمع الدولي خاصة من قبل الاتحاد الأوربي والعالم الحر ، فان تأثير مخلفات الغزو على روسيا ، لن يعيد علاقاتها الدولية كما كانت قبل الغزو ، وستتموقع روسيا ضمن حجمها الحقيقي الذي سينزل بها درجات ، لن تُمكّن رئيس روسيا القادم من التصرف بعجرفة ، كما فعل Poutine مع الرئيس التركي أردوغان ، والرئيس الفرنسي Emanuel Macron ، لان حجم روسيا الحقيقي انزله من السقف الرئيس Poutine بحسابات خاطئة . فانتظار تنظيم انتخابات رئاسية لإبعاد Poutine عن الكرملين Le Kremlin ، سيكون اعقد واصعب من ادخال جمل من ثقب إبرة .. 3 ) ان ينزل الشعب الروسي في انتفاضة شعبية عارمة في عموم روسيا ، ويسقط القيصر Poutine الذي يحكم بيد من حديد .. وهذا يبقى كاحتمال وارد لكنه نسبي ، من جهة لآلة القمع المسيطرة ، ومن جهة فالروس ورغم المعاناة التي سببها لهم الرئيس Poutine ، سيرفضون النزول الى الشارع بدعوى خدمة مخططات الولايات المتحدة الامريكية التي تتحكم في الازمة كما تريد .. 4 ) انتظار حصول انقلاب الجيش على القيصر . وهذا يقتضي وجود ضباط صناديد عارفين لكل الثغرات الممكن ان تحصل في آخر لحظة ، لان الفشل يعني الاعدامات ، ويعني المزيد من القيصرية في الحكم .. لذا فالانقلاب يبقى مستبعدا بسبب الضبط ، وبسبب الأجهزة الأمنية التي تتحكم في سيرورة أي صراع قد يطرأ في روسيا ، وبسبب عدم إصابة الجيش الروسي بهزيمة نكراء في الحرب الأوكرانية التي تتحكم فيها واشنطن . 5 ) وهذا الاحتمال يبقى وحده الخلاص لتجنب السقطة المدوية ، عند نشوب حرب نووية ستدمر الأخضر واليابس . فللحفاظ على روسيا الدولة ، وللحفاظ على الشعب الروسي ، والحفاظ على الإنسانية من مخاطر حرب نووية لا تبقي ولا تدر ، يبقى احتمال تحييد الرئيس Poutine شخصيا اخف الضررين و اوسطها .. وهنا تبقى عملية تصفية يقوم بها احد الضباط المقربين ، او احد الروس لتجنب الويل المنتظر ، خيارا مستحسنا ، وهو نفسه التعامل نجا منه الدكتاتور النازي هتلر ونجا منه الفاشي موسوليني ، نجا منه كذلك دكتاتور اسبانية Francisco Franco ، ونجا منه صدام حسين اثناء الحرب مع ايران ... فهل سينجو هذه المرة القيصر Vladimir Poutine .. خاصة وان مسألة التصفية الجسدية ، هي فكرة لوح بها مسؤولون امريكيون ، كما لوح Josef Borelle وزير خارجية الاتحاد الأوربي ، بإمكانية تدمير الجيش الروسي اذا استعمل Poutine السلاح النووي التكتيكي في اوكرانية .. ورغم التهديد باستعمال الروس للسلاح النووي ، خاصة بعد نتائج الاستفتاء الذي حول الأراضي الأوكرانية الى أراضي روسية ، فالروس لن يستطيعوا استعماله ، حتى ولو كانوا على مشارف الهزيمة النكراء . ان استعمال السلاح النووي والهيدروجيني ، يتطلب توافر وتوفر شروط هي غير متوفرة . لكن هذا لا يمنع الروس من استعمال أسلحة تقليدية اكثر رعبا واكثر تدميرا .. فهل عند استعمال الروس لهذه الأسلحة التي هي بدورها محرمة ، لان شروط استعمالها غير متوفرة في الحالة الأوكرانية ، سيصمت الغرب وكأن لا شيء قد حصل .. ان استعمال الروس للقنابل التي تزن آلاف الاطنان ، سيعجل باستعمال الغرب خاصة الولايات المتحدة الامريكية لنفس العينة من السلاح . وعند بدأ التراشق بين الطرفين ، باستعمال هذه الأسلحة التقليدية ، والأكثر تدميرا في الحالة الأوكرانية التي لا تتوفر على شروط استعمالها .. هنا يجب على الجميع ان يضع يده على قلبه ، لان المدخل الى حرب نووية يكون قد فعل فعله باستعمال الأسلحة التقليدية الأكثر رعبا .. أي ان الحرب النووية تبقى محتملة في هذه الحالة ، لان القضية تتعلق بالهيبة ، وبالاحترام ، وكرامة الدول على حساب الدول الضعيفة كأوكرانية ... لذا فالمخرج يكون بالحل الذي فكر فيه ، ولا يزال يفكر فيه بعض الغربيين خاصة الامريكان ، وهو التحييد الشخصي للقيصر Vladimir Poutine ، لتجنب العالم والإنسانية دمارا تسبب فيه قيصر دكتاتور مريض بحب العظمة والأنا الأعلى ( نيرون جديد ) .. فهل يماثل شخص دكتاتور وحده العالم والإنسانية ؟ . لكن من يقوم بالتحييد الذي يفكرون فيه ؟ هل احدى دول الغرب ؟ هل مسؤول من احدى دول الغرب ؟ ام ان من سيقف بالتحييد سيكون روسيا ؟ إذا قامت بالتحييد احدى دول الغرب ، فان التحييد سيتسبب في حرب نووية وهيدروجينية لم يسبق لها مثيل في التاريخ ، وسيكون خراب الإنسانية والعالم . لذا فالتفكير منصب على شخص روسي من عامة الشعب وليس من المعارضة ، لإبعاد التورط الغير مباشر للغرب لتفادي الحرب الكونية .. لكن ورغم ان التحييد يعتبر جريمة مرفوضة ، فانه يبقى الخيار الوحيد لتفادي الحرب الكونية ، وهو ما يسمى بأخف الضررين لتجنب الأسوأ المنتظر .. الذي هو دمار العالم وخراب الإنسانية .. الوضع جد خطير ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلاقة بين السياسة والحرب
-
- الاتحاد الوطني للقوات الشعبية - - المهدي بن بركة - - 29 اك
...
-
( معارضة ) الخارج . ( معارضة ) الداخل
-
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني يستقبل موفداً لرئيس الجم
...
-
الحسن الثالث . عودة قوية وميمونة للأميرة سلمى بناني .
-
هل انقلب رئيس الحكومة الاسبانية السيد بيدرو سانشيز على حل ال
...
-
رسالة الرئيس الروسي فلادمير بوتين من تعبئة ثلاثمائة الف جندي
...
-
الصراع داخل القصر السلطاني
-
ممنوع الاستفتاء وتقرير المصير في إقليم - دونباس / لوغانسك /
...
-
الملكية البرلمانية في المغرب
-
- الفاسبوك - سيغلق حسابي يوم الاربعاء 28 من الشهر الجاري
-
دورة منتظرة لمجلس الامن حول نزاع الصحراء الغربية في شهر اكتو
...
-
هل سيحضر السلطان محمد السادس مؤتمر القمة العربي المقبل في ال
...
-
الإستفتاء وتقرير المصير في الصحراء الغربية .
-
الطبقات الاجتماعية في المغرب .
-
هل مِن مخطط يحبك غربيا وجغرافيا لإسقاط شخص محمد السادس ونظام
...
-
ردّان سلبيان على خطاب السلطان محمد السادس .
-
هل هناك بوادر اندلاع ثورة في المغرب ؟
-
خطاب السلطان محمد السادس بمناسبة مرور تسعة وستين سنة عن ثورة
...
-
فرق بين الاعتراف الصريح ، والاكتفاء بسحب الاعتراف دون اعتراف
...
المزيد.....
-
رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري
...
-
جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج
...
-
لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن
...
-
قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
-
كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
-
أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن
...
-
شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة -
...
-
-عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|