أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - هويدا احمد الملاخ - قضية بنى شنقول















المزيد.....


قضية بنى شنقول


هويدا احمد الملاخ

الحوار المتمدن-العدد: 7401 - 2022 / 10 / 14 - 07:34
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


الجذور التاريخية للقضية :

ارتبطت بنى شنقول جغرافياً وسياسياً وتاريخياً بالسودان فقد لعبت دورًا رئيسًا في التاريخ السياسى لسلطنة الفونج أو السلطنة الزرقاء (910-1236هـ / 1504م -1821 م) التى تعد أول تجربة رائدة في تشكيل دولة موحدة في بلاد السودان وعاصمتها سنار ، وكانت هذه المملكة المسلمة اتحادًا لممالك القبائل المختلفة الذين كانوا يدينون بالطاعة لسلطان الفونج ، استطاع بعض سلاطين وملوك سنار الذين تمتعوا بقوة سياسية وعسكرية خلال فترة حكمهم بزيادة حجم المملكة حيث ضمت أكثر القبائل العربية المنتشرة بين سنار إلى منطقة دنقلا ، بالإضافة الى قبائل البجة بشرقي السودان من مملكة بني عامر الممتدة حتى مصوع جنوبًا إلى البشاريين شمالاً حتى الحدود الشمالية مع مصر .

واهتم ملوك وسلاطين مملكة الفونج بنشر العلم والثقافة ودراسة الفقه وعلوم اللغة العربية و الحساب، كما شجع ملوك سنار على هجرة علماء الدين الإسلامي إلى السودان للدعوة ونشر العلم واقامة الكتاتيب لتحفيظ القران الكريم ، وخير دليل على ذلك أقاموا رواق السنارية في الأزهر بالقاهرة لاستيعاب طلاب مملكتهم المبتعثين الي هناك من المملكة ، ولم يتوقف اهتمام السلاطين عند هذا الحد بل قام السلطان بادي الأحمر احد سلاطين المملكة بإنشاء وقفاً بالحجاز وفى المدينة المنورة بالتحديد لاستقبال الزوار من مملكته عند زيارتهم للأراضي المقدسة، ولا يزال جزء من آثار هذه الأوقاف قائمة حتى اليوم هناك.

ومنذ مطلع القرن الرابع عشر الميلادي ً، أصبحت أرض بني شنقول رافداً بشرياً لقبائل الفونج السودانية ، ثم مع حلول القرن السادس عشر الميلادي، تحولت إلى جزء من سلطنة الفونج التى عاصمتها سنار ، كما هاجرت من شرق السودان إلى بني شنقول خلال القرن السادس عشر والسابع عشر قبائل سودانية اطلق عليها برتا او برثا، وخلال القرن التاسع عشر كانت بني شنقول مثل الكثير من الدول الأفريقية تضم عدة شياخات (إمارات والمفرد إمارة او مشيخة) وتمتعت كل امارة بحكم ذاتى و سلطة تنفيذية يرأسها شيخ يباشر أعماله بشكل مستقل .
تعد لغة البرتا هى اللغة الاصلية لسكان الاقليم الاصليين عبر التاريخ ومنها اشتق اصل التسمية لقبيلة الاقليم و هو( بلا شنقول ) وتعنى كلمة (بلا ) الحجر او الصخرة ، اما كلمة شنقول بمعنى الشكل الدائرى ، نسبة الى الصخرة الدائرية المقدسة التى عاش حولها السكان الاصليين ، ثم عرب الاسم من بلا شنقول الى بنى شنقول للانتماء الى العروبة والاسلام.

ضعفت سلطنة سنار في الربع الأول من القرن التاسع عشر وظهرت الكثير من الاضرابات الداخلية وعدم استقرار الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية
وفى عام 1820 م نجحت حملات محمد على باشا فى دخول السودان والعمل على ضبط الاوضاع الداخلية ، واصبحت الاقاليم السودانية والإفريقية تخضع تحت الحماية المصرية ، وحتى يعزز محمد على باشا الوجود المصرى داخل باقى الامارات والشياخات المختلفة قام بتوقيع اتفاقيات الحماية والسيطرة ومنها بنى شنقول التى أرضاً حراماً بلا صاحب، بعد انهيار مملكة الفونج وفقدان التبعية لها ، وظلت على هذا الوضع حتى ستينيات القرن التاسع عشر الميلادي، حتى أصبحت جزءاً من المملكة المصرية بشكل رسمي ، بعد ان قام محمد على باشا عام 1868 م بتوقيع اتفاق سياسى معها ينص على رفع العلم المصري وخضوع الاقليم للحماية المصرية ، ومن ثم اعتبر اقليم بني شنقول جزءًا من مديرية/ محافظة خط الاستواء المصرية.
الجدير بالذكر :
سجل الجغرافيا والمستشرق الهولندى مارتن تيودور هوتسما (1851-1943م) والمكتشف الألماني تيودور فون هيغلين (1824 – 1876م) وغيرهم فى مؤلفاتهم وخرائطهم على عروبة ومصرية تلك الأراضي.
لعبت مصر دورا محوريا فى العمق الإفريقي وحرصت على تعزيز وجودها السياسي والعسكري والثقافي إلى أن جاء الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882م ، و شهد هذا الدور في السنوات التالية تراجعاً حاداً ، بعد ان حل الإنجليز محل المصريين فى السودان وبنى شنقول ، بالإضافة إلى تحركهم جنوباً للبحث عن الثروات المعدنية، والتحكم في طرق التجارة بشرق إفريقيا.

في إبريل عام 1898 م وقعت معركة «أم درمان» التي انتصرت فيها قوات الاحتلال البريطانى على الدولة المهدية وسيطرة على السودان، شجع هذا الانتصار السياسي والعسكرى فى السودان سلطات الاحتلال الإنجليزية على إجبار الحكومة المصرية على توقيع اتفاقية الحكم الثنائي للسودان فى يناير 1899م ، وكان من ابرز نصوصها ( يستعمل العلم البريطاني والعلم المصرى معا فى البر والبحر بجميع اتحاد السودان المصري ماعدا مدينة سواكن فلا تستعمل إلا العلم المصري فقط ..تفوض الرياسة العليا العسكرية والمدنية فى السودان إلى موظف واحد يلقب حاكم عام السودان، ويكون تعيينه بأمر عال خديوى بناء على طلب حكومة جلالة الملكة ..) كان الاتفاق حبراً على ورق حيث أصبح الحاكم الفعلى للسودان القابض على السلطة كلها بريطانيا ، والتى ما لبثت أن اعطت الأوامر للقوات الإثيوبية بدخول إقليم بني شنقول والسيطرة عليه ، والذى كان فرصة ثمينة ربما لن تتكرر للسيطرة على الإقليم الغني بالموارد ، وبحلول عام 1902م وقع اتفاق بين الحكومة الاثيوبية والإدارة الإنجليزية، تضمّن التنازل عن بني شنقول للحبشة، مقابل عدم بناء الحبشة لأيّة مشروعات على النيل الأزرق، دون موافقة حكومتَي مصر والسودان.

عانت قبائل بنى شنقول من الاحتلال الإثيوبي والتمييز العنصري الذي اعتبرها اقاليم عربية مسلمة مصرية سودانية يجب إخضاعها ومحو ثقافتها وهويتها لصالح عرقية الأمهرا صاحبة الهيمنة التاريخيةعلى إثيوبيا، كما فرضت عليهم دفع الضرائب، بحجة أنّها استأجرت الأرض من الإنجليز.
لم تجد قبائل بنى شنقول الترحيب الكافي من السلطات الاثيوبية للاندماج السياسى معها بعد ان واعتبرهم مواطنين من الدرجة الثانية ، وبحلول عام 1931 بدأت أولى ثورات بني شنقول ضد الاحتلال الإثيوبي، مطالبين بالعودة للأراضي السودانية وبحكم ذاتى ، وهي الثورة التي لم تتوقف حتى اليوم.

الخلاصة
إن تاريخ الجغرافية السياسية لإثيوبيا الحالية هي من صنع الاستعمار الغربي في القرن التاسع عشر، عندما قامت سلطات الاحتلال بضم عدد من الدول والشعوب الأفريقية إلى إثيوبيا من أجل زيادة المساحة الجغرافية لذلك الكيان وجعله منافسًا إقليميًا محتملًا لمصر في حوض النيل ، ومن ضمن هذه الشعوب بنى شنقول أحد الأقاليم الأفريقية المحتلة التابعة للسودان ثم مصر قبل أن تقوم سلطات الاحتلال البريطاني بسلخها عن العالم العربي وضمها إلى إثيوبيا، على الرغم من ان الإقليم كان على مدار تاريخ طويل جزءًا أصيلا من الأراضي السودانية حيث يقع في شرقي السودان بحدود النيل الأزرق وأعالي النيل، ومساحته تقدر بحوالي 250 ألف كلم مربع، وعدد سكانه نحو أربعة ملايين نسمة ، عبارة عن مزيج مختلف من القبائل ذات الأصل السوداني العربي المشترك، والتي هاجرت إلى الإقليم الواقع إلى الشمال الغربي من إثيوبيا قبل قرون بعيدة وانصهرت فى بوتقة واحدة ، ولا تزال إلى اليوم تمثل الأغلبية العددية بالاقليم الغنى بمواردة المختلفة .



#هويدا_احمد_الملاخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع إحياء طريق الكباش
- أزمة سد النهضة إلى أين
- الموكب الذهبي للمومياوات الملكية المصرية
- أزمة اللاجئين الإثيوبيين شرق السودان
- المناورات المصرية السودانية و انعكاساتها على أزمة الحدود الإ ...
- قوة مصر الناعمة في شرق إفريقيا - سد تنزانيا -
- الأبعاد السياسية لأزمة التيجراي في إثيوبيا
- الملوخية المصرية لها تاريخ الشَلَوُلَوُ
- البعد السياسي المعاصر بين مصر و أرمينيا
- سيناء في قلب مصر 2019
- أسوان طريقاً للتنمية المستدامة نحو أفريقيا
- سياحة المؤتمرات الدولية - أسوان نموذجاً -
- أسوان عاصمة الشباب و الثقافة والاقتصاد لإفريقيا
- رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي بين الواقع والمأمول
- مضمار الخيول العربية بأسوان - المِرماح -
- دعوة لإشهار شركة مساهمة وطنية فى أسوان
- القبائل وتنمية المجتمع.. أدفو نموذجا
- رمز السلام مصطفى عبد السلام في ادفو
- سد النهضة وآفاق الطاقة الشمسية في أسوان
- مصر والاقتصاد الأحادي السياحة نموذجا


المزيد.....




- توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين مصر والكويت
- مشاهد من تحرير الجيش الروسي نوفوفاسيليفكا في جمهورية دونيتسك ...
- حريق مفاجئ في مطار رفيق الحريري من دون تسجيل إصابات
- الشرع يناقش مع ولي العهد السعودي تعزيز العلاقات ومستقبل سوري ...
- بوندسليغا.. ليفركوزن يفوز بعشرة لاعبين ويواصل مطاردة بايرن ا ...
- روبوت سداسي الأرجل صيني يؤدي مهمات في القطب الجنوبي
- بوتين: نخب أوروبا ستخضع لأوامر ترمب
- إيران تزيح الستار عن صاروخ -اعتماد- الباليستي بمدى 1700 كيلو ...
- -تلفزيون سوريا-: ظهور شقيق للرئيس أحمد الشرع علنا في السعودي ...
- الرئيس البنمي يعلن إنهاء مشاركة بلاده في مبادرة الحزام والطر ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - هويدا احمد الملاخ - قضية بنى شنقول