أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نضال نعيسة - شجرة السنديان: هؤلاء هم العلويون الأطهار














المزيد.....


شجرة السنديان: هؤلاء هم العلويون الأطهار


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 7403 - 2022 / 10 / 16 - 20:36
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    



هذه الصورة لسنديانة معمرة عند مقام الشيخ علي بن سلمان آل ماخوس، مؤسس العشيرة العلوية الحيدرية الكبيرة المتجذّرة في الساحل السوري، وهي واحدة من أكبر العشائر العلوية في الساحل السوري وتمتد في العمق التركي ولواء إسكندرون الخاضع لسيطرة تركيا اليوم....وأثارت هذه السنديانة فيّ لواعج وذكريات وحنيناً لزمن طفولي نقي بريء وغابر، كنت أقف فيه مدهوشا بخوف غامض مجهول وبرهبة وخشية عامرة مشغوفاً بوله حائر أمام هذا الضريح ورهبة هذا المكان، وأنا أجول بنظري بين تلكم القبور والأضرحة والشجر الباسق وظله الغامر البارد في عز الصيف اللاهب، فلا احد يعلم ، حقيقة، ما هو عمر هذه الشجرة ذات الأخاديد المتخشبة العميقة، كما لا يـُعلم عدد القبور التي محيت وسوّيت بالأرض وضاعت واندثرت ملامحها من مئات السنين، فهنا المقبرة الرئيسية لسكان القرية، وهناك الكثير من هذه الشجرة بالجوار، الأطول عمرا منها، مع العلم أن عمر هذا الضريح يتجاوز الـ ٣٠٠ عام ونيف، فطبعا لا أحد تجرأ ولم يتجرأ على مد يده وقطع حتى "شخدية" أو غصين صغير منها، وربما هذا هو أحد أهم أسباب خلودها وبقائها المديد، بسبب ارتباطها بقدسية المكان عند الطائفة ككل، أي من المحرّم، والمحظور قطع غصن من " الزيارة" أو جوارها، واستخدام ذلك لأي سبب، وكانت الآداب العامة، وانغلاق المكان المحفوف بمخاطر "خارجية" ومحدودية الديمغرافيا تجعل الخروج عن تعاليمها وأخلاقها مغامرة كبرى أمراً خطيراً فكان الالتزام العامة هو السمة العامة لهؤلاء السكان...
واذكر، لليوم، ومنذ، كنت صغيرا ونأتي لنلعب، ونمرح، ونلهو، " عند الزيارة"، حيث كانت الفسحة والوجهة السياحية اليتيمة لنا في تلكم الجبال النائية والمعزولة والفقيرة المعدمة، اذكر وجود بعض جذوع الشجرات واغصان متناثرة، ملقاة بشكل فوضوي وعشوائي هنا وهناك، في فناء "الزيارة" والتي بقيت هناك لعقود طويلة دون أن تمسسها يد بشري، ففي العرف العلوي المقدس، هناك تحريم تام للمال الحرام، أو "مد اليد" على شيء ليس لك او من حقك، او الاستحواذ على ما ليس لك، بطرق ملتوية وغير شريفة، فما بالك لو كان هذا الشي تابعا "للزيارة"(الضريح والمقام المقدس للرجل الصالح "صاحب السر" عندهم)، رغم الضرورة القصوى والحاجة الماسة لذلك وإمكانية استخدام تلك الجذوع كحطب للنار في ايام الشتاء الباردة جدا في تلك القرى التي ترتفع حوالي 1000 م عن سطح البحر، ، وكانت تمضي السنون، والعقود، وتطوى الأيام، وتلك الجذوع والاغصان جاثمة ومركونة في مكانها، فالعلوي الطاهر الشريف لا "يمد يده" على حرام ولا يمكن له ان يتنعم ويعيش ويأكل مالا حراما لأنه سيدفعه من صحته وعمره وسينزل عليه غضب الآلهة، حسب معتقدهم، بشكل فجيعة ما مهما طال الزمان (ترجمة وتجسيد لفلسفة الكارما وعقائد شرقية أخرى قديمة قبل ظهور فلسفة قريش او ما يعرف بالإسلام)، وكان المرحوم والدي، المتمسك بعلويته وقيمها الطاهرة، يوصيني ويحذرني من أخطر أمرين في الحياة وهما : "أذى الناس والإضرار بهم، وأكل المال الحرام".
ولليوم، وبأي وقت، يمكنك الذهاب لمقامات العلويين المقدسة، ورجالهم الصالحين، لترى شجر السنديان والبلوط، وغيره، المعمّر طويلا، وبالتأكيد سترى وتلاحظ الجذوع التي تكسرت، والأغصان التي تساقطت بفعل الرياح والأنواء والأحوال الجوية والاهتراء والتآكل وقد بقيت هناك لسنوات وعقود طويلة دون أن تمسسها يد، لأنه في العرف العلوي السائد، الرجل العلوي، وقد ربّى ذريته على ذلك، فهو لا يأكل، ولا يمد يده، على مال حرام، فما بالكم بأموال "المقامات"، وقبور الأولياء، رغم الحاجة الماسة للحطب مع وجود هذه الأزمة الحادة والخانقة على الطاقة، ومشتقاتها كالحطب، وحالة الجوع والقلة والعدم التي تعيشها الشعوب والأمم وكافة الأديان والطوائف والمذاهب السورية، ولا زال، لليوم، هناك علويون، وكهذه الجذوع المقدسة، يحافظون على عقائدهم العلوية وطقوسهم وممارساتهم القديمة التي تمنعهم وتحرّم عليهم، كحُرْمةِ يَومِكم هذا، في بَلدِكم هذا، في شَهرِكم هذا، في بلدكم هذا، مد اليد واكل المال الحرام، ولا يقطعون، ولا يمدون أياديهم على شجر السنديان، وأموال الناس....
هؤلاء هم العلويون



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبادئ أساسية في السياسات الدولية
- روسيا والغرب: صراع قيم وحضارات وثقافات
- الأوراق المطلوبة للمنصب العام
- أردوغان وعودة الوعي: هل هو اعتذار عثماني للعلويين؟
- رهان أردوغان على علويي تركيا
- ما الفرق بين الله وبقية الأصنام؟
- ناسا: وجهاً لوجه مع قريش
- أعياد النصيرية: بأية حال عدت يا عيد؟
- مناشدة ورجاء حار، وطلب من طلابنا الراسبين والناجحين شحط:
- جريمة التطبيع مع العرب
- إذا كان رب البيت للطبل ضارب
- السيد وزير العدل السوري/ المحترم
- حول قانونية ودستورية الدراسات والموافقات الأمنية
- القذافي: طابخ السم ذائقه
- لماذا لا تكون اللغة الإنكليزية لغة أهل الجنة؟
- كارثة التعليم المؤدلج
- سبحان مقسّم الأرزاق: ليس للكفن جيوب
- عن المتنبي ودرويش والنواب: لماذ أكره الثقافة العربية؟
- نصيحة وعن تجربة:
- بوتين على خطى قياصرة الكرملين الحمراء


المزيد.....




- تعهدات مكتوبة بخط اليد.. شاهد ما وجده جنود أوكرانيون مع كوري ...
- إيمي سمير غانم وحسن الرداد بمسلسل -عقبال عندكوا- في رمضان
- سوريا.. أمير قطر يصل دمشق وباستقباله أحمد الشرع
- روسيا ترفض تغيير اسم خليج المكسيك
- عائلات الرهائن الإسرائيليين يدعون حكومتهم إلى تمديد وقف إطلا ...
- أثر إعلان قطع المساعدات الخارجية الأمريكية، يصل مخيم الهول ف ...
- ما الذي نعرفه حتى الآن عن تحطم طائرة في العاصمة واشنطن؟
- العشرات من السياح يشهدون إطلاق 400 سلحفاة بحرية صغيرة في ساو ...
- مقتل اللاجئ العراقي سلوان موميكا حارق القرآن في السويد
- من بين الركام بمخيم جباليا.. -القسام- تفرج عن الأسيرة الإسرا ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نضال نعيسة - شجرة السنديان: هؤلاء هم العلويون الأطهار